ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 23/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

تركيا بين مطرقة أمريكا وزندان إيران

محمود عثمان

من اللافت للانتباه زيادة وتيرة وحدة الانتقادات الأمريكية للسياسة التركية في الآونة الأخيرة . ففي الأسبوع الماضي صرحت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية قائلة :"تركيا ماضية قدما لتكون لاعبا إقليميا ودوليا , واقتصادها ينمو بشكل دراماتيكي !!. لقد قطعوا شوطا كبيرا في الاتصال مع كثير من الدول .. أحيانا بالتعاون معنا وأحيانا أخرى بدوننا !؟ ".. في تقريره عن تركيا استعمل معهد الدراسات السياسية التابع للخارجية الأمريكية العنوان التالي :" كل الطرق تؤدي إلى استانبول " في إشارة إلى امتداد شبكة العلاقات التركية السياسية والاقتصادية من خليج البصرة إلى البحر الأحمر إلى شمال أفريقيا .. ومن البلقان إلى أواسط آسيا حيث بدأت تربطها مع دول تلك المناطق علاقات تعاون واتفاقات استراتيجية ليس آخرها التوقيع يوم الإثنين المنصرم على بروتوكول يتضمن خطة للعمل على إنضاج مشروع اتفاق التجارة الحرة بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي .. وبذلك تكون تركيا الدولة الوحيدة منذ الحرب العالمية الأولى التي تحاول تجميع ولملمة شتات دول المنطقة وإن تحت مظلة اقتصادية من خلال سياسة "تصفير المشاكل" أو تأجيلها وبأسلوب "القوة الناعمة " .. هذا الدور الإقليمي لتركيا لا بد له حتما من الاصطدام مع دور إسرائيل المعاكس تماما .. وفيما تسعى تركيا لثبيت قواعد السلم والاستقرار والتعاون في المنطقة تتغذى إسرائيل من أجواء الحروب والتوتر والقلاقل لذا فإن الصراع بين الدورين حتمي لا فرار منه .

على ضوء ما تقدم بذلت تركيا جهودا حثيثة بشأن الملف النووي الإيراني , بل إنها استطاعت إقناع طهران بقبول شروط الطرف الغربي كلها , وأشركت البرازيل في التوقيع على بروتوكول ثلاثي بين تركيا والبرازيل وإيران بهذا الشأن . لكن أمريكا التي كانت تراهن على عدم قبول إيران بهذه الشروط تجاهلت الأمر وسارعت إلى الضغط على مجلس الأمن واستصدار قرار فرض عقوبات إضافية على إيران الذي رفضته تركيا آنئذ .. الأمر الذي أعاد للأذهان السيناريو الأمريكي في العراق .. حيث أرسلت تركيا قبيل الاحتلال الأمريكي للعراق طائرة خاصة استقدمت بها نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان وأقنعت من خلاله الرئيس صدام حسين بالتخلي عن الحكم من أجل تجنيب بلاده ويلات الحرب وعواقبها الوخيمة . لكن الأمريكان سارعوا بالضغط على تركيا بعدم التدخل فيما لا يعنيها !!.

ما أشبه اليوم بالبارحة !؟ البارحة العراق واليوم إيران .. لكن فصول السيناريو تتشابه لحد التطابق .. من إطلاق اليد وإعطاء الخصم فرصا لارتكاب أخطاء يحاسب عليها فيما بعد . مثال ذلك الايحاء لصدام بحق العراق التاريخي في ضم الكويت عبر لقائه الشهير مع غلاسبي سفيرة أمريكا في العراق ! واليوم تطلق يد إيران في العراق لتصبح لاعبا أساسيا في الساحة السياسية العراقية بل صاحبة لحق الفيتو إذ لا يمكن تشكيل حكومة عراقية دون إذن إيران وموافقتها !.. ثم حصار يتلوه حصار .. وبين هذا وذاك تهويل وتضخيم للقدرات العسكرية .. وفي الفصل قبل الأخير تتم تهيئة الأجواء السياسية ثم ترصد ميزانيات تمويل الحرب ثم لتبدأ بعدها الحرب النفسية ضمن خطة إعلامية مدروسة . ويبدو أن إيران فهمت مضمون صفقة شراء الأسلحة من قبل دول الخليج بمبالغ خيالية فاقت مائة وثلاثة وعشرين مليار دولار على أنها تمويل لحرب قادمة وشيكة فسارع رئيسها أحمدي نجاد إلى لبنان في زيارة لافتة مثيرة للجدل غير مسبوقة ربما للإشارة إلى قدرة إيران على توسيع ساحة الحرب لتحرق المنطقة بأسرها .. وفي الإطار ذاته تأتي الحرب الإعلامية الاستباقية لحزب الله على المحكمة الدولية التي شارفت على إصدار قرارها - الذي قصر ظله وطال انتظاره - في قضية اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فيما سبقتها تسريبات تشير إلى احتمالية تبرئة ساحة سورية من تلك الجريمة على حساب اتهام حزب الله اللبناني الذي بدأت رياح الخريف تحيل ربيعه مع سورية شتاء مفعما بالشك والريبة في وقت بدا كل طرف يتلمس لنفسه قارب نجاة .. وفي السياق نفسه تأتي القمة السعودية السورية في محاولة لتهدئة الوضع على الساحة اللبنانية التي تداعى أمراء طوائفها إلى التسلح ثانية .. وهي الساحة التي شهدت حرب بروفا بين إسرائيل وحزب الله عام 2006 وعلى ثراها ينتظر أن يأتي الرد الإيراني على أي هجوم تشنه أمريكا على إيران .. ساحة كانت ولا تزال مرتعا لتصفية الحسابات الدولية والاقليمية أضحت اليوم برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة .

ذات يوم عول صدام حسين كثيرا على البعد الإسلامي والرصيد القومي , فأطلق حملته الإيمانية لاستمالة الشارع الإسلامي وراهن على أن الأنظمة العربية لن تسمح بتغيير خريطة المنطقة المستقرة نسبيا ! ولن ترضى بدعة تغيير الأنظمة بأياد خارجية , وأن الشارع العربي لن يقف مكتوف الأيدي حيال دمار بلد عربي هام مثل العراق لكنه – صدام - أكل ومن ورائه سنة العراق تحت أعين تلك الأنظمة وعلى مسامع الشعوب التي ما فتأت تلعن الظلام وجور الحكام .

ويبدو أن إيران تعول كثيرا على قوة ربيبها حزب الله في لبنان وبعض المنظمات الفلسطينية في غزة والضفة الغربية , وبعض المنظمات الشيعية المسلحة الموجودة في اليمن وجميع دول الخليج تقريبا . وما تشهده ساحة البحرين ليس سوى إرهاصات لتحركات شيعة الخليج , وكذلك التدابير الأمنية التي شرعت الإمارات العربية المتحدة والكويت وغيرها في اتخاذها بحق الإيرانيين المقيمين لديها أو مواطنيها من أصول إيرانية .. يبقى الموقف السوري محيرا لإيران إذ لم تنفع سياسة الجزرة حتى الآن في فك ارتباط سوريا بإيران رغم كل الإغراءات السعودية وبلعها نعت بشار الأسد قياداتها بأنصاف الرجال . لكن في الوقت نفسه لم يسبق لسوريا رغم عدائها الظاهر لأمريكا أن خالفتها في شيء على أرض الواقع ! والكل يدرك مدى إجادة الطرف السوري اللعب بما لديه من كروت لكن في النتيجة المهم لديه ما سيقبضه من ثمن !

عقب إقرار مجلس الأمن العقوبات ضد إيران سارعت لجنة من وزارة المالية الأمريكية إلى زيارة تركيا لحثها والتأكيد عليها بخصوص تطبيق تلك العقوبات , وقد ذكرت بعض المصادر يومها أن أعضاء من هذه اللجنة استخدموا أسلوبا غير دبلوماسي في عرض طلبهم .. تركيا لم تستجب لتلك المطالب الأمر الذي استدعى حضور لجنة أخرى من وزارة الخزينة الأمريكية هذه المرة التقت رئيس اللجنة العليا لاتحاد البنوك التركية , أعقبتها زيارة لدائرة مراقبة البنوك حاملة معها تهديدات واضحة وقحة في حالة عدم التزام تركيا بتفيذ بنود العقوبات على إيران .. منها أن البنوك التركية ستتعرض للحجر والمقاطعة وحتى إلغاء الصفقات المالية المبرمة مسبقا.

في هذه الأجواء الملبدة تدفع تركيا بكل قواها باتجاه الحيلولة دون نشوب حرب في منطقة أنهكتها الحروب ومزقت بناها ..دمرت اقتصادها وقضت على أسباب نهوضها.. لكن من ناحية أخرى تشير أوراق التقويم الأمريكي إلى قرب انتهاء عقد من الزمان على آخر حرب شنتها , فقد اعتادت أمريكا على شن حرب كل عشر سنوات يبدو أنها مفيدة لجيشها ومصانعها وربما لاستمرار نظامها وبسط سيطرتها على العالم قطبا أوحدا .. رئيسها أوباما صرح في خطابه الأول أن أمريكا معنية بحل مشاكلها في منطقة الشرق الأدنى في إشارة إلى إيران وباكستان وأفغانستان , وأن أجواء استقرار ستسود منطقة الشرق الأوسط !. في وقت تدغدغ فيه عواطف حكام طهران أحلام امبراطورية فارسية عملوا لها طويلا , وسخروا من أجلها كل الإمكانات , وبذلوا في سبيلها كل غال وثمين وإن على حساب قوت مواطنهم اليومي .. فهل ستنجح تركيا في الثانية بعد فشلها في الأولى أم أن السهم قد غادر القوس !؟.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ