ـ

ـ

ـ

الثلاثاء 21/09/2010

نداء العقل إلى أهل الحكم في دمشق

محمد فاروق الإمام

بعث إلي أحد الأصدقاء مقالاً تحت عنوان (تجارة الدين والجنس والمخدرات والسحر.. الزوار الإيرانيون في سورية نموذجاً) كتبه الدكتور العراقي علي الفريجي، صور فيه مشاهداته في آخر زيارة له إلى دمشق.. مدينة الجامع الأموي وأضرحة الصحابة والقادة والأئمة والفاتحين يقول فيه:

ساقتني أقدار الشتات العراقي ليكون اللقاء الذي يجمعني بعائلتي بعد عقدين من الفراق في الجمهورية السورية وتحديداً في منطقة السيدة زينب، كون أمي إحدى تلك العجائز المولعات بالزيارات الدينية، ونزولاً عند رغبتها غادرت العاصمة النمساوية (فينا) لمدة أسبوع والتحقت بركب العائلة، ولم أكن أتوقع أني بعد عملية تنقيب وبحث لم أبذل بها مجهودا كبيراً أني سأصل إلى ملامح مخطط إيراني مخيف في سورية واليكم القصة:

(تحول مرقد السيدة زينب في سورية أو ما يعرف بمنطقة السيدة إلى مركز ديني وتجاري يتجمع فيه الشيعة من اللاجئين العراقيين والزوار الإيرانيين بالإضافة إلى الآلاف من الزوار من شيعة الخليج، الأمر الذي أصبح يشبه دويلة دينية داخل دولة بعثية!!

حيث تنتشر في المنطقة عشرات الحوزات العلمية الدينية والحسينيات والمراكز الثقافية والتعليمية الدينية الإيرانية والعراقية، إلى جانب عشرات المشافي والمستوصفات التي تحمل أسماء رموز دينية شيعية مثل (مشفى الإمام الخميني) و( مستشفى الإمام الصدر).

المنطقة القريبة من مخيمات عرب 48 باتت مركز حراك تجاري وديني كبير فرضه رغبات ودوافع الزوار فالنصب والاحتيال باسم الدين سواء كان بدوافع العلاج أو بدوافع إكمال أركان الزيارات الدينية الشيعية جعلت المنطقة بأسرها تخضع لمبادئ العرض والطلب مما تسبب بانتشار تجارة المخدرات الإيرانية التي هي سمة غالبة لشريحة واسعة من الزوار الإيرانيين الرجال، وانتشار زواج المتعة الذي تبادل فيه الرجل والمرأة الأدوار حيث يؤكد الكثير من القاطنين في المنطقة أنهم تعرض عليهم طلبات زواج للمتعة محددة من قبل الزوار النساء إيرانيات وغير إيرانيات.

يقول ع. م وهو عراقي مقيم بالسيدة منذ 2003: إن هنالك الكثير من الزيجات الدينية تقام في المنطقة بتراضي الطرفين ولمدة محدودة حيث يعمد الكثير من شيعة الخليج إلى عقد زواج مؤقت مدة زيارته والعكس يحدث مع زائرات إيرانيات وعراقيات يعرض الفكرة ذاتها على رجال سوريين وعراقيين وإيرانيين وخليجيين ويؤكد ح. ن وهو فلسطيني من عرب 48: إن الزواج يحدث من خلال مكاتب بعض المرجعيات الدينية أو على يد أحد رجال الدين وهو معلوم المدة وتَحُفُه في بعض الأحيان شروط صارمة خوفاً من الاستهتار بأمره. 

يعني تصوروا معي الموضوع.. مخدرات وجنس ومصائد مغفلين ينصبها محتالون باسم الدين ؟؟

ويقصد أكثر من 700 ألف زائر سورية سنوياً من إيران وحدها تحقق سورية من استقبالهم عائدات تصل إلى أكثر من 100 مليون دولار أميركي في العام الواحد، بحسب المعلومات المتداولة وهو رقم مهم بالنسبة لسورية الدولة لكن نتخوف أن يكون بداية للإضرار بدور سورية العربي المشهود له عبر عقود النضال العربي. 

من ناحية أخرى ساهم الاكتظاظ السكاني في إضعاف البنية التحتية التي وجدت لعدد محدود من الناس، مما يؤثر على مستوى النظافة حيث تقوم البلدية يومياً بإخراج ما يقارب 80 طناً من القمامة، وتقوم الشرطة باعتقال ما معدله 30 شخص يومياً في شجارات وصراعات واعتداءات.. المنطقة تحولت إلى مكان غير نظيف ولا يليق بأقدم عواصم الدنيا، وانتشرت الرشوة بشكل كبير فالكل يرشي الكل، وانتشرت عشرات العيادات العطرية التي تقدم نفسها كمراكز للأعشاب ولكنها بالحقيقة مكان لممارسة الشعوذة والسحر. 

لا يمكن لأي كان أن يزايد على أصالة وعراقة الشعب السوري ومواقفه وتضحياته ولكن الحقيقة مؤلمة وقد لا ترضي الكثيرين. 

على الصعيد المذهبي لم يكن يوجد في سورية حتى العام 1995 سوى حوزتين للشيعة، وقد أرتفع هذا العدد إلى اثنتي عشرة حوزة شيعية، في سورية هي: (الحوزة الحيدرية، وحوزة الإمام جواد التبريزي، وحوزة الإمام الصادق، وحوزة الرسول الأعظم، وحوزة الإمام المجتبى، وحوزة الإمام الحسين، وحوزة الإمام زين العابدين، وحوزة قمر بني هاشم، وحوزة إمام الزمان التعليمية، وحوزة الشهيدين الصديقين، وحوزة الإمام المهدي العلمية للدراسات الإسلامية، وحوزة فقه الأئمة الأطهار، التي أنشئت عام2006). وكل الحوزات تقوم بأعمال التدريس من غير إشراف سوري على المناهج أو حتى أسلوب التدريس وفي عام 2003حصلت أول جامعة إسلامية شيعية متخصصة بالعلوم الدينية على ترخيص أمني للعمل داخل سورية، وتبع ذلك تأسيس (مديرية الحوزات العلمية) بدمشق التي باشرت عملها في عام 2005، خارج نطاق الإدارة المختصة لمراقبة التعليم الديني في سورية، وهي إدارة التعليم الديني في وزارة الأوقاف السورية، وذلك بعد حصولها على موافقة جهاز الأمن السياسي التابع لوزارة الداخلية السورية.

هنا لابد من سؤال يطرح نفسه بقوة لماذا هذا التواجد الإيراني الضخم والمبرمج ؟

فإن كان الموضوع دينياً مذهبياً فالكل يعلم أن الشيعة الإمامية أقلية ضئيلة في سورية بحسب ما جاء في تقرير (الحرية الدينية في العالم) لعام 2006، الذي يصدر عن وزارة الخارجية الأمريكية، يذكر أن العلويين والإسماعيليين والشيعة يشكلون ما نسبته 13 في المائة من عدد سكان سورية، أي قرابة 2.2 مليون من إجمالي عدد السكان، الذي يبلغ 18 مليون نسمة. 

أما التقرير الصادر عن مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية بالقاهرة عام 2005، بعنوان (الملل والنحل والأعراق)، فيشير إلى أن الشيعة يمثلون (1) في المائة من عدد السكان، في حين يشكل العلويين من 8 إلى 9 في المائة. بينما تشير المصادر الشيعية على شبكة الإنترنت إلى أن شيعة سورية يمثلون نحو 2 في المائة من إجمالي السكان).

إن ما جاء في مقال الدكتور علي الفريجي يثير القلق ويدفع إلى الغضب.. ففي الوقت الذي يلاحق فيه الناس في سورية بحسب انتماءاتهم وميولهم الدينية، ويصرف وينقل الموظفون المتدينون من دوائر ومؤسسات الدولة، ويمنع الطالبات المنقبات من التسجيل في الجامعات والمعاهد الرسمية والخاصة في سورية، وَيُزج بالعديد من الشباب بتهمة التدين في السجون والمعتقلات، نجد المعاملة تختلف مع دعاة المذهب الشيعي الذين جاؤوا إلى سورية من خلف الحدود يريدون الإسلام وأهله ويريدون بيت النبوة والصحابة.. فتفتح الأبواب على مصراعيها أمامهم وتغلق أمام علماء المسلمين ودعاتهم من أبناء أهل الشام الذين زكّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه من أحاديث كثيرة.

على ضوء ما جاء في مقال الدكتور علي الفريجي فإني أتوجه إلى المسؤولين في سورية: الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء ووزير الأوقاف ووزير الداخلية ووزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي ومفتي الجمهورية وخطباء المساجد والمدرسين ومخاتير الأحياء ومجلس الشعب وأعضائه وأجهزة الأمن بكل فروعها.. أتوجه إليهم في تحمل مسؤولياتهم تجاه ما يجري في سورية من محاولة نشر المذهب الشيعي الذي فيه تحريف للدين وإبطال للسنة المطهرة وتطاول على الصحابة والتعريض بأمهات المؤمنين.. وإذا ما عجز هؤلاء عن وقف هذا الإعصار المدمر فإنني أطلب منهم أن لا ينحازوا إليه ويدعوا الدعاة المسلمين وعلمائهم للتصدي لهذه البدعة الضالة وإتاحة الفرصة للنشاط الدعوي، طالما أنه في سياق الممارسة السلمية والقانونية، وبغير ذلك فإنني أحذر أهل الحكم في دمشق من فتنة قد يعجزون عن تداركها، قد تكون فتيلاً في إشعال نار لا يعلم إلا الله نهايتها وتداعياتها!!   

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ