ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
يوم
دام آخر في العراق رشيد
شاهين منذ
احتلال العراق قبل ما يزيد على
الأعوام السبعة، لم تتوقف آلة
القتل والتدمير عن العمل، فهي
قد تهدأ فترة من الزمن، إلا أنها
تعود لتبدأ من جديد في هرس عظام
أبناء العراق وتدمير ما يمكن أن
يكون قد بقي واقفا أو سلم من
الدمار بشكل أو بآخر، وحين تعود
آلة القتل للعمل فإنها تعاود
ذلك بطريقة أكثر فتكا و حقدا
وأشد غدرا ودموية وقسوة. ليس
صحيحا أن كل هذا القتل يأتي فقط
بسبب سنوات سبع من الاحتلال
البغيض لهذا البلد العربي، قد
يكون هذا الذي يجري هناك
النتيجة المباشرة للاحتلال،
إلا أن استهداف العراق يمتد إلى
ما هو ابعد من سنوات الاحتلال
السبع، وقد كان للدور الذي
مارسه جيش العراق في حرب تشرين
أو أكتوبر عام 1973 الأثر الأكبر
في وضعه تحت مجهر قوى الشر ممثلة
بالولايات المتحدة والكيان
الصهيوني، حيث إن القوات
العراقية كانت الدرع الواقي
الذي دافع عن العاصمة السورية
ومنع سقوطها، هذا عدا عن الدور
الذي قام به نسور العراق في
الجبهة المصرية. منذئذ
تم وضع العراق في دائرة
الاستهداف، وتم توريطه فيما بعد
بحرب ضروس مع الجارة الفارسية
استمرت لسنوات ثمانية، كلفت
البلدان المتحاربان مئات
الآلاف إن لم أكثر من الضحايا
بين قتيل وجريح، كما كلفتهما
مئات المليارات من الدولارات،
هذا عدا عما تركته من آثار
إنسانية واجتماعية لا زالت
ماثلة وقد يستمر أثرها إلى
سنوات طويلة قادمة. ثم تورط
العراق من حيث يدري أو لا يدري
بدخول الكويت تلك "الغزوة"
التي كانت بمثابة القشة التي
قصمت ظهر البعير، حيث تعاملت
القيادة العراقية وأدارت
الأزمة بطريقة لا يمكن وصفها
إلا بأنها كانت خاطئة وكارثية
بكل المقاييس، وتورط النظام
العربي وفي المقدمة مصر في حرب
على العراق – من خلال اجتماع
القمة العربية- لم تكن مبررة
بالكيفية التي تمت بها، إلا
أنها كانت المؤشر على مدى الحقد
الذي تحمله قوى الشر على هذا
البلد، حيث تم تدمير العراق
بشكل ممنهج، وبطريقة مرعبة،
وتلا تلك " الغزوة" فرض
حصار ربما لم يشهد له التاريخ
مثيلا، أدى إلى المزيد من
الكوارث الإنسانية والاجتماعية
في العراق، هذا الحصار الذي كان
المقدمة لاحتلال العراق بعد أن
كان البلد قد تهاوى أمام شدة
القيود المفروض وتطبيق الحصار
بطريقة فيها الكثير من الريبة
من قبل الدول العربية الشقيقة. العمليات
الدامية التي استهدفت
العراقيين البارحة لن تكون
الأخيرة في مسلسل القتل لهؤلاء،
ولا بد من استذكار أيام دامية
أخرى حدثت في بغداد وسقط خلالها
مئات الضحايا في يوم واحد،
وقلنا حينها بأن كثيرا من
الأيام الدامية قادمة، وان
مزيدا من الأبرياء سوف يسقطون،
وسوف تصبح أيام الأسابيع
والأشهر كلها دامية، ذلك أن
الأمن في هذا البلد لن يستتب
طالما بقي محكوما من قبل الدمى
التي أتت على ظهور الدبابات
الأمريكية، وطالما ظل هذا
التناحر بين القوى السياسية
المختلفة قائما ليس لمصلحة
البلاد أو العباد، بل لتحقيق
أجندات شخصية وحزبية وإقليمية
ودولية. ما يوصف
بالعملية السياسية ليس سوى فتنة
صنعتها الدوائر المشبوهة
وارتبط بها من ارتبط من قوى
باهتة ربطت نفسها منذ قيامها
بالخارج، هذا الخارج قد يكون
إقليميا وفي
المقدمة إيران وإسرائيل أو
دوليا وفي المقدمة الولايات
المتحدة الأمريكية وبريطانيا
هذا عدا عن الأدوار المشبوهة
لبعض الدول العربية التي تورطت
بشكل واضح وعلني منذ العام 1990 في
التآمر على العراق. التفجيرات
التي لا تميز بين عربي وكردي
وتركماني ولا بين مسلم ومسيحي،
ولا بين شيعي وسني.. الخ، لا يمكن
لها أن تتم لولا تورط من هم في
سدة القرار، ويمكن في هذا
الإطار الإشارة إلى الوثائق
التي تم الكشف عنها من قبل
ويكيليكس، برغم أن ما جاء فيها
لم يكن مفاجئا لكثير من
المتابعين والمراقبين للشأن
العراقي، وقد يكون الجديد في
تلك الوثائق هو ما فيها من
تفاصيل، أما العناوين فهي
معروفة لكل من عاش ولا زال في
العراق. تفجير
الكنائس ومن ثم استهداف طائفة
بعينها وبعد ذلك استهداف
الطائفة الأخرى ليبدو ذلك وكأنه
محاولة للرد والانتقام، ليس هو
ما يجري بين العامة من الناس،
الإنسان السني العادي في العراق
لا يقتل شقيقه الشيعي، ولا يقوم
الشيعي العادي بقتل شقيقه
السني، هناك في العراق تجد
العشيرة الواحدة منقسمة بين
شيعية وسنة، وفي البيت الواحد
قد يكون الأخ سنيا والآخر
شيعيا، هنالك تزاوج وانساب بين
الشيعة والسنة، ما يجري هو أن
هناك قوى تدعي أنها شيعية أو
سنية تقوم بالقتل، هي ليس قوى
دينية وإنما مسمياتها دينية، هي
تمارس سياسة
وترغب في السيطرة على البلد، ما
يجري في العراق لا علاقة له
بالدين أو الطائفة، بل هو مرتبط
بقوى ربطت نفسها بقوى شريرة
خارجية من اجل إبقاء البلد في
حالة من الضعف والهوان
والتبعية. عندما
تنفجر السيارة المفخخة فإنها لا
تميز بين ملة هذا ودين ذاك او
قوميته او لونه، القتل يتم
بجنون لان من يقف خلفه هم
مجموعات من الذين فقدوا البوصلة
وربطوا أنفسهم وضمائرهم بقوى
الشر الخارجية التي تستهدف
العراق وأبناء العراق، ومن هنا
يمكن فهم لماذا تتم مطاردة
العلماء والأكاديميين
والطيارين العراقيين الذين
شاركوا في الحرب ضد دولة فارس. التفجيرات
سوف تستمر والقتل المجنون سوف
يستمر طالما بقي العراق نهبا
لشذاذ الآفاق الذين أتوا مع
قوات الاحتلال، وبغض النظر عما
يقال وعمن يتم اتهامهم بأنهم
يقفون وراء ذلك، فإنه وطالما
بقيت الأيدي الإيرانية
والأمريكية والإسرائيلية
موجودة في ارض الرافدين، فستظل
مثل هذه التفجيرات قائمة،
وسيحدث المزيد من القتل وستسيل
المزيد من الدماء، ولهذا فان
على أبناء العراق الغيارى أن
يقطعوا تلك الأيدي لأنها
الطريقة الوحيدة التي يمكن من
خلالها إيقاف كل هذا النزيف. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |