ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 03/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

في الحقيقة أن هذه "الحقيقة" مكلفة جداً ؟!

عريب الرنتاوي

بين عشية وضحاها، سيصدر قرار الاتهام الظني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومن المرجح إن لم نقل من المؤكد، أن القرار سشتمل على أسماء قيادات عسكرية وأمنية من حزب الله، ما يعني أن لبنان برمته، سينتقل بين عشية وضحاها أيضاً من موقع التوتر والاحتقان، إلى مواقع الصدام والمجابهة.

 

شبح الحرب الأهلية يطل برأسه، الغبار تنفض عن مستودعات السلاح، والمليشيات تستعيد ليقاتها، وتهريب السلاح جارٍ على قدم وساق، وتدريب المقاتلين يجري بصمت في عواصم عدة، فيما المعسكرات "الرياضية والكشفية والصيفية" تستضيف خلف أسوارها المرتفعة "فرسان القتل على الهوية".

 

أزيد من ذلك، فإن "المناورات" التي تحاكي سيطرة هذه المليشيا على مناطق بأكملها، أو صد هجوم تشنه مليشيا أخرى في عمق مناطق الطرف الأول، باتت خبراً متكرراً في صحافة التسريبات اللبنانية، حتى أن خطوط التماس الجديدة، ومحاور القتال المتوقعة، وخطوط الدفاع ودوائره المتداخلة، باتت مرتسمة على خرائط غرف العمليات، ومنها تتسرب "نسخ" و"تفاصيل" للصحف والمواقع.

 

خمس سنوات قضاها لبنان في البحث عن "حقيقة مفقودة"، جرى خلالها استخدام لجنة التحقيق والمحكمة الدولية للبحث عن كل شيء إلا الحقيقة والعدالة، كانت أداة لتصفية الوجود السوري في لبنان، ومنصة للانقلاب على الحكم وبناء أغلبية بالإكراه والابتزاز، ووسيلة لمحاصرة حزب الله وتدفيع المقاومة اللبنانية ما لم تقو إسرائيل على فعله، والأرجح أن سنوات أخرى ستسمتر، فيما مفاعيل "العدالة الدولية" تواصل العبث والنخر في الجسد اللبناني الهش والمفكك.

 

لا أحد في لبنا قادر على مواجهة "الابتزاز" الذي تمارسه قلة من السياسيين المدججين بالخطاب المذهبي وأسلحة التأجيج الطائفي، والمدعومين من حواضر وعواصم إقليمية ودولية، ليست خافية على أحد، حساباتها وأجنداتها، في لبنان كما في المنطقة بجملها...لا أحد قادر على طرح السؤال: هل تستحق حياة رجل واحد كل ما مضى وما سيأتي من تضحيات؟...هل يمكن المقامرة بخراب البلاد وتهجير العباد وتهديد حيواتهم، لمجرد "معرفة الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري"، هل هو "فضول معرفي ما" يحرك القوم ويبقيهم مستثارين ومهتاجين على النحو الذي نرى؟...أم هي "الرغبة الدفينة" في الثأر والانتقام، تعيدنا إلى زمن البسوس وداحس والغبراء، أم هي الإرادة السياسية بإبقاء الجرح اللبناني نازفاً حتى يعاد صياغة لبنان على شاكلة "الاعتدال العربي" وطرازه، بعد "تعقيمه" من المقاومة والمقاومين؟.

 

لقد شهد تاريخ لبنان والمنطقة والعالم عشرات الاغتيالات السياسية، التي أودت بحياة من هم في وزن رفيق الحريري أو يزيدون عنه كثيراً أو قليلا، وقد طويت صفحات تلك الجرائم، ولم يتوقف تاريخ تلك البلدان عن لحظة الاغتيال المشؤومة، فلماذا يراد احتجاز عقارب الساعة اللبنانية ومنعها من التقدم والدوران تحت أي ظرف من الظروف؟

 

لقد أغتيل رشيد كرامي من قبل اغتيال الحريري، وصفحت عدالة الطوائف وتسوياتها عن القتلة وأفرجت عنهم، بل أن بعضهم اليوم، باتوا رموزاً من رموز "ثورة الأرز"....أغتيل رؤساء حكومات وجمهورية في لبنان، لكل واحد منهم وزن يتخطى الحريري وإرث سياسي وعائلي لا يقارن به...قتلت بينازير بوتو وهي في ذروة تألقها السياسي والشخصي، وما زال اغتيال كنيدي "لغزا" عصياً على التفكيك والترجمة، كيف يمضي كل هؤلاء الكبار بدون "حقيقة وعدالة"، إلى الترك والنسيان، وكيف يتوقف هنا التاريخ وتحتجز الجغرافية إلى أن يُماط اللثام عن قتلة أبي بهاء ؟!.

 

نحن من أنصار الحقيقة الأشداء، ومن أنصار العدالة الأكثر حزماً وعزماً، ونرفض إشاعة ثقافة "الإفلات من العقاب"، ونريد للعدالة الدولية أن تملأ نقص وفراغ العدالة الوطنية، لكننا مع ذلك، وبرغم ذلك، نرى شئياً مغايراً على الأرض، نرى وجه "اللا عدالة الدولية" يتقلب في الأرض والسماء، متّبعاً بوصلة واشنطن ومسترشداً بها، واستتباعا حيثما تشتهي رياح إسرائيل وسفنها، نرى هذه "اللا عدالة"، تتحول إلى ذراع من أذرعة "الدبلوماسية" الإقليمية والدولية، هذه العاصمة (العواصم) ترضى عن دمشق، فتزيح عنها أصابع الاتهام، وتحدث المعجزة وتتقارب الرياض مع دمشق، فتتجه الأولى للتخلي عن المحكمة، وتخفق السعودية في إنجاز المصالحة بين سوريا ومصر، فتتحرك القاهرة نصرةً للمحكمة ودعماً لها، بل ولا تتورع عن استقبال "قاتل كرامي وفرنجية ومفجر الكنائس" استقبال الأبطال، وهكذا هو الحال بالنسبة لبقية العواصم وبقية الملفات.

 

إن كان ولا بد من الاختيار، فيجب ألا تكون المعادلة على النحو التالي: "على سعد الحريري أن يختار بين المحكمة والحكومة"، المعادلة يجب أن تصاغ على النحو التالي: على اللبنانيين أن يختاروا بين حفظ بلدهم وأمنهم واستقرارهم وسلمهم الأهلي، أو المضي في مطاردة خيط دخان "اللا عدالة الدولية".

 

المؤسف حقاً أن ثمة انحطاط غير مسبوق في مضامين الخطاب السياسي اللبناني، فعندما تطرح أمراً كالذي نشير إليه هنا، يأتيك من معسكر النفاق والدجل من يجابهك بالقول: "هل تريد للحريري أن ينسى دم أبيه". وأغرب ما قرأت على لسان الحريري نفسه، الذي يصر غالباً على ذكر اسمه الثلاثي، رفضه تعويض وإنصاف اثنين من الضباط الأربعة الذين زج بهم في السجن لأربع سنوات بفعل شهادات شهود الزور، أما السبب فهو "أن والدي لم يكن يحبهما"، إنظروا كيف تدار الدول والمؤسسات والسلطات، أنظروا أية عقليات "تنويرية" تتصدى للصالح العام. ألا يحق لنا بعد ذلك أن نتساءل: ما حاجتنا بوجود كل هذا التنوير والأنوار والمُنوّرين، للظلام وفقهائه من الظلاميين ؟!.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ