ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
يعرف قادة إسرائيل لغة غير لغة
الحرب؟! نبيل
عودة كالعادة
لا شيء يشغل بال القيادات
السياسية والعسكرية في اسرائيل
الا الحديث عن الحرب القادمة ،
وحسمها داخل اراضي العدو.
وآخرها تمرينات لاحتلال بلدة
سورية . وتأكد " مطمأن " من
رئيس الأركان الجنراليزمو
غابي اشكنازي حول ضرورة حسم
الحرب القادمة، في حال
اندلاعها، داخل اراضي العدو ،
باستخدام جميع القوات المتاحة
لدى الجيش الاسرائيلي لكي تكون
الحرب قصيرة ، ولكي لا يسأل احد
من هو المنتصر ومن هو الخاسر !! يبدو
انه متحمس
ليكون هو المنتصر لهذا الحلم
المرعب ، حلم الحرب القادمة،
التي بات من المعروف انها ستكون
دمارا شاملا على المنتصر
والمهزوم . السؤال
الذي يتبادر الى ذهن أي قارئ ،
واي انسان قادر على التفكير
الجزئي، الا توجد في تفكير قادة
الدولة من سياسيين وعسكريين
افكار تتجاوز حدود القوة
ومساحات الدمار والرعب؟ حدود
الانتصارات العسكرية الوهمية ،
التي تقود الى حرب أخرى أشد
دموية وفتكا بالجانبين ؟!
اليوم
بات واضحا ان الدمار لن يكون من
نصيب المهزومين فقط، بحيث "لا
يسأل احد من هو المنتصر ومن هو
الخاسر" كما يقول
قائد الأركان اشكنازي ،
بل سيطول المنتصرين لدرجة
يبدو النصر الحاسم شر من هزيمة
نكراء ؟ اذا
كانت مليشيات باسلحة بسيطة
بالمقارنة مع الترسانة
العسكرية الرهيبة (غير النووية )
لإسرائيل ، مثل مليشيات حزب
الله ، قد أنزلت بالجيش ضربة غير
مسبوقة في حروبات اسرائيل ،
بقصف الجبهة الداخلية وشل حياة
مئات الاف السكان، وأنجزت "
نصرا " بمفهوم الصمود لأكثر
من 30 يوميا وإنزال خسائر لا
سابقة لاسرائيل بها ، عسكرية
ومدنية ، وحافظت على صفوفها
وتنظيمها ، ولأول مرة لا نرى
طوابير الأسرى ، واعادت بناء
قوتها بمقاييس
أكثر ضخامة وقدرة على الحاق
الدمار بالطرف الآخر، وجعل
الجبهة الداخلية الإسرائيلية
معرضة للقصف والرعب والدمار
باسلحة بدائية من حيث نوعيتها
ومقارنتها بأسلحة الجيش الذي
يرعب كل الشرق ، وذراعه الطويلة
لا حدود لها ، وهذا باعترافات
رسمية ولأوساط أمنية مسئولة. لا
نشكك بقوة اسرائيل وقدرتها ان
تجعل كل عدو لا يعرف إذا
كان سيعيش
يوما آخر !! فماذا يتوقع أشكنازي
من دولا ، رغم كل مشاكلها
الداخلية ، الا انها لن تكون أقل
قدرة من مليشيات حزب الله.. وكما
استوعب حضرته دروس لبنان ،
الموضوع لم يتوقف عند استيعاب
جيشه فقط، بل هناك دروسا
تعلمتها القوى ، التي يفكر
اشكنازي بحسم الحرب معها بشكل
واضح لا يسال فيه أحد:" من
المنتصر ومن المهزوم" ، بحيث
تجعل "نصر" اشكنازي بكاء
لأجيال عديدة !! أقول
بوضوح ، الدول العربية المعنية
بالتهديد الإسرائيلي المتواصل
، وبالخطط المتواصلة لضربات
عسكرية اسرائيلية ، لم يتوقف
التلويح بها حتى في ظل اجراء
مفاوضات غير مباشرة للوصول الى
انهاء النزاع ، وحولتها اسرائيل
الى مهزلة أشبة ببائعة الهوى
التي يدخلها كل من يرغب، ليتصرف
"بها" على راحته ومتعته ،
بقصف مفاعل او مصنع او مجرد ساحة
فارغة ،بمنتهى الأمان والتصرف
الحر ، او الطيران فوق قصر
الرئاسة او قتل مطاردين من
أذرعها الأمنية داخل عواصمهم،
او قتل شخصيات عسكرية ، وغير ذلك
مما لا نعلم به ، سيجعلها هي
وقادتها السياسيين
والعسكريين مجرد كاريكاتير
سياسي يفتقدون
للمصداقية السياسية والوطنية ،
ويفتقدون للحق الشرعي بقيادة
دولة ، بتلقيهم ضربات في عقر
دارهم وغيابهم المدوي بصمته
(الا اذا اعتبرنا الثرثرة
والشعارت المملة ردا عمليا) ،
انهم أشبه بموضوع لأسوأ سيناريو
سياسي وأمني ويطول كرامة
دولهم وشعوبهم، أمام العالم
عامة وأمام الشعوب العربية خاصة
وأمام شعبهم المغلوب على أمره
بتحملهم في الدرجة الأولى . . بالطبع
لا ادعو الى رد عنيف واشعال
الحرب، بل الى صيانة أمن شعوبهم
ورفاهيتها بجعل دولهم تستحق ان
يهب شعبهم لحمايتها وحماية
مستقبلهم. وهذا لن يتحقق بأنظمة
الاستبداد والقمع ، بل بنهج
ديمقراطي ، يفصل بين السلطات ،
ويطرح مشاريع تطوير الاقتصاد
الوطني والتعليم والأبحاث ، وهو
الغائب الكبير من كل الدول
العربية. وهذه هي القوة التي
ترعب المعتدين!! لا توجد
تبريرات للتهديدات المتواصلة
بالحرب من قادة اسرائيل ، الا
تبريرا واحدا ووحيدا: لا شيء آخر
في التفكير السياسي للنظام
الاسرائيلي الا القوة ولا شيء
غير القوة. ويفتقدون باصرار
مستهجن،الى رؤية إمكانيات
تغيير الواقع في الشرق الأوسط .
الجزيرة التي يقودها نتنياهو
لحساب ليبرمان اليوم ، تعادي
المحيط الذي تعيش في وسطه. بل
ويمتد العداء بفضل ليبرمان الى
محيطات أخرى . عقلية
لا تفكر الا بالانتصارات
العسكرية ، هي عقلية مريضة ولا
تنتمي لعالمنا الحضاري ، وتخبئ
كوارث لكل شعوب الشرق الأوسط
بما في ذلك الشعب اليهودي ، الذي
ليس كله ليبرمانات
وسوائب مستوطنين .. بل هناك
أكثرية من نوع دافيد غروسمان
وابراهام بورغ
وسامي ميخائيل وأ.ب. يشوع
والاف المثقفين ورجال
الأكاديميا والفنانين
والسياسيين العقلاء . الكاتب
العبري التقدمي دافيد غروسمان
الذي منح هذا العام من معرض
فرانكفورت للكتاب جائزة السلام
الهامة التي توزع من المعرض كل
سنة، كان سباقا في قول الحقيقة
عن قادة اسرائيل السياسيين
والعسكريين ، وذلك في امسية
الذكرى الحادية عشرة لاغتيال
رئيس الحكومة الاسبق يتسحاق
رابين .. في خطاب جريء وشجاع
ألقاه أمام أكثر من 100.000 شخص ،
قال غروسمان : ": قفوا وانظروا
إلى الهاوية .. كانت حرب ( حرب
لبنان الثانية ) ، وإسرائيل نفخت
عضلاتها العسكرية الهائلة ،
ولكن ما انكشف هو قصر يدها
وهشاشتها ، يتضح لنا ان القوة
العسكرية التي نملكها لا تستطيع
لوحدها ان تؤمن وجودنا ،
واكتشفنا بالاساس ان اسرائيل
تعاني من أزمة عميقة ، مخيفة
وأعمق مما ظننا ،وفي شتى مجالات
الحياة ... ان القيادات السياسية
والعسكرية في اسرائيل ضحلة
وفارغة ". واليوم
عزيزي دافيد غروسمان هي ضحلة
وفارغة أكثر ، مغامرة أكثر
ومتطرفة أكثر وخطرة أكثر ، على
شعبها وعلى شعوب الشرق الأوسط !! هذا صوت
الحقيقة التي يظن كل قائد جديد،
او مستعمل، انه حان الوقت
لدوره المميز الذي سيقلب
المعادلة الشرق أوسطية مع
الفلسطينيين ومع العرب لصالح
رؤيته الخاصة ، وكأن المواطن
مجرد حجر شطرنج يحركه على طاولة
اللعب ، لا يتأثر بخسارة الجنود
على ورق اللعب أو في الواقع ،
كلها العاب ، بعضها على الطاولة
وبعدها في ساحات الوغى. ما دام
يستطيع في النهاية ان يقول ان
نصره كان واضحا ، حتى على خلفية
ديكور مأساوي
من الدمار والآلام والدموع .
السياسي
والمفكر المخضرم ابراهام بورغ
،لم يتردد أيضا بكشف
الحقيقة بقوله في كتابه الهام
" لننتصر على هتلر" وكان
يعني الانتصار على
عقلية الحرب والقوة في
التفكير السياسي والأمني في
اسرائيل ، قال : " اسرائيل
،الثورية الفتية المليئة
بالحياة ، تحولت الى
متحدثة باسم الأموات، دولة
تتحدث باسم كل اؤلئك غير
الموجودين ، أكثر مما تتحدث
باسم كل اؤلئك الموجودين . واذا
كان هذا لا يكفي ، الحرب حولتنا
، بدون ارادتنا ، من ظاهرة شاذة
، لنصبح قاعدة الشواذ نفسه .
طريقة حياتنا قتالية ، مع
الجميع ،
مع الأصدقاء ومع الأعداء . قتال
مع الخارج وقتال مع الداخل ،
يمكن القول ، بحزن وثقة ، ان
الاسرائيلي يفهم فقط ... القوة .
هذا الوضع بدأ كحالة استعلائية
اسرائيلية امام عجز العرب من
التغلب علينا في ساحات الحرب ،
واستمر كإثبات للكثير جدا من
التصرفات والقناعات السياسية ،
التي لا يمكن قبولها في عالم
سوي. كل دولة تحتاج إلى قوة
بدرجة معقولة. إلى جانب القوة
تحتاج كل دولة أيضا إلى سياسة
وقدرة نفسية على لجم القوة . لنا
توجد قوة . الكثير من القوة وفقط
قوة . لا يوجد لنا أي بديل للقوة
، ولا نملك أي فهم أو إرادة عدا
أن نجعل القوة تتكلم .. وإعطاء
جيش الدفاع الاسرائيلي لينتصر .
في نهاية الأمر حدث لنا ما يحدث
لكل ممارسي العنف والبلطجية في
العالم : شوهنا التوراة وشوهنا
مفاهيمنا ولم
نعد قادرين
نحن أنفسنا على فهم أي شيء
آخر عدا لغة القوة . حتى على
مستوى علاقة الزوج بزوجته ،
وعلاقة الإنسان بصديقة ، وعلاقة
الدولة بمواطنيها ، وعلاقة
القادة ببعضهم البعض . إن الدولة
التي تعيش على حرابها ، والتي
تسجد لأمواتها ،
نهايتها ، كما يبدو ، أن
تعيش بحالة طوارئ دائمة ، لأن
وجهة نظرها أن الجميع نازيون ،
كلهم ألمان ، كلهم عرب ، كلهم
يكرهوننا ، والعالم ، بطبيعته ،
كان دائما ضدنا ... " وكأني
به يطرح نبوءة لما يدور اليوم في
أذهان مخططي سياسة الدولة من
سياسيين وعسكريين. لم أجد
أفضل من العودة لأقوال شخصيتان
لهما مكانة كبيرة في الواقع
الاسرائيلي. مكانة ثقافية
ومكانة سياسية ومكانة أخلاقية !! كلمة
حرب ترعبنا . وكلمة انتصار
تجعلنا نفكر بالحرب القادمة
الأكثر شراسة وألما وتدميرا. حتى قوى
من اليمين الصهيوني باتت ترتعب
من سياسة ليبرمان - نتنياهو.. من
سياسة اقصاء العرب في اسرائيل
الى درجة عزلهم عن المجتمع
وعن الحياة السياسية وعن
المشاركة بالنمو الاقتصادي ..
عبر تفكير عنصري مريض يطرح
قوانين عنصرية ستشكل الغاما في
طريق النظام الاسرائيلي
والمجتمع الاسرائيلي نفسه . قد
يتضرر المجتمع العربي من
القوانين العنصرية ، ولكننا
واجهنا ظروفا أكثر قساوة ،
والتاريخ لا يعود الى الخلف الا
ليعطي قوة أكثر لتيار الحياة
والتقدم !! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |