ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 25/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

المالكي على خطى الحريري...

الطريق إلى رئاسة الحكومة تمر بدمشق

عريب الرنتاوي

أدرك نوري المالكي متأخراً بعض الشيء أن فرص عودته لرئاسة الحكومة معلّقة على شرط استعادته لعلاقات طبية مع دمشق، من هنا جاءت فكرة الموفدين والمبعوثين ورسائل "الطمأنة وأنصاف الاعتذارات" للقيادة السورية، وفي هذا السياق اندرجت فكرة إحياء خط كركوك – بانياس النفطي الاستراتيجي، باعتباره الشريان الذي سيغذي مسيرة تطبيع العلاقات العراقية – السورية، ويؤسس لصفحة جديدة بين المالكي ودمشق.

 

لكأنه يسير على خطى سعد الحريري، برغم اختلاف المرجعيات و"مرابط الخيل" بين الرجلين، فالحريري الذي قاد من ساحة الشهداء حرب السنوات الأربع على دمشق، واتهمها سياسياً باغتيال والده، وهتف مع جهور 14 آذار المليوني " بدنا الثار وبدنا الثار...من لحود ومن بشار"، عاد لتبرئة سوريا والاعتذار منها، بل واعتبار العلاقة مع رئيسها خطاً أحمر، وثابت من ثوابت "المستقبل" و"لبنان أولاً" و"14 آذار".

 

لا ثأر شخصياً بين دمشق والمالكي، كما ظنّ الحريري ذات شباط وآذار، بيد أن رئيس الوزراء العراقي الأقوى في مرحلة ما بعد صدام حسين، ظن أن تحميل سوريا وزر تفجيرات بغداد الدامية التي أطاحت بمرافق عراقية سيادية في آب أغسطس 2009، ومطالبته تشكيل محكمة دولية للتحقيق في جرائم الحرب السورية في العراق (على غرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان) من شأنه أن يُرعب سوريا وأن يدفعها لمساعدته في التخلص من عقدة البعث والمقاومة والسنّة في العراق، فضلا بالطبع عن رغبته في إرضاء الأمريكيين الذين لم يكونوا قد أخذوا حتى تاريخه، بالاستدارة في علاقاتهم مع سوريا.

 

حسابات المالكي لم تختلف كثيراً عن حسابات الحريري، مع أن رئيس الوزراء العراقي يبدو في وضع أفضل من نظيره اللبناني، فالعراق ليس لبنان، ونفوذ سوريا فيه ليس كنفوذها في لبنان. المهم أن الرجل الذي سلك طريق "الاتهام السياسي" لسوريا تيمناً بالحريري، عاد وسلك طريق التراجع المنظم الذي سبقه إليه الشيخ سعد، بعد أن أيقن بدوره أن الطريق لرئاية الحكومة يمر بقصر الشعب وشرفات قاسيون.

 

في خلفية المشهد، تبدو إيران والسعودية والولايات المتحدة، قابعة هنا وهناك، مع اختلاف في الأدوار والأوزان والتحالفات، السعودية دعمت سوريا في لبنان لتدعيم مكانة الحريري، أما في العراق فقد أوكلت إلى سوريا مسؤولية التحدث باسم عرب "الاعتدال والممانعة" معاً، ولكن في مواجهة المالكي ولصالح إياد علاوي، أما إيران فهي وإن كانت لاعباً مهماً في لبنان، إلا أنها أصبحت لاعباً مقرراً في العراق، وتكتيكها العراقي يقوم على استبعاد علاوي بأي ثمن، والضغط على المالكي لمصالحة سوريا وأخذ مصالحها بنظر الاعتبار، بما في ذلك الاستجابة لطلباتها الخاصة بوحدة العراق وعروبته وحفظ أدوار جميع مكوناته في نظامه السياسي الجديد (إشارة إلى العرب السنّة تحديداً)، وهذا ما تعهد به رسل المالكي إلى دمشق على أية حال.

 

السعودية التي سارعت بعد الانتخابات العراقية الى تدشين مواسم الحجيج العراقي إلى الرياض، ودخلت على خط تشكيل الحكومة وبناء التحالفات كما لم تفعل من قبل، اصطدمت بجدار خلافاتها المزمنة مع "شيعة العراق" وقسم من سُنته، للأسباب العقائدية والسياسية المعروفة، أوكلت المهمة لدمشق، ودمشق قادتها بالطريقة التي تحفظ مصالحها وتأخذ بنظر الاعتبار موقعها وتحالفاتها الإقليمية والدولية، خسرت الرياض وخسر إياد العلاوي، ويكاد المالكي أن يربح وأن تربح معه وبه دمشق التي عاد إليها الرجل كما عاد إليها فريق 14 آذار أو معظم أركانه.

 

أما الولايات المتحدة، فلا شك أنها بدعمها ترشيح المالكي لولاية ثانية حاولت التعبير عن "حسن نوايا" تجاه إيران أولاً، وسوريا في المحل الثاني، وقسم كبير من العراقيين في المحل الثالث، وهي وإن كانت أكثر إعجابا بعلمانية إياد علاوي واستقلاليته عن طهران وقربه من محور الاعتدال العربي (الأردن، السعودية خصوصا)، إلا أنها أعلنت للملأ بأنها لن تدعم رئيس حكومة لا ترضى عنه طهران، لا حباً بإيران، بل اعترافاً بدورها في العراق، وتجنباً للصدام معها على أرضه وبين نهريه، وهي في ربع الساعة الأخير من احتلالها له، ولا تحتفظ على أرضه سوى بـ"ربع القوات" التي رابطت ذات يوم على صدور العراقيين وفوق جثة نظامهم البائد.

 

قبل سبع سنوات عجاف، بدت سوريا مهددة بجحافل الأمريكيين الذين غزوا العراق في آذار 2003، ولوّحوا بغزو سوريا وإيران إن لم يغير النظام سياساته ومواقفه، واسُتكمل الحصار الأمريكي لسوريا بعد اغتيال الحريري في شباط 2005، وبدل محكمة دولية واحدة كان مخططاً لها أخذ قيادات النظام في دمشق خلف القضبان في لاهاي، أُعِدت لهؤلاء محكمة ثانية لاقتيادهم خلف قضبان محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في شوارع بغداد، هكذا كانت الصورة وهكذا كان المخطط الذي اشتركت في إعداد وإخراجه إلى دائرة الضوء، قوى دولية وإقليمية (عربية) ومحلية متعددة.

 

اليوم، يعود الأسد إلى بيروت صحبة العاهل السعودي وعلى متن طائرته الملكية، ويتولى نيابة عنه التفاوض لتعزيز مكانة العرب والسنة في بغداد، اليوم يلحق المالكي بالحريري على دروب المصالحة والاعتذار والبحث عن الضوء الأخضر، اليوم تَستَكمل مفارقات السياسة والقدر استدراتها، وتصبح دمشق جزء من الحل بعد أن كانت جزءاً من المشكلة، وعامل استقرار بعد أن كانت عامل إفساد في الأرض، وجزءاً من محور الخير بعد أن تصدرت محور الشر، كل ذلك، وهذا هو الأهم، من غير أن يبرح السوريون مواقفهم وتحالفاتهم ومصالحهم. لقد ضحكوا كثيراً وإن كانوا قد ضحكوا أخيراً.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ