ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
العراق
( قضية أمة ومأساة وطن ) أ.
محمد بن سعيد الفطيسي
لا اعلم حجم الألم
والمعاناة التي يجب أن تحل
بالشعب العربي العراقي العزيز ,
أكثر مما هم يعانون منه اليوم
ليتنبه إلى قضيتهم وآلامهم
ومعاناتهم تلك أبناء هذا الوطن
العربي الكبير , وخصوصا تلك
الشريحة التي تملك أدوات
التغيير وصناعة القرار وتحريكه
والتأثير عليه عربيا ودوليا , من
سياسيين وإعلاميين وكتاب
ومثقفين وصحفيين ومن على
شاكلتهم , ومما يندي له الجبين
خجلا أن قضية أممية وقومية بحجم
هذا الوطن وتاريخه وحضارته
ومكانته الإستراتيجية
والتاريخية العظيمة , قد أصبح
حالها اليوم كحال الذي استغنى
عن عين بعين أو رجل برجل أو يد
بيد 0
ومما يؤسف له حقا حيال هذه
الأمر , هو ذلك النوع من التعامل
السياسي والإنساني الداخلي
والعربي والدولي الذي لا يمكن
سوى أن نطلق عليه بالتعامل
الهامشي الرخيص لهذه القضية ,
فداخليا تتصارع الشرائح
السياسية العراقية على المناصب
والكراسي , في وقت يرزح فيه
الشعب العراقي تحت براثن الفقر
والجوع والمعاناة والإرهاب ,
وكان حال الوطن العراقي ووضعه
المأساوي المحزن وحال شعبه
الكريم لا يعني لتلك الشرائح
التي أل لها ألأمر شيئا 0
أما عربيا ودوليا – وللأسف
الشديد – فلم يعد العراق العربي
العظيم في أعين الكثيرين سوى
وجبة دسمة تتكالب عليها فلول
الاستعمار والخونة لامتهم
وعروبتهم , وفرصة سانحة لجني
عائدات النفط , أو تصفية
الحسابات السياسية وما إلى ذلك
– وبمعنى آخر – لم يعد العراق
ذلك الهم وتلك القضية الدولية
التي كذب بوش الابن وأعوانه في
الداخل والخارج يوما بخصوصها
قائلا : جئنا لنحرر العراق من
الطغيان والدكتاتورية , ونحقق
للشعب العراقي العدالة والحرية
والديمقراطية !!!
ومما يؤسف له حقا , أن
الأضواء الإعلامية والسياسية
وأقلام الاستعمار قد برزت وشمرت
عن أنيابها بشكل ملفت للنظر قبل
احتلاله , فمنهم من يكتب داعيا
للتحرير والديمقراطية والعدالة
والإنسانية , ومنهم من يقيم
الاجتماعات والمؤتمرات ويجيش
الجيوش ويثير الفتن للمطالبة
بتخليص العراق من الدكتاتوريات
وأسلحة الدمار الشامل وخلافه ,
إنما اليوم لا نجد أيا من تلك
الأقلام المأجورة والطفيليات
السياسية والإعلامية والثقافية
من يكتب للعراق المحتل وما آل
إليه شعبه العظيم من ماسي
وأحزان وقتل وتشريد وإرهاب 0
وها نحن اليوم وبعد سنوات من
جريمة احتلال العراق المسلم
العربي الغالي , نزداد يقينا
بحقيقة ملامح وجه العراق الحر
الجديد , كما يحلو أن يطلق عليه
تلك التسمية الدعائية الزائفة
دعاة الحرية والديمقراطية
الجدد في العالم , فهيكل العمل
التراجيدي الذي وعد به دعاة
الحرية الأميركية كأمثال
الرئيس الأميركي جورج بوش الأب
وجورج بوش الابن والرئيس أوباما
, لا ينبغي أن يكون بسيطا , بل يجب
أن يكون معقدا وأن يمثل الحوادث
الـتي تثير الخوف والشفقة كما
قال ذلك أرسطو0
وها هو الشعب العراقي اليوم
غارق في جحيم الديمقراطية
الأميركية المزعومة ولصوص
الاستعمار الجدد والخونة
والمرتزقة والمأجورين , وليس
اصدق على ذلك من واقع محزن يتألم
الشرفاء وجعا وحسرة وحرقة
لمشاهدته , ولم نعايش نحن
المتسمرون على شاشات التلفاز
حجم مرارته , فكيف بمن يرزح تحت
براثنه من الأطفال الأبرياء
والنساء الأرامل والمثقلون
بهموم الجوع والخوف والألم بعد
عزة ومجد ؟.
فلقد حول العراق العربي
بعظمته وحضارته وتاريخه العريق
منذ أصدر مجلس الأمن القرار
الجائر رقم 661 والخاص بفرض
عقوبات اقتصادية عليه في السادس
من أغسطس 1990 م , إلى وطن فاقد لكل
عوامل البقاء والحضارة
والمدنية , وأكمل المخطط
الإجرامي التراجيدي الأميركي
في التاسع من شهر ابريل من العام
2003 م باحتلاله والقضاء على ما
تبقى به من شرايين الحياة
والحضارة والمدنية , وها نحن
اليوم نشارف على نهاية العقد
الأول من القرن الحادي والعشرين
و ولا زال العراق كما كان يعاني
كل أنواع الماسي والجراح ويرزح
شعبه العزيز تحت براثن الاحتلال
والإرهاب والقمع والتنكيل 0
ليعيش الشعب العظيم
بانجازاته ومفاخره وبطولاته
العربية حياة الفقر والجوع
والتشرد والخوف والشتات , رغم أن
للعراق وأهله على المسلمين
والعرب خصوصا فضل لا يمكن
إنكاره , فقد كان العراق وما زال
وسيظل " بإذن الله " الوتد
التاريخي العظيم الذي حمل على
عاتقه جزءا كبيرا من مشاريع
حماية هذه الأمة , فكان أحد أبرز
خطوطها الدفاعية والمناعية ,
وواجهتها الحضارية والمدنية
والإنسانية المتألقة على مر
التاريخ.
نعم 0000ذهب بوش وظل العراق ,
وجاء الرئيس الاميريكي أوباما
وسيذهب وسيظل العراق باقيا
عربيا عظيما شامخا بالشرفاء
المخلصين من أبناءه , إنما تظل
القضية قضية أمة ومأساة وطن
والآم شعب , تظل القضية مسالة
مبدأ للأحرار والشرفاء , لابد أن
تحرك الهمم والنفوس والأقلام
للدفاع عنها , وأن تعاد إلى
الواجهة كل لحظة وحين , وان يذكر
بها كل من يحمل في داخله هم هذه
القضية وعروبة هذا الوطن وجميل
هذا الشعب , لا أن ينظر إليها من
زاوية الدكاكين الثقافية
والمصالح السياسية التي يتاجر
بها في أسواق الاستعمار 0
ونحن إذ نعيد اليوم إلى
الواجهة مسالة التذكير بالقضية
العراقية ومأساة هذا الشعب
العظيم وما أل إليه حالهم , فذلك
لا يعني تهميش بقية قضايا الأمة
وجراحها النازفة بسبب ويلات
الاستعمار والاحتلال والصراعات
والفرقة والتجزئة كما هو الحال
في كل من فلسطين والسودان
والصومال وأفغانستان وباكستان
ولبنان وسوريا وغيرها من الدول
الإسلامية والعربية المستعمرة
سياسيا أو عسكريا أو ثقافيا أو
التقليل من أهميتها .
إنما نرجو من وراء ذلك إعادة
هذه القضية إلى سلم أولويات
الاهتمام السياسي والإعلامي
والثقافي العربي والدولي , كون
إهمال هذه القضية بهذا الشكل
المؤسف وعدم اللامبالاة
واعتبارها مسالة داخلية هو
جريمة دولية كبيرة ستؤثر على
الاستقرار والأمن الدولي ,
وجريمة سياسية وقومية وعربية
أكبر , ستؤثر كثيرا على مسالة
عروبة هذا الوطن ووحدته وأمنه
القومي و بل وامن الأمة
الإسلامية وكيانها العربي بشكل
خطير جدا , كما أن تجاهل المأساة
الإنسانية التي يعيشها الشعب
العراقي اليوم هي جريمة اكبر من
سابقاتها سيحاسب عنها الجميع من
حكام ومحكومين يوم القيامة 0
إذا فالمطلوب اليوم هو
إعادة بناء سلم الأولويات
السياسية والإستراتيجية
العربية من جديد , وإعادة تأهيل
الفكر الثقافي العربي بطريقة
يستطيع من خلالها معرفة مواطن
الألم والوجع في جسد هذه الأمة
الإسلامية وأوطاننا الإسلامية
والعربية الجريحة ومداواتها ,
كذلك ومما يجب التنبيه إليه هو
ضرورة غربلة القضايا الإعلامية
التي يجب أن يتنبه إليها
إعلامنا العربي , لتحمل في
داخلها هم هذه الأمة وتمارس
فكرا وتناضل من اجل قضايا
الشعوب ومظالمها , فهناك على
الساحة السياسية والثقافية
والإعلامية قضايا إسلامية
وعربية لابد أن تعاد إلى
الواجهة لأهميتها وتأثيرها
الكبير 0
كذلك ومما يجب التوجيه إليه
, ضرورة أن تشحذ الأقلام
الإسلامية والعربية الشريفة
للنضال عن هموم الشارع الإسلامي
والعربي , وعلى وجه الخصوص
الدفاع عن القضيتين العراقية
والفلسطينية كونهما الأهم
والأبرز على الساحتين السياسية
والثقافية الراهنة اليوم , وان
يتحمل الإعلامي والسياسي
والمثقف العربي مسؤوليته
العقائدية والتاريخية والأدبية
المنوط به تحملها , - فو الله
الذي لا اله إلا هو – سيسال كل
مسلم عن العراق وفلسطين وكل شبر
من تراب هذه الأمة أمام الله
عزوجل , فماذا انتم فاعلين حينها
؟
ـــــــ *باحث
في الشؤون السياسية والعلاقات
الدولية – رئيس تحرير صحيفة
السياسي التابعة للمعهد العربي
للبحوث والدراسات الإستراتيجية
0 ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |