ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أعلام
في ذاكرة الدكتور سلمان العودة محمد
فاروق الإمام في
محاضرةٍ بعنوان (رجال عرفتهم)
ضمن فعاليات مهرجان ربيع بريدة
عام (1430هـ) استذكر الشيخ سلمان
العودة بعض أعلام الشام ممن
التقاهم وتأثر بهم وبعلمعم فقال:
يجب على الإنسان أن يظل
وَفِيًّا لأصدقائه، فلا يكون
إنساناً ملولاً، يُغَيِّرُ
صديقه كما يغير لباسه،
مُوَضِّحًا أنه يجب أن يظل
الإنسان وفياً لهذه الصداقة،
حتى أولئك الناس الذين حالت
ظروفهم، أو انشغلوا، عليك أن
تذكرهم بالخير، وأن تدعو لهم،
وأن تلتمس لهم العذر، ولا
تعاتبهم، ولا تعتبر ذلك
نُكْرَانًا للجميل أو قلة وفاء،
بل كما قيل: (لعَلَّ له عُذْرًا
وأنت لا تَعْلَمُهُ). وفي
سياق حديثه عن الرجال الذين كان
لهم تأثير إيجابي في حياته،
تحدث عن علمين سوريين تركا
بصماتهما واضحة جلية في عالم
السياسة والثقافة العربية
الحديثة: الأستاذ عصام العطار
المراقب العام السابق للإخوان
المسلمين في سورية، والشيخ علي
الطنطاوي. فأشار
الدكتور سلمان العودة إلى
الأستاذ عصام العطار الذي يعد
أحد أبرز رموز الدعوة في بلاد
الشام، قائلاً: (في طفولتي،
وأثناء صحبتني لأولئك النفر،
الذين أشرتُ إلى بعضهم، وجدتُ
قصائد جميلة، حفظتها عن ظهر
قلب، حِفْظَ الطفولة الذي لا
يَنْسَى، خاصةً وأنها قصائد
ممتلئة بالمشاعر والأحاسيس):
أو أسمع
قصيدةً أخرى، فأبادر إلى حفظها،
وهي أيضًا من قصائد الاغتراب :
فكنت
أجد هذه الأبيات، وأنا طفل في
المرحلة المتوسطة، ممهورةً
باسم عصام العطار، فأتعرف عليه،
فأجد صورته، وأجد كتابًا قد
كتبه بعنوان: (أزمة روحية)،
عبارة عن رسالة صغيرة، لم يكن في
بالي قط أن ألقاه، لأنني كنت
أتخيَّلُ، كما كان يقول أبو
عبيد: " ما نحن فيمن مضى، إلا
كَبَقْلٍ، في أصول نَخْلٍ
طِوَالٍ". وأضاف
الدكتور سلمان العودة: (قبل
سنتين كنت في تركيا في مؤتمر،
وإذا بي أُفَاجَأُ أن الرجل
الذي يسكن الغرفة التي تجاورني
في الفندق، اسمه عصام العطار..
ياللعجب!! وقد يَجْمَعُ الله الشتيتَيْنِ بعدما
يَظُنَّانِ كُلَّ الظن: أنْ
لا تَلاقِيَا! ونهجم
عليه هجمة المحب، نسامره،
ونُسَاهِرُه، فنجد النفس
الطيبة..والرجل صار الآن يتحرك..
ونتعجب: يا أستاذ، لم تكن تذهب
يمينًا ولا شِمَالاً! فقد كانت
معظم إقامته في ألمانيا، في وسط
جَوٍّ غير آمن.. وأما اليوم، فهو
يقول: أصبحتُ أسافر حيثُ
أُدْعَى، إلى أي برنامج أو
مؤتمر إسلامي.. فنسأله:
لماذا؟ فيقول: أُحِسُّ دُنُوَّ
أجلي، فلا أريد أن أموت وأنا
قاعد، أريد أن أموت واقفًا،
فالأشجار لا تموت إلا واقفةً! فهو رجل
يريد أنْ تُقْبَضَ روحه وهو
مجاهِدٌ في سبيل الله؛ في كلمةٍ
يقولها، أو علمٍ يَبُثُّه، أو
تجربةٍ، أو خبرةٍ، أو دعوةٍ، أو
مشورةٍ. وتابع
الدكتور العودة: وعندما استمعت
إليه في تلك الليلة، وجدتُ
قارئًا، بل حافظًا لديوان
المتنبي، يستطرف من جميل شعره،
ويقرأُه علينا، نستذكر معه
أشعاره القديمة، ما نعرف، وما
لا نعرف، بل أَجِدُ رجلاً أصبح
يتكلم اللغة الألمانية، ويقرأ
الثقافة الألمانية، ويحيط بذلك
الفكر، ويستفيد منه بعقل مفتوحٍ. ثم ذكر
الشيخ سلمان الشيخ علي
الطنطاوي، قائلاً: (إنه من
الأسماء التي لا بُدَّ من
الوقوف عندها أيضاً، ففي مرحلة
المتوسطة والثانوية، كُتِبَ لي
أن أقرأ كُلَّ ما كتب الشيخ علي
الطنطاوي؛ حيث اشتريت كُتُبَهُ
كلها، وكنت أذهب بها إلى الدكان
مع والدي، فأقرأها واحدًا بعد
الآخر، ومن أجمل ما قرأتُ،
وأُوصِي به: كتاب : (رجال من
التاريخ). وكتاب : (قصص من
التاريخ)، الذي حاولتُ أن
أحفظه، أو أحفظَ كلماتِه آنذاك؛
لأنه كان دُرَرًا في جاذبيته
وعُمْقِهِ وإثارته، ومعرفته؛
فالشيخ أستاذٌ تَلَقَّيْنَا
عنه الكثير. وأردف
الدكتور العودة متأثراً بما
تعرض له الشيخ علي الطنطاوي من
بعض الناس قائلاً: كم شعرتُ
بالحزن والحرقة، حينما مرت بي
فترةٌ من الفترات، فوجدتُ
هجومًا شديدًا على الشيخ،
وكُتُبًا تُؤَلَّفُ ضده،
وتُهَمًا تُحَاك، مُشِيرًا إلى
أن الشيخ لم يكن كذلك، بل كان
رجلاً مناضلاً في سبيل الله،
وفي سبيل العلم والدين
والأخلاق، في بلده، في الشام،
وفي مصر. فخاله
محب الدين الخطيب، وشيوخه الذين
تتلمذ عليهم في الأدب والشعر،
وكتاباته منذ القديم في الصحف
المصرية، وتاريخه الطويل،
وبرامجه التليفزيونية التي
أصبح يلقيها بعد في السعودية،
ثم المذكرات التي كتبها.. كلها
رسمت قامةً لهذا الرجل الكبير
العبقري العظيم. وأشار
فضيلته إلى أنه قام بزيارة إلى
بيته بمكة، (فوجدته يستقبلنا
ويعاملنا، كما لو كنا نحن
الكبار، وهو الصغير، فيعاملنا
باحترام وتقدير وتوقير، وكان
يقول لنا: مضى وقتنا وجاء وقتكم!
والرجل كان بروحه الاجتماعية
يحب من الناس أن يزوروه،
ويتحدثَ إليهم ويُبَاسِطَهم،
ويستعيدَ معهم الذكريات). ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |