ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ماذا
لو أن ما يحدث في لبنان أفقد
اللبنانيين صبرهم؟! الطاهر
إبراهيم* بات
واضحا أن المأزق اللبناني ليس
محكمة دولية أو قرارا ظنيا،
يطلب حزب الله وحلفاؤه من
الحكومة –بل من رئيسها سعد
الحريري شخصيا- إسقاطهما. بل إن
الأمر أبعد من ذلك. فعندما أثار
السيد "حسن نصر الله" زوبعة
التشكيك بالمحكمة الدولية،
وطالب حزبه بإلغائها هو
وحلفاؤه، -حتى عدو الأمس "وليد
جنبلاط" مالأه على ذلك- فقد
أساء نصر الله بذلك إلى نفسه
وإلى حزبه الذي وافق على
المحكمة حول طاولة الحوار وتم
تثبيتها في البيان الوزاري
للحكومة اللبنانية التي هو شريك
فاعل فيها. ولا
نعتقد أن ذلك كان من الحزب هروبا
من سيف المحكمة –كما قال نعيم
قاسم نائب نصر الله- أن تطال
عناصر من حزب الله تواطؤا على
اغتيال الشهيد "رفيق الحريري"
فحسب. بل إن وراء الأكمة ما
وراءها، وأن أمورا يخفيها "نصر
الله" في نفسه هي أبعد من
النجاة من عقوبة جريمة الاغتيال
فيما لو ثبتت ضد عناصر من حزب
الله. ولا يصعب التنبؤ بتلك
الأمور، فقد كانت تظهر في كلام
نصر الله تلميحا أو تصريحا. بعض هذه
الأمور يتعلق برغبة حزب الله
بتعديل اتفاق الطائف ما يمكنه
من الإمساك بالقرار الحكومي في
لبنان. بعضها الآخر يتعلق
بسياسة لبنان الإقليمية
والدولية. ولا يخفى على أحد أن
حزب الله لا يخشى من اعتقال
عناصره المتورطة في الاغتيال
فيمل لوثبت ذلك، فهو يملك من
القوة ما يمكنه من رفض تسليم أي
مدان تثبت عليه التهمة. وإذا
كانت سورية قد توافقت مع
السعودية –أو هكذا أظهرت- على
السعي إلى التهدئة في لبنان،
فإن هذا التوافق يتعرض للتصدع
بعد ظهور مؤشرات قوية تنبئ
بتوافق بين واشنطن وطهران على
إسناد رئاسة الحكومة العراقية
إلى "نوري المالكي" حسبما
صرح به "طالباني" -الرئيس
العراقي المنتهية ولايته-
للحياة اللندنية يوم 27 أيلول
الماضي، حيث قال: "إن
أمريكا وإيران تفضلان
المالكي بلا تنسيق بينهما".
ما جعل دمشق التي كانت تفضل "علاوي"
تعيد حساباتها العراقية لتلاقي
واشنطن في منتصف الطريق فتوافق
على المالكي، خصوصا وأن ذلك
يلتقي مع رغبة طهران، الحليف
الدائم لدمشق منذ عهد الرئيس
"حافظ أسد". هذه
الأمور لم تطْفُ على سطح
العلاقة السورية مع السعودية
ومع سعد الحريري حتى الآن، (هذا
الكلام قبل صدور مذكرات توقيف
قضائية بحق لبنانيين يوم الأحد
في 3 تشرين أول الجاري). بل إن
دمشق كانت تبدو وكأنها ما تزال
في شهر عسلٍ مع بيروت، بعد عقد
اللقاء الثلاثي
بين خادم الحرمين والرئيس
السوري والرئيس اللبناني في
بيروت أواخر شهر تموز. وقد عمل
اللقاء لتثبيت التهدئة في لبنان.
غير أن تصريحات لحلفاء سورية في
لبنان كانت تنطوي على خلاف ذلك
وأن ما خفي كان أعظم. خصوصا ما
قاله النائب "سليمان فرنجية"،
الذي يعتبر أوثق حلفاء سورية في
لبنان منذ عهد الرئيس الراحل
"حافظ أسد"، حيث قال: "إذا
اتهم القرار الظني حزب الله
بقتل الرئيس "رفيق الحريري"
فهناك حرب في لبنان". كما هدد
النائب عن حزب الله" نواف
الموسوي" اللبنانيين بقوله:
"من يلتزم بالقرار الظني
فسنتعاطى معه على أنه عميل
لإسرائيل". من جهة أخرى فقد
قال "نعيم قاسم" معاون
الأمين العام لحزب الله، في
برنامج "كلام الناس" يوم 30
أيلول الماضي: "لأن أحدا لا
يستطيع أن يطلب منا أن نموّل
محكمة تضع السيف على رقابنا". المواطن
اللبناني يحق له أن يسأل "سليمان
فرنجية": لماذا تقوم الحرب
إذا اتهم القرار الظني حزب الله
إلا إذا كان الحزب متورطا في
اغتيال الحريري؟ وتعليقا على ما
قاله نعيم قاسم والموسوي، فإن
أي لبناني لا يرفض القرار الظني
إذا كان بريئا، وإلا إذا كان
منغمسا حتى أذنيه في اغتيال "رفيق
الحريري"، أو له مآرب أخرى. يبقى
التساؤل واردا عن مآلات ما قاله
هؤلاء وغيرهم من رموز حزب الله
وحلفائه؟ نسارع للقول بأن هذا
نوع من التهديد "الفج" غير
المبطّن. لأن هؤلاء أخذتهم
العزة بالإثم، خصوصا أنهم جربوا
قوتهم في 7 أيار عام 2008، ولم
يجدوا من يردعهم. رئيس
الحكومة "سعد الحريري" قد
يلجأ للأجوبة المواربة حول
علاقة حزب الله في اغتيال
والده، لأنه يعتبر نفسه رئيسا
لكل اللبنانيين وليس قاضي تحقيق.
هذا الوضع لا يلزم آخرين من
طائفة السنة في لبنان. لذا رأينا
أن رموزا من زعماء السنة رفضوا
رفضا قاطعا التنازل عن إدانة من
شارك في اغتيال الحريري "الأب"،
أو تواطأ على ذلك. وصرحوا بذلك
تعليقا على التهديدات التي صدرت
عن رموز من حزب الله أو حلفائه. علينا
أن لا ننسى أن ما جرى من
ارتكابات في حق اللبنانيين عامة
وطائفة السنة خاصة، قد رفع
منسوب الغضب عند معظم أهل السنة
في لبنان. فابتداء من اغتيال "رفيق
الحريري" في شباط عام 2005،
مرورا بما قامت به ميليشيات حزب
الله من احتلال الساحات في
بيروت والعسكرة فيها، ومحاصرة
السراي الحكومي ومحاولة إسقاط
حكومة "فؤاد السنيورة"
المنتخبة شرعيا، وانتهاء
باحتلال بيروت الغربية في 7 أيار
عام 2008، ومحاصرة رئيس تيار
المستقبل الشيخ "سعد الحريري"
في داره، وغير ذلك من استفزازات
تمت بحق طائفة السنة، كل ذلك أدى
إلى تراكمات مريرة عند المواطن
اللبناني السني العادي قبل
الزعماء. وزادت "الطين بلة"
تهديدات "نصر الله"
المبطنة وتهديدات معاونيه
المكشوفة، حتى كاد يطفح الكيل
بالمواطن السني، بل لقد طفح. هناك من
المراقبين من يعتقد أن ما يحصل
من شحن طائفي في لبنان ليس
معزولا عما يحصل في بعض الأقطار
العربية. ولا نريد أن نضرب
الأمثلة على ذلك، حتى لا يقال
إنكم تنددون بالفتنة الطائفية
وأنتم تشعلون فتيلها الآن. غير
أننا نذكر الإخوة العقلاء من
أهل الشيعة في لبنان بأن ينبهوا
من لم ينتبه من رجالات حزب الله
بأن لا يلعبوا بالنار فيقذفون
الكلام على عواهنه دون أن
يتبصروا بمواقع كلامهم، ولا ما
يفعل بالنفوس. وأن عليهم ألا
يتمادوا في اختبار صبر المواطن
اللبناني -السني وغير السني-
أكثر مما ينبغي. فإن "الشعرة
قد تقصم ظهر البعير"وأن زيادة
الضغط تولد الانفجار. إن لبنان
اليوم لا يصلح أمره إلا بما صلح
به بالأمس بعد الاستقلال. إن من
يظن أنه ملك أسباب القوة عليه أن
يعرف أن القوة الحقيقية في أن
يستطيع كبح جماح الجهلة من
أتباعه. وقد يكون بيد المرء أن
يبدأ بالحرب لكنه أبدا لا يعرف
متى يمكنه وقفها؟ إن استعراض
القوة والتهديد بها مطلوب أمام
العدو الإسرائيلي، لكنه خزي
وعار أن يستدير اللبناني بسلاحه
نحو أبناء وطنه وإخوته في الوطن
والعقيدة. أخيرا:
نذكّر بأنه لا ينبغي أن يذهب بنا
الوهم بعيدا بأن إصدار محكمة
سورية أوامر توقيف غيابية بحق 33
شخصا محسوبين بشكل أو بآخر على
تيار المستقبل، فنظن أن ذلك
أوامر قضائية بحتة . فكلنا يعرف
أن مذكرات التوقيف صدرت عن بلد
كل الأمور فيه مؤممة حتى القضاء.
كما يرد التساؤل عن مغزى توقيت
صدور هذه المذكرات مباشرة بعد
عودة الرئيس السوري من زيارته
الخاطفة إلى طهران. هل يحق
لنا أن نطمح بأن يجري حوار معمق
في لبنان لحل الإشكالات العالقة
بين الأطراف المتنافرة فيه. وأن
يجري الحوار على أساس مصلحة
لبنان أولا وأخيرا، بعيدا عن
الإملاآت، التي غالبا ما تكون
موحى بها إقليميا أودوليا. وألا
تلجأ الأطراف إلى لاقتتال، الذي
لن يكون فيه غالب ومغلوب، بل
الكل فيه خاسر. ـــــ *كاتب
سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |