ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
"بين
السماء والأرض".. في نسخته
الأفقية!! أ.د.
ناصر أحمد سنه* ماذا لو
علق أناس "بين السماء
والأرض"؟؟(1959) .. كانت ومازالت رائعة كوميدية/ تراجيدية/
درامية لهند رستم،
وعبد المنعم إبراهيم، وعبد السلام النابلسي، ومحمود
المليجى وغيرهم، ومن إخراج رائد
الواقعية في السينما المصرية
"صلاح أبو سيف". تناولت
أحداث هذا الشريط السينمائي
"أزمة" تعطل مصعد
كهربائي
بركابه "بين السماء
والأرض" فيما بين طابقين من
طوابق إحدى عمارات أحياء
القاهرة. وما كان
ويكون من
شأن وأحوال ومعاناة الركاب
الموجودين داخله، (ولا يُنبئك
مثل خبير) وهم "ينتظرون
الموت".. اختناقاً ورعبا
وازدحاما وعطشاً وجوعاًً أو
انفلاتاً وسقوطاً للمصعد إلي
قاع العمارة. وتجلي تداخل
المشاهد الدرامية عبر صور النقد
الذاتي والاجتماعي/ المكاشفة/
المصارحة/ الوقفة مع النفس
ومشاربها المتعددة والمتنوعة. وفي
نسخته الأفقية نري ونشاهد
ونعايش تلكم المعاناة. نري
العالقين عبر المعابر والحواجز
الصهيونية الإحتلالية (يوجد ما
يزيد عن 700 حاجز في الضفة
الغربية)، تشكّل بنية متماسكة
منظّمة للقهر والإذلال،
المستندة لأسس أيديولوجية
صهيونية عنصرية. نشاهد فلسطين
أرضاً محتلة، ممزقة الأوصال،
وشعبها محاصرا/ سجينا داخل
أرضه، المدمرة، لكنه (يعيش/
يصمد) رغم كل العذابات اليومية
تحت نير الاحتلال؟، تسعي السياسات الاستفزازية الصهيونية لتدمير
المواطن الفلسطيني، وتحطيم
المجتمع الفلسطيني "ككلّ"،
معنويا وبدنيا وحياتياً،
ومعاقبة أفراده عقاباً جماعياً
من أجل إخضاع واستسلامه وتنازله
عن حقوقه. يتضح ذلك عبر الأحداث
اليومية المُذلة والمهينة
والأليمة علي الحواجز التي تقطع
أوصال الوطن الفلسطيني السليب،
وعبر إغلاق الطرق. وتحاصر وتسجن
الفلسطينيين علي أراضيهم
وتلازم المتنقلين والعابرين
والمرضي والطلبة والعاملين
والمسافرين الخ كلما أردوا
التنقل والعبور داخل القري
والمدن والبلدات الفلسطينية.
فهناك التفتيش, وتصاريح
الزيارة/ المرور مسبقة،
وصلاحياتها (يوم أو يومين)،
واستخدام الكلاب البوليسية
المدربة علي قمع النساء
والمواطنين، والولادات
المتكررة على هذه الحواجز. وكان
"صلاح أبو سيف" قد ضمّن
فيلمه مشاهد لولادة
احدي السيدات
العالقات في المصعد "بين
السماء والأرض". في
السابعة من صباح رابع أيام شهر
رمضان المبارك 1431ه، المصادف
ليوم (السبت 4/8/2010)، كان كاتب هذه
السطور في طريقه لمحافظة السادس
من أكتوبر عبر الطريق الدائري
ثم محور 26 يوليو. في حافلة تضم
أحد عشر راكباً من بينهم ثلاثة
سيدات وطفلة رضيعة لم تُكمل
عامها الأول بعد. تتلوي وتصرخ،
كما يتململ الجميع من حرارة
الجو داخل الحالفة (غير
المُكيفة). نفد ماء زجاجتها
الصغيرة التي ظنت أمها أنها
تكفيها لنصف الساعة ريثما تصل
بغيتها. من يدر فلعل حالات صحية
وإنسانية متعددة طارئة ومُلحة
موجود داخل هذا الطوفان من
السيارات والحافلات العالقة؟؟. نتحرك
كالسلحفاة لمسافة أمتار،
يتشاجر الناس علي هذه الأمتار
التي تخلو (كما يتشاجر
المزدحمون في أي مكان، بل يُشار
إلي أن الدجاج في عنابر
"صناعته" إذا ما تزاحم في
مكان ، لا تفي بحرية حركته تقاتل
عليه، ونما لدية عادة الافتراس،
Cannibalism،
وكما تشاجر المُعلبون في علبة
السردين/ مصعد صلاح ابو سيف).
نمكث لعل المانع خير؟؟. نصّبر
أنفسنا، عما قريب ستزول الغمة
والمعاناة، ونمضي لسبيلنا، نصل
لغايتنا، ونحقق كرامتنا، ولكن
هيهات هيهات. وعلقنا لنحو ثلاث
ساعات ونصف (من السابعة حتى
العاشرة النصف) في مشوار
يستغرق ساعة إلا الربع. توقف
الدم في أقدام الركاب، بل وتجلط.
ترك الناس، علي اختلاف فئاتهم
المعروفة بزيها وشاراتها،
سياراتهم وحافلاتهم.. ودراجاتهم
النارية وترجلوا هنا وهناك.
نراهم في كل مكان، فزعين،
لاهثين، قلقين، حائرين، جافة
حلوقهم، صفراء وجوههم، يكلمون
أنفسهم قبل أن يكلم بعضهم
بعضاً، يتصببون عرقا، ودمعاً،
كأنهم ينتظرون حُكماً،
شاخصة أبصارهم، وكأنه "يوم
الحشر". بعضهم مستسلماً
يائساً إلا
المُضطر عاود أدراجه دون غايته..
دواماً وعملاً وتجارة وخلافه.
لكن لا مخرج معاكس عبر هذا
الطريق إلا ما أحدث وهو بعيد
المنال ودونه ساعات من سير
السلحفاة. - ماذا
حدث؟؟ - من
يأتنا بالخبر؟ - لماذا
نحن عالقون/ سجناء هكذا لساعات
في حر وصوم ونفاد ماء الرضيعة؟. - أهو
حادث؟ - لو كان
حادثا لكان قد تم التعامل معه
وإخلاء جانب من الطريق للمرور. - أهو
زلزال أم فيضان أم إعصار؟. - ليس
ثمة شواهد دالة علي ذلك. متململة
حانقة محوقلة محتسبة، تخشي علي
رضيعتها تتفوه أحدي السيدات بما
في جعبتها وهو كثير. لا يريد أحد
أن يرد عليها. إذ يرون في هذا
الموقف حيث "انتظار الموت أو
الفرج" لا فائدة من كلام. يبدو
أنها تعاني من مشكلات السمنة..
تحاول السيدة، جاهدة وقد فرغ
بجورها مقعد، أن تمد عليه
ساقيها. وآخر قد ربط عصابة حول
رأسه، ورابع وخامس من بيننا ومن
حولنا وقد.... - لعل
السبب هو قيام المسئولون
بافتتاح أعمال كباري جديدة في
محور (صفط اللبن/ جامعة القاهرة/
بين السرايات/ شارع التحرير)
لتسهيل حركة المرور؟. - هل
انقلب مصعد "صلاح ابو سيف"
"بين السماء والأرض" فبات
"حافلة "بين القومية،
وبشتيل"(من الأماكن والنقاط
المعروفة علي الطريق الدائري
قبل مخرج محور 26 يوليو). - ما
أغلي الحرية وما أصعب أن تعيش
سجينا في وطناك وإن كنت تظن أنك
تتحرك جيئة وذهاب هنا وهناك ، ما
دام هناك من " يتصور" أنه
يستطيع إن يسلبك تلكم النعمة
التي وهبك الله تعالي" متى
استعبدتم الناس وقد ولدتهم
أمهاتهم أحرارا".. لله درك يا
أيها الفاروق العادل، يا عمر؟.
إننا نتعثر في طريقنا، وقد قلت
قولتك الخالدة:" والله لو أن
بغلة عثرت بشط العراق لسألني
الله عنها: لمَ لم أسو لها
الطريق؟. ولعل سهولة المرور علي
الطرق وكذا تمهيدها وأمنها من
أهم علامات تسويتها؟. ماذا عساك
أيها العادل لو رايتنا هكذا؟
وقد كنت وفعلت وقلت ما قلت؟. في
الحادية عشرة إلا ربعاً فوجئنا
(بدخول شعاع الشمس داخل مصعدنا،
وبثقب الجرافة تمخر في جدار
بنايتنا) ..هذه ما كان من أحداث
فيلم هند رستم،
وعبد المنعم إبراهيم،
وعبد السلام النابلسي، ومحمود
المليجى. أما في فيلمنا نحن.. فقد
فوجئنا بحافلتنا في مواجهة حاجز
مروري، وليس ثمة شواهد عينية
علي حادث ما. سُمح لمركبة أخري
بالمرور معنا. وعبرنا.. رُدت
الروح إلينا.
طار السائق/ الذي قد كان
مستغرقا في نومه، طيراً. ولا
يتساءل أحدكم كيف يقود سائق
سيارة وهو نائم؟!!. هذا ما كان. في مساء
ذلك "اليوم المشهود" وفي
طريقي لمدينة نصر، ومع إدارة
مؤشر مذياع السيارة جاء جزء من
خبر مفاده:"افتتح اليوم
"متحف الفن الإسلامي..."؟. ــــــ *كاتب
وأكاديمي ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |