-ـ |
ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حول
شعار "الاسلام هو الحل" "2" نوال
السباعي وماذا
بعد اجتياح الحركة الاسلامية
للعمل السياسي؟ تساءل
"عريب الرنتاوي" في مقاله
في الدستور الأردنية المنشور
بتاريخ "21/6" عمن
"سيملأ فراغ ما أُسمي "إسلاماً سياسياً"
وقد أخذ طريقه
للتراجع، بعد أن ملأ أرض المنطقة وفضاءها
منذ أن وضعت الحرب الباردة
أوزارها ، وأضاف : " لكن ما
يثير الاهتمام أن تراجع حركات
الإسلام السياسي لا يعني تقدم
خصومها التقليديين، فلا
الأنظمة التي حاربت الظاهرة
الإسلامية نجحت في بناء علاقات
ثقة مع شعوبها.. ولا التيارات
السياسية والفكرية اليسارية
والقومية والليبرالية تبدو
مؤهلة لملء الفراغ ، فأزمة هذه
التيارات لا تقل تفاقماً عن
أزمة الإسلام السياسي" .هذه
الملاحظة الدقيقة -التي
كنت قد فندتها في سبعة مقالات
فيم بين السياسي والاجتماعي هنا
في صحيفة العرب 2008-
تعبر
عن واقع تعيشه المنطقة يكشف عن
أزمة خطيرة في ركوب الموجات
السياسية ، من يركبها؟ ولم َ
يركبها؟ وكيف يركبها؟ ، وقد خرج
الجميع بخُفي حنين منها في ظل :
التفسخ الأخلاقي ، والفساد
الاجتماعي ، والاستبداد
السياسي ، والدمارالاقتصادي ،
والغزوين الثقافي والعسكري ،
خمسة أمراض تنخر في جسد منطقة
مُنهكة . هذه الملاحظات على الأداء السياسي في
المنطقة العربية لمختلف
الاتجاهات المعارضة أو غير
المعارضة بشكل عام، والحركة
الإسلامية بشكل خاص ، تولدت لدى
شريحة عريضة من أصحاب الرأي
والقلم ،عن رصد نتائج دخول هذه
الحركات الحلبة السياسية في
أكثر من قطر، ومايعنيه ذلك من
حراك جماهيري إيجابي ، على
الرغم مما تمخض عنه من أزمات ،
وماتكشف من قصور وتراجع ، ولعل
شرائح واسعة من الجماهير
المؤمنة ، تعتبر مثل هذه
الملاحظات وكأنها هجوم على
الحركة الإسلامية ، بل والإسلام
نفسه ، بدل اعتبارها ملاحظات
على الأداء السياسي "غير
المقنع" للحركات الإسلامية
في مختلف البلاد العربية ، وقد
أشار "عبد الله البريدي"
إلى ذلك في ملاحظاته في الجزيرة.نت
عن هوية وماهية العمل الاسلامي:
" إن
النزعة التزكوية في العمل
الإسلامي تخلق
"حساسية عالية" تجاه
النقد، ذلك أن البعض يعتقد أن
النقد موجه ليس "للعمل "
وإنما هو موجه "للإسلام"
نفسه أو "حملة الإسلام"،
مما يفوت فرصاً كبيرة للإفادة
من الممارسات النقدية في المشهد
الثقافي العربي لأنشطة "العمل
الإسلامي"، الأمر الذي يضعف
قدرته على إحداث التراكمية
الفكرية ورفع إمكاناته في
الاستجابة للتحديات الحضارية
الكبار" . شيء ما يجمع بين كل هذه القوى السياسية
والاجتماعية والفكرية
الاصلاحية ، ويجعل من الشعارات
التي ترفعها بين الحين والحين
خواء في أمة ملّت من ترداد
الشعارات ، وقد آن الأوان لتبحث
عن إجابات واقعية علمية وعملية
لاعلاقة لها بالشعارات ولكن
بالقدرة الحقيقية على تحويل
الشعارات إلى منجزات. لقد لعب القوميون – في السلطة- على
رغبة المنطقة في تشكيل كتلة
إنسانية واحدة متجانسة ، فرفعوا
شعار "أمة عربية واحدة ذات
رسالة خالدة" ، صمّوا به
آذاننا بأصوات دباباتهم التي
رابطت على منافذ رغبات الأمة
خمسين عاما !!، ليتكشف لنا نقع
غبار معركة "بغداد"
الأخيرة – أربعون عاما بعد نكسة
حزيران على أيديهم- عن جيش من
ورق كان يرابط على حدود القمع
والسحل والتعذيب والترويع
والتجويع والتركيع ، حتى أُتي
من حيث لم يحتسب ، فخر راكعا
يقبل أيدي "الغزاة- الحلفاء"
وأناب !. هل كانت المعضلة في
الشعار؟! إن شعار حزب البعث ذاك
مازال ساري المفعول حتى يومنا
هذا معنىً وعقيدةً وأمنية ،
ولكنه مازال مجرد شعار، لايحل
ولايربط !، لأن الذين رفعوه لم
يقدموا للأمة خلال نصف قرن سوى
مزيد من القمع والإقصاء والذل و"الإهانة"
، وقد زادت أعداد الكافرين
بالأمة "العربية" الواحدة
و"رسالتها" القومية أضعافا
مضاعفة !، بنفس
الطريقة زاد
ركوب "الإسلاميين" موجة
السياسة والثورة الطين بلة ،
حيث ظن الناس أن الخلاص قد أتاهم
على يد من يرفع شعارا لايمكن
لأحد أن يناقش فيه! ، كما ظن
البعض أن دكّ برجي نيوورك سيحرر
فلسطين ، ليتكشف الأمر في ميدان
"الثورات الحمقاء" عن
مجموعة ممن أهلكهم عشقهم
للشهادة – كما قال عبد الله بن
رواحة- ! ، وقط لم تكن فلسطين
ضمن قائمة اهتماماتهم! ، كما
ليتكشف في ميدان "السياسة
القاصرة" عن فشل ذريع في
تحويل النظريات والأطروحات
والمثاليات إلى أفعال ملموسة
على أرض الواقع ، لقد تبين – كما
يقول الشيخ الغنوشي في الجزيرة .نت،
في مقاله " متى يكون الإسلام
هو الحل؟" - : " لقد تبين أن تلك
الاجتياحات القليلة التي حصلت
ليست بواعثها بالضرورة دينية،
بقدر ما كانت خليطا بين رفض
للنماذج السلطوية السائدة التي
شبعت شيخوخة وفسادا، وبين رغبات
في التغيير وآمال في العدل " ،
ويضيف : " وبعد الاختبار رأينا
تراجعا في مواقع وتقدما في
مواقع أخرى، بما كشف عن حدود لما
يمكن أن يمثله شعار "الإسلام
هو الحل" من إغراءات عاطفية
وأرصدة ثابتة لحملته" . لقد
تكشفت تجربة خوض الإسلامين
معترك السياسة في المنطقة
العربية عن أمور تحتاج إلى كثير
نظر ، أولها: أن المعضلة
الحقيقية التي تعيشها المنطقة
لاتكمن في الاتجاه الحاكم أو
المعارض ، ولكن في الإنسان نفسه
، قدرته على استيعاب هويته
وواقعه والعصر الذي يعيش فيه ، وثانيها:
أن التغيير لايمكن أن يأتي أبدا
من فوق ، وأن الحكومات ليست ولم
تكن إلا الإفرازات الطبيعية
المنطقية لأوضاع الشعوب التي
تحكمها ، وثالثها أن الشعوب
في المنطقة العربية تعيش اليوم
حالة من التخبط غير مسبوقة في
إطار إدراكها لهويتها ، ورابعها
: أن معظم شعوب المنطقة لايهمها
بحال من الأحوال هوية الفئة
التي تعارض أو تحكم ولكن الذي
يهمها هو أن تتمكن هذه الفئة من
الدفاع عن قضاياها الرئيسية
وعلى رأسها قضيتا الحريات و
فلسطين . حول
هذه النقطة الأخيرة ، لابد من
استحضار ماقاله الغنوشي في نفس
المقال: " وهذا ما يفرض عليهم
أن يستيقنوا أن الحكم لهم أو
عليهم لا يمكن أن يتأتى من مجرد
حملهم لشعار مقدس، الأمر الذي
جعل أكثر من جماعة إسلامية ترمز
لنفسها برموز سياسية تعرف بها،
مستمدة من قيم إنسانية كالوعد
بالعدالة والتنمية والنهضة
والسعادة والرفاه والوسطية
والإصلاح، دون أن ينتقص ذلك
شيئا من إسلاميتها باعتبار
الإسلام مرجعا فكريا فلسفيا
وقيميا وخلقيا، الحكم على
المنتسبين له مداره ليس مجرد
الخطاب والشعار، وإنما مداره
على مقدار البلاء في خدمة
الناس، ونصرة قضاياهم، والدفاع
عنهم" . إن
تجارب اجتياح الحركة الإسلامية
مضمار "الساحة السياسي"
بدءا من الثورة المسلحة
المتهورة في سورية قبل ثلاثين
عاما، مرورا بتجربة الجزائر
المريرة، وصولا إلى تجربة
المقاومة الشيعية اللبنانية ،
وانتهاءا بما حدث ويحدث في غزة ،
تقدم لنا صورة عن تخبط الأمة
نفسها فيم يتعلق بهويتها ، كما
تؤكد لنا أن الإسلاميين
كالقوميين أو اليساريين ،
لاينفكون عن كونهم أبناء هذه
الأمة يحملون همومها وآلامها ،
ويتطلعون إلى الخلاص من نير
الاستبداد والفساد والاستعمار
، وهذا يعني أن حملهم لشعار مقدس
يعبر عن روح الدين والحضارة
التي تنتمي إليها المنطقة
لايمنحهم لا الحق ولا المصداقية
، مالم يكونوا أهلا لثقة
القواعد الشعبية على اختلاف
توجهاتها ، وقد أكدت مجمل هذه
التجارب ، على أن المعضلة
لاتكمن في الشعار المرفوع ،
ولكن المعضلة الحقيقية موجودة
في الإنسان الذي يرفع الشعار ،
والذي أخطأت الحركة الإسلامية -كما
فعل غيرها من الحركات والتوجهات
– في اعتباره مناصرا لها دون
قيد أو شرط مادامت ترفع شعارا
يؤمن القاصي والداني في هذه
المنطقة بأحقيته ومصداقيته ،
كما أخطأت يوم تجاوزت مهماتها
الرئيسية في التربية وإعداد
الإنسان قبل أن تتوجه إلى
السياسة ، تارة في ثورات حمقاء
لم تعد على العباد والبلاد إلا
بالكوارث ، وتارة في تكتلات
سياسية تعد الناس
بالتغييربالطرق السلمية ، دون
أن تستوعب أن التغيير لايأتي
ولن يأتي إلا عن طريق قواعد
شعبية نالت حقها الكامل من "التربية
الإنسانية" ، واستوعبت بشكل
لايقبل الجدل موضوع "هويتها"
وموقعها في هذا "العصر"
الذي نعيش ، وكلاهما قضيتان
مؤجلتان –كما يبدو- في ملفات
مختلف الحركات والتيارات
الإصلاحية في المنطقة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |