ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 31/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

صيفٌ حارٌّ في المواقف.. لا على الجبهات

صبحي غندور*

هل صحيح أنّ المنطقة العربية قادمة على تصعيد عسكري كبير في شهر أيلول/سبتمبر القادم؟ ولماذا تتوالى التصريحات الإسرائيلية؛ تارةً عن توقّعات بتفجيرات أمنية داخلية في لبنان، أو أخرى بحربٍ شاملة في المنطقة؟ أليست هذه التصريحات الإسرائيلية نسخةً مكرّرة عمّا كانت تطلقه إسرائيل مع مطلع كل صيف منذ فشل أهداف حربها على لبنان صيفَ العام 2006؟!.

ربّما الجديد في الأمر الآن هو تشابك جملة قضايا وأزمات حان استحقاق زمن حسمها مع نهاية هذا الصيف. فترقّب صدور القرار الظنّي عن المحكمة الدولية الخاصّة في موضوع لبنان خلال شهر سبتمبر هو حلقة في سلسلة مترابطة مع حلقات أخرى معنيّة فيها إسرائيل والولايات المتحدة تحديداً، كالملف النووي الإيراني والانسحابات العسكرية الأميركية من العراق، وملف المفاوضات والتسويات مع إسرائيل على الجبهات الفلسطينية والسورية واللبنانية، وهي كلّها أزمات تريد إدارة أوباما التوصّل إلى منهجية حلول لها قبل نهاية هذا العام لأسباب داخلية أميركية، ولمصلحة أميركية عامّة ترتبط في الرؤية الإستراتيجية التي تعتمدها الآن الإدارة الأميركية، ومن أجل التركيز على تداعيات الحرب في أفغانستان.

شهر سبتمبر يشكّل أيضاً محطةً مهمّة في مسألة التفاوض الإسرائيلي/الفلسطيني حيث استحقاق المهل التي أُعطيت من الجانبين؛ الإسرائيلي بشأن المستوطنات، والعربي حول أسلوب التفاوض. فماذا سيكون عليه الموقف الأميركي إذا حصل التراجع من أحد الجانبين؟!.

كذلك، فإنّ جولة المفاوضات المرتقب حدوثها في شهر سبتمبر بين إيران والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، إضافة لألمانيا، ستكون جولةً حاسمة بعد العقوبات الأخيرة على طهران وبعد الاتفاق الذي أبرمته إيران مع تركيا والبرازيل. والنجاح في هذه المفاوضات سينعكس حتماً على أزمات عديدة في الشرق الأوسط ابتداءً من غزّة وصولاً إلى أفغانستان، ومروراً بالأوضاع السياسية والأمنية في العراق حيث هناك حاجة أميركية لاستقرار سياسي وأمني فيه يسمح بسحب عددٍ كبير من القوات الأميركية.  

إنّ الخيار المتاح للإدارات الأميركية منذ سنوات عديدة بالتصعيد عسكرياً ضدّ إيران، هو خيار مجمّد لأنّه باهظ الثمن إقليمياً ودولياً وأميركياً، ولا تقدر واشنطن، حتى لو أرادت ذلك، على تمريره الآن دون مرجعية مجلس الأمن، ولا يتحمّل العالم نتائج ذلك اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.

حتّى المراهنة الإسرائيلية على تصعيد أجواء التوتّر السياسي المذهبي في المنطقة، وعلى توظيف أخطاء عربية هنا أو إيرانية هناك، لن تضمن تواجداً أميركياً فاعلاً في المنطقة، وستكون واشنطن هي الخاسر الدولي الأول، إذ ما قدرة الإدارة الأميركية على تدارك تفاعلات هذه الصراعات العربية الداخلية في حال حدوثها، وهي التي تعثّرت في ضبطها داخل العراق رغم وجود عشرات الألوف من الجنود الأميركيين؟!.

لكن هذه المراهنة، إن صحّت، على عدم المصلحة الأميركية في تأجيج الحروب الأهلية العربية، لا تُسقط طبعاً المراهنات الإسرائيلية على متغيّرات في جغرافية أوطان المنطقة وكياناتها السياسية وفي المصلحة الإسرائيلية الكبرى في الحروب والصراعات الدخلية العربية.

إنّ المفاوضات القادمة، واللقاءات المتوقّعة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر القادم، والتحرّك الدبلوماسي الدولي والأميركي المتواصل في المنطقة، لن يؤدّي أيٌّ منها إلى حلول شاملة للأزمات القائمة الآن، بل إنّ الآمال المرجوّة من هذه المفاوضات واللقاءات العلنية والسرّية هي تفكيك الأزمات وفكّ الارتباط بينها وحلّ ما أمكن منها دون المراهنة على صفقة شاملة لكلّ القضايا.

ويبدو من واقع حال إمكانات وظروف الإدارة الأميركية، والأطراف التي تستهدفها هذه الإدارة في منطقة الشرق الأوسط، أنّ التفاوض هو الخيار الأفضل المتاح الآن أمام الجميع من أجل تحقيق تسويات تحقّق "سلاماً مؤقتاً" بينها، في إطار مناخ دولي وإقليمي مناسب لتنازلات ومكاسب على مستوى كلّ طرف.

وكما هو الآن أمرٌ مستبعد اللجوء إلى التصعيد الأميركي مع طهران، فإنّ "الصفقة الشاملة" هي أيضاً صعبة إن لم نقل مستحيلة بين واشنطن وطهران.

فنوعيّة القضايا العالقة بين الطرفين لأكثر من ربع قرن، وظروف القيادة الحاكمة الآن في كلٍّ من البلدين، لا تسمح كعناصر معاً في التوصّل إلى "صفقة شاملة"، بل إنّ الممكن المتاح الآن هو التعامل مع القضايا الشائكة بأسلوب "التقسيط" وب"المفرّق" لا "الشراء والبيع بالجملة". فالحذر وانعدام الثقة وتناقض المصالح هي المظلّة التي ستحوم فوق المفاوضات الأميركية الإيرانية حينما تحدث، لكن يحتاج كلا الطرفين الآن إلى "تسوية" وإلى مساعدة الآخر للخروج من عنق زجاجة التأزّم القائم بينهما.

 

إنّ ممّا لا شك فيه أنّ تسويةً ما لأيٍّ من الأزمات ستكون قوّة دفع إيجابية لتسوية الأزمات الأخرى. فالمراهنة الأميركية الآن هي إمّا على انضمام إيران إلى مطبخ إعداد التسويات (بالوصفات الأميركية)، أو على عزل طهران عن طريق تسوية أزمات معنيّ بها حلفاء رئيسيون لها في المنطقة بعدما جرى جذبٌ أميركيٌّ مهم للموقفين الروسي والصيني في موضوع الملف النووي الإيراني.

إذن، هي فترة حاسمة للسياسة الأميركيّة في عموم منطقة الشرق الأوسط، ولمصير العراق، ولمستقبل الصراع الأميركي/الإيراني، ولآفاق القضيّة الفلسطينيّة، ولاحتمالات الأوضاع في لبنان وللعلاقات العربية/الإقليمية.

لكن هناك الآن جملة ظروف تؤكّد عدم صوابية توقّع حروب جديدة في المنطقة بل العكس هو المفروض حدوثه. فإذا كانت إدارة بوش لم تُقدم على خطوة الحرب ضدَّ إيران فكيف يمكن توقّعها من إدارة أوباما؟ وهل هناك أصلاً إمكانية عسكرية لهذا القرار في ظلّ وجود حرب أميركية مفتوحة المخاطر في أفغانستان وسعي للانسحاب من العراق؟!.

أيضاً، فإنّ أي حكومة إسرائيلية، مهما تباينت مواقفها مع الحاكم الأميركي، لا تجرؤ على اتّخاذ قرار حرب ضدَّ أي دولة في المنطقة دون الحصول على موافقة أميركية مسبقة. هكذا كان تاريخ الحروب الإسرائيلية منذ حرب العام 1967. فإسرائيل قد تتمادى في نوعية ومساحة حروبها لكن مبدئية قرارت الحرب تخضع أولاً لموافقة واشنطن.

كذلك، فإنّ إسرائيل التي خاضت خلال العام 2006 حرباً مدمّرة ضدّ لبنان لم تنجح في إضعاف قوّة "حزب الله" بل زادت الحرب من قدرات وفاعلية المقاومة وإثبات جدارتها العسكرية والسياسية. فكيف ولماذا ستُقدم إسرائيل على حربٍ خاسرة جديدة في لبنان؟!.

ثمّ إنّ الظروف السياسية العربية، والعلاقات اللبنانية - السورية، وعلاقات سوريا مع واشنطن والدول الغربية، هي أفضل بكثير ممّا كانت عليه في العام 2006، فأي مناخ سلبي إقليمي ستراهن إسرائيل (كما فعلت في العام 2006) عليه؟ إضافةً إلى وجود وضع دستوري وسياسي داخل لبنان أفضل نسبيّاً عمّا كان عليه منذ أربع سنوات.

إنّ المراهنة الإسرائيلية الكبرى كانت وما تزال على حجم الخلافات والصراعات العربية، بين الأوطان وداخل كل منها. وهنا نافذة الخطر التي لم يقفلها العرب بعد!.   

ـــــــــــ

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن

Sobhi@alhewar.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ