ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عصر
الفتن.. ومخاطر تأجيجها يجب وضع حدّ لجميع الفتن الطائفية والدينية والقومية
والقطرية نبيل
شبيب أصبحت
ديار العرب والمسلمين.. أو
الدائرة الحضارية التي نشأت مع
ظهور الإسلام، مسرحا للفتن
المتوالية، تقطّع أوصالها،
وتستنزف قوى أهلها، وتضرب بعضها
ببعضها، من قبل تقويض ما بقي من
دولة الخلافة العثمانية، إلى ما
نشهده اليوم من تقويض ما نشأ من
الأقطار العربية والإسلامية
كباكستان والعراق والصومال
والسودان.. أصبحت
ديار العرب والمسلمين ساحة
مُستباحة لِما نشهده من فتن
تُصنع صنعا، طائفية وقومية
ووطنية، ما بين سنّة وشيعة على
امتداد الأرض الإسلامية وداخل
بعض أقطارها مثل العراق
وباكستان، وفتن محلية ما بين
أهل القطر الواحد كما في
الصومال والسودان، وقد تحمل
الفتن عناوين قومية ما بين
الأكراد والأتراك حينا، والعرب
والأمازيغ حينا آخر، والعرب
والأكراد حينا ثالثا.. وتكاد
تُضاف إليها جميعا فتنة خطيرة
أخرى ما بين مسلمين ومسيحيين،
فليس من باب "المصادفة" أن
تتوالى خلال فترة زمنية وجيزة،
أخبار إحراق الكنائس كإحراق
المساجد في فلسطين المحتلة،
وهجوم مسلح على كنيسة مسيحية في
بغداد، والإعلان عن مواقف قبطية
مرفوضة في مصر، إلى جانب تشويه
صورة الأحداث في السودان وترسيخ
انسلاخ جنوبه عن شماله وما
يرافق ذلك من تصريحات لا تعبّر
عن المسؤولية بصدد الانفتاح في
"جنوب مسيحي منفصل" على
الإسرائيليين. إن
الفتنة القائمة على العصبيّات
بمختلف أنواعها وأشكالها وصيغ
التعبير عنها مرفوضة جملة
وتفصيلا، سيّان ما يُعلن عند
تعزيز أوارها من ذرائع، وما
يُصطنع لها من أسباب. •
• • كلّ
توصيف للطرف "الآخر" في
كيان مشترك، هو توصيف يصنع
الفتنة، فليس "الآخر" سوى
قطعة من الذات ضمن الكيان
المشترك، صغيرا كان أو كبيرا،
مخالفا للرؤى الذاتية أو
موافقا، وكل ضرر يلحق به من داخل
الحدود أو خارجها، يلحق بالكيان
المشترك معه، ويضعف جميع أطرافه
دون استثناء. ولهذا
يجب أن يتضح للعيان من خلال
المواقف والممارسات يوميا،
أنّنا أولى ببعضنا بعضا، مهما
اختلفت المنطلقات والرؤى، من
أيّ طرف خارجي يزرع الأوتاد
داخل صفوف أهل هذه المنطقة وأهل
كل قطر من أقطارها على حدة. ولئن
انطلقنا من الإسلام عقيدة وفكرا
وتصوّرا وسياسة وتربية وسلوكا..
فأوّل ما ينبغي الوقوف عنده في
بلادنا وعالمنا وعصرنا، أنّ
الإسلام يعتبر العصبية مهما كان
شأنها منتنة مرفوضة محرّمة. إنّ الإسلام الذي كرّم "بني آدم" ابتداء.. لا يميّز بين مسلم وغير مسلم في المعاملة الدنيوية كما يشهد على ذلك عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم لنصارى نجران (انظر في مداد القلم: نصّ العهد النبوي لنصارى نجران ملزمٌ للمسلمين في كلّ مكان وزمان.. بقلم محمد السماك) http://www.midadulqalam.info/midad/modules.php?
name=News&file=article&sid=1626 .. ولئن
بلغ التناقض العقدي مبلغه، فذاك
ما يحاسب عليه ربّ العالمين يوم
القيامة.. وإنّ
الله تعالى خلق الناس من ذكر
وأنثى وجعل أسّ التعامل معهم
التعارف وأسّ التفاضل التقوى،
فلم "يسمح" الإسلامُ فحسب..
بل أكّد وجود قواسم مشتركة يمكن
التلاقي عليها من وراء الاختلاف
العقدي وسواه على غرار "حلف
الفضول".. وهذا ما نجد له
شواهد من عصرنا الحاضر، فقد بلغ
الأمر مداه في تقويض البيئة
والطبيعة والعلاقات البشرية
ووصل التقويض إلى القيم
الإنسانية المشتركة، واستهدف
العلاقات الأسروية التي لا
تختلف الأديان السماوية على
مكانتها، وتتعرّض جميعا للضغوط
تحت شعارات علمانية حداثية
مضلّلة مخادعة (انظر في مداد
القلم: من مخاطر شعار "فصل
الدين عن الدولة").. http://www.midadulqalam.info/midad/modules.php?
name=News&file=article&sid=1624 ولا
يعني ذلك إطلاقا الوقوف موقف
المتفرّج على تعدّي جهة من
الجهات على ما ينبغي أن يكون من
علاقات متوازنة ما بين الأديان
كما هو الحال مع اتّباع أساليب
مرفوضة في نطاق ما يُسمّى
التبشير في صفوف المسلمين (انظر
في مداد القلم: تساؤلات حول
التنصير بين التهوين والتهويل..
بقلم د. عبد السلام بلاجي). http://www.midadulqalam.info/midad/modules.php?
name=News&file=article&sid=1623 لقد
وقفت جهات مسيحية عديدة، من
داخل البلدان الإسلامية
وخارجها، تندّد بقوّة
بالإساءات المتكرّرة للإسلام
ومقام النبوّة، سيّان مَن كان
مصدرها، بما في ذلك الكنيسة
الكاثوليكية وإن كانت غالبية
تلك المصادر علمانية أصولية
مسيطرة على مراكز القوة في
الغرب.. كذلك وقفت جهات إسلامية
عديدة، تندّد بما تعرّضت لها
فئات مسيحية، وكنائس مسيحية من
أشكال العدوان، كعمليات
التفجير التي استهدفت كنائس في
العراق، أو عمليات التهجير التي
شملت المسيحيين في بيت المقدس.. ولهذا
آن الأوان أن يدرك أهل بلادنا
جميعا، أنّ الخطر الأعظم على
الجميع هو خطر الاستبداد الدولي
والمحلي، وأن الفتن على اختلاف
أنواعها هي الأرضية التي تتحقّق
فيها قاعدة "فرّق تَسُد"
فلا تحقّق لاي طرفٍ من أطراف
الفتنة مصلحةً قريبة أو بعيدة،
إنّما تخدم مطامع الاستبداد
الدولي والمحلي. •
• • آن
الأوان أن ننظر من وراء كل حجاب
تصنعه الفتن على اختلاف
أصنافها، لنبصر بوضوح أن ما
يتعرّض له المسلمون في فلسطين..
يتعرّض له المسيحيون في فلسطين
أيضا.. وما يتعرّض له السنّة من
ضغوط الهيمنة المادية الدولية
وحروبها يتعرّض له الشيعة أيضا..
وما يتعرّض له العرب في أقطارهم
يتعرّض له الأكراد والأمازيغ في
الأقطار ذاتها.. وإن كلّ فتنة
يجري تأجيجها أو اصطناعها ما
بين هذه الأطراف جميعا، لا تخدم
في نهاية المطاف سوى مطامع من
يواصلون العمل على تفتتيت هذه
المنطقة الحضارية المشتركة
الممتدة ما بين المحيطات الثلاث..
ومن يشارك في اصطناع الفتنة أو
تأجيجها يشارك في خدمة تلك
المطامع العدوانية. ولأنّ
المسلمين.. ولأنّ السنة من
المسلمين.. ولأنّ العرب في
البلدان العربية.. هم الغالبية
على مستوى العالم الإسلامي أو
العالم العربي أو الغالبية في
كلّ قطر من أقطار العرب
والمسلمين على حدة، يجب أن يظهر
للعيان بكل وضوح، في المواقف
الإسلامية والعربية، السياسية
والشعبية، الرسمية وغير
الرسمية، أنّنا أحرص على بعضنا
بعضا، وعلى الأقليّات داخل
بلادنا، وأولى بحماية حقوقهم
وحرياتهم المكفولة عبر النصوص
الشرعية مباشرة، والمنسية في
كثير من الممارسات التاريخية
والمعاصرة.. من أولئك الذين
يزعمون حماية تلك الحقوق
والحريات وهم يقوّضونها، أو
يوظفونها، أو يستغلّونها لخدمة
مطامع هيمنتهم على بلادنا، بمن
فيها من أكثريات وأقليّات، على
اختلاف عقائدها ومذاهبها
وتوجّهاتها السياسية وغير
السياسية. ولأنّ
هذه الأقليات على اختلاف
مسمّياتها، معرّضة مع الأكثرية
لتلك الأخطار، على امتداد
العالمين العربي والإسلامي،
وفي كلّ قطر على حدة، يجب أن
تعمل هي على الحيلولة دون ظهور
مواقف شاذة من داخل صفوفها، وإن
ظهرت فعليها هي أولا العمل على
إخماد الفتنة في مهدها، وعلى
تأكيد الانتماء المشترك الذي
يجمعها مع سائر أهل هذه البلاد
إلى المصلحة العليا المشتركة
فيها، فلا تدع مجالا للشكّ في أن
تكون ساحة لتنفيذ مخططات
ومؤامرات أجنبية، ولا أداةً
لإثارة فتن داخلية. هذا ما
يسري على العراق ومصر.. ويسري
على السودان وفلسطين.. ويسري على
باكستان والصومال.. ويسري على
نيجيريا ولبنان.. ويسري على
المسلمين من السنة والشيعة
وسواهما من أطياف الطوائف
الإسلامية، وعلى العرب
والأكراد والأمازيغ وسواهم من
الأطياف القومية، على امتداد
الدائرة الحضارية الإسلامية
التي تحتضن الجميع على أساس
العدالة والحقوق المصانة
والحريات القائمة على استنكار
كلّ صورة من صور الاستعباد
والاستغلال للإنسان، جنس
الإنسان، وجميع ذلك بأسمى ما
عرفته البشرية في تاريخها،
وأقوم ما طبقته في واقعها على
تعاقب الحضارات البشرية، ويجب
أن يعود للظهور في عالمنا
المعاصر، ولن يظهر بتغليب فئة
على فئة، واتجاه على اتجاه، بل
بتغليب المصلحة العليا على
المصالح الجانبية، والرؤى
المشتركة على الرؤى المتفرّقة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |