ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
النار والجليد (
الحرب التي دقت ساعتها ألف مرة ) أ.
محمد بن سعيد الفطيسي*
منذ النهاية المزعومة للحرب
الباردة بين الولايات المتحدة
الأميركية والاتحاد السوفيتي
السابق , لم يشهد العالم حربا
أكثر برودة مما هو حاصل اليوم
بين الولايات المتحدة
الأميركية والجمهورية
الإيرانية , وتكمن تلك البرودة
في ذلك الكم الهائل من الفوضى
الإعلامية والسيناريوهات
والتحليلات والتوقعات
والاحتمالات والنظريات
السياسية والعسكرية التي أحيطت
بما أطلق عليه " بالمواجهة
المنتظرة بين الجمهورية
الإيرانية والولايات المتحدة
الأميركية " منذ أكثر من
عقدين من الزمن 0
والمتابع لتلك الحرب
الإعلامية التي شكلت ملامح
الصراع فيها منذ البداية ما
يطلق عليه بالبروبوغاندا propaganda
- أي – الدعاية وحرب
التأثير على الرأي العام , يعايش
نوعا معقدا من حروب الشد والجذب
والانتقال الى خطوط التماس
وحافة الهاوية وعرض العضلات
وسياسة النفس الطويل ومحاولات
لي الذراع والابتزاز واستغلال
نقاط الضعف من قبل الطرفين –
وبمعنى آخر – استخدم فيها كل
الأنواع التكتيكية
والإستراتيجية المتعارف عليها
في السياسة اللينة 0
خلاصة الأمر , أن اغلب
الآراء والتحليلات
والسيناريوهات الاستشرافية
التي توقع ساعة الصفر فيها "
حتى الآن " عدد من المتخصصين
والمراقبين والمتابعين لذلك
الصراع المحتدم بين الولايات
المتحدة الأميركية من جهة ,
والجمهورية الإيرانية من جهة
أخرى منذ عقد التسعينيات , قد
وقعت نفسها في براثن تلك الحرب
الدعائية التي نجح كلا الطرفين
في تسويقها وترويج مظهرها
الخارجي إعلاميا , وان الحرب
التي دقت ساعتها لأكثر من ألف
مرة خلال تلك السنوات لم تقع بعد
, وربما لن تقع مطلقا , وربما
ستقع في أي لحظة 0
المهم في الأمر أن المتتبع
لتفاصيل ما يحدث ويدور على
الساحة الدولية بخصوص هذه
القضية وبينما يتوقع أن تلك
الحرب ستشتعل في أي لحظة , وانه
لم يتبقى غير سماع صفارات
الإنذار وهي تنطلق من على ضفاف
الخليج العربي وشرق أوربا
والولايات المتحدة الأميركية
وإيران , يصطدم بتصريح جديد ووجه
آخر يطالعنا به قائد عسكري أو
سياسي من كلا الطرفين يؤكد من
خلاله استعداد بلاده للحوار مع
الطرف الآخر , وبينما يشاهد
الجميع أن الجليد الساخن قد ذاب
وبرز ما تحته من وقود مشتعل , إذا
به قد تم إطفاء نار تلك الصواريخ
بنفس جليد الدعاية الإعلامية
التي أشعلته 0
وكغيرنا من المتتبعين
والمراقبين لتطورات " العد
العكسي للازمة " وضعنا بعض
النقاط التي يمكن من خلالها
توقع ساعة الصفر , وذلك من خلال
استخلاص أفكار عدد من المقالات
التي كتبناها سابقا كمقال
السيناريو الأخير , ماذا ينتظر
الشرق الأوسط ؟ ومقال التحولات
الجيوسياسية في الفضاء العالمي
القادم ومقال الشرق الأوسط ,,, العد العكسي
للمرور بنقطة اللاعودة 0
حيث توقعنا تصاعد وتيرة
الأحداث وتأزمها بشكل اكبر خلال
الفترة من يونيو 2010م وحتى يونيو
2011م تحديد , بحيث أن هذا الملف
سيتم حسمه وبشكل نهائي قبل
نهاية العام 2011م , وإلا فان
الاحتمال الآخر والأقرب الى
التوقع هو رضوخ الولايات
المتحدة الأميركية وإذعانها
للتوجهات الإيرانية بعد ذلك
التاريخ , وبالتالي اعترافها
بالحقوق الإيرانية في امتلاك
الطاقة النووية , وبغض النظر عن
الطموحات التي ستسعى إليها
الجمهورية الإيرانية في
المستقبل 0 وتلك
النقاط التي يمكن من خلالها
تقريب وتوضيح ملامح ساعة الصفر
هي : ( 1 )
تعزيز قدرات الردع والاحتواء في
كل من شرق أوربا وإسرائيل ودول
الخليج العربي , وذلك من خلال
تعزيز القدرات العسكرية
والدفاعية تحديدا , كنصب
بطاريات الصواريخ المضادة
للصواريخ المتوسطة والبعيدة
المدى 0 ( 2 )
تسارع وتيرة الزيارات المكوكية
للقيادات العسكرية والسياسية
لكلا الطرفين الى عدد من دول الشرق
الأوسط المرتبطة من الناحية
الجيوسياسية والجيواستراتيجية
بجغرافيا الحرب من جهة , كما
ستتزايد من جهة أخرى تلك
المحاولات الدولية المعلنة
والسرية لدرء فتيل الحرب ,
وخصوصا من قبل الدول لها تأثير
على أطراف الصراع 0
( 3 )
سيكون هناك تغير ملموس على
السياسة الخارجية لكل من الصين
وروسيا , و- بمعنى آخر – سنشهد
ردود إعلامية وسياسية عكسية من
الدول الحليفة للجمهورية
الإيرانية , وهنا يمكن ان نشهد
تكرار تلك الصورة السياسية التي
طالعناها قبل شن الحرب على
الوطن العربي العراقي , وذلك من
خلال رفض بعض الدول لتلك الحرب
ومن ثم إذعانها للولايات
المتحدة الأميركية بعد ذلك 0 ( 4 )
زيادة حركة القطع العسكرية في
منطقة الخليج العربي ومنطقة
البلقان لكلا أطراف الصراع ,
وبطريقة لا يمكن سوى اعتبارها
أنها المرحلة الأخيرة لدق ناقوس
الحرب 0 ( 5 ) بعد
نصب إسرائيل لما أطلقت عليه
بمظلتها الدفاعية وتجربتها
ونجاحها كما تقول , تكون قد أنهت
الخطوة الأولى من استعداداتها
الدفاعية لاحتمالية وقوع الحرب
0 ( 6 )
ستتزايد في نهاية المطاف الحرب
الإعلامية والدعائية لكلا
أطراف الصراع , بحيث سيتم نقل
تلك الحرب الى كواليس الأمم
المتحدة ومجلس الأمن الدولي 0
إنما وبالرغم من ذلك , فلا
زال الجانب الدبلوماسي يلعب
دوره على صعيد هذا الملف
المتأزم والحلول
السياسية اللينة لم تستنفد بعد
كما نشاهد ونسمع , كما ان تلك
الحرب الإعلامية والدعائية
التي تمارسها أطراف الصراع لم
تتوقف بعد , فكل منهما يحاول
استنفاد أنفاس الأخير , وذلك من
خلال الترويج لقوته واستعراض
إمكانياته الهجومية والدفاعية ,
ورمي الكرة في ملعب الآخر
لمشاهدة ردة فعله على ذلك 0
وبعد كل ذلك الشد والجذب ,
والدفع بالمنطقة لأتون حرب لا
يعلم غير الله عزوجل كيف يمكن ان
تنتهي , تبقى بين هذا الجانب
وذاك , أسئلة والغاز عمرها أكثر
من 20 عاما لا زال البعض منا
يطرحها بين الحين والآخر , ومن
تلك الأسئلة : حقيقة الحرب نفسها
, وهل يمكن ان تقوم لتقضي على آخر
آمال المنطقة بالسلام والأمن
والاستقرار ؟
وإذا كان ذلك ممكنا , فما
الذي تنتظره الولايات المتحدة
الأميركية في ظل التأجيج
الصهيوني لذلك منذ سنوات طويلة
؟ وهل يمكن بالرغم من كل تلك
الهالة التي أحيطت بهذه الحرب
ان تكون في نهاية المطاف مجرد
معادلة عالمية لم يفهم حساباتها
العرب كعادتهم , ويكونون الخاسر
الأكبر فيها ؟ لتبرز في نهاية
المطاف قوى إقليمية وقارية
وعالمية جديدة وخارطة سياسية
للمنطقة وثرواتها وتوزيعها
تكون الأجيال العربية القادمة
المتأثر الأكبر منها ومن
موازينها 0
على العموم , ستكون الشهور
القليلة القادمة والتي لن
تتجاوز شهر يونيو من العام 2011 م ,
وفي مدة أقصاها ديسمبر من نفس
العام , وبناء على الكثير من
التحليلات والحسابات والمعطيات
العسكرية والسياسية هي الفصل
الأخير على ما اعتقد من هذه
الحرب , والتي نرجو من الله
عزوجل أن يطفئها ويجنب منطقتنا
وكافة بلاد لمسلمين فتنها
الظاهرة والباطنة 0 ــــــــــ *باحث
في الشؤون السياسية والعلاقات
الدولية – رئيس تحرير صحيفة
السياسي التابعة للمعهد العربي
للبحوث والدراسات الإستراتيجية
0 ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |