ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أعاصير
الانترنت أ.د.
ناصر أحمد سنه* كُتب
كثيرا عن الاستغراق في الدردشة
الالكترونية حيث الكلمة،
فالصورة، فالموعد، فاللقاء،
فالفراق، فخيبة الأمل، فالصدمة
العاطفية، أو الزواج السريع غير
المستقر، أو سرقة الأزواج وهدم
الأسر التي كانت مستقرة. لكن هذه
السطور تحول الغوص أكثر في
محاولة فهم العوامل التي تمهد
للانزلاق وراء المحادثات
الجنسية، وزيارة المواقع
الإباحية، ورصد "أعاصير
الإنترنت"، والآثار النفسية
والأسرية جراء تلك الممارسات
الخطيرة. "من
بعد منتصف الليل وإلي آذان
الفجر، أعتاد أن ينسحب خلسة/
متسللاً من سرير نومه، فيجلس في
ظلمة تامة إلا من ضوء شاشة
حاسوبه. بكبسة زر أعتاد الدخول
إلي مواقع الدردشة "الشات"،
حيث العناوين الالكترونية
لفتيات/ نساء ليمارس معهن الجنس
عبر الانترنت. فإن مل ذلك أنتقل
لمشاهدة المواقع الإباحية. كان
"مهووساً / مدمناً(1)" لهذه
الممارسات والمشاهدات. "تسلية/
جنون" جعله يبتعد عن نفسه/
واقعه/ دراسته/ عمله/ وظيفته/
زوجته وأولاده. أصبح لا يشعر
بشيء بعمق ما يربطه بزوجته، أو
مسئولياته العاطفية والأسرية
نحو فلذات كبده. كل همه أخر كل
مساء أن يواعد بعضهن ليمارس
تلكم الأفعال الشائنة عبر
كاميرا الجهاز"."ومرات عدة
ضبطته زوجته/ وأولاده متلبساً
بتلك الأفعال الفاضحة، فهجروه.
وأصبحت حياته الزوجية والأسرية
"خاوية علي عروشها". "طلاق
صامت"، خواء نفسي، جفاف عاطفي
وأسري، ولكن الزوجة قررت أن
تبقى معه، فالمجتمع لا يرحم
المطلقة، أما الأولاد فلكلٍ
عالمه الخاص، داخل هذا النزل". "عبر
الحاسوب الذي أشتراه لها زوجها
"رشوة" لكي لا تشعر بالملل/
الفتور أثناء غيابه وانشغاله
الطويل بالعمل/ الأصدقاء/
علاقات الانترنت. بدأت بالدردشة
في إحدى غرف الانترنت، ووصل
الأمر إلي ما هو أبعد من ذلك. كان
متنفس الزوجة/ الأم هو الشكوى
لذلك الرجل/ "الثعلب الماكر"،
الذي أوصلها بحفظه لصورها
الشائنة إلى مكان اللاعودة". ماذا
تؤكد الدراسات؟ وجد
باحثون في جامعتي "ستانفورد
ودوكوسين" أن مئتي ألف شخص
على الأقل في الولايات المتحدة
"يدمنون" زيارة المواقع
الإباحية وغرف الدردشة
الجنسية، وأن هؤلاء المدمنين
يعانون من مشاكل متعلقة
بالعلاقات العاطفية، وأمور
أعمالهم. كما أشارت دراسة في
جامعة فلوريدا إن أعداداً
متزايدة من المتزوجين يدخلون
إلى غرف الدردشة على شبكة
الإنترنت من أجل "الإثارة
الجنسية، ورغبة في قتل الشعور
بالملل". وقالت الباحثة "يباتريس
مايلهام" التي قامت بالدراسة:
"إن الإنترنت ستصبح أكثر
الطرق شيوعاً للخيانة الزوجية
ولتدمير العلاقات الأسرية".
واكتشفت الباحثة أن أغلب من
التقتهم قالوا: "إنهم يحبون
أزواجهم". غير أن السرية التي
توفرها الانترنت تتيح مجالا
لهؤلاء الذين يسعون "لعلاقات
مثيرة.. سهلة، وسريعة، وعابرة،
ومتغيرة، بلا أية التزامات،
وتعوض قلة علاقاتهم الحميمية مع
زوجاتهم الحاضرات، الغائبات،
المشغولات بأمور أخري".
ثمة إجماع بحثي، نفسي وأسري
واجتماعي، تقوم به معاهد متخصصة
تؤكد علي أن: "الذين يدمنون
المحادثات الجنسية، ومشاهدة
المواقع الإباحية، يظهر لديهم،
مقارنة بغيرهم من الأسوياء، "عزلة
وانسحابا اسرياً واجتماعياً،
وقلقاً وتوتراً نفسياً قد يصل
إلي أعراض اكتئابية". وهناك
بعض الأبحاث التي أكدت على أن
الرجال الذين يمارسون العلاقات
الحميمة عبر الانترنت قبل
الزواج، تبقى في ذاكرتهم تلك
العلاقات، ولا يستطيعون
التعايش مع حياة جنسية طبيعية
مع زوجاتهم، لأنهم اعتادوا على
ذلك عبر كاميرا جهازهم، الأمر
الذي يخلق لديهم خللاً نفسياً،
وميولاً غير سوية. كما إن
هذه الممارسات تشكل مدخلاً
للوقوع في علاقات أفحش، قد
تنتهي بالإيدز أو الأمراض
الجنسية الخطيرة. وفي حال قام
احد الطرفين بإقامة مثل تلك
الممارسات، فإنها تنعكس سلباً
علي العلاقات الأسرية فتصبح
مفككة. كما تصبح العلاقة
الزوجية علاقة عدائية عنيفة
تكسوها الاتهامات كوسيلة
للتفريغ النفسي، بينما يدفع
الأبناء الثمن. كما
وجدت دراسة في جامعة Heriot
Watt
الاسكتلندية، أن كثرة مشاهدة
الأفلام الرومانسية/ ومقاييس
الزينة الجسدية، قد تدفعهم ـ
مقارنة ومبالغةـ في توقع المزيد
من الإيجابيات غير الواقعية في
علاقتهم الزوجية، مما قد لا
يكون متاحاً فيدب الشقاق
والنفور والتدمير الأسري. ففي
العلاقات الزوجية، يقارن أزواج
وزوجات بين ما يطرح عبر شاشات
التلفزة والسينما وغيرهما وبين
واقعهم. فيشكو أزواج من فقدان
"العلاقة المثالية التي
يشاهدونها.. فنياً/ وفضائياً/
وخائلياً.. من تمازج وتفاهم حتى
بالإشارة أو الإيماءة، فضلاً عن
الكلمة والفعل والعواطف". النجاة..
النجاة يقول
تعالي:"قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
يَصْنَعُون"(النور: 30)، وخاطب
النساء بالمقابل فقال جل شانه:"وَقُلْ
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ
مِنْ أَبْصَارِهِنَّ
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ
وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ
إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا"(النور:
31(. ويقول تعالي:"وَلَا
تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ
كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ
سَبِيلًا" (الإسراء: 32). ويحذر
سبحانه وتعالي في موضع آخر من
كتابه الحكيم: "وَلَا
تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا
ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ
الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ
إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ
وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ" (الأنعام: 151). إن سبل
سعادة الدنيا والآخرة.. نفسياً
وأسرياً واجتماعياً هي في إتباع
نهج هذا الدين العظيم دين
الإسلام، وفي تطبيق تعاليمه..
قرآناً وسنة مطهرة، أمراً
ونهياً، وقاية واجتناباً: "وَاللَّهُ
يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ
عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا
مَيْلًا عَظِيمًا" (النساء:
27). ـــــــ هوامش: 1- يصنف
الباحثون مستخدمي الشبكة على
أنهم "مدمنون" على زيارة
المواقع الجنسية إذا قضوا أكثر
من 11 ساعة أسبوعياً، وإذا جاء
ترتيبهم عالياً في استبيان مؤلف
من عشر نقاط عن العلاقات
العاطفية والتوجهات الجنسية. ـــ كاتب
وأكاديمي من مصر ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |