ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إمبراطوريتان
في المواجهة أ.
محمد بن سعيد الفطيسي*
مما لا شك فيه أن بعض تلك
الأحداث الدولية الأخيرة ,
والتي لها ما بعدها من
الانعكاسات السياسية , وعلى وجه
الخصوص تلك التي تلامس المسار
الجيوسياسي للولايات المتحدة
الاميركية وروسيا والصين
واليابان , ستؤثر كثيرا في
الخارطة الجيوسياسية للقوى
الدولية في العقد الثاني من
القرن الحادي والعشرين , ومن
ابرز تلك الأحداث الأخيرة : ( 1 )
توتر العلاقات الصينية –
اليابانية بسبب اعتقال حرس
الحدود الياباني قبطانا لسفينة
صيد صينية بالقرب من جزر
سينكاكو (دوايوتاي) التي
تعتبرها الصين جزءا من أراضيها
ولكن تسيطر عليها اليابان , هذا
بخلاف تعرض فوج صيني سياحي
لاعتداء من قبل مجهولين
باليابان 0 ( 2 )
توحد السياسات الصينية –
الروسية , تجاه التوجهات
اليابانية الأخيرة , واحتمال
دخول الولايات المتحدة
الاميركية على خط الصراع دعما
للحليف الياباني 0 ( 3 )
تصاعد الخلافات السياسية
والاقتصادية الاميركية –
الصينية حول سعر اليوان الصيني ,
وصفقة مبيعات أسلحة أمريكية الى
تايوان 0 ( 4 )
التعاون العسكري الاميريكي –
الكوري الجنوبي , والنزاع مع
كوريا الشمالية , ومسالة
اختلافات وجهات النظر
الاميركية – الصينية – الروسية
حول طريقة حل هذا الملف 0 ( 5 )
التقارب العسكري والأمني
الروسي – التركي 0 ( 6 )
التقارب الروسي – الأميركي
الأخير في وجهات النظر حول
الملف النووي الإيراني , وإشارة
الولايات المتحدة الاميركية
أخيرا الى أن روسيا باتت اليوم
أقرب من أي وقت مضى للانضمام
لمنظمة التجارة , وهو ما أعبره
بعض المراقبين تنازلا أميركيا
لن يكون دون مقابل !
وتعد القوتين العالميتين
الاميركية والروسية القوتين
الوحيدتين المؤهلتين لاحتلال
مركز القيادة المركزية في العقد
الثاني من القرن الحادي
والعشرين , وبالرغم من وجود دول
أخرى تعد ذات اعتبارات وقدرات
عالمية كالصين واليابان والهند
من القارة الأسيوية والتي كما
سلف وبينا بأنها ستكون القارة
المحركة للتاريخ الجيوسياسي في
القرن الحادي والعشرين , مع عودة
بعض القوى الأوربية خلال
المرحلة القادمة كفرنسا
واسبانيا وألمانيا وبريطانيا ,
مع عدم تناسي القوتين الإيرانية
والتركية واللتين وبطريقة ما
سيكون لهما تأثير لا يقل أهمية
من الناحيتين الجغرافية
والتاريخية على الخارطة
السياسية والجيوسياسية للعقد
الثاني والعشرين 0
إلا أن جل تلك القوى العظمى
باستثناء الولايات المتحدة
الاميركية وروسيا الاتحادية لن
تتمكن خلال السنوات العشر
القادمة من تغيير المسار
المركزي للجغرافية السياسية ,
أو بنية النظام الجيوسياسي
العالمي الواضح سلفا , وبما أننا
قد بينا في أطروحات سابقة بان
العقدين القادمين سيتشكلان من
خلال نظام تعددي فضفاض , فان ذلك
يعطي مجالا مؤكدا لبروز بعض
القوى الدولية كالصين تحديدا
لمقاسمة القوتين الروسية
والأميركية على العقد الثالث
وما بعده من هذا القرن 0
خلاصة الأمر , أن العقد
الثاني من القرن الحادي
والعشرين سيكون النهاية
الحتمية لنظام الأحادية
القطبية أو حتى ثنائية المركز
وبداية رئيسية لمنظومة
التعددية القطبية التي ستبنى
عليها المنظومة الدولية
القادمة , وسيتضح ذلك جليا خلال
السنوات القادمة – أي – 2011 / 2020
م , مع بقاء القوتين السابقتين
كقوتين مركزيتين ومحوريتين
ستبدأ جاذبيتهما المركزية
الكونية بالتراجع على حساب
منظومة من المصالح الاقتصادية
والمالية والاعتبارات الأمنية
والسياسية الدولية , وذلك
باتجاه قوى متمردة على المنظومة
الدولية كالصين واليابان
اللتين ستدخلان معا في أشرس حرب
اقتصادية عرفها التاريخ 0
المهم في الأمر أن القوتين
الاميركية والروسية ستشكلان
معا بقايا المنظومة المركزية
ثنائية القطب وسترسمان معا خطوط
الجغرافيا السياسية في العقد
القادم , والتي ستتركز تلك
المنظومة حول القضايا الدولية
التالية : ( 1 )
قضايا التسلح العالمي : سيشهد
العقد الثاني من القرن الحادي
والعشرين ولأول مرة اكبر
ميزانية تسلح في تاريخ كل من
الدول التالية " الولايات
المتحدة الاميركية وروسيا
وإسرائيل والصين واليابان ودول
الخليج العربي , ولهذا الأمر ما
بعده من تطورات 0 ( 2 )
البرنامج النووي الإيراني :
سيتم حسم هذا الملف وبشكل نهائي
0 ( 3 )
النزاعات الجغرافية العابرة
للقارات : والتي ستتركز في كل من
منطقة القوقاز وشبه الجزيرة
الهندية والقارة الأفريقية
وبين الصين واليابان 0
إنما ومن ناحية أخرى ستشكل
بعض الخلافات القديمة المتجددة
بؤرة النزاع بين القوتين خلال
السنوات القادمة , ويمكن تحديد
تلك النزاعات حول النقاط
التالية : ( 1 )
الدرع الصاروخي الاميريكي : حيث
يمكن التأكيد على أن هذه القضية
لم تحسم بعد , وان الخلافات حول
هذا الملف ستستمر مع بعض
التنازلات المتبادلة بين الحين
والآخر على حساب مصالح متفرقة
للقوتين 0 ( 2 )
تصاعد سباق التسلح بين الدولتين
رغم توقيع العديد من المعاهدات
التي تقلص ذلك , وسيكون ذلك
باتجاه التسلح الفضائي وحروب
التكنولوجيا المتقدمة 0 ( 3 ) مع
احتمال عودة فلاديمير بوتين الى
الكرملين في الانتخابات
الروسية القادمة 2012 م , ستعود
روسيا من جديد الى الطابع
القومي الواضح , وهو الخط الذي
طالما حذرت واشنطن منه موسكو ,
وشكل دائما خط التماس في
علاقاتهما الدولية المتوترة
أصلا 0 ( 4 ) ليس
من المستبعد أن تدخل روسيا
والصين في تحالف قريب , ستعتبره
الولايات المتحدة الاميركية
موجه إليها بالدرجة الأولى , وهو
ما تحاول الولايات المتحدة
الاميركية القضاء عليه في مهده
من خلال ابتزاز الصين وروسيا في
مواطن أخرى
0
وبينما تبقى هناك بعض
الشهور التي تفصلنا عن العقد
القادم , تستمر الأحداث بكشف
تفاصيل الصورة القادمة
والقاتمة لسنوات عشر ستشكل
الحلقة الأخيرة لنظام الأحادية
القطبية , وستكشف للعالم بكل
وضوح مدى التأرجح الذي تعاني
منه الأنظمة المحورية سالفة
الذكر اليوم , وهو ما سيعني إذا
استمر التخبط السياسي ووسائل
الابتزاز كطرق لإدارة النظام
العالمي القادم عن حروب قادمة
ستعاني منها البشرية بلا شك0 ـــــــ *باحث
في الشؤون السياسية والعلاقات
الدولية – رئيس تحرير صحيفة
السياسي التابعة للمعهد العربي
للبحوث والدراسات الإستراتيجية. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |