ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 05/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

لنرد على ياسر الحبيب بما لا يحب

د. علاء مطر

لا تزال صدى التصريحات التي أدلى بها ياسر الحبيب في 17 رمضان بحق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، في ذكرى وفاتها والتي نالت من مكانتها العظيمة لدى كل مسلم غيور على مصلحة الإسلام والمسلمين، ونحن ليس بصدد سرد مناقب ومكانة السيدة عائشة في الإسلام، ولا سرد وتفنيد إدعاءات الحبيب وطعنه في أمنا.

فأهداف الحبيب هي جر المسلمين لمزيد من التفكك بطرقه باب النعرات المذهبية المتطرفة، البعيدة كل البعد عن روح الإسلام، وخير شاهد على مبتغاه في النيل من الإسلام والمسلمين، آرائه التي يحملها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، وفي مقال له تحت عنوان، أيها الحسينيون.. أين غيرتكم؟!، يقول "لقد أصبحنا مع الأسف "شعاراتيين" فقط! نتوجه إلى الحسينيات في كل محرم لنبكي ولنلطم ولنصرخ ... والحال أن الذلة كلها قد وقعت علينا في هذا الزمن الكئيب! إذ يخرج كلٌ منا من حسينيته ليعود إلى منزله وليغط في نوم عميق بينما الأمة من هوان إلى هوان!!".

قد يتخيل للقارئ أن الحبيب يدعو إلى الثورة على الاستعمار أو الاحتلال أو من يسلب مقدرات المسلمين، لكن واقع الأمر أنه يدعو للثورة على المسلمين من مذهب أهل السنة.

وفي خاطرة له بعنوان "استكمال الرجولة يوم العاشر"، يحث فيها على الاستعداد للحرب القادمة مع أهل السنة، وكأن المهدي قادم لمحاربتهم، حيث يقول حاثاً ومشجعاً على التطبير استعداداً للانتقام لدم الحسين من أهل السنة ، وكأن من قتله محمودين عند المسلمين من مذهب أهل السنة!، حيث يقول الحبيب "والذين يزعمون أن التطبير بلا فائدة؛ عليهم أن يدققوا النظر في تلك التدريبات العسكرية وفوائدها، فإن من أعظم فوائدها إزالة الخوف والرهبة من قلوب المجنّدين، وتوطينهم على القتال ومواجهة الحرب، وزرع قيمة الاستبسال في نفوسهم".

هذه بعض الترهات التي لا تنم إلا عن شخص لا هدف له إلا إحداث مزيد من الشروخ في نسيج الأمة الإسلامية، لأن وحدتها تساوي عزتها. من هنا ندرك حماية بريطانيا له ولأتباعه وتسمح لهم بإقامة مراكز جاعلاً منها أماكن لنشر أفكاره الهدامة. فلو لهذا الحبيب وما هو والله بحبيب إلا للغرب والصهاينة الذين يقفون ورائه ويدعمونه فهم الأكثر استفادة مما يثير من نعرات تعزز الفرقة بين المسلمين. هذا ويقول الحبيب في حثه على النهوض بحال الأمة الإسلامية ونصحها بالتخلص من الاستعمار، هو الارتماء في أحضان الغرب أي في أحضان الاستعمار بعينه، وهذا يفهم من مقال له  تحت عنوان "إن كان هنا سجن.. فلننطلق من الغرب!" ، حيث يقول "فعلاً.. إن المسلمين في الغرب وفي تلك البلاد التي ذكرها مرجع الأمة، قوة هائلة لا يستهان بها، وهي تعيش في أجواء أكثر صحية من أجوائنا، فلو أننا عملنا على إيقاظهم واستنهاضهم، ودفعهم إلى تشكيل هذه المنظمة العالمية، فسيكون حصادنا أكبر بكثير من حصاد ما نقوم به في الداخل"، ويشير في مكان آخر من المقال ذاته "إن الكيان الإسرائيلي.. لم يكن قيامه إلا من خلال منظمة صهيونية عالمية انطلقت من الغرب، واستطاعت أن تنظم اليهود القاطنين هنالك بعدما كانوا شراذم هنا وهناك، لا رباط بينهم ولا وشيجة. وعندما أصبحوا قوة عالمية ضاغطة بفعل هذه المنظمة، استطاعوا أن ينتزعوا من المسلمين فلسطين، ويخلقوا فيها دولتهم التي أصبحت مقاليد العالم اليوم.. بيدها! فهلاّ استفدنا من هذا المثال؟!". إذاً فالحبيب يريد أن يقتلع الاحتلال الإسرائيلي بمعونة بريطانيا المؤسسة والداعمة الأساسية لهذا الكيان. هذا بالطبع إن دل فهو يدل على ما يريد هذا المدعي لحبه لآل البيت وغيرته على المسلمين، فحبه وخدمته هي للمشروع الغربي الصهيوني وهو بقاء العالم الإسلامي في شرذمة إلى ما لانهاية. 

وفي مقال آخر له بعنوان "عودوا إلى محمد وعلي.. تعود إليكم القدس بالمهدي!" وكدليل واضح على نقله لمقولات عن الغرب داعية إلى تفكك المسلمين واتخاذها سنداً له في تسويق أرائه الهدامة، قوله " ولنترك الحديث عن الحقيقة لرئيس المخابرات الفرنسية الأسبق (ألكسندر دي مارانش) إذ يقول: "إن أكبر الأخطار التي تواجه الشرق الأوسط هي قيام إمبراطورية شيعية من حدود الهند إلى شواطئ البحر المتوسط، وإن إسرائيل عند قيام هذه الإمبراطورية ستدفع ثمنا غاليا"! ويعلق الحبيب قائلاً "فهذه إذن مخاوفهم الحقيقية.. ممن يحملون تراث محمد وعلي! لا الذين يحملون تراث أبي بكر وعمر!". إذاً ما يرده الحبيب هو واضح يتمثل ببث التعصب والتفكك المذهبي، فهو لا يدعو إلى الوحدة الإسلامية بل إلى الوحدة الشيعية ويهجو في نفس الوقت رموز المسلمين، بما يعني مزيداً من التباعد بين المسلمين، والذي سيحول بالتأكيد من التخلص من الاستعمار والاحتلال معاً.

إن ياسر الحبيب لا يستهدف أهل السنة فقط، بل يستهدف أيضاً المسلمين من المذهب الشيعي الذي يدعي انتمائه لهم، بل بالأحرى يستهدف كل داع للوحدة بين المسلمين، ففي مقال له يحمل عنوان "يدّعون التشيّع.. وهم أشد لعنة من الدجال!" يهاجم فيه مراجع وقيادات دينية شيعية لمجرد أنها داعية للوحدة الإسلامية ولا تهاجم مذهب أهل السنة ولا تشاركه أرائه التي شكلتها أجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية، حيث يقول "بلى.. إنهم يدّعون التشيّع، وينتحلون مودة آل البيت عليهم السلام، ولكنهم يحرّفون مسار الشيعة وتكون فتنتهم لهم أكبر من فتنة الدجال، فهم يتوددون إلى أعداء أهل البيت (عليهم السلام) وفي المقابل يحاربون أولياءهم! ويجعلون على ذلك النظريات والرؤى حتى ينخدع بهم السذج والبسطاء...أنظر إلى أوضاعنا نحن الشيعة اليوم، ألست ترى أن بعض هؤلاء "القيادات" ممن تسربلوا بالزي الديني قد فتحوا أبوابهم لزعماء المخالفين وأعداء أهل البيت (عليهم السلام) واستقبلوهم بالأحضان، فسخّروا لهم إعلامهم لكي ينفثوا عبره أباطيلهم... ثم تجوّل بنفسك في لبنان فترة الانتخابات النيابية، لترى تلك التحالفات اللعينة بين من يدّعون التشيّع وبين مخالفيهم، لإسقاط خصوم سياسيين من بني التشيّع!.

ثم اذهب إلى إيران في وقت ما يُسمى بأسبوع الوحدة الإسلامية، لترى بنفسك كيف أنهم سمحوا للوهابيين الأنجاس بتدنيس حرم المعصومة الطاهرة (صلوات الله عليها) وكيف أنهم يمشون في الشوارع والأزقة هاتفين بـ "عدالة عمر" في المسيرات "الوحدوية" التي ينظمها النظام! بينما لا يتورّع هذا النظام عن سجن علماء آل محمد (عليهم السلام) في قعر السجون وظلم المطامير! وإن شئت أن تعجب فاعجب من هذه القيادات المتصنّعة للتشيّع وهي تشارك بنفسها في الصلاة الباطلة شرعاً خلف أئمة الوهابية والمخالفين في مساجدهم بدعوى أن ذلك من ضرورات الوحدة الإسلامية ...ليعرف المؤمنون الشيعة أن هؤلاء هم الذين يدعون إلى موقف الرضوخ والاستسلام للمخالفين، وهم بحكم إمامنا الرضا (عليه السلام) أشدّ لعنة من الدجّال. وينبغي على المؤمنين أن يسقطوا دعواتهم الاستسلامية عن الاعتبار، فإن فاقد الشيء لا يعطيه".

يضاف إلى ذلك مهاجمته الشديدة للمرجع الشيعي محمد حسين فضل الله، الذي يعتبر من أكبر علماء المسلمين المقاربين بين المذاهب والداعين للوحدة الإسلامية، حيث وصفه الحبيب في إحدى تصريحاته بالمبتدع المارق الذي ترك بموته كماً مهولاً من الانحرافات العقائدية والأفكار الجاهلية والمفاسد الأخلاقية التي أدخلها على دين الإسلام.

كل ما يخرج عن ياسر حبيب الذي يدعي انتماءه للمذهب الشيعي، يصب في بوتقة الطعن في كل قول أو فعل هدفه إحداث أي نوع من التقارب بين المذاهب الإسلامية بما يجعلها تتلاقى فكرياً وثقافياً مقدمة للوحدة السياسية، وبالطبع ليس ذلك عبثياً فهذا المراهق الذي لم يتجاوز الـ 31 عاماً لم يأت بهذه الأفكار الهدامة بشكل عبثي وبمقدرة ذاتية، فهو يجد من يدعمه، والأكثر استفادة هو الداعم الأساسي ويتمثل ذلك في حماية بريطانيا له ولأتباعه.

إذاً على المتمذهبين بمذهب أهل السنة أن لا ينجروا وراء عميل الصهيونية العالمية ومن على شاكلته، وألا ينجحوا مبتغاه بإحداث مزيد من الشرخ في جسد الأمة، وأن يتحاملوا على إخوانهم من المذهب الشيعي، خاصة وأن العديد من المراجع الشيعية تحرم النيل من مكانة أمهات المؤمنين وحتى سب صحابة رسول الله رضوان الله عليهم أجمعين، فهاهو المرجع الشيعي الراحل السيد محمد حسين فضل الله يقول "نحرّم سبّ أمهات المؤمنين والإساءة إليهنّ ونعتبره مخالفاً للخطّ الإسلامي الأصيل"، كما أصدر المرجع الشيعي والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي فتوى بعد تصريحات الحبيب بحق عائشة رضي الله عنها مؤكداً فيها حرمة الإساءة لزوج النبي الأكرم أم المؤمنين السيدة عائشة أو النيل من الرموز الإسلامية لأهل السنة.

 فبالنهاية أنتم مسلمين ويكفيكم أن إلهكم ورسولكم وقرآنكم واحد وقبلتكم واحدة، وعدوكم أيضاً واحد، فشحذوا هممكم لعدوكم الرئيس الذي همه بقائكم متشرذمين. في هذا الصدد دعا الدكتور محمد سليم العوّا، الأمين العام السّابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في إحدى محاضراته، المسلمين إلى أن يكون كلٌّ منهم في موقعه، قائداً يعمل من أجل الوحدة، ورأى العوّا "أنَّ العلماء أدركوا منذ اللّحظة الأولى، أنَّ الوحدة السياسيَّة أمر لا قِبل لهم بتحقيقه، فاختاروا مجالهم الَّذي هم فيه ينجحون، وملعبهم الَّذي يستطيعون فيه أن يصيبوا الأهداف كلَّها من دون أن يخسروا شيئاً، وهو المجال الفكريّ والثّقافيّ والفقهيّ والدّينيّ، فسعوا من خلاله إلى بناء وحدة هذه الأمّة". وتحدَّث في المحاضرة ذاتها حول نقاط اللِّقاء بين مدرسة أهل البيت(ع) ومدرسة أهل السنَّة، والَّتي عمل المجمع العالميّ للتَّقريب بين المذاهب على تأكيدها. وقد اتَّخذ المجمع قراراً منذ سنواتٍ بإصدار مجموعةٍ من كتب الحديث الّتي يتَّفق فيها أهل السنَّة والشِّيعة، فصدر منها 28 كتاباً، حيث تبيَّن من خلال الإحصاء الّذي تمّ، أنّ 92 في المائة من النّصوص متّفق عليها".

هذا هو الإسلام الحق وهاهم من يغارون عليه ويسعون جاهدين لتحقيق وحدة المسلمين عبر نشر أفكار الوحدوية البناء، لا كياسر الحبيب وأمثاله ومن رد عليهم بأسلوبهم وبنعراتهم، فهم لا يخدمون إلا مصلحة أعداء الإسلام والمسلمين، فالقاعدة الإسلامية -كما يقول فضل الله ونتفق معه بذلك- تركز على الخطِّ العام للسلامة العامة للواقع الإسلامي في وجود المسلمين، لا على المفردات التفصيلية التي تتحرك في داخل الحكم وخارجه، فليست القضية المطروحة هي في الموافقة على هذا العمل أو ذاك، أو على هذا الفهم للحكم الشرعي أو ذاك، بل القضية المطروحة هي كيف يمكن الحفاظ على السلامة العامة للوجود السياسي الإسلامي.

إذاً فلنرد على ياسر الحبيب وأمثاله ومن يقف خلفهم من استخبارات الغرب وإسرائيل، بما لا يحب، وهو أن نبتعد عن الطعن واللعن بكل موحدٍ بالله وشهد بأن محمداً رسول الله، وألا ننجر وراء التطرف المذهبي بأي قول أو فعل يخدم مصالح أعداء الإسلام والمسلمين وينال من المضي في طريق الوحدة الإسلامية التي هي ملاذ الأمة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ