ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 16/08/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مرة أخرى عن "الضغوط" و"التخلي" و"يا وحدنا"

عريب الرنتاوي

لافتة هي التصريحات التي نقلتها  صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أمس عن مسؤول فلسطيني رفض الكشف عن هويته: المسؤول وصف للوضع الفلسطيني بأنه صعب، بل شديد الصعوبة...وهو قال أن الانتقال إلى المفاوضات المباشرة بات مسألة وقت لا أكثر، وأن البحث جارٍ الآن عن "مخرج يحفظ ماء وجه الطرف الفلسطيني"...ووفقا له فليس لدى أبو مازن أية أوراق يلعب بها، بعد أن تخلى عنه العرب وتخلت عنه حركة فتح، التي عجزت أو استنكفت عن حشد الجماهير المؤيدة لعباس لمساعدته على قول "لا" في مواجهة الضغوط غير المسبوقة وغير المحمولة التي يتعرض لها الرجل.

 

ما قاله المسؤول، وهو من "أهل رام الله" الأدرى بشعابها، ومن سكّان المقاطعة بالذات" على ما يبدو، سبق وأن قلنا الكثير منه، وبصورة تكاد تكون حرفية، خصوصا في أصل المقالات وقبل تعرضها أحياناً "للقصقصة"، لكن الفارق بين القولين، أن الرجل يتحدث عن "خلاصة العملية والحراك"، فيما كنّا نصدر عن تحليل وتحذير "يقرأ المكتوب من عنوانه"...هو قال ما قال متقمصاً صورة "الضحية" ومن دون أن يتعرض لسهام النقد الطائشة، ونحن تحدثنا من موقعنا المعارض لسياسة حرق الأوراق ورفع الرايات البيضاء قبل خوض المواجهة وبدء الاشتباك.

 

لكننا مع ذلك، لا نشارك المسؤول "المبني للمجهول"، حديثه عن الرئيس "أبو مازن" بلغة "الشاهد الشهيد"، المتروك وحده في الميدان، فصيحة الأمس التي أطلقها ياسر عرفات: "يا وحدنا"، لا تجسد حال من خلفه اليوم، هؤلاء ينطبق عليهم القول: "يداك أوكتا وفوك نفخ"...ولا نوافق المسؤول/المجهول على حكاية "الضغوط غير المسبوقة" أو الافتقاد لـ"أوراق القوة"، ونرى في هذا الحديث وذاك، توطئة وتبريراً لتنازلات مؤلمة، وشيكة وقادمة، ونعتقد جازمين بأن القيادة الفلسطينية هي من فرّط بأوراق القوة حرقاً وإسقاطا، عن قصد أو من دونه، ليقال لنا فيما بعد بأن لا أوراق في أيدينا، فماذا نحن فاعلون لجبه الضغوط التي لا قبل لبشر أو حجر أو شجر عليها (؟!).

 

ما الذي كان ينتظره عباس من "النظام الرسمي العربي"، ولماذا وضع جميع أوراقه في يد محور واحد من محاوره، وأبقى جميع رهاناته في جيب "الاعتدال والمعتدلين"، وسلم عاصمة عربية بعينها مفاتيح القرار الفلسطيني، في وكالة حصرية استخدمت في غير ما ينفع "ناس فلسطين وأهلها"، بل وغالبا بالضد مما ينفعهم...ما الذي كانت ينتظره عباس وهو الذي أعاد صياغة العلاقة بين المنظمة والنظام العربي، بصورة بددت استقلالية القرار الفلسطيني التي دفع الفلسطينيون ثمنها ألوف الشهداء، فيصبح أسير مواقف "وزراء المبادرة" العرب وتوافقاتهم، يذهب إلى اجتماعاتهم تحت شعار "نقبل بما يقبل به الأشقاء"، بدل أن يواصل السعي لإرغام "العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، على القبول بما يقبل به الفلسطينيون ويعتبرونه حداًَ أدنى لحقوقهم الوطنية المشروعة، لا تنازل عنه ولا تراجع، أياً كان طويلاً ومريراً، حبل الضغوطات والتضحيات ؟!.

 

لم تكن مواقف الرئيس عباس نتيجةً للتراجع والانهيار في الموقف العربي الرسمي فحسب، بل وكانت سبباً فيهما كذلك، فكم مرة ذهب الرئيس مقاتلاً بصلابة ذودا عن هذا الموقف أو دفاعا عن تلك الاستراتيجية، وكم من مرة خاض معركة النهوض بالموقف العربي المتهالك...لقد ارتضى الاصطفاف خلف أضعف حلقات الموقف العربي الرسمي والاتكاء عليها، بل ولم يفوته والناطقين باسمه أو الممثلين له، أن يتولوا هم بأنفسهم، أمر الاصطدام والاشتباك مع العواصم الأخرى والمواقف العربية الأخرى، وأحيانا نيابة عن "المحور إياه".

 

لم يصل "التماهي" بين الموقفين الفلسطيني والعربي حد تبعية الأول للثاني منذ انطلاق منظمة التحرير والحركة الفلسطينية المعاصرة كما هو عليه الحال الآن، والسبب أن القيادة الفلسطينية وضعت كل البيض في سلة واحدة، ودائما لحسابات ضيقة ورهانات عقيمة مجربة.

 

ثم، ما الذي يريده أو يتوقعه الرئيس من حركة فتح، وهو الذي سلّم زمام القرار في المنظمة والحكومة والسلطة، لشخصيات مهمّشة، لفظتها فصائلها منذ أزمنة وحقب، لا قيمة لها بذاتها، لم تخض انتخابات "نادي كشّافة" في يوم من الأيام، ولم تحصل برغم الدعم الدولي غير المسبوق، على أكثر من المقعد الذي جلست عليه في المجلس التشريعي الفلسطيني الأخير.

 

ما الذي يريده الرئيس من الحركة التي يقودها، وهو الذي أضعفها بـ"التنسيق الأمني" و"قصقصة أنيابها وأظافرها وأجنحتها"، وبدد روحها الكفاحية، وحوّلها إلى "حزب حاكم" شكلاً، ومحكوم للاحتلال مضموناً، ما الذي كان زعيم فتح يتوقعه منها بعد سنوات سبع عجاف من التنظير المنهجي الإيديولوجي المنظم ضد "المقاومة" و"الكفاح المسلح" و"الانتفاضة التي خرّبت بيوتها" و"الصواريخ العبثية" و"المفاوضات حياة" و"قوة الفلسطينين في ضعفهم".

 

كيف يمكن لحركة هذا وضعها، أن تحرك الشارع انتصاراً لرئيسها الذي يكره الشوارع والخروج إليها والاعتماد عليها، كيف يمكن لها قيادة أهل الضفة وتفجير غضبها، وهي التي عملت ليل نهار، على امتصاص غضب الضفة وتركيعها وإخضاعها لحالة بوليسية بشهادة تقارير أجهزة الأمن الإسرائيلية وبحوث مراكز الدراسات الغربية والإسرائيلية سواء بسواء، كيف يمكن لحركة عجزت عن خوض المنافسة مع ذاتها في الانتخابات البلدية المرجأة حتى إشعار آخر، ومن دون أن يكون لها منافس بأي حجم جدي يذكر، أن تكون السند والعضد في الأزمات والمُلمّات ؟!.

 

والمؤسف حقاً، أن تراجيديا "في الصيف ضيّعت اللبن"، لن تطل بوجهها الأبشع الآن، أو حتى عند الاستئناف المُذل للمفاوضات المباشرة، ففصول هذه التراجيديا المخجلة والدامية سوف تتضح وتتلاحق عندما تبدأ المداولات على مائدة المفاوضات المباشرة بالاتضاح، وعندما نرى إلى أين يريد نتنياهو أن يأخذ المفاوض الفلسطيني بعد الاستفراد به، وحالما نتعرف على الحدود الضيقة للتدخل الدولي الخجول والمنافق، عندها وعندها فقط، سيصدق على هؤلاء قول سيدة غرناطة عن المُلْك الضائع وبكاء النساء.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ