ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
نهاية
هدنة أميركية ساطع
نور الدين نجا
القرآن من الحرق، في حفلة نار
علنية، تشبه الطقوس الوثنية
القديمة، لكنه لم ينجُ من
التمزيق في مسيرة علنية وقفت
أمام البيت الابيض، لتعلن أن
الذكرى التاسعة لهجمات 11 أيلول
على نيويورك وواشنطن استعادت
حضورها في الوعي الأميركي،
وتحولت الى أداة في معركة
سياسية ضارية تدور رحاها في
الولايات المتحدة، وتستخدم
الإسلام حجة ثابتة، والمسلمين
هدفاً دائماً. من أهم
مفارقات الذكرى التاسعة أن موجة
العداء الأميركي للإسلام
والمسلمين ارتفعت أكثر من أي
وقت مضى، وصارت تهدد الرئيس
باراك أوباما الذي جاء الى
السلطة من أجل أن يخرج الحرب على
العالم الإسلامي عن مسارها
العشوائي، ويحولها الى حرب
ذكية، تختار بدقة الأهداف
والأعداء والحلفاء، وتخترق
الرأي العام المسلم بلغة
الانفتاح والمصالحة، وتعزل
الإرهابيين والمتشددين في أضيق
مكان ممكن، سواء في أفغانستان
وباكستان أو في سواهما من
البلدان الإسلامية التي تشهد
حملات عسكرية أو أمنية أميركية. وهو ليس
مجرد افتراق من الجمهور
الأميركي عن خطاب إدارته الودّي
الى حد بعيد تجاه الإسلام
والمسلمين. ثمة ثقافة جديدة
تترسخ داخل المجتمع الأميركي،
وتستلهم أجواء الحرب الباردة مع
الشيوعية، لتصل الى الاستنتاج
أن الديانة الإسلامية وأتباعها
يمثلون الشر المطلق والتهديد
الأبرز الذي تواجهه أميركا في
اجتماعها واقتصادها وسياستها
وأمنها وريادتها الدولية. ولا
يتورع بعض السياسيين
والاعلاميين الاميركيين عن
مخاطبة الجمهور بمفردات لم يسبق
لها مثيل في التعبير عن الحقد
والكراهية للإسلام والمسلمين..
وصولا الى رفع مستوى شعبيتهم في
استطلاعات الرأي. ويبدو
أن الأمر بات أبعد وأخطر من كونه
انعكاساً للمنافسة الانتخابية
الحادة على مقاعد الكونغرس
المقررة في تشرين الثاني
المقبل، لا سيما أن أصوات
اليهود والمسلمين الأميركيين
حسمت منذ الآن، كما أن نتيجة فرز
الأصوات صارت واضحة الى حد
بعيد، وستسفر عن خسارة مدوّية
للغالبية الديموقراطية في
مجلسي النواب والشيوخ. كما يبدو
أن الامر أبعد وأخطر من المعركة
على رئاسة أوباما الذي بات
يحتاج الى معجزة ربانية لكي
يفوز أو حتى لكي يترشح لولاية
ثانية في العام 2012. استنادا
الى وقائع وتفاصيل عابرة، بات
الخوف من الإسلام والمسلمين
ينتشر مثل النار في الهشيم،
وبشكل لم تعرفه أميركا، التي
كانت على الدوام وحتى في ذروة «الحروب
الصليبية» التي أعلنها رئيسها
السابق جورج بوش تفاخر بأنها
أقل عنصرية وأكثر تسامحا من
جميع بلدان أوروبا الغربية..
لكنها صارت متوترة تجاه كل ما هو
مسلم، تستدعي نكسة الحرب على
العراق وتعثر الحرب في
أفغانستان وتوسع جبهات
المواجهة مع الارهاب الاسلامي،
لكي تؤكد أن الصراع مع الشيوعية
كان نزهة بالمقارنة مع الصراع
مع الإسلام. ثمة
توجيهات وتعليمات ظاهرة تترجم
ذلك الصراع الحاد مع العدو
الجديد الذي اكتشفته أميركا
مؤخرا الى جدول أعمال سياسي
بعيد المدى، يغرق الأميركيين في
ثقافة جمهورية محافظة، تنطوي
على نفسها وتستعد لخوض حروب
جديدة مع العالم الإسلامي في ما
تبقى من القرن الحالي، بعد
انتهاء الهدنة التي كانت تمثلها
رئاسة أوباما. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |