ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
البطاقة
الثالثة في
اليوم العالمي للمفقودين 3/3 بدرالدين
حسن قربي أن يكون هناك يوم عالمي للمفقودين قسرياً
في الثلاثين من آب/أغسطس من كل
عام، إنما يعني أن هذه القضية
باتت مسألة لها آثارها وأخطارها
الكبيرة على المجتمع الإنساني
مما استوجب على المؤسسة الدولية
التنبّه لها والتنبيه عليها،
ومن ثم مواجهتها وفضح مرتكبيها
ومحاسبتهم وبذل الجهود
المناسبة والتعاون دولياً للحد
من هذه الجريمة الإنسانية. ملف المفقودين من المواطنين السوريين في
سورية تحديداً وليس في غيرها
ملف آلام وأوجاع وقهر وعذاب لكل
المفقودين وذويهم آباءً
وأمهاتٍ وفلذاتِ أكباد
وحشاشاتِ قلوب.
فإذا كانت بعض الإحصائيات
المتواضعة تذكر أن عددهم حوالي
عشرين ألفاً، وتمدّ الرقم إلى
المليون عندما يضاف إليه على
مدى الثلاثين عاماً الماضية
قرابات هؤلاء وأبناؤهم وأسرهم
وعائلاتهم المجرّدين من حقوقهم
المدنية والسياسية فضلاً عن
معاناتهم النفسية والاجتماعية
والاقتصادية.
وإذا أردنا أن نضم للعدد
المفقودين من الأردنيين
والفلسطينيين واللبنانيين
والعراقيين فإن العدد يصبح
مرشحاً للزيادة وتوسيع مساحات
الأوجاع والآهات. وليس سرّاً أن هذا الملف مُحاط حقيقةً
بجدران مسلّحة وكتيمة وأسوارٍ
عالية من الصمت محلياً وعربياً
ودولياً فضلاً عن الإصرار
الرسمي على عدم التعامل مع هذا
الملف الإنساني البتة ومقاطعته.
وما بين الصمت الخارجي
الداعم والعناد الداخلي القائم
فإن الملف الكارثة يبقى مرشحاً
بطبيعته للتدويل والانفجار
عاجلاً أو آجلاً في ظل انعدام
الأمل بالتعامل الحكومي
والرسمي مع هذه القضية، وقصورٍ
وتقصيرٍ من الساكتين في الصفوف
المتقدمة للمهتمين بالشأن
العام تجاه هذه القضية
الإنسانية سواء كانوا أحزاباً
عربية أو جبهات عمل قومي
وإسلامي أو اتحاد محامين أو
اتحاد علماء مسلمين أو حتى
الإخوان المسلمين أيضاً
بتنظيماتهم الإقليمية أردنياً
وفلسطينياً ومصرياً، وكل من
يهمه شأن عامة الناس من عرب
وعجم، وعدم تعاملهم معها بالشكل
المناسب منعاً لخروج ملفها عن
إطاره، ولات ساعة مندم، فالأيام
حبلى، ولكل أجل كتاب. كما
أنه من المعلوم أيضاً أن النظام
ومن معه استطاع إيجاد مزدوجة
مُحكمَة كفكي كماشة يمتنع
بنتيجتها على أي واحد من أهل
الضحايا والمعتدَى عليهم مهما
كان حجم التجاوز أو الجريمة أن
يكون قادراً على المساءلة مهما
بلغ حدها، وذلك من خلال استخدام
الإخفاء القسري والتغييب كإحدى
التكتيكات لغرس الخوف ونشر
الرعب بين مواطنيهم ومعارضيهم
منهم خصوصاً، فضلاً عن إقامتهم
التحصينات ونصبهم المتاريس
عصمةً لأنفسهم وتحصيناً لها عبر
قوانين استثنائية عرفية مضى
عليها قرابة نصف قرن، أُعلنت
منذ الساعة الأولى لقدومهم
وثورتهم المباركة وما تبعها من
مراسيم تشريعية تمنع ملاحقة أي
من العاملين
في إدارة أمن الدولة من
المخابرات العسكرية والمخابرات
الجوية والمخابرات العامة
وعناصر الشرطة وحتى الضابطة
الجمركية أوالمتعاقدين معها أو
المعارين إليها والمنتدبين عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ
المهمات المحدّدة الموكلة
إليهم أو في معرض قيامهم بها من قبل المتضررين، هذا
فضلاً عن قانون الإعدام رقم 49
لعام 1980 القاضي بإعدام المنتمين
إلى جماعة الإخوان المسليمن ولو
بتاريخ سابق للقانون.
ومن ثم فقد وُضِع أهل
الضحايا من المفقودين في خيارٍ
وحيد ويتيم أراده لهم من أراده
قهراً وبطشاً انتظار سقوط
السجّان ليقوموا بعدها بالبحث
عن أحبائهم في قيعان السجون
وأعماق الصحاري وعلى ضفااف
العاصي ليجمعوهم بقايا عظام
نخرة. وهو
في حقيقته خيار يستدعي كل
المنظمات المدنية وحقوق
الإنسان المحلية منها
والدولية، ويدعو كل العرب
الشرفاء وكل أحرار العالم من
أصحاب الضمير الحر الآن اكثر من
أي وقت مضى، للمشاركة بهكذا عمل
انساني وكل على طريقته للعمل
والمطالبة على فك الحصار
المفروض على ملف آلاف
المفقودين. مرةً، تساءلت السيدة الوزيرة بثينة شعبان
مستشارة الرئاسة السورية في
مقال لها في جريدة الشرق الأوسط
بتاريخ 6 سبتمبر/أيلول الجاري:
هل فعلاً أن أوباما وغيره لم
يطّلعوا على دهس وقتل
الفلسطينيين على يد المستوطنين
؟ أم أن الدم الفلسطيني رخيص لا
يستحق الإدانة والغضب؟ وإننا من بعد مَرّتها نسأل بمثل تساؤلها:
هل فعلاً أن السيدة شعبان
وغيرها من المسؤولين لم يطّلعوا
على نداء اللجنة السورية لحقوق
الإنسان إلى الرئاسة السورية
المتكرّر بمناسبة اليوم
العالمي للمفقودين وغيره للكشف
عن مصير ما يربو على 20 ألف مفقود
دخلوا السجون السورية قبل حوالي
ثلاثة عقود ولم يخرجوا منها،
ولم تفصح السلطات السورية عن
مصائرهم..؟ مرة من بعد مرة.. نتحدث عن الملف الكارثة،
ويكون السؤال: لمصلحة من يكون
الإعراض والإصرار على عدم
معالجته؟! ولمصلحة من تصبح آلام
عواجيزنا أمهاتٍ وآباء وزوجاتٍ
وأبناء، وكأنها لاتعنينا،
وأصحابها كأنهم ليسوا مواطنيين
سوريين..!! ومرة تلو مرة.. يعتقد من يعتقد في ظلالٍ من
غض الطرف الإقليمي والدولي أنه
حصين ومحصّن من عواقب التغييب
والإخفاء، ولكن استحقاقات مثل
هذا الأمر قادمة لامحالة، طال
الزمان أو قصر، والعاقل من اتعظ
بغيره، وأضاف لعقله عقول
الآخرين. ومرة تتلوها مرّة، نستدعي سؤالاً طالما
قلناه أيضاً مرّة من بعد مرّة
لكل المعنيين من أصحاب الضمير
وغيرهم، ولم يسمع عنه أحد
جواباً بالمرّة: هل إلى فكّ
الحصار أو كسره عن آلاف موتانا
ومفقودينا في وطنهم من سبيل؟ ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |