ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مرة
أخرى..من أين نأتي بكل هذا العنف
؟! عريب
الرنتاوي لم يبق
لنا سوى أن نستقبل "الفالنتاين"
بزخات متفرقة من الرصاص
ابتهاجاً بالمقدم الميمون لـ"عيد
العشق والعشاق"، فنحن قوم
نحيي كل مناسباتنا بإطلاق
الرصاص العشوائي، ولنا في كل
مناسبة، قائمة مقدرة من شهداء
وجرحى الطقوس الأردنية في
التعبير عن الفرح والابتهاج. لا أدري
من أين نأتي بكل هذا "الميل
الجارف" للعنف الفردي
والجماعي، هذا يفرغ مسدسه في
صدر زوجته عملاً بمقولة "أتغذى
فيه قبل ما يتعشى فييّ"، وذاك
يعلق نفسه على عامود كهرباء،
وثالث يفرغ صليات رشاشه في صدر
ابنة أخيه، ورابع يتدلى من مبنى
قيد الإنشاء في محاولة للانتحار
"على الهواء مباشرة"،
وخامس وسادس، فكل نهار لنا
حكاية، وكل حكاية تخلف وراءها
مأساة لا تتقادم بمرور الزمن. قبل أن
أقرأ معدلات النجاح في الثانوية
العامة والقبول في الجامعات،
ثمة خبر تقليدي يتصدر صفحات
جرائدنا صبيحة اليوم التالي
لإعلان النتائج، دائما ما يثير
فضولي ويتصل بعدد القتلى
والجرحى من ضحايا "الابتهاج"
الأردني بالتوجيهي ؟!. كم من
عريس قضى ليلة "دختله" في
القبر أو الزنزانة، كم من فرح
تحوّل إلى مأتم...كم من طالب لم
يسعفه الحظ لمعرفة نتائج
امتحاناته أو فرص قبوله في
الجامعات، كم من أسرةٍ انهارت
أحلامها "بجرة رصاص" من
مسدسٍ طائش أو رشاش "أرعن"،
كم من أمٍ انزوت في ثياب الحداد
بعد أن "وصلت اللقمة أو كادت
أن تصل إلى الفم". من بين
شعوب العالم جميعها، نحن الشعب
الوحيد الذي سقط منه قتلى وجرحى
في كأس العالم، والسبب طيش بعض
المشجعين وردة الفعل المتشجنة
لبعض المواطنين، حتى الدول التي
فازت أو خسرت في ربع الساعة
الأخير للمونديال، لم تشهد ما
شهدنا من اختناقات مرورية ومن
تطبيل وتزمير، ومن انتهاك
لقانون السير، ومن سرعة جنونية
طائشة، ومن ضرب "شباري وقنوات"
وإطلاق دخيرة حيّة، إنها
الطريقة الأردنية في إحياء
المناسبات الكروية. لكأننا
قوم "مكبوتين" أو محتجزين
في "قمقم"، نتحيّن أول فرصة
للخروج على القانون والضرب عرض
الحائط بأولويات المرور
وإشاراته وقوانينه، لكأننا قوم
ننتظر لحظة بلحظة "غياب
الشرطي" لنعيث فساداً على "الدواوير"،
من الأول للثامن وما حولهما،
لكأننا قوم نضغط أنفسنا كثيرا
حين نضع حزام الأمان حول
صدرونا، فنسارع إلى الفكاك منه
عند أول فرصة، مثلما نسارع
للانفكاك من القوانين عند أول
سانحة. من أين
نأتي بكل هذا العنف، الذي أحال
جامعاتنا إلى مسارح دامية
ومتنقلة للمشاجرات الطلابية،
وأحال قرانا ومدننا إلى ملاعب
للعنف الحمائلي والعشائري،
وحوّل شبابنا إلى رديف احتياط،
غب الطلب، عند أول نداء لإشهار
القنوة أو استلال الخجنر. من أين
نأتي بكل هذه العنف اللفظي الذي
نسمعه من نوافذ سياراتنا، ونراه
في العيون الغاضبة التي يتطاير
منها الشرر والنظرات الشزرة
التي يرمقك بها من تقع عينيك على
عينيه، ونلمسه لمس اليد عند أول
"طابور" نجد أنفسنا مضطرين
للاصطفاف فيه. إنها
حقا لمفارقة غريبة عجيبة، إذ
كلما تحدثنا عن "الطيبة
والتسامح" اللذان يميّزاننا،
كلما تبدى لنا أننا قوم قساة لا
نغفر ولا نتراحم، جاهزون
للانخراط في "داحس والغبراء"،
حتى لأتفه الأسباب وأقلها
أهمية، وقد آن الأوان لكي نعترف
بهذه الوقائع، بدل الاستمرار
بدفن رؤوسنا في الرمال. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |