ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 02/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

بعد ثلاثين عاما من الخصام .. النظام السوري والإخوان المسلمون إلى أين؟

الطاهر إبراهيم*

يعيش الإخوان المسلمون في معظم الأقطار العربية –بمختلف الأسماء التي يسمون أنفسهم بها- حالة من عدم استقرار مع أنظمة الحكم في تلك الأقطار. وتختلف درجة عدم الاستقرار هذه من قطر إلى آخر. بل إن هذه العلاقة تتدرج بين تنظيم معترف به كما هو حال الإخوان المسلمين في الأردن، وبين تنظيم حاولت السلطة اجتثاثه من جذوره كما هو حال الإخوان المسلمين في سورية، عندما أصدر نظام الرئيس الراحل "حافظ أسد" القانون 49 لعام 1980 الذي يحكم بالإعدام على كل منتمٍ للإخوان المسلمين، ولو بأثر رجعي.

فقد تم تصفية الآلاف من الإخوان المسلمين في سورية بموجب هذا القانون. ولا نبالغ إذا قلنا أنه تم إفراغ  سورية تماما من الإخوان المسلمين. فقد تم اعتقال عشرات الآلاف منهم. كما غادر أضعافهم سورية هربا من مقصلة القانون 49. هذا القانون اختلف تطبيقه بعد أن تولى الرئيس "بشار أسد" مقاليد الأمور في سورية في تموز عام2000 بعد موت أبيه في حزيران من نفس العام. حيث لجأ القضاء السوري "المسيّس" إلى إصدار أحكام بالإعدام على من يتم اعتقاله تحت اسم الإخوان المسلمين، ثم يخفف الحكم بعد ذلك إلى السجن 12 عاما.

لسنا هنا في وارد تحريك العظم المكسور أو"تقليب المواجع" بين الإخوان والنظام. بل نحاول أن نقدم قراءة تقترب أو تبتعد بمقدار قرب القارئ أو بعده عن سورية، لكنها تساهم بتشكيل رؤية، -إذا ما أضيفت إلى رؤى الآخرين ممن يكتب في الشأن السوري- توضح المستقبل المجهول للعلاقة الغامضة والمحتدمة بين الإخوان المسلمين السوريين والنظام الحاكم.

ورغم دخول عدة جهات للوساطة بين الطرفين، فقد رفض النظام السوري –وحتى الآن- أن يقبل بفتح قناة حوار مع الإخوان من خلال وسطاء تطوعوا لإغلاق هذا الملف الشائك الذي يشكل جرحا وطنيا نازفا على مستوى القطر السوري كله. لأن الإخوان المسلمين ليسوا كتلة منعزلة، بل هم نسيج تضرب خيوطه وتتغلغل وشائجه في صميم الشعب السوري. فأي ألم يحل بهم يتردد صداه آلاما عند أقاربهم ومحبيهم في المدن والبلدات والأرياف.

كانت حجج بعض الوسطاء عند حديثهم مع مسئولين في النظام تؤكد على إعادة اللحمة إلى مكونات الشعب السوري. ولعل أهم ما أبداه الوسطاء أن سورية، -كما باقي دول المنطقة- تتعرض لتهديد صهيوني، وما لم يكن الصف الداخلي محصنا، فلن يكون الصمود بمستوى التهديد الخارجي. كما أن النظام السوري يسعى إلى إنهاء النزاع مع إسرائيل، ومن باب أولى أن يسعى إلى رأب الصدع بين مكونات الشعب السوري.  

النظام من جهته كان يقول لهؤلاء الوسطاء إن الإخوان المسلمين قد شكلوا ضِرْسا مؤلما في ثمانينيات القرن العشرين. وقد "خلعنا الضرس وألمه"، فلانريد في سورية -نظاما ومجتمعا- أن نعيش  مرة ثانية مرحلة الألم هذه التي سببها الضرس. وسورية مستقرة الآن. وعودة الإخوان إلى سورية ستعود بنا إلى أيام الثمانينيات الدامية. كان يدعم النظام السوري في هذا التفسير أنه لديه أجهزة أمنية قوية فرضت الاستقرار في البلد. وهو يقول:ليس مهماً أن يسأل عن الثمن الذي دفع مقابل هذا الاستقرار؟ فها هو العراق والصومال، وحتى لبنان يظهر كم هو مستفحل فيها عدم الاستقرار؟ وعلى كل حال فالنظام لا يمانع بعودة الإخوان إلى سورية ولكن أفراداً! بعد أن "يوفّق" العائدون أحوالهم في القنصليات السورية.

الإخوان من جهتهم يرفضون هذا الطرح، ويعتبرون الاستقرار في سورية الذي يتغنى النظام به لم يستتب إلا تحت سيف التخويف والإرهاب الذي مارسته الأجهزة الأمنية. كما يرفضون العودة من خلال "البوابة الأمنية". فإن كلمة "يوفّق"تعني أن يمر المنفي على رجل المخابرات في القنصليات ليكتب "صحيفة سوابقه" داخل جماعة الإخوان المسلمين، حتى وإن لم يكن من  الإخوان أصلا، وإلا اعتبر أنه يخفي أشياء خطيرة. ويقول الإخوان أن العودة حق لهم يملكه كل سوري إرثا عن أبيه وجده. فلا يحق لأحد أن يساومه على العودة إلى سورية.

ويقول الإخوان: إنهم قدموا أكثر من دليل على نواياهم الحسنة. فهم قد نصوا في مشروعهم السياسي الذي أشهروه في لندن في عام 2004: أن الحكم في سورية ينبغي أن يكون تعدديا وتداوليا ديمقراطيا. ما يعني أنهم يقبلون أن يشارك حزب البعث في أي حكومة مستقبلية بمقدار ما يحصل عليه من نواب في المجلس النيابي. وهم أبدوا حسن نية أكثر، عندما علقوا نشاطهم المعارض للنظام في شهر كانون ثاني "يناير"من عام 2009. يردف الإخوان قائلين: إن النظام لم يتقدم بأي خطوة مقابل خطواتهم تلك.

بعض المراقبين، سوريون وعرب وأجانب، أكدوا أن النظام السوري عليه أن يبادر إلى فتح أبواب الحكم أمام كافة السوريين، قبل أن لا يجد أمامه مندوحة من ذلك. فقد كتب الكاتب التركي "عاكف إمرة" يقول:(فسوريا عاجلا أو آجلا ستجد نفسها مضطرة إلى إجراء مراجعة داخل نظامها السياسي، والانتقال إلى نظام يتصالح مع مجتمعه، ويعترف بالحريات السياسية الأساسية على الأقل. وذلك لأنها لن يمكنها الانفتاح على العالم بهذه الكيفية –دون أن تنفتح داخليا-، كما أن الأنظمة المنغلقة على نفسها لن يمكنها البقاء حية فترات طويلة).

البعض الآخر يؤكد أن التغيير قادم إلى سورية –مع النظام أو بدونه- مهما تأخر، سواء

أجاء إلى السلطة حكومة ائتلاف موسعة، كما يقول الإخوان في مشروعهم السياسي أو حكم سورية حزب كان يعارض حزب البعث وهو في السلطة. وعلى النظام الحالي أن يتصور ماذا يكون عليه حاله وهو خارج معادلة الحكم كما يفعل هو الآن بمعارضيه؟

صحيح أن الإخوان غابوا عن سورية –كتنظيم- قرابة ثلاثة عقود، لدرجة أنه لم يعد يجرؤ  أحد في سورية أن يذكرهم ولو همسا خوفا من سيف القانون 49 لعام 1980. لكن الصحيح أيضا أنه في غياب الإخوان القسري نشأت أجيال في سورية كان طيف واسع منها يقتات على فكر الإخوان المسلمين الغائبين الحاضرين.  

فقد تضاعف التدين في سورية أضعافا كثيرة -خصوصا في الأجيال الشابة- عما كان عليه الحال في ستينيات القرن العشرين وسبعينياته. وأصبحتَ ترى أفواج الشباب تؤم المساجد في رمضان وفي غير رمضان. وأصبح الفكر الإسلامي المعتدل الذي اعتمده الإخوان المسلمون عبر أدبياتهم، في الإنترنت وغيره، يغزو عقول الشباب رغم كل عمليات الحجب والتضييق والمنع التي قابلها الشباب بعمليات كسر الحجب "البروكسي". كما ساهمت الفضائيات بتثقيف هؤلاء الشباب، كل حسب ما يرغب، ومنهم الشباب الإسلامي.

لكن هل اعتبر النظام الحاكم –فعلا- أن الإخوان المسلمين طويت صفحتهم في سورية؟ فلو بحثنا وراء إحجام النظام السوري عن تسوية الخلافات مع الإخوان المسلمين وطي صفحة الماضي، لوجدنا أن النظام كان يرقب عن كثب نمو ظاهرة الشباب المسلم. فهو يقدم رجلا ويؤخر أخرى قبل أن يرفض / أو يستجيب لمساعي الخير التي عملت على إغلاق صفحة الخصومة مع الإخوان، خوفا من أن تفاجئه المتغيرات بما لم يكن في الحسبان.

ما أردت قوله أن أجهزة أمن النظام قد فشلت فيما نجحت فيه سابقا. وأصبحت عاجزة عن الحجر على الثقافة التي تبثها المعارضة السورية من وراء الحدود ومن داخل سورية. وكان لاعتقال رموز إعلان دمشق أثر بالغ في فتح عيون الشباب الذين تساءلوا:لماذا اعتقال هؤلاء وهم لم يقوموا بأي عمل يجرمه القانون. وكما قال الكاتب التركي "عاكف إمرة":"إن الأنظمة المنغلقة على نفسها لن يمكنها البقاء حية فترات طويلة". فهل يقرأ النظام المعادلة قراءة صحيحة بحيث نجد في المستقبل القريب انفتاحا من قبل النظام السوري على معارضيه وفي طليعتهم الإخوان المسلمون؟

ـــــــ

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ