ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 22/08/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية:

وهم السلام ولهث وراء السراب

بوفلجة غيات

مرّة أخرى عاد الحديث بقوّة عن مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بسبب وجود خطة إسرائيلية / أمريكية لضرب إيران وحلفائها في المنطقة، رغم عُقم المحاولات السابقة. إذ لا نجد في تاريخ الصراعات والمفاوضات قضية طال التفاوض من أجلها مثلما حدث في القضية الفلسطينية. فعادة عندما تدخل الدول والجهات المختلفة للتفاوض حول قضية معينة، نجدها تتفاوض حول تفاصيل معينة ولمدة محددة. أما المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، فيجب إدخالها إلى كتاب "جينيس"، من حيث طول المدة، من حيث عدد أيام وسنوات المفاوضات، ولا أمل أنها ستنتهي في المستقبل المنظور. ذلك أن العملية عبارة عن مسرحية من إخراج غربي، هدفها إلهاء العرب والمجتمع الدولي، في وقت تغير فيه إسرائيل الأوضاع على الأرض، من أجل فرض الأمر الواقع.

فعندما يريد الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، إيجاد حلول لقضايا سياسية دولية، يكون ذلك عن طريق مجلس الأمن الذي يتخذ قرارات، ولا تبقى على الجهات المعنية إلا التنفيذ، أو التفاوض حول إجراءات وتفاصيل التنفيذ، كما وقع في موضوع فرض استقلال تيمور الشرقية عن أندونيسيا. أما عندما يمتنع الغرب عن القيام بهذه الإجراءات الواضحة والملزمة، فهو يطالب بالتفاهم والتفاوض بين الطرفين، كما نشاهده في قضية فلسطين وفي قضية الصحراء الغربية أيضا.

وهكذا نلاحظ أن للغرب نوايا خبيثة غير معلنة، وهو يتواطؤ مع المعتدين، أي الإسرائيليين للتملص من المسؤولية، وقتل القضية وفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين. إذ كيف يقف المعتدي المحتل الذي يملك والقوة العسكرية والدعم السياسي العالمي، في مفاوضات مقابل سلطة شكلية ساهم المحتل هو نفسه في الإتيان بها للتفاوض معها. خاصة ونحن نعرف أن هذه السلطة لا تملك أي أوراق تفاوضية، عدا العدل الدولي والحق والأخلاق، وهي أوراق الضعفاء المنهزمين.

إن كانت إسرائيل مصرّة على الإستيطان في الضفة الغربية، وتعمل يوميا على تهويد القدس الشرقية وتغيير معالمها، وتقوم بحفريات تهدد وجود المسجد الأقصى، وترفض حق العودة، ولا تقبل بحدود 67، فعلى ماذا يتم التفاوض إذن؟

إن كانت الولايات المتحدة الأمريكية، والرباعية تريد حلا للقضية الفلسطينية، فلماذا لا يجتمع مجلس الأمن لفرض انسحاب إسرائيل من الأرض التي احتلتها إسرائيل سنة 67، والإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية، وإرسال قوات دولية لفرض هذا الحلّ، كما فعلوا بالنسبة للدول التي انبثقت عن يوغسلافيا سابقا، مثل البوسنة وكوسوفو. بل أن الغرب عموما يريد التنصل من مسؤولياته والحفاظ على ضبابية مواقفه. وكأنهم يقولون لمحمود عباس "لم يبق لك إلا تنفيذ المهمة التي استُقدمت من أجها" بعد اغتيال أبو عمار، وهي الإمضاء على الحل الإسرائيلي للقضية، بمباركة أمريكية، وهو حلّ يتمثل في منع حق العودة، والتخلي عن القدس لتصبح عاصمة موحدة لإسرائيل، والسماح بحرية الإستطان على كل الأراضي الفلسطينية في الضفة، وإيجاد سلطة منقوصة السيادة وليس لها جيش ولا سلاح ثقيل. وما يمكن السماح به هو امتلاكها لقوات داخلية لمنع الإرهاب ضد إسرائيل والدفاع عن أمن المستوطنين. أما الفلسطينيون فتكون لهم كانتونات غير مترابطة موزعة على مختلف مناطق الضفة ذات الكثافة السكانية، يدخلها الفلسطينيون ويخرجون منها بتصاريح إسرائيلية. وهو الهدف الذي تريد إسرائيل تحقيقه عندما تريد من الفلسطينيين التفاوض المباشر معها وبدون شروط ولا مرجعيات.

ففي ظل الظروف الحالية، لا يمكن الحصول على أي نتيجة من المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، وهي كسب للوقت بالنسبة للإسرائيليين ومضيعة له بالنسبة للفلسطينيين، وذلك لعدة أسباب، منها.

أن السلطة الفلسطينية أوتي بها بعد اتفاقية أوسلو للقضاء على القضية الفلسطينية، بدءا بالإعتراف بإسرائيل والتخلي عن المقاومة المسلحة والتعاون الأمني مع إسرائيل. بل أن السلطة الفلسطينية أصبحت تطارد المقاومين وتدافع عن المصالح الإسرائيلية، بل أنها تتجسس على أبنائها لصالح إسرائيل وأمن الدولة العبرية. إلى درجة طلبت السلطة من إسرائيل العدوان على قطاع غزة ومحاصرته لأن حركة حماس ترفض الإنصياع لهيمنة السلطة والإعتراف بإسرائيل. وهكذا فإن تخلّي السلطة عن المقاومة جعلها تفقد أحد أهمّ أوراقها التفاوضية. فماذا تنتظره السلطة الفلسطينية من دخولها مفاوضات دون امتلاكها لأي ورقة. فهي تعتمد على الدعم الأمريكي والأوروبي، وهل تجهل السلطة أن الطرفان هما الداعمان الأساسيان لإسرائيل عسكريا وسياسيا؟ وأن إسرائيل حليف إستراتيجي للغرب، وأنه يستحيل عليهم الوقوف إلى جانب السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل.

إلى جانب ذلك، فما يمكن انتظاره من مفاوضات لا يملك أي طرف ما يمكنه التخلي عنه. فإسرائيل لا يمكنها التنازل، والسماح بإنشاء دولة فلسطينية، لأن التوسع والإحتلال هي العقيدة التي بنيت عليها إستراتيجيتها. وهي ترفض التخلي عن القدس الشرقية وترفض التوقف عن الإستيطان على أرض الضفة، فما بالك بإخلاء المستوطنات؟ وهي ترفض عودة اللاجئين إلى أراضيهم. لهذا لا أتصور خروج إسرائيل عن أرض احتلتها بالقوة، وهي حاليا في موقع قوة، ولها دعم سياسي وعسكري أمريكي وغربي كبيرين. وبالتالي فلماذا تتنازل إسرائيل ومقابل ماذا؟

أما السلطة الفلسطينية، فرغم ضعفها وعدم امتلاكها لأي ورقة تفاوضية، اللهم موضوع السلام. إلا أن هذا الأخير تفرضه إسرائيل بقوّتها، وتساهم السلطة في ذلك بتخليها عن المقاومة، وبالتالي فقدت ورقة السلام معناها. رغم ذلك، فلا يمكن للسلطة الفلسطينية التنازل عن القضايا الأساسية رغم ضعفها، إذ لا يمكنها التنازل صراحة عن قضايا حدود 67، رغم إمكانية قبولها ببعض التنازلات في إطار تبادل الأراضي، ولا يمكنها التنازل عن القدس الشرقية وعن المسجد الأقصى، ولا يمكنها التنازل عن حق العودة، فعما يمكنها التنازل إذا؟ ولمَ المفاوضات إذا بقي كل جانب متشبث بمواقفه، وخاصة مع وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة؟

وفي ظل هذه الظروف، فلا أرى فائدة من المفاوضات، بل الأولى إعادة اللُحمة إلى الصف الفلسطيني، واسترجاع أوراقها التفاوضية، ومن أهمها التراجع عن الإعتراف بإسرائيل، والعودة إلى المقاومة المسلحة، خاصة وأن لها قاعدة في غزة المحاصرة، وخروج السلطة من القطاع والإقامة خارج الأراضي المحتلة لتنسيق المقاومة السياسية والعسكرية.

حلّ آخر هو أن تحلّ السلطة نفسها، والكف عن المطالبة بدولة مستقلة، وتحويل المطالب إلى الدولة الديموقراطية الموحدة، ذات القوميات المتعددة، وهو الحل الوحيد المتبقي، إذ يجب توقف البحث عن وهم السلام مع إسرائيل واللهث وراء السراب.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ