ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
التوازن
التفاوضي المطلوب الدكتور
ناجى صادق شراب* لعل أحد
أهم ألعوامل التى تقف وراء تعثر
المفاوضات الفلسطينية
الإسرائيلية إنعدام حالة
التوازن فى العملية التفاوضية
بين الطرفين الرئيسيين فى
الصراع وتمسك كل طرف بمواقفه
التفاوضية وخصوصا إسرائيل التى
تتعامل مع العملية التفاوضية
ليس كسلطة إحتلال ومحتله للأرض
ألفلسطينية ومن ثم عليها
إستحقاقات يجب أن تلتزم بها
لإنجاح المفاوضات ، فالجانب
الفلسطينى لم يعد يملك القدرة
على التنازل ، وإلا فقدت
العملية التفاوضية مغزاها
ومضمونها ، ولم تعد مفاوضات
بقدر ما هى فرض تصورات ورؤى من
جانب إسرائيل .وسؤالنا فى مقالة
اليوم ما هو المقصود بالتوازن
فى المفاوضات ؟وما هى مقومات
نجاحها ؟ المقصود
بالتوازن التفاوضى هو إدراك
المتفاوضين أن أيا منهما لن
يستطيع فرض والغاء مطالب الطرف
ألأخر بشكل مطلق ، وإدراكهم
بفشل كل الخيارات ألأخرى وخصوصا
الحرب كوسيلة حسم ،ومن ثم توازن
كفتى المعادله التفاوضيه حتى
يتحقق العدل الدولى ، وهذه
قاعده مهمه فى تسوية المنازعات
الدولية المركبه كالصراع
العربى الإسرائيلى ‘ فهو من
الصراعات الممتده المركبه
المرتبطه بالحقوق ، ففى مثل هذه
نزاعات لا تجدى المفاوضات التى
تقوم على أساس ترجيح كفة على
ألأخرى ، وما بالنا فى صراع
مطلوب من صاحب الحق الشرعى
والمحتل أرضه أن يقدم تنازلات
حتى يرجح كفة الطرف المحتل ،
ولذلك يتطلب التوازن فى العملية
التفاوضية توافر عددا من
الركائز الهامه أذكر منها فى
هذا السياق : بيئة
متوازنه وقابله للسلام ، ووساطه
متوازنه ، وثقافة سلام ، وتوازن
فى الحقوق ، وحاجة مشتركه
للسلام ، وخلق قوى معتدله فاعله
ومؤثره للسلام فىكل طرف ،
وقناعة بفشل الحرب والحسم
العسكرى فى حسم الصراع لصالح
لأى من اطراف الصراع ، وترجمة
للسلام فى مشاريع تنمويه ماديه
ملموسه يشعر بها المواطن العادى
، فالسلام ليس مجرد وعود بحياة
أفضل والعدوان والمعاناه
والحصار مستمر ، والقناعة أن
للفاوضات حدود لا بد أن تنتهى
عندها ، فلا يعقل أن تستمر
المفاوضات تدور فى حلقة مفرغه
دون أفق سياسى يوصل إلى حلول
حقيقية ، وهذا ما يفسر لنا فقدان
المواطن الفلسطينة الثقة فى
جدوى المفاوضات ، وسراب أو وهم
الدولة الفلسطينية ، ولعل السبب
واضح وبسيط ، يفترض أن تكون
الدولة الفلسطينية ألأن حقيقة
ملموسه على ألأرض تمارس دورها
كفاعل دولى مباشر ، والسؤال
ماذا كان يمكن أن يكون شكل
المفاوضات ألأن بعد خمس سنوات
على قيام الدولة حسب ما كان
يفترض على قيامها ؟ نعودللتساؤل
هل توافرت العوامل الكفيله
بعملية تفاوضيه متوازنه ؟ وهل
الظروف الحالية أكثر توازنا من
ذى قبل ؟ وبتتبع
مسيرة المفاوضات الفلسطينية
الإسرائيلية نلاحظ أن إسرائيل
لم تكن دائما مستعجله للمفاوضات
إلا إذا ضمنت أن عوامل القوة
تعمل لصالحها من منطلق رؤيتها
للسلام وألأمن الذى تريده
والحرص أن يكون الفلسطينيون
والعرب عموما فى موقف الضعف حتى
يمكن الحصول منهم على مزيد من
التنازلات دون أن تحدد نهاية
للعملية التفاوضيه ، فمعنى
تحديد زمن العملية التفاوضية
يعنى بالنسبة لإسرائيل وقف
الحصول على تنازلات من الطرف
الفلسطينى ،ويعنى أيضا إلزامها
بدفع إستحقاق نهاية العملية
التفاوضية ، ولذلك حرصها على
عدم إنتظام المفاوضات والرجوع
بها كل مرة إلى الوراء حتى تدور
فى حلقة مفرغة لا تنتهى إلا
بتفريغ مضمونها من نتائج سياسية
ومن ثم إمكانية تحولها إلى
عملية شكلية إجرائية ، ومع
ألإفتراض الوصول إلى نهاياتها
لحظتها تكون إسرائيل غير ملزمه
بدفع ثمنا سياسيا يمس رؤيتها
لأمنها والسلام الذى تسعى إلى
فرضه ليس فقط على الفلسطينيين
بل على الدول العربية كلها ،
وهذا ما يفسر لنا عدم إكتراثها
بالمبادرة العربية رغم الثمن
السياسى الكبير الذى إستعدت
الدول العربية لدفعه بقبولها
بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها
، لأن القبول بالمبادرة ألأن
يعنى دفع ثمنها وهو ألإنسحاب
الكامل من ألأراضى العربية التى
مازالت تحتلها فى الجولان
ولبنان وفلسطين وهى على غير
إستعداد لذلك ألأن . وتحقيقا
لهذه الرؤية تحرص إسرائيل بدعم
أمريكى وتجاهل دولى وغياب لدور
ألأمم المتحده أن تحرص على أن
تظل بيئة المفاوضات تعمل لصاحها
، وهكذا فأحد أهم عوامل فشل
المفاوضات حتى ألأن أن الولايات
المتحده فشلت فى لعب دور
المتوازن طوال مسيرة المفاوضات
، وهذا هو التحدى ألكبير الذى
يواجه الرئيس أوباما ومدى
أستعداده لعب دور متوازن ، يصحح
الخلل فى العملية التفاوضية
التى بدأت قبل أيام فى واشنطن .
وألأهم غياب دور التوازن بين
الفلسطينيين والإسرائيليين
بالإنحياز لوجهة النظر
الإسرائيلية فى كل القضايا
ومحاولة القفز على القضايا
الرئيسه للمفاوضات ، وهذا ما
أكده التقرير الذى أصدره المعهد
ألأمريكى للسلام بعنوان
التفاوض من أجل السلام العربى
الإسرائيلى ، والذى إستعرض فيه
الدور ألأمريكى فى عهد كل من
الرئيس بوش ألأب ، ووزير
خارجيته جيمس بيكروعقد مؤتمر
مدريد وإمكانية الإستفاده من
تطورات وتداعيات حرب الخليج ،
فلقد كانت هناك فرصة تلوح فى
ألأفق لكنها فشلت فى خلق قوة دفع
ذاتيه للسلام ، وكذلك الحال فى
عهد الرئيس كلينتون كان يمكن أن
يقوم بدر أكبر ، وعلى الرغم من
جهوده فى الشهور ألأخيرة إلا
أنه فشل ، وفى عهدإدارة الرئيس
بوش ورغم رؤيته لقيام الدولة
الفلسطينية إلا أنها رؤية
هلاميه تتصادم مع واقع ألأرض
وما تقوم به إسرائيل من زرع
للمستوطنات تذهب بهذه الرؤية
إلى عالم ألأحلام ،إلا إذا قامت
الدولة الفلسطينية فى كوكب آخر
، واليوم فى عهد الرئيس أوباما
تتوفر ظروفا أفضل من سابقه ،
فالدعم والمبادرة العربية ما
زالت قائمه ، ويوجد أستعداد
فلسطينى للمضى قدما فى خيار
التفاوض ، والتخوف من التحولات
فى موازين القوى ، وتنامى القوى
المعارضة ، كل هذا قد يدفع فى
أتجاه ألأستفاده من وجود
ألأدارة ألأمريكية الحالية ،
لكن يبقى السؤال يتعلق بدور هذا
ألأدارة . ، ولعل السبب فى فشل كل
هذه المحاولات ، والذى على
ألدارة ألمريكية أستيعابه
إنحصار وتقيد الموقف ألأمريكى
بالموقف ألإسرائيلى ، وإنعدام
التوازن وغياب الرؤية الواضحة .
من هذه المنطلق فالمفاوضات
الجارية اليوم تواجه تحديات
وعثرات كبيرة تفوق قدرة المفاوض
الفلسطينى فى التعامل معها ،
لأنه يذهب إلى المفاوضات فى
حالة من إنعدام التوازن مثل رجل
الفضاء الذى يسبح فى فضاء غير
فضائه ، ولذلك علينا أن نعيد
حساباتنا وأولوياتنا ,ان نعمل
ولو فى خطوة واحده على تحقيق
درجة من التوازن والخطوة ألأولى
تبدأ أن نجعل هناك نهاية محدده
للعملية التفاوضية ، والخطوة
الثانية التفكير بجدية مع خيار
السلطة الفلسطينية ، والخطوة
الثالثه بالذهاب بالقضية
الفلسطينية ألى ألأمم المتحده
لتتحمل مسؤولياتها وماذا عن
خيار وصاية ألأمم المتحده وصولا
إلى ألإستقلال على غرا ر
النماذج ألأخرى ، والخطوة
الرابعة الإعلان عن فشل خيار
الدولتين والعودة إلى خيار
الدولة الواحدة على أرض واحده
فى ظل نظام ديموقراطى واحد ،
وأخيرا الدفع بأن يتحمل العرب
والمجتمع الدولى مسؤولياتهم
وعدم تحريرهم من مسؤولياتهم
المباشرة إزاء عدم حل القضية
الفلسطينية فكما أن إسرائيل
قامت بإرادة دولية وقرار صادر
من ألأمم المتحده وتحمل
الفلسطينيون ثمن ذلك ، لماذا لا
يتحمل المجتمع الدولى مسؤوليته
، لكن يبقى أن يتحمل
الفلسطينيون مسؤولياتهم
ويديرون صراعهم بما يضمن نجاح
هذه الخيارات .ولا يمكن أعادة
التوازن دون المصالحة الحقيقية
التى تعيد التوازن للفعل
الفلسطينى . وقيمة هذا التوازن
أنه يمنح المفاوض الفلسطينى قوة
كبيرة من المساومة ومواجهة
الضغوطاتوتحميه من تقديم
المزيد من التنازلات . وهنا
الهدف من التوازن التفاوضى
التوازن فى التنازلات
المتبادلة . وأخيرا أن عدم العمل
فى هذا ألأتجاه من قبل أى من
القوى الفلسطينية يعمل فى
ألأتجاه المعاكس للمصلحة
الفلسطينية . ــــــــــ *أكاديمى
وكاتب عربى ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |