ـ

ـ

ـ

الخميس 02/09/2010

رمضان

أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه -12

د. محمد سعيد حوى

منشأ التكفير والجحود عند بعضنا.

قد يظن بعضهم ان جذور التكفير سببه الخوارج لكن الخوارج لم يتعمق مذهبم في التاريخ, ولذا قلت يوماً لطلابي ان ما نشاهده اليوم من وجود فئات غلب عليها التطرف والتكفير واتهام الآخرين بل ووصل الامر ببعضهم الى استباحة دماء المسلمين وكذا ما نجده عند بعضهم من مسارعة الى اساءة الظن بكل من خالف والاتهام بالخيانة والعمالة وغيرها من التهم التي تسبب تفريقاً وتمزيقاً ولا تقوم على اساس قلت لهم ان كل هذه المشكلات جذورها في بعض كتب تنسب لأهل السنة من قديم, وجاء بعضنا فقرأ هذه الكتب وتأثر بها، وصار عند بعضهم لغة يتعامل بها وخلقاً ينهجه مع كل مخالف، بل وصار صفة لازمة لبعضهم، حتى انك لتجد بعضهم يعبر عن شدة التزامه بالاسلام من خلال قدح وتكفير او تضليل الآخرين فللأسف لماذا نلوم بعض شباب اليوم.. وهم ليسوا على حق ولا مبرر لهم في التكفير ولا استباحة الدماء – لماذا نلومهم؟ وبعض من نعدهم اعلاماً كباراً هم من اسس لهذا الفكر التكفيري بقصد او بغير قصد وضاق ذرعاً بالآخر مهما كان.

فلما قلت ذلك لبعض طلبتي انبرى بعضهم مدافعاً ومنافحاً وقال ما معناه انك تتهم اعلاماً من الائمة بتهم باطلة.

قلت اذن من اين تسلل فكر التكفير الينا ثم ان بيينا وبينكم الكتب والمصادر؟.

فلو رجعنا الى كتاب السنة لمؤلفه عبدالله بن احمد بن حنبل نجد ابا حنيفة النعمان يوصف بأوصاف منها "كافر، زنديق، مات جهمياً ينقض الاسلام عروة عروة، ما ولد في الاسلام اشأم منه ولا اضر على الامة.. السنة (1/184-210) وغيرها من الاوصاف الخطيرة، ثم تجد علماء معاصرين يتداولون هذا الكتاب ويدرسونه في مناهجهم ويغضون طرفاً عن مثل هذه المنهجية الخطيرة, واليوم لو جئت تبحث في اسلوب تعامل بعض من يدعي الانتساب الى السنة مع خصومه تجدهم يطلقون النعوت ذاتها على مخالفيهم ولا احب ان أسمي اسماء لنبقى في دائرة معالجة المشكلة ببحث جذورها الحقيقية.

وهذا الخطيب البغدادي وهو من ائمة علم الحديث ماذا ينقل في كتابه تاريخ بغداد في حق ابي حنيفة في المجلد 13/من صفحة 294-423؟ فقد سوّد ثلاثين صفحة في نقول اما كاذبة في حق ابي حنيفة واما جاهلة وتجد من يقرأ مثل هذا الكلام ويتربى عليه. وهي تكفر او تزندق ابا حنيفة واشد مما نقلته عن كتاب السنة.

لمجرد ان الرجل اجتهد وتفقه وتحرز في قبول كثير من الاحاديث المطعون بها عنده لعلة خفية او ظاهرة ولأنه جعل القرآن هو المعتمد الاساس الذي يرجع اليه ويحكم به على ما عداه من غير انكار حجية السنة مطلقاً انما هو الانكار لاحاديث تسوق على انها من السنة وما هي كذلك, فتثور الاتهامات في وجهه ووجه امثاله ويتحزب كثيرون وراء هذه الاتهامات ويجبن آخرون عن قول الحقيقة او يضعفون عندما يجدون بعض من ينتسب الى الحديث والعلم يصف المخالف بهذه الاوصاف فيلجأ كثير من العلماء للأسف خوفاً من سطوة علم الجرح والتعديل الى السكوت وعدم بيان الحق فاذا جاء باحث متأخر يريد بيان الحق ويسعى اليه ووجه بالاتهامات ذاتها ثم يقال له: أأنت اعلى ممن سبق، مع ان كثيرين ممن سبق انما سكتوا عن بعض المسائل امام سطوة علم الجرح والتعديل هذا..

ولا تنتهي قائمة التكفير والتضليل للمخالف بالنماذج التي ذكرت.

مما ورث داء عضالاً في التفكير عند اجيال اليوم لتجد هذه الروحية مبعوثة عند اعلام آخرين ابينها فيما بعد.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ