ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 08/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

حين يصمت الآخرون؟!

معن بشور*

حين لا تجد العدالة الدولية، بكل محاكمها المتكاثرة، الخاصة منها والعامة، الجزائية أو الجنائية، متسعاً من وقتها واهتمامها للتحقيق في جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، كالتي كشفت عنها منذ أسابيع وثائق سرية للبنتاغون حول الحرب على العراق، وقبلها بأشهر حول الحرب في أفغانستان،

 وحين لا يتحرك مجلس الأمن، الحاكم نظرياً للعراق بعد تحويل قوات الاحتلال إلى "قوات متعددة الجنسية"، ليضع يده على جرائم متعددة ضد القانون الدولي الإنساني ارتكبت خلال انتدابه العراق، وما تزال، متنازلاً بذلك عن حقه القانوني، وعن واجبه الأخلاقي في آن،

 وحين يسود الصمت أروقة جامعة الدول العربية، ومعها منظمة المؤتمر الإسلامي، إزاء ما يتعرّض له العراق وأهله وشعبه من قتل فردي وجماعي، واغتصاب وتدمير منهجي، بعد أن كان لهاتين المنظمتين السبق في الاعتراف بالاحتلال وإفرازاته وفتح الأبواب لتكريس الاعتراف بحكوماته في كل المحافل الدولية،

 وحين تتحول بغداد بأحيائها ومقاهيها وأسواقها، كما بكنائسها ومساجدها وحسينياتها، إلى مسلخ دموي يومي يستكمل مخطط تدمير دولة هامة بإبادة مئات الآلاف من أبناءها،

وحين تتمزق مشاعر البشر وهي ترى تناثر جثث الاطفال والنساء، في مدن العراق وحواضره على يد نوع من السفاحين لم يعرف لهم التاريخ مثيلاً،

وحين نجد هيلاري كلينتون، ومساعدها جيفري فيلتمان، متحمسة لمحكمة لبنان الخاصة وصامتة صمت القبور على جرائم إدارتها في العراق وافغانستان والموثقة رسمياً في مستندات "البنتاغون"،

 حينها... يكتسب الاجتماع القانوني التشاوري لعدد من المحامين الأجانب والعرب في بيروت يوم السبت في 6/11/2010 أهمية استثنائية لا لما ستسفر عنه مشاورات هؤلاء الخبراء من كبار المحامين والقانونيين من تحديد آليات وسبل ملاحقة ومقاضاة كل من كشفت تلك الوثائق عن مسؤوليته في تلك الجرائم غير المسبوقة في التاريخ الإنساني فقط، بل أيضاً لما يكشف هذا الاجتماع عن صحوة ضمير عربية وإنسانية تسعى بإمكانات محدودة، وفي ظل حصار متعدد الأشكال والأنواع، أن تعوض عن صمت دولي، وتواطؤ رسمي، عربي وإسلامي، وخداع العديد من منظمات حقوق الإنسان، المحلية والإقليمية والدولية، التي يرتفع ضجيجها حين يكون ذلك الضجيج في مصلحة السياسات المهيمنة على العالم، ويخبو صوتها حين يرتكب أصحاب هذه السياسات جرائم كتلك التي كشفت عنها وثائق البنتاغون ونشرها موقع (ويكيليكس) الذائع الصيت.

وتزداد أهمية هذا الاجتماع حين ندرك أن رئيسه وزير عدل أمريكي سابق (رامزي كلارك) كان سباقاً في إنشاء موقع "أدينوا بوش" ليوقع عليه منذ سنوات أكثر من ربع مليون أمريكي رأوا أن المتضرر من جرائم إدارتهم ليس ملايين البشر خارج أمريكا فحسب، بل سمعة بلادهم، وحياة أبنائهم، وسلامة اقتصادهم، ونفوذ دولتهم وهيبتها في العالم، وحين ندرك أيضاً إن منسقي الاجتماع هما منظم المسيرات المليونية في المغرب من أجل العراق وفلسطين الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي (المحامي خالد السفياني) ، وأحد أبرز موظفي الأمم المتحدة السابقين في العراق المحاصر والذي كان من اوائل الذين قدموا استقالتهم احتجاجاً على التلاعب "الأممي" ببرنامج النفط مقابل الغذاء في العراق وبمهام لجان الأمم المتحدة للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة (الدكتور محمد أشرف البيومي) وهو أيضاً من وجوه مصر الوطنية والأكاديمية الشجاعة.

وما مشاركة محامين بارزين من فرنسا وبلجيكا وإسبانيا والنمسا والنروج وبريطانيا، وشخصيات حقوقية وقانونية عربية بارزة كأمين عام اتحاد المحامين العرب (إبراهيم السملالي) ورئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان (د. محسن عوض) والوكيل السابق لوزير خارجية مصر (د. عبد الله الاشعل)، وأمناء المؤتمر القومي العربي (أ. عبد القادر غوقه)، والمؤتمر القومي – الإسلامي (أ. منير شفيق)، وشخصيات قانونية، عراقية وسورية وأردنية وفلسطينية ولبنانية، إلاّ خطوة جديدة على طريق تشكيل جبهة قانونية عالمية أعطت أول ثمارها في تعقب مجرمي الحرب في غزّة، كما في إطلاق حملة عالمية قانونية لملاحقة مجرمي الحرب في العراق انطلقت في 1/4/2010 من العاصمة اللبنانية، بالإضافة إلى انعقاد ملتقى الجزائر العربي الدولي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال بعد شهر بهدف تحويل قضية الآلاف من الأسرى والمعتقلين إلى قضية ضمير عالمي تكسر جدار الصمت عن هؤلاء الذين يعانون من أبشع أساليب القهر والتعذيب.

إن بيروت باحتضانها لهذا الاجتماع، ولكل الفعاليات المماثلة، إنما تجدد عهدها مع لقب قديم أعطي لها منذ قرون وقرون وهو "أم الشرائع"، وتؤكد أنها، رغم كل ما تعانيه، تبقى عاصمة العروبة والحرية وحقوق الإنسان، بل عاصمة المقاومة لكل احتلال وقهر وظلم.

أما احرار الأمة والعالم المجتمعون اليوم في بيروت، فهم باجتماعهم القانوني انما يضعون لبنة جديدة في بنيان المناعة الإنسانية ضد تفشي هذه الجرائم المرعبة ضد الإنسانية، عبر الاقتصاص من مرتكبيها أيّأ كانوا، كما يعربون عن تضامنهم الحقيقي مع ضحايا هذه الجرائم لا في العراق فحسب، بل في فلسطين وافغانستان وباكستان ولبنان وحيثما هناك فوضى امريكية منظمة.

حين يصمت الآخرون... لا بد أن تتحرك قلّة تعبّر عن ضمير الأمة والعالم... فتجعل ممكناً ما كان يبدو مستحيلاً... وتجعل للحق قوته بعد أن سأم العالم عصراً أراد تحويل القوة إلى حق.

ـــــــ

*رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ