ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 14/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

عالم بلا صحف

عريب الرنتاوي

لمن اعتاد أن يقرأ الصحف صبيحة كل اليوم، وأن يبدأ نهاراته بفنجان قهوة مع "جولة في عوالم الصحافة" المحلية واللندنية واللبنانية والإسرائيلية، تبدو عطلة اليومين الفائتين، طويلة للغاية، حتى أن المرء يشعر بحالة "انعدم الوزن" مَثَلُه مَثَلُ الذين داسو سطح القمر لأول مرة.

 

ولمن اعتاد أن يكتب يومياً طوال السنوات الخمس عشرة الأخيرة من عمره، ومن دون انقطاع ليوم واحد، فإن التوقف عن الكتابة في أيام العيد، يصبح "عيداً آخر" بحق، خصوصاً حين تطغى الكآبة على الكتابة.

 

لكننا نحن المسكونين بهاجس القراءة والكتابة، لا نعدم وسيلة لمواصلة الاتصال مع العالم الخارجي، وشكراً لأجهزة الموبايل و"اللاب توب" و"الآي بود" التي باتت توفر لنا قنوات اتصال مع أربع أرجاء العالم، ناهيك عن ثورة الفضاء والفضائيات، التي لا تعرف "نهايات الأسبوع" ولا "العطل الرسمية والأعياد".

 

لا أدري إن كان نمط حياتنا هذا صحيحاً وصحياً أم لا، لكنني أقلق تماماً حين أستيقظ في ساعات الفجر مذعوراً من حلم راودني، أبطاله رؤساء حكومات ودول وأحزاب ونقابات، ومؤخراً مؤسسات مجتمع مدني، إنه كابوس حقاً أن تترك هؤلاء خلفك حين تدلف إلى غرفة نومك، فيلاحقونك في أحلامك ومناماتك، ما يدفعك للترحم على ليالي زمان وأحلام زمان، حين كانت "غاية المنى" أن ترى ابنة الجيران ذات منام.

 

لكنني مع ذلك أجد "العزاء والسلوان" في ما يفعله "اللاوعي" بهؤلاء، فما من أحد منهم زارني ذات منام، في هيئة زعيم مهاب الجانب، كارزيمي وتاريخي، دائما أراهم ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، مجردين من مظاهر القوة الزائفة وأطقم المرافقين (والمرافقات) وعشرات السيارات السوداء التي تتشكل منها مواكبهم...قبل يومين رأيت أحدهم – واعتذر عن عدم ذكر اسمه – جاء شخصياً ليسلمني دعوة لإلقاء محاضرة عن "العنف ضد النساء"، يخيّل إلي أنه جاء ممثلا عن جمعية تحمل هذا الاسم، استيقظت وأنا في ذروة "المشاحنة" مع الرجل/ الزعيم حول قيمة المكافأة التي سأحصل عليها نظير البحث (؟!)، انقطع "المنام" قبل أن أعرف نتيجة "المفاصلة"، بيد أنني سُعِدتُ حين صَحوت إذ وجدتني صاحب اليد العليا في المجادلة مع رجل ظن قومه أنه الوحيد صاحب اليد، عليا كانت أم سفلى.

 

نعود إلى عوالم العيد الخالية من الصحافة، تخلو الشوارع من باعة الصحف الذي يستقبلونك في الصباحات الباكرة عند المفترقات والإشارات بأكداس من الصحف المختلفة، هذا المشهد كان يبهجني في سالف الأزمان، بيد أنه لم يعد كذلك هذه الأيام، سيما وأن بعض هؤلاء قد أخذ يتحوّل إلى مهنة "التسوّل" تحت ستار بيع الصحف، ففقدت مهنته الأصلية فرادتها ونكهتها الخاصة، هؤلاء اختفوا في العيد، وبعضهم فقط، مأسوفٌ على غيابه.

 

تمر بالمحلات التي اعتادت بيع الجرائد والمجلات، تجد صحفنا اليومية وقد مالت للاصفرار جراء الشمس الساطعة التي تعرضت لها لأيام ثلاثة متتالية من دون تبديل أو تغيير، تدرك أنك أمام صحف قديمة تليق بصالونات الحلاقين وقاعات انتظار الأطباء "البخلاء" الذين برغم مداخليهم العالية، أخذوا ينافسون الحلاقيين على اقتناء المجلات القديمة.

 

تعود إلى الانترنت، فتحزن حين ترى مقالة يوم الجمعة ما زالت في مكانها، وأن عدد زوارك ثابت عند آخر يوم عمل، وأن "التحديث" على الموقع الذي وعدت به الصحيفة لا يتعدى شريط ضيق من الأخبار التي لا تسمن ولا تغني من جوع، تستعجل رحيل العطلة، وتتمنى العودة لـ"الدوام" مجدداً، علّ عجلة العالم تتحرك من جديد.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ