ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 01/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مراجعات فكرية

(1)

مستلزمات للحياة

د نبيل الكوفحي

تمر الأمة  بمنعطفات حرجة, وتواجه حالة غير مسبوقة من ضعف التماسك وانشغالها بنفسها بشكل كبير, ولا شك أن هذا الأمر يتراكم منذ سنوات طويلة, لكنه وصل لمستويات خطيرة نتيجة ضعف قياداتها وتخلف واقعها, واقتتالها فيما بينها، وانتشار الظلم والاستبداد بدولها, وابتعادها عن شريعة الله في حياتها، ودوسها على كثير من القيم الإنسانية والأخلاقية.

والحركة الإسلامية - وان كانت طليعة مجددة تحاول النهوض بأمتها- لكنها جزء من الأمة يصيبها ما يصيب الأمة من حالات ضعف، لا بد لها - وهي تملك زمام نفسها- أن تعيد النظر والقراءة والقرار في كثير مما الفته ودرجت علية من الأفكار والمناهج والوسائل والأطر، ولا شك أن هذا ليس بهين لكنها الضرورة التي لا بد من سلوكها، وكم قال الشاعر:

بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها    تنال إلا على جسر من التعب

الحياة الإنسانية متصلة مستمرة غير منقطعة، فلا نتائج دون مقدمات، والتحولات فيها نتاج تراكمات لعوامل كثيرة داخلية وخارجية. ولا يمكن أن ينفصل المستقبل عن الحاضر والماضي، فالترابط موجود غالباً إما بشكل فيزيائي أو غير فيزيائي، والذاكرة الإنسانية تختزن وتجمع بين كل الأزمنة، وان انقطع الترابط في الواقع المشاهد كان في التصورات، قال الإمام البنا في رسالة المؤتمر الخامس: أيها الإخوان المسلمون: لا تيئسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين ، وحقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد. ولا زال في الوقت متسع.

 والحضارات التي سادت لقرون عديدة كان من أهم خصائصها القدرة على تجديد ذاتها، والمحافظة على" شبابها" ولا يمكن تحقيق هذا التجديد الا بوقفات للمراجعات، تقيم فيها الاعمال وينظر لجوانب الفشل فيها قبل جوانب النجاح، يكون النظر للداخل قبل البحث في المحيط الخارجي ، وكما قال الراشد: لا بد من التحول إلى التفتيش عن الأسباب الخفية ومعرفة الثغرة التي ولج منها الألم فأقعد، أو تسللت منها اللذة فأذهلت.

إن المراجعات الذاتية للافراد كما هي للجماعات والشعوب تعتبر مستلزماً ضرورياً للحياة، اذ ان كل شيء على هذه الحياة قابل للتغير، وان طول الامد يغير  في المظاهر والعناصر كما يغير في النفوس والقلوب قال تعالى: (فطال عليهم الامد فقست قلوبهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة)، لذلك كان المنهج الاسلامي بضرورة التفكير، وضرورة المراجعة الذاتية الدورية للفرد كما هو للأمم والشعوب. والمراجعات ليست مطلوبة فقط  لتقييم الماضي وتقليل الخسائر وتحديد الثغرات، بل لتعديل مسارات الخطط المستقبلية  واجتراح المسارات الإبداعية.

تشكل المصائب والهزائم محطات اجبارية للمراجعة والتقييم، قال تعالى ( أو لما أصابتكم مصيبة قلتم أنا هذا، قل هو من عند انفسكم). وكما جاء في سورة القلم عن اصحاب الجنة (فلما رأوها قالوا انا لضالون، بل نحن محرومون، قال اوسطهم الم اقل لكم لولا تسبحون، قالوا سبحان ربنا انا كنا ظالمين).  إن التوبة حتى تقبل لا بد ان يكون فيها تحسر على ما فات وندم وعزم على الا يعود للمعصية والمبادرة بالخيرات وهذ نتاج عملية مراجعة لحياة الفرد.

والحركة الإسلامية إذا غابت عنها المراجعات الممنهجة، فإنها تحكم على نفسها بالموت البطيء، الذي يظهر جلياً في انحسار التاثير وتراجع التاييد وانفضاض الكفاءآت والرواحل وانشغالها عن غاياتها وأهدافها، لذا فان فقه المراجعات يجب أن يكون خطاً اصيلاً في منهجيتها، ضمن برامج محددة في خطتها، وحتى لا تصاب بالعجز والشلل، ولا بد أن يغذى هذا الفقه للفرد ذاته كعضو في الحركة ومسؤولاً فيها، اذ ان غياب المراجعات أو تأخيرها، والقيام بها حينما تقع المصائب ، هو بمثابة فشل كبير وخروج عن منهج الله الذي أمرنا به.

إن المقصود من هذه المراجعة هو الوصول إلى الحق واتباعة، وهذا ليس بأمر هين، خاصة حينما يتعلق الأمر بالمجتمع والأمة، لان المعضلة لا تتعلق فقط بمعرفة الحق، بل في كيفية الوصول إليه، لذا  قال الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله: إن أمرنا يفهم من خلال قضيتين: رؤية الحق، وأن يرزقنا الله اتباع الحق، وذلك دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا إتباعه).

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ