ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 10/08/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

لا تغضبي حبيبتي غداً سيزهر الليمون

الشيخ خالد مهنا - فلسطين المحتلة *

لأننا بشر نُصيب ونُخطئ،نحب ونكره، نُطبع ونعصى، نرتقي ونهبط، وقيمنا العلوية ترفعنا تارة وأهواؤنا تقودنا مرات..

لأننا لسنا نسيجاً واحداً و مؤامراتنا على أنفسنا أشد وقعاً من مؤامرات غيرنا علينا، فقد وقعنا في الزلل والخلط..

وضعنا كل ثقلنا على الأقصى باعتباره ليس مسجداً كباقي المساجد ونسي أكثرنا أن مدينة القدس التي تحتضن الأقصى أنها هي الأخرى عروس المدائن  وأن ما ينطبق على مكة والمدينة ينطبق عليها.

منذ 14 عاماً بالتمام والكمال رفعنا شعار الأقصى في خطر ولكي نحميه فتحنا له الصناديق حتى اتخمت الجمعيات والمؤسسات، أما البلدة القديمة في القدس فتركناها في العراء تتلظى، وبعد سنين من الرباط اكتشفنا أن الذئاب  قضمتها قطعة قطعة، فما أن تؤكل القطعة  التي بين أيديها حتى تنتقل للقطعة الأخرى، واكتشفنا بعد أن بيعت العقارات القديمة داخل الأسوار أنّ عقولنا المتبلدة اشتركت من حيث تدري أو لا تدري بتطويق القدس..

ولقد بنينا حمامات المسجد الأقصى التي عادت اليوم متسخة أكثر من ذي قبل وأنفقنا الأموال الهائلة على مسيرة البيارق وشد الرحال،لكن يا ترى هل عرفنا العالم كم من هؤلاء الذين يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى من يصبر  خمس دقائق على دخول هذه الحمامات؟ وهل ما يجوز الوضوء فيها أم لا؟

يا قدس.. لا تغضبي حبيبتي.. فالعيب يا حبيبتي حين قضينا السنوات الأخيرة من أعمارنا نوجز آلامك ومصائبك بحجرٍ هنا يهدم، ونفق هناك يحفر فمن منا لم يعرف أنه منذ اليوم لإحتلالك إبتدأت عمليات الحفر بكثافة لم يشهد لها مثيل لكننا في تلك الأيام لم نقع في الخطأ الأكبر، فقد كان وعينا بأن "الأقصى محمي بالقدس والقدس محمية بالأقصى وكلاهما محمي ببيت المقدس وبيت المقدس محمي بالأمة" صمام الأمان لعمل متقن مدروس بعناية فائقة،فما كان إستفزاز من هنا وهناك، وتحرش من هناك يلهينا عما يكاد للقدس في الأروقة المستديرة و الدحى والمستطيلة، وما كان حصار وعزل للقدس يلهينا  عما يدبر لبيت المقدس برمتها، وما كانت بيت المقدس في يوم من الأيام الماضي التليد بمنآى عن الامه...

وكما غنى الشاعر لصغيرته ذات يوم حين قال لها مهدهدا:

"لا تغضبي صغيرتي.. فالنظرة التي رأيتها مضيئة تصافح الحياة.. واللفظة التي سمعتها رنانةَ الصدى تحرك الصدور والشفاه.. والبسمة التي أهديتُها إليكِ كي تصافحي ملامح الإنسان حيث كان..كل الذي رأيتِه ما كنت فيه كاذباً صغيرتي ولم أكن..لكنما رأيته هو الشذى يفوح من حديقة الزهور في مواسم الربيع.. هو الحياة في ظلال راية بيضاء نسيجها الضياء.. وطائر الأمان حولها يرتل الغناء وخضرة الزيتون شارة على الصدور.. تزرع الطريق بالنماء
كي تفهمي صغيرتي .. هل تذكري حديقة التمساح والأسد.. تلك التي بها ركبت ذلك الجمل.. يمضي بنشوتك الحبيبة ناعماً وهو السعيد بما حمل ..هل تذكرين صاحب العرين ..ذاك الذي تزيد عنده الخطى.. ذاك الذي لتجزع الوحوش ان تنال ساحته ..قد نلتهِ صغيرتي فقذفت من يديك ما أصابَ هامته"

فلك يا مدينه الرباط نسوق  الرجاء إلا تغضبي منا فالعيب يا حبيبتي في قسوة وغلظة  الجلاد....

لا عيب في أشخاصنا وان كنا غير مبرئين تماما.....

لاعيب في مؤسساتنا فجلها تعامل مع أمه فهمت أن الأقصى هو القدس والقدس هي الأقصى وان الجنة التي تشتاق لبيت المقدس تم تفهيمها بقصد أو غير قصد إن بيت المقدس مختزل بمكان واحد ... ومساحه لا تتعدى 144دولم وان الملائكة التي تبسط اجنحتها فوق الشام ووعدت لاجل ذالك بالطوبة هي قبة الصخرة المشرفة الذهبية القبه البديعه الشكل فحسب....

فلأنها القدس بمسجدها وقبه صخرتها وأسواقها ومساجدها وكنائسها وأسوارها وزواياها وتكاياها وهضابها وتلالها وإنسانها المحاصر تشهد فصولا داميه ولا ادمى منها ومع ذلك  تختزل مأساتها بسوق أو مدرسة منبر  جفت بكيتها حتى إنتهت الدموع..

وكما قال الشاعر لوليدته وصغيرته:

"لا تحزني صغيرتي إذا رأيت دمعتي
فتلك قطرة من الندى
تجف في الصباح إن بدا
ستملأ العيون فرحة مزغردة
تقول للأسى ونحن نقطع الطريق للعلا
سننتصر
على الشفاه ذكرها
يزف بسمة القدر
الكف لم تزل بخيرها قوية .. غنية
وقيدها سينكسر
وفي العيون نبضها يضج .. ينصهر
غدٌ لنا
ونحن في مواقع الخلود ننتظر
فلتحكموا السفن .. لأن بحرنا عميق
واستكثروا من زادنا الأصيل لم تزل
بعيدةً نهاية الطريق
لكن نبعنا الرطيب مغدق
ولم يزل يبلل الظما
ويطفئ الحريق
ولم تزل عيوننا نفاذة البريق
تضيء للجموع كي تسير
من بعد أن تعلمت من ليلها الكدير"

 

*فإنا على خطوات الشاعر الممشوقة فألاً ننادي:

"يا قُدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء
يا أقصر الدروبِ بين الأرضِ والسماء
يا قدسُ، يا منارةَ الشرائع
يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع
حزينةٌ عيناكِ، يا مدينةَ البتول
يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول
حزينةٌ حجارةُ الشوارع
حزينةٌ مآذنُ الجوامع
يا قُدس، يا جميلةً تلتفُّ بالسواد
من يقرعُ الأجراسَ في كنيسةِ القيامة؟
صبيحةَ الآحاد..
من يحملُ الألعابَ للأولاد؟
في ليلةِ الميلاد..
يا قدسُ، يا مدينةَ الأحزان
يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان
من يوقفُ العدوان؟
عليكِ، يا لؤلؤةَ الأديان
من يغسل الدماءَ عن حجارةِ الجدران؟
من ينقذُ الإنجيل؟
من ينقذُ القرآن؟
من ينقذُ المسيحَ ممن قتلوا المسيح؟
من ينقذُ الإنسان؟
يا قدسُ.. يا مدينتي
يا قدسُ.. يا حبيبتي
غداً.. غداً.. سيزهر الليمون
وتفرحُ السنابلُ الخضراءُ والزيتون
وتضحكُ العيون..
وترجعُ الحمائمُ المهاجرة..
إلى السقوفِ الطاهره
ويرجعُ الأطفالُ يلعبون
ويلتقي الآباءُ والبنون
على رباك الزاهرة..
يا بلدي..
يا بلد السلام والزيتون"

                                      ***

يا قدس يا ست الدنيا،ويا عبق الفتوح ونسمة سارت برياً المسك فوح قرنفل.

يا قدس،يا نور النبوة أشرقت في الداجيات ويا صفاء المنهل..

إن مسجدك مبارك، وإنسانك مبارك..

إن أقصاك محاصر،وشبابك محاصر،وكل شبر فيك منتهك.

فحدثي الأمة اليوم هل التركيز على أشبارِ منك-  ومع التأكيد أن الأمة كلها عاجزة اليوم وأتحدى أن تدخل للمسجد الأقصى كيس رمل أو إسمنت وكذا المؤسسات العاملة لها – أزاح عنك  الهم أم أن الميدان خلا لحميدان ليصل ويعربد في أرجائك  حتى إذا ما نجحت مخططاته وقعت في أسر شديد مثقل..

أرض الملاحم حدثي!!

هل الكنائس هي وحدها المثقوبة أم إن  معمرها هو المستهدف،وهو الضائع؟

يا قدس قالوا من سنين:

ارفعوا شعار الأقصى في خطر وسوف تزهر أرضك بعد عامين ياسمين...

عارُ علينا.. هل الجهود التي بذلناها في بقعة مقدسة واحدة حمى القدس أم محا اسمها من ذاكرة الأمة وربما بعد عام إن لم نسدرك ما فات ونمحو ونكفر سيُمحي اسمك من خارطة فلسطين ولن يعود يذكرك الزمن يا قدس ماذا نقول،والطفل في وادي الجوز والشيخ جراح وجبل ألمكبر والمصرارة وباب العامود وسوق القطانين يولد فيك، بيد تشد على منزلة المكون من غرفة واحدة هي المأوى وهي المطبخ وهي الحمام وفي اليد الأخرى يحمل كفنه يا قدس يا حزناً يسافر في الجوانح ويكبر كالنخيل من أرض يافا للجليل.

هل أنت بأحسن عافية أم أنك كلك ينخر فيك الخطر؟

يا قدس يا جرحاً بلون الدم أو لون الأصيل، أمي في مخيم شعففاط تحتضر والموت يأكل وجهها الرحَب الوضاء.. أمي تقول وصوتها متقطع، تركونا وحدنا في العراء، أما آن الأوان لتجهز خيول الإنقاذ والإسعافات لنا كلنا قبل أن نغدو كلنا قتلى.

يا قدس مجروح أنا .. مذبوح أنا والذبح ممتد من الشريان حتى مهجتي.. يا قدس غابت رؤانا وأنت سجينة والقيود أولها في أيدينا وعقولنا..

يا قدس مثقوبون نحن كثقوب ناي فلتعزفي أحزاننا لنبكي فربما هدأت خطانا..

يا قدس طالت الغربة..

يا قدس معذور أنا إن أفتيت بكامل وعيي وفهمي الفقهي والسياسي  أن كل شبرٍ فيك حرم.. فكما المسجد الأقصى يعيش بداخلي سبحان من أسرى وبارك في ثراه، فإن صور باهر وجبل الزيتون يعيشون أيضاً في داخلي وهم اليوم يواجهون أكبر خطر..

يا قدس ضقت من التسكع في المحافل منبهاً ومحذراً ومريم  لا  يزال بحضنها عيسى فهزي نخلة تساقط الرطب الجنّي، فهل هذا مستحيل؟

ألف كلا.. ثم كلا صرخة المسلم من نجد إلى قطوان غرباً فبخارى وسفوح الصين شرقاً، فالمكلا..ألف كلا ما أردناك كنيساً أو مصلى.. ما عشقنا شبراً وتفلنا على باقي أشبارك.. ما عشقنا باباً من أبوابك على حساب باب آخر... عشقناك جملة واحدة، فإما أن نأخذك جملة  واحدة لا تتجرأ أو اتركوا أرضها وهواءها وارحموها من تفا هات حلول في الزاد، ودروس من مساق الجهل والذل والهوان مُجت من كثرة الترداد، ولن نقبل بعد اليوم أن يُقسم الخطر المحدق بك،فتارة الأقصى في خطر.. وتارة المصلي المر واني في خطر.. وغداً يقال لنا حمامات الأقصى في خطر..

فقبول الظلم ظلم،و الرضى بالعار عار وها نحن ننذر دمنا زيتاً لكل قناديل القدس..  

ـــــ

* رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية

رئيس الحركة الإسلامية في أم الفحم والضواحي

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ