ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كشمير
والجرح النازف محمد
فاروق الإمام بداية
نعتذر لإخواننا الصابرين
المحتسبين على الضيم والأذى
الذي تصبه عليهم قوات الاحتلال
الهندي الباغية بوحشية فاقت
وحشية الصهاينة ضد
الفلسطينيين، ولعل ما نحن فيه
من أوجاع داخلية وما تتعرض له
أوطننا من هجمة باغية تطال
الأرض والإنسان في مجمل بلداننا
العربية وبأشكال متنوعة
ومختلفة قد حالت دون الوقوف إلى
جانب إخواننا في كشمير، الذين
كانوا في مقدمة المنافحين عن
قضيتنا الأولى فلسطين،
والمتفاعلين مع كل قضايا
المسلمين والعرب من الشيشان
وحتى الصومال. آخر ما
كنا نتوقعه ونتصوره أن تكون
الهند أولى أهم الديمقراطيات في
العالم، وقد دفعت عشرات الآلاف
من الضحايا حتى نالت الاستقلال
عن بريطانيا بعد نحو أربعة قرون
من الاستعمار البشع الذي تروى
قصصه في بطون التاريخ الأسود
للبشرية واستعباد الإنسان
للإنسان. أقول
لقد كان آخر ما نتوقعه أن تكون
هذه الدولة الديمقراطية التي
ذاقت مرارة الاستعمار وشظفه أن
تتقمص نفس الدور الذي لعبته
بريطانيا على أرضها ضد شعب جار
لها من المفترض أن تنصفه
وتتعامل معه بإنسانية وتتعاطف
معه في تقرير مصيره. وبهذه
الأفعال الهمجية التي تقوم بها
الهند في كشمير تكون قد تساوت مع
المغتصبين الصهاينة لفلسطين،
الذين يقومون بالدور النازي
الذي تعرضوا له في أوربا ضد
الشعب الفلسطيني والتراب
الفلسطيني والمقدسات
الفلسطينية، وبذلك يتشابه جرح
المسلمين في كشمير إلى حد كبير
مع جرحهم النازف في فلسطين
المحتلة، فقد بدأت تعقيدات
القضيتين في وقت واحد تقريبًا
(1947 في كشمير – 1948 في فلسطين
المحتلة)، وبسبب كل من
المشكلتَيْن قامت العديد من
الحروب، وجرت محاولات للحلّ
السلمي لكنها كانت تنتهي إلى
الإخفاق؛ لأن الطرف المحتل في
كلتا الحالتين أقوى من الطرف
المسلم ومدعوم أمريكيا وغربيا
وله مصالح كبيرة وخطيرة في
احتلاله لأرض المسلمين. وتأتي
الأحداث الدامية التي تشهدُها
كشمير هذه الأيام لتضع هذه
البقعة الغالية من بلاد
المسلمين في الواجهة وتحت
المجهر، بعد أن قام الجيش
الهندي المجرم بفتح نيران
أسلحته وإطلاق الرصاص الحي على
المتظاهرين الكشميريين في
الجزء الخاضع للحكم الهندي
بكشمير في واحد من أسوأ أيام
العنف منذ 20 عامًا من
الاحتجاجات المطالبة
بالاستقلال، ونتيجة لهذه
البربرية الهندوسيَّة سقط 18
مدنيا كشميريا قتلى خلال
المظاهرات المناهضة للهند،
والتي كانت مخصصة بصفة رئيسية
للاحتجاج على حرق المصحف في
الولايات المتحدة الأمريكية،
وكأن الوقائع تأبى إلا أن
تتكامل لتؤكد أن الحملة الموجهة
ضد الإسلام والمسلمين واحدة
وكبيرة وتشارك فيها العديد من
الجهات التي تريد أن تقطّع بلاد
المسلمين أشلاء. إن
الأحداث الساخنة والاعتراضات
الكشميرية والمظاهرات الضخمة
المناهضة للاحتلال الهندي لم
تبدأْ في المظاهرة الأخيرة التي
حدثت فيها المجزرة، وإنما شهدت
كشمير مظاهرات ضخمة ضد الحكم
الهندي في الأشهر الثلاثة
الأخيرة وقتلت القوات الهندية
خلالها ما لا يقل عن 87 محتجا
كلهم من المدنيين العزل من
السلاح، على خلفية مقتل طالب في
السابعة عشرة من عمره بيد
الشرطة يوم 11 حزيران الماضي
خلال إحدى المظاهرات. ومن
الناحية القانونية والشرعية
والسياسية يعتبر إقليم (جامو
وكشمير) منطقة متنازعاً عليها
بتعريف القانون الدولي، وقد
قامت الهند بضم الإقليم لها في 27
تشرين الأول 1947 وفرضت عليه
حماية مؤقتة بعد أن تعهدت للشعب
الكشميري وللأمم المتحدة بمنح
الكشميريين حق تقرير المصير.
وقد تضمن قرار مجلس الأمن
الدولي رقم 47 الصادر في عام 1948
النص على إعطاء الشعب الكشميري
الحق في تقرير المصير عبر
استفتاء عام حر ونزيه يتم
إجراؤه تحت إشراف الأمم
المتحدة، وهو ما لم يتم حتى
الآن. وبعد
مضي ما يزيد على ستين عاماً لم
نجد أي تحرك للأمم المتحدة في
اتجاه إيجاد حل لقضية كشمير
ولأم جرحه النازف، وهي المسؤولة
عن ذلك بموجب الاتفاق الذي
أبرمته الهند مع الأمم المتحدة
عام 1948 بعد احتلالها لجاموا
وكشمير، وتعهدت به بإعطاء شعب
كشمير حق تقرير المصير، فهل
هناك مؤامرة دولية محبوكة بين
الأمم المتحدة والهند والدول
الكبرى أعضاء مجلس الأمن
الدائمين، للحيلولة دون إعطاء
شعب كشمير حق تقرير المصير
كباقي شعوب العالم، ومثال على
ذلك (تيمور الشرقية) التي دفع
الغرب جنوده بالآلاف لفصل تيمور
الشرقية عن أندونيسيا بغير وجه
حق. لقد
أقام الغرب دولة للصهاينة في
فلسطين لتكون حاجزاً بين العرب
في المشرق والعرب في المغرب
للحيلولة دون أي اتصال طبيعي
بين المنطقتين العربيتين في
آسيا وأفريقيا وقيام أي اتحاد
بينها، إبقاء على تمزيق البلدان
العربية لسهولة الاستفراد بكل
واحدة منها على حدة وإذكاء
الفرقة والتناحر بينها وسهولة
نهب ثرواتها الدفينة وخيراتها
التي لا تنضب. وباعتقادي
أن إبقاء كشمير كبؤرة ملتهبة
سيحول دون استقرار للمنطقة
وإبقاء فتيل النار ملتهباً بين
باكستان والهند وإبقاء
الدولتين في حالة حرب دائمة
لتنشغلا بنفسيهما عن أي تنمية
لبلديهما أو تقدم لشعبيهما
الفقيرين والمتخلفين اللذين
يدفعان فاتورة باهظة التكاليف
من جراء هذا الواقع الأليم،
وعلى الهند وباكستان أن تجدا
حلاً سريعاً وعادلاً لقضية
كشمير، وتلتفتا إلى تنمية
بلدهما والعمل على إيجاد المناخ
الآمن لهذه التنمية التي تعود
بالخير والرفاه على شعبيهما
والمنطقة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |