ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 19/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مراجعات فكرية (7)

القيادة بين التميز والتكامل

د نبيل الكوفحي

مَدنيةُ الإنسان تقوم على التجمع البشري والتعاون فيما بينهم، ولا يكون هناك تجمع دون قيادة تقوم عليه، ولا تصلح ولا تنتظم من غير قيادة مؤهلة تسعى لتحقيق النفع والخير والتقدم لمجتمعاتها، وما يسري على المجتمعات يسري على الجماعات والأحزاب والتجمعات المحدودة، قال عليه الصلاة والسلام: " إذا خرج ثلاثة في سفر فليأمروا أحدهم "، ولذا فان مستقبل البشرية يعتمد على نوعية الإنسان القائد.

جاء في لسان العرب: المَيْزُ: التمييز بين الأَشياء، تقول: مِزْتُ بعضه من بعض فأَنا أَمِيزُه مَيْزاً، ومِزْتُ الشيءَ أَمِيزُه مَيْزاً: عزلته وفَرَزْتُه، وكذلك مَيَّزْتُه تمييزاً. أما: الكَمَال: التَّمام، وقيل: التَّمام الذي تَجَزَّأَ منه أَجزاؤه. وأما: القَوْدُ: نقيض السَّوْق، يَقُودُ الدابَّة من أَمامِها ويَسُوقُها من خَلْفِها، فالقَوْدُ من أَمام والسَّوْقُ من خَلْف، قُدْتُ الفرس وغيره أَقُودهُ قَوْداً ، وقاد البعيرَ واقْتادَه: معناه جَرَّه خلفه 

فالقيادة هي: عملية توجيه وتحريك الناس نحو تحقيق الأهداف

قال احمد عبد المحسن العساف في كتابه ( مهارات القائد وصفات القيادة)، القيادة: هي القدرة على التأثير على الآخرين وتوجيه سلوكهم لتحقيق أهداف مشتركة, فهي إذن مسؤولية تجاه المجموعة المَقودَة للوصول إلى الأهداف المرسومة. أما القائد فيعرفه: هو الشخص الذي يستخدم نفوذه وقوته ليؤثر على سلوك وتوجهات الأفراد من حوله لإنجاز أهداف محددة .

هل القيادة موروثة أم مكتسبة؟ والإجابة هي: كلاهما، فهناك أناس ألهموا القيادة، وآخرين ليسوا كذلك ، والقيادة تكتسب ولا تكتسب، والقائد يُصنع بالتعليم والتدريب وصقل المهارات والتوجيه، لكن التميز فيها لا يكون إلا موروثاً بالأصل يتم تطويره بالتعلم والتدرب والتجربة.

إن احد مشكلات الأمة بكل مكوناتها هي وجود القادة المميزين، ولا بد أن يدرك هذا الأمر حق الإدراك، يقول الإمام البنا في رسالة ( هل نحن قوم عمليون) : ... إن الرجل سر حياة الأمم ومصدر نهضاتها وإن تاريخ الأمم جميعاً إنما هو تاريخ من ظهر بها من الرجال النابغين الأقوياء النفوس والإرادات، وإن قوة الأمم أو ضعفها إنما تقاس بخصوبتها في إنتاج الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة.

ولأهمية القيادة قال نابليون : "جيش من الأرانب يقوده أسد ، أفضل من جيش من أسود يقوده أرنب "

ان محصلة نتاج الجهود المبذولة والتضحيات المقدمة من الموظفين في الشركات والأفراد المنتمين للجماعات والمواطنين في الدول إنما تعتمد على حسن إدارة القيادة لها، وقدرتها على استثمارها أفضل استثمار، في المكان والزمان المناسبين. وتركز القيادة على: تحديد الاتجاه والرؤية، ثم حشد القوى تحت هذه الرؤية ، ويُفَعِل ذلك التحفيز وشحذ الهمم

يقول الراشد في صناعة الحياة: قد وضح الطريق، وتأكد لدينا أن برج السيطرة هو الذي يهيمن على حركة الحياة، وليس اعتلاؤه بالهين، ويحتاج رجالاً هم الرجال حقاً، ... ولكن مع ذلك يتميز من هؤلاء الرجال نفر قليل هم الحلقة الأهم فى السلسلة، الأول: هو الرجل الفذ الذي يقود، ... وجود هذا الرأس الذي يمتاز بالشمول وعمق الإيمان بالله وبالقدر وبالقضية، وهو مقدام قوى الشخصية، يقول فيفعل، ويصمم فيثبت، ويدق صدره فيقتحم، متنوع الثقافة، مرهف الإحساس،... ومطرق يفكر، وُهب له ذكاء وحياء !

 

لكن التميز قليل دائماً في البشر، بل وحتى في القيادات، لذلك قال عليه السلام ( الناس كابل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة). يقول الراشد في رسالته ( معاً نتطور): أن الاجتماع المثالي للصفات الجيدة وبالمقادير المتناسبة أمر نادر، والمثاليون الكُمَل قليل عددهم، مع أن الفطرة هيأت ويسرت نيل مكونات الخير. فلا بد من إضافة شرط آخر هو التكامل، وذلك من خلال معرفة تميز كل شخص، وتوظيف التميز الفردي الضيق في إطار تكاملي مع تميز صفات الآخرين من القياديين، وكما قال الشاعر الأفوه الأودي:

لا يصلح الناس فوضى لا سُراة لهم              ولا سُراة إذا جُهالهم سادوا

والبيت  لا يُبنى   إلا   على   عمد                ولا عِماد إذا لم تُرس أوتادُ

فان تجمع   أوتاد   وأعمدة وساكن                   أبلغوا الأمر الذي كادوا

وفي قصة سيدنا موسى وشد أزره بهارون - عليهما السلام - خير دليل على هذا، قال تعالى في سورة القصص ( وأخي هارون هو أفصح مني لساناً، فأرسله معي ردءاً يصدقني اني أخاف أن يكذبون، قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعك الغالبون)

جاء في لسان العرب: الفَصاحةُ: البَيان؛ فَصُحَ الرجلُ فَصاحة، فهو فَصِيح من قوم ... تقول: رجل فَصِيح، وكلام فَصِيح: أَي بَلِيغ، ولسانه فَصِيح أَي طَلْقٌ. فالفصح: خلوص الشيء مما يشوبه، قال ابن سنان الخفاحي: الفصاحة الظهور والبيان، ومنها أفصح اللبن إذا انجلت رغوته .. ويقال أفصح الصبح إذا بدأ ضوءه.  والردء: الذي يتبع غيره معينا له.

وكان الرسول – ص- شديد الحرص على طلب المشورة من الناس بقوله ( أشيروا علي أيها الناس)

ولعل من أهم شروط القيادة هما الأمانة والقوة، والقوة تكون للفرد كما تكون للجماعة القيادية من خلال تكامل صفاتها وأدوارها، قال تعالى: (يا أبت استأجره، إن خير من استأجرت القوي الأمين)

يقول الدكتور طارق سويدان: والقوة تعني الكفاءة والذكاء والقدرة على أداء المهمة، وتختلف القوة من مهمة لأخرى. قال ابن تيمية : والقوة في كل عمل بحبها، فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب والى الخبرة بالحروب والمخادعة فيها ...والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه الكتاب والسنة والى القدرة على تنفيذ الإحكام.

ومن واجبات القيادة التكاملية، توريث وديمومة الإمداد القيادي، ويكون ذلك باكتشاف العناصر القيادية وتأهيلها وتمكينها وتحفيزها. يذكر احمد عبد المحسن العساف في كتابه ( مهارات القائد وصفات القيادة ) حول  اكتشاف العناصر القيادية، ست مراحل أساسية هي: التنقيب (تحديد مجموعة من الأشخاص ودراسة واقعهم من كافة النواحي)، والتجريب ( اختبار وتمحيص المجموعة المختارة في المرحلة السابقة)، والتقييم ( تقيم فيها المجموعة بناء على معايير محددة سابقاً, حيث يكتشف فيها جوانب القصور والتميز والتفاوت في القدرات)، والتأهيل ( تحدد الاحتياجات التدريبية وتنفذ )، والتكليف (وضع القادة على محك التجربة)، وأخيرا التمكين (تتضح المعالم الأساسية للشخصية القيادية لكل واحد منهم ثم تفوض لهم المهام حسب قابليتهم لها ومناسبتها لهم).

Nabil_alkofahi@hotmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ