ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
حتى
لا يكون التجديد عائقا عطاء
العكش عندما
انطلقت جماعة الإخوان في مصر،
كان هدفها الأساس الدعوة إلى
الله، وقد أرشد الله مرشدها
الأول الإمام المجدد حسن البنا
إلى منهج فكري وسطي جامع ينأى عن
الفرقة التي مزقت العالم
الإسلامي إبان سقوط دولة
الخلافة، وما رافق ذلك من جمود
في العقلية الدينية، مما أدى
إلى تفكك في البنية المجتمعية،
ومن ثم الوقوع في فخ القابلية
للاستعمار كما قال مالك بن نبي ونحن
نشهد اليوم بركات هذا الجهد
المبارك، فهناك وسطية تعم
العالم الإسلامي، وفكر إسلامي
جامع، وانحسار لقابلية
الاستعمار، بل وقابلية للتطور
والنهوض والعودة من جديد كما قال
الشيخ سلمان العودة إذن لا
خوف على هذه الأمة بعد الآن،
فخطها البياني في تصاعد،
والإسلام يطرق أبواب العالم
أجمع، وحركة
الإصلاح أصبحت حركات، والمنهج
الوسطي أصبح السمة الغالبة على
المسلمين، وأخوّة الدين انداحت
بين المسلمين، ولم تعد تفرقهم
عصبية أو مذهبية، وقد ساعد في
هذا التطور الكبير
وسائل الاتصال، وأنا أعتقد
أن المرحلة القادمة ستشهد
تطوراً كبيراً حتى في العلاقة
بين السنة والشيعة، هذا فضلاً
عن المراجعات الفكرية التي قامت
بها عدد من الجماعات الجهادية،
وما ترتب عليها من عودة إلى
المنهج الوسطي ولكنني
أخشى على هذه الدعوة التي كانت
مثالاً للتحرر والانطلاق، وكسر
الحواجز، وتوحيد الأمة، أن
تتحول من حالة إلى أخرى، كما
تحولت أفكار وفقه مجددي هذه
الأمة في العصر
الأول (الإمام الشافعي مؤسس علم
الأصول: الذي كان له قديم وجديد
دلالة على التطور العلمي
وملاحظة تغير الفتوى بتغير
المكان، والإمام
أحمد: المشهور بكثرة الأقوال في
المسألة الواحدة مما يدل على
تتبع ما يستجد لديه من أدلة ،
والإمام مالك: الذي رفض رأي
الخليفة المنصورلفرض كتابه
الموطأ على المسلمين خشية
الحجرعلى آراء الآخرين،
والإمام أبو حنيفة النعمان:
صاحب المجمع العلمي البديع،
والذي كان
يعتمد الأسلوب المؤسساتي (كما
نقول). ثم كان أن تحولت المذاهب
من الاجتهاد إلى ا لتقليد، ومن
الدعوة إلى الوحدة إلى التفريق،
ومن التركيز على الأصول إلى
الاشتغال بالفروع، ومن الدوران
مع الدليل إلى الالتصاق
بالأقوال والآراء، ومن التسامح
إلى العصبية، ومن اعتبار حق
الاختلاف إلى التشديد على
المخالف وتفسيقه، ومن الحرية
إلى الاستبداد، ومن الانفتاح
إلى الانغلاق، ومن اليسر إلى
العسر، ومن المهم إلى التافه،
وأخيراً تقدم المذهب عند البعض
على الدين
إذن قد
تتحول المناهج والحركات التي
كانت مثالاً للاجتهاد
والإبداع، إلى عائق يقف في طريق
المجددين، فيحتاج شخص مثل شيخ
الإسلام ابن تيمية أن يضحي
بحريته في سبيل التجديد والخروج
على هذه الأطر، ويضطر شخص بقامة
إمام الحرمين الجويني (419 ـ 478هـ)
في كتابه الغياثي لافتراضات
كافتراض خلو الزمن من المفتين
ونقلة المذاهب، من أجل البوح
بحقيقة أفكاره، ويستنجد
بالسلطان ليحميه
من المقلدين، وفي عصرنا هذا لا
زال العلامة الشيخ القرضاوي
يحاول في كل مسألة يطرحها أن يجد
له متكأ يتكئ عليه من أقوال
الأقدمين، حتى لا يكون مصيره
كمصير شيخه وصديقه الشيخ محمد
الغزالي ـ رحمه الله ـ ومع هذا
فلم يسلم الشيخ من ألسنة
الناقدين والطاعنين نعود
لحالة الإخوان، هل لا زالت
الجماعة تمثل حاملا لمشروع
التجديد الذي تحدث عنه وبشر به
الرسول؟ الاجتهاد في تنزيل النص
الشرعي الثابت على الواقع سريع
التغير، والإبداع في اختيار
الوسائل والأساليب التي تقرب
البعيد، وتيسر العسير، اهل من
حقنا أن نخاف على الجماعة من
سياسة الانطواء على الماضي،
والتشرنق على الذات؟ سؤال أترك
للإخوان الإجابة عليه.. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |