ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
البطاقة
الثانية في
اليوم العالمي للمفقودين 2/3 بدرالدين
حسن قربي يبقى الثلاثون من آب/أغسطس ذكرى سنوية
عالمية معتمدة من الأمم المتحدة
لإثارة قضية المفقودين
والمختفين قسرياً.
ولئن كانت هذه القضية
الإنسانية الفاجعة والأليمة
موجودة في عدد من أنحاء العالم
فإن لملفّها السوري سبقاً
معيباً ومَرْتبة مُخجلة،
يستدعي العقل والتعقّل في
التعاطي، ويستوجب الحلّ
والمعالجة أكثر من أي وقت مضى،
ونحن في عين العاصفة. ففي تقرير دولي شامل قارب المئة وخمسين
صفحة، صدر في حزيران/يونيو
الماضي والذي أنجزه باحثون
وخبراء سوريون في حقوق الإنسان
بالتعاون مع جهات حقوقية دولية
مختلفة، والذي جاء معتمداً أو
متضمّناً أيضاً الكثير من
تقارير إنسانية وجهودٍ خيِّرة
سابقة عليه في قضية المفقودين
في السجون السورية، ذُكر أن عدد
المفقودين حوالي سبعة عشر ألف
مواطن، وهو عدد يمتد ليشمل
قرابة مليون مواطن سوري ممن
جردوا من حقوقهم السياسية
والكثير من حقوقهم المدنية
فضلاً عن التدمير النفسي
والاجتماعي والاقتصادي على مدى
أكثر من ثلاثين عاماً
لأسرالمفقودين وأقربائهم.
ويخلص التقرير إلى أن قضية
المفقودين أصبحت كارثة وطنية
تداخل فيها الجانب الإنساني مع
الحقوقي والسياسي، وما تزال
آلاف الأسر ممّن فُجعت باختفاء
أبنائها لا تعلم مصيرهم، وفي
ترقب مستمر، مع ملاحظة أن
الإخفاء القسري الرسمي لم يقتصر
على السوريين من الإسلاميين
وبعض الأحزاب الشيوعية وغيرهم،
بل امتد الضرّ ليشمل أيضاً
فلسطينين وأردنيين ولبنانيين
وعراقيين. وفي كل مرة يتواصل فيها الخيّرون من
العاملين في مجالات
حقوق الإنسان مع السلطة السورية
ويصرخ فيها المفجوعون بأهلهم
وأحبائهم المفقودين يجدون في رد
الجهات الرسمية
ما يعجز المرء عن تفسيره تجاه
هذه القضية الإنسانية.
فإن تواصلوا مع السيد
وزير الداخلية نفى وجود مثل
هؤلاء الناس في معتقلات النظام.
وإن تواصلوا
مع السيد رئيس الجمهورية أفاد
بأن من في سجونه والعياذ بالله
هم من مخالفي القوانين ومتجاوزي الأنظمة
وإيقاظ النعرات العنصرية
والطائفية، والمشكوك بأمرهم وولائهم وارتباطهم،
ومروجي الأنباء الكاذبة ممن
يوهنون عزم الأمة ويضعفون مشاعرها القومية فضلاً
عن محاولاتهم النيل من هيبة النظام، وإن تواصلوا مع السيد وزير
الإعلام كان أقطعهم. وهو
أمر يُسَجِّل حقيقةً موقفاً
رسمياً جدلياً غير مفهوم
ولا مبَرّر
أمام أسئلة قائمة ومشروعة: إذاً
أين هم الآلاف من مواطنينا ممن
تأكدت مفقوديتهم بعد التأكيدات
الرسمية السابقة من كلام
المسؤولين؟ وماهو المبرر
القانوني والأخلاقي على الصعيد
الوطني والإنساني لعدم
الاعتراف بوجود هالمعتقلين أو
المفقودين؟ فلئن كانوا ممن
تجاوزوا القانون
وليسوا سجناء
رأي أو فكرٍ معارض، فلماذا
لايُخبَر أهلهم حسب
الأصول القانونية بما فعل
أبناؤهم وأزواجهم وآباؤهم من
جنحٍ وجنايات، فضلاً
عما صدر عليهم من الأحكام ومن
ثمّ يتاح لهم الاتصال بهم حسب القوانين
والأعراف المدنية المرعية؟ أو
إن كانوا قد قضوا وأفضَوا إلى
ربهم، فأين هم أيضاًً..!؟ هل
جاءهم أجلهم بياتاً..؟ هل قَضَوا
تعذيباً أوتقطيعاً..؟ أم هل
قُتّلوا فرادى أم ذُبّحوا
جماعات..؟ أم دفنوا أحياءً،
وأين، ومتى !؟
إننا قد نتفهم بأنه قد يكون للسلطة
مبرراتها في الاعتقال
والاحتجاز وحتى القتل، كما
نتفهم أيضاً أنها مشكلة حقيقية
بل ومخجلة لها، ومن ثمّ فهي تهرب
منها إلى الأمام، ولكن
مالايُفهم البتة في هذه القضية
الإخفاء والتعتيم والسكوت
المطلق فضلاً عن العناد لحل هذا
الموضوع كلياً أو حتى جزئياً،
ولاسيما أن هناك على الطرف
الآخر معاناة أليمة، ووجع دائم
مما لايعقل تصوره، وكارثة
عنوانها آلاف المواطنين في
بلدهم مفقودون، وآلاف الموتى في
وطنهم محاصرون، أو اسمها أسرى
العرب الأحياء والأموات في أرض
العرب، وهي كارثة يقيناً لن
تبقى دون حلّ وإن تهرّبوا منها
وأمضَوا عليها الزمن لأن
استحقاقاتها قادمة لاريب.
إن الدعوة إلى فك الحصار عن الآلاف من
موتانا ومفقودينا في سورية
بمناسبة اليوم العالمي
للمفقودين وقبل فوات الأوان، هي
دعوة إنسانية
كريمة محدّدة وواضحة، هدفها حل
قضايا إنسانية أخلاقية ووطنية
عالقة، لانريد لأحدٍ في عموم
أوطاننا أن يفهم مُرادها
والعياذ بالله أنه نيل من
مقاومة النظام وممانعته،
أوإنقاص هيبته أو إضعاف الشعور
القومي لدى المواطنين أو تفشيل
عزمهم أو تعطيل تحرير فلسطين
واسترجاع الجولان أو تعطيل
مفاوضات سلام مباشرة أو غير
مباشرة، أو تغطية لاسمح الله
على مشاكل الأمة استبداداً
وفساداً، وهي دعوة نحيّي فيها
ونشكر كل جهدٍ شارك في إحياء هذه
المناسبة على الصعيد المحلي
والعربي والدولي. مقاومة المقاومين في سورية لفك الحصار عن
موتى وطنهم، وممانعة الممانعين
فيها لكسر الحصار عن مفقوديه،
مدعوة بدعوة إنسانية أخلاقية
وطنية لإيقاف هذه المقاومة وهذه
الممانعة بالتي هي أحسن. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |