الكيان الصهيوني ماض في هذه المرحلة نحو تكريس سياسات و فرض وقائع من شأنها أن تشكل منعطفا خطيرا و تحديا جديدا للشعب الفلسطيني , في الأمس القريب الكيان الصهيوني يعلن أن القدس تشكل أولوية في التطوير بمعنى آخر في التهويد و استلابها على مرأى و مسمع العالم العربي و الإسلامي الغارق في الصمت و في نظريات عقيمة ومشاحنات حمقاء منحت الكيان المسخ الفرصة لتنفيذ الكثير من مخططاته و سياساته الهمجية و الإجرامية .

و توازيا مع ذلك الإعلان الصهيوني صدرت قرارات صهيونية بأكثر من 321 إخطار هدم لمنازل فلسطينية في مدينة القدس وذلك في يوم واحد فقط , في إشارة واضحة أن قرار التهويد سيتم تكريس كافة الطاقات و الإمكانيات الصهيونية  و في وتيرة سريعة لخلق سياسة الأمر الواقع و بعد ذلك يقولون هذا هو الواقع اقبلوا به أو افعلوا ما شئتم .

الكيان الصهيوني يفهم جيدا ما الذي يفعله و يقرن القول بالفعل وكيف لا و هو يدرك تماما بأن العرب أعجز من أن يشكلوا أي عائق أمام تحقيق سياساته  و إجرامه و العالم كله لا يستطيع مجرد الإدانة طالما أن أمريكا على رأس النظام العالمي الحالي مما يجعل الصمت و التراجع هي السمة التي تميز السياسة الدولية , فالمؤسسات الدولية بكافة مسمياتها اعجز من اتخاذ أي قرار يتعلق بهذا الكيان الوقح و لكن إذا تعلق الأمر بأي دولة إسلامية فالأمور تسير بآلياتها السريعة والقرارات تتخذ و تنفذ على أرض الواقع بسرعة الصواريخ التي يستخدمها الكيان الصهيوني لتدمير و قتل أبناء الشعب الفلسطيني .

ولكي تكتمل الصورة و تتشكل اللوحة يقرع الكيان الصهيوني طبول الحرب بتهديدات و إيماءات واضحة في رسائل جلية بأن رغباته يجب أن تنفذ و إلا فإن الحريق سيلتهم كل من تسول له نفسه رفع الصوت في مواجهة الصهاينة  نتنياهو قبل عدة أيام يقول بأن طائراته الحربية القاتلة و الوحشية تواجه بعض القلق في المرور بأجواء غزة المحاصرة المدمرة خوفا من صواريخ مضادة للطائرات تملكها فصائل المقاومة كما يدعي كذبا نتنياهو و لم يكتفي الكيان الصهيوني بذلك بل قام بإجراء مناورات تمثل هجوم بالكاتيوشا على ما يسمى بالكنيست , كل ما سبق يشكل إرهاصات و  ذرائع و حجج صهيونية لإعطائهم المبرر في حال شن هجوم مجرم آخر على غزة و التهديد بشن هجوم آخر على لبنان لتمرير مخططاتهم و تنفيذ سياساتهم التوسعية و الهمجية .

أمريكيا فهناك اتجاهات قوية في الكونجرس لتمرير قانون لمنح المساعدات البالغة من ثلاثة مليارات دولار سنويا إلى وزارة الدفاع الصهيونية بدلا من وزارة الخارجية في إشارة جلية أخرى إلى المباركة الأمريكية للتوجه الدموي و الوحشي الصهيوني و استعدادهم لتغطيته لوجستيا و سياسيا و اقتصاديا بمعنى آخر منح كافة الأضواء الخضراء للكيان الصهيوني ليمارس حقارته في القتل و التدمير و الجرائم و إشعال المنطقة من جديد لمنحه الغطاء الولي الدولي و الدعم الكافي لعدم عقابه في حال ارتكابه أي جرائم جديدة في حق الإنسانية جمعاء .

هذا هو الحال و هذه هي الحقائق فأن تصبح القدس أولوية للكيان الصهيوني لا يترك ذلك الأمر أي خيارات أخرى أمام كل شرفاء الأمة الإسلامية و لا مبرر لأي إنسان أن يتخلى عن فكر المقاومة في مواجهة ذلك الأمر الخطير  , الكيان الصهيوني يقرع طبول الحرب في كل وقت فلا يعقل أن يقابل ذلك قرع لأبواب المسارات السلمية والحلول التفاوضية التي أخذت سنوات طوال من عمر قضيتنا دون الوصول إلى نتائج حقيقية سوى انقسام مزق وحدة الشعب الفلسطيني و حملته عبئا آخر يضاف إلى عبء المواجهة مع العدو الصهيوني .

لزاما علينا صياغة أولوياتنا بما يتناسب مع معطيات المرحلة الراهنة و لتكن القدس و الأقصى أولوية لنا نحن إضافة إلى فلسطين التاريخية و حق العودة و تحرير الأسرى , فنحن أصحاب الحق و الأرض , ولنواجه التزييف الصهيوني بحقائق القوة و الثبات و التجذر عميقا في الحق و الأرض , و إذا اعتقد الكيان الصهيوني واهما و مستبدا انه يستطيع تزوير الحقائق , فلنواجهه بحقائقنا التي لا تقبل الجدال , لنتجاوز جراحنا و نتخطى مرحلة التشتت و الانقسام و لنلتقي على قاعدة أن جرحنا الفلسطيني واحد و أرضنا و مقدسنا أكبر من أي خلاف أو تناقض ثانوي هامشي .

و لتكن البندقية المقاومة الموحدة هي خيارنا الذي لا يقبل التأويل و لا الاجتهاد و لا المساومة , و ليكن نهجنا واضح برافعة فكر قوي مستمد من شريعة سماوية غراء , نهج يستطيع صد الهجمة و ينصف دماء الشهداء و عذابات الأسرى و آلام الجرحى , نهج ينتزع الحق انتزاعا ليعيد للمرحلة سمتها الأجدر بشعب يبغي المقاومة خيارا وحيدا ليعيد لوجه التاريخ إشراقه و رونقه أمام زيف أوهام الكيان الصهيوني .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها