ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 03/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

التعذيب في سورية : خطوة إلى العلانية

وليد سفور*

لا يشك المتابع للشأن السوري بممارسة السلطات للتعذيب على أوسع نطاق ولأتفه الأسباب، فكل من يستدعى إلى (بيت خالته) سيقدم له (فنجان قهوة) من أيد قاسية غليظة تذهب صوابه حتى حين، في حين تمتد (الدقائق الخمس) التي يوعد بها المطلوب للتحقيق إلى سنين طويلة من الاختفاء يتناول فيها من (الوجبات الدسمة) ما يسلخ الجلد ويكسر العظم وينهش العقل ويثلم الكرامة، ثم يقدم إلى محكمة أمن الدولة (العليا) أو إلى القاضي (الفرد) العسكري وفي حالات (راقية) إلى محكمة الجنايات حيث تفتقر جميعها إلى أبسط المعايير والإجراءات العادلة لتحكم عليه بما تملي عليها أجهزة التعذيب.

لم أضف جديداً فكل ذلك معلوم لمنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية تماماً كما هو معلوم لرجل الشارع الذي تفنن في التعبير عن هذه الحالة المأساوية المسلطة على رقبته منذ عقود في بلد الحرية والوحدة والاشتراكية. الجديد في الأمر هو مقطع (الكليب) المسرب حديثاً على شبكة الانترنت عن حادثة الاعتداء على الدكتور عبد المجيد السعدون مدير الجامعة السورية الدولية. بالتأكيد فالمقطع ليس مركباً أو مزوراً كما وأستبعد أن يكون تسريبه بعيداً عن إرادة السلطة التي عودتنا أن تحسن إخراج هكذا حوادث (طبيعية!) بشكل مدروس وموجه لكل من أراد أن يعتبر ويرتدع (ويضب حاله). فهي التي كانت تلقي القبض على ذوي بعض المعتقلين من أمام محكمة أمن الدولة بذريعة التقاط صور عابرة لأحبائهم المعتقلين قبيل أو بعيد جلسات المحكمة . فكيف يتسرب في هذه الحادثة مقطع كامل على مسافة قريبة جداً دون مصادرة للهاتف المحمول أو لآلة التصوير.

يبدو أن أجهزة المخابرات السورية لم تعد تعبأ بسمعتها (الطيبة جداً)  فاتخذت هذه الخطوة المتقدمة في إهانة المواطنين في الشارع وأمام الناس وبالصوت والصورة (وباللكمة والركلة وأقذع الشتائم) ليكون عبرة ودرساً لغيره وإيغالاً في الاستهانة بالجميع. تعتقد اجهزة المخابرات كما السلطة السورية بأن أيديها مطلقة في عموم الشعب السوري ما دام أنها تقوم بالترتيبات المتفق عليها مع بعض القوى العالمية. ولقد استطاعت النجاة من المساءلة واللوم على مدى عقود ارتكبت فيها من الانتهاكات والخروقات ما لجت بظلمها الأرض وبلغت عنان السماء. فالقوى العالمية تتاجر بسلعة حقوق الإنسان حين يلزمها ربح جولة ما، مع أننا نرفض تدخلها في شؤون بلدنا ولكل مشاريعها في الدمقرطة الدموية على النسق العراقي مثلاً . تقارير منظمات حقوق الإنسان تضخ معلومات عن الخروقات بينما تستمر القوى الدولية في بسط حمايتها على نظام الترتيبات غير المعلنة. استوقفتني منذ أقل من عامين حادثة إجازة أحد أعضاء البرلمان الأوروبي لما تفعله السلطة السورية من إجراءات قمعية لا إنسانية ضد الناشط الحقوقي المحامي أنور البني وهو قيد الاعتقال في سجن دمشق المركزي بعدرا ظناً منه أنه مسلم هذه هي النظرة التي ينظر إليها كثير من الرسميين الغربيين لنشطاء حقوق  الإنسان وللمعارضين السوريين وغيرهم. ونحن لا نفرق بين مسلم ومسيحي تحت خيمة الوطن الواحد لكنهم يفرقون ويبدلون، فعندما قيل لهذا البرلماني إن أنور البني مسيحي المنشأ بدل موقفه.

لكن رب ضارة نافعة، فما قصدته السلطة من ردع في حادثة الاعتداء المصور على الدكتور السعدون أتاح المجال للتوثيق المصور ثم للمتشككين ليشاهدوا بأم أعينهم ما عجزت عقولهم عن تصوره من قبل. ولقد تعلمنا دروساً من التاريخ أن الظلم ولو دام قروناً لا عقوداً فإن نهايته إلى زوال، وهذه الوثائق تظل محطات مهمة للأجيال.

المطلوب منا جميعاً أن نرفض التعذيب ونناهضه، ونناهض من يمارسه، ونرفع صوتنا عالياً في إدانة من يمارسه، ونقرر أنه معاملة تتنافى مع الكرامة الإنسانية، ونؤكد على حكم القضاء المستقل في معاقبة من يحيد عن جادة الصواب وينتهك القانون. أما ما تمارسه سلطات المخابرات العديدة والشرطة والأجهزة الأخرى في سورية من معاملة حاطة بكرامة الإنسان وتعذيب وسوء معاملة فإنما تجري خارج سلطة القوانين النافذة وخارج المعاهدات الأممية التي وقعت عليها السلطة في سورية والتزمت بها، وهي محاسبة قانوناً على كل خروج رغم أنف كل القرارات والاحتياطات المتخذة لأنها ببساطة تتعارض مع أحكام الدستور.

 ولكن من يحاسب في ظل الفردية والاستبداد وحكم أجهزة المخابرات ! بل أين القضاء المستقل الذي يقول كلمة الفصل وقد أمسى تابعاً ذليلاً لأجهزة الأمن؟ وأين مبدأ محاسبة كل مسؤول عن عمله؟ وأين فصل السلطات؟ ومتى تخرج البلاد من عنق حالة الطوارئ والاستبداد إلى رحابة الديمقراطية والتعددية وزوال القوانين الاستثنائية! هنا يأتي دور العاملين الذين لا يكلون ولا يملون، ومن هنا تبدأ مسيرة المليون ميل.

ـــــــــ

*ناشط سوري في حقوق الإنسان

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ