ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تداعيات إلغاء المحكمة الدولية الخاصة في لبنان وارتداداته
الإقليمية! الطاهر
إبراهيم* يوم
انسحب وزراء حزب الله وحركة أمل
في صيف عام 2007 من حكومة "فؤاد
السنيورة" الأولى، عندما
أراد مجلس الوزراء اعتماد
المحكمة الدولية الخاصة
بمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد
"رفيق الحريري" ورفاقه، لم
يكن ليدور بخلد الكثيرين من
اللبنانيين إلا أن الانسحاب هو
نوع من الاصطفاف مع النظام
السوري، إذ توجهت أصابع الاتهام
نحوه لعلاقته بشكل أو بآخر
باغتيال الرئيس "الحريري"
يرحمه الله. ولو أن أحدنا أمعن
التفكير "وحسبها صح" ربما
توصل إلى أن حزب الله ماكان
ليخلي مكانه في الوزارة كرقيب
على كل كبيرة وصغيرة إلا لشيء
أهم من الوزارة. فقد أراد ألا
يسجل عليه أنه وافق على اعتماد
المحكمة الدولية حين كان شريكا
في الحكومة ومن ثم عليه أن يقبل
بأحكامها عندما تصدر. ذلك ما كان
الحزب يخشاه إذا ما ثبتت إدانة
عناصر منه، ما يعني أن تقودهم
الإدانة إلى قفص الاتهام. وإذا
كان حزب الله "حسبها صح" من
وجهة نظره حسبما اقتضت مصلحته،
فإن على رئيس الحكومة "سعد
الحريري" هو الآخر أن
"يحسبها صح" من وجهة نظر
اللبنانيين ووجهة نظره كقائم
على مصالح من اغتيل أقرباؤهم من
اللبنانيين وهو واحد منهم،فيقف
ليقول للحزب بالفم الملآن : لا
وألف لا، وليس أمام الحريري
بالحساب الصحيح إلا ذلك.
إذ لو
استجاب الحريري للضغط الذي
يمارسه حزب الله عليه وعلى
اللبنانيين جميعا، فقبل بوصفه
"ولياً للدم" ورئيسا
للحكومة، أن يطلب من مجلس الأمن
"استعادة" المحكمة والصفح
عن قتلة والده، فربما صفق له بعض
اللبنانيين، وربما توافد عليه
البعض الآخر، يشكرون له وطنيته،
لأنه جنّب اللبنانيين فتنة،
كثيرا ما دعاه البعض لتجنيبها
اللبنانيين، مثلما فعل حليف
"نصر الله" النائب
"سليمان فرنجية" (عندما كان
يحذّّر من حرب أهلية إذا ما
اتهمت "المحكمة" حزب الله).
النائب "فرنجية في كلامه هذا
كان يلوح "بالعصا" التي
طالما رفعها "نصر الله" في
وجوه اللبنانيين مهددا ومتوعدا
ومرغيا ومزبدا، إذا لم يتم شطب
المحكمة التي "سممت!" أجواء
اللبنانيين كما كان يزعم
"المخوشقون"** ممن يدورون
في فلك حزب الله... ولكن! ماذا
سيكون عليه الأمر في لبنان بعد
ذلك؟ إن
حقيقة الأمر بخلاف ما زعمه
سليمان فرنجية ومن بعده وليد
جنبلاط. لأن إلغاء المحكمة
الدولية هو الذي سيخلق الفتنة.
فلو قَدِرَ "نصر الله" على
تنفيذ تهديداته وحمل الحكومة
على الرضوخ لمطالبه وإسقاط
المحكمة الدولية، فستضيع دماء
"رفيق الحريري" وهو مَنْ هو
عند اللبنانيين! إذا استطاع
"نصر الله" ذلك فهو أقدر
على حمل الحكومة على تنفيذ
رغباته التي هي أقل من ذلك. وهي
رغبات لا تنتهي، تبدأ من إرغام
اللبنانيين على قبول سلاحه الذي
استعمله يوم أن احتل بيروت في 7
أيار من عام 2008 وروع الآمنين،
ولا تنتهي لأنه يريد من الحكومة
التي هو شريك بها، رفض أي قرار
لا يناسبه. حتى
نتصور ما يمكن أن يفعله حزب الله
في لبنان، لنتذكر كيف أدخل
الحزب اللواءَ المتقاعد
"جميل السيد" مطار رفيق
الحريري "بعراضة"،مع أنه
كان مطلوبا للمباحث الجنائية
المركزية بسبب تطاوله على رئيس
الحكومة "الحريري" في
مؤتمره الصحفي الذي عقده في13
أيلول، حيث قال "السيد":
"اقسم بشرفي يا سعد الحريري
إن لم تعطني حقي فسآخذه بيدي في
يوم ما!". هذه "البروفة"
نفذها حزب الله وما تزال كثير من
مراكز السلطة ليست بيده. بل إني
أزعم أن أكثرها كان في يد من
يؤيد المحكمة الدولية الخاصة،
فكيف سيكون عليه الأمر فيما لو
استطاع "نصر الله شطب المحكمة
الدولية من قاموس لبنان؟ إذا
استطاع حزب الله شطب المحكمة
الدولية الخاصة فهو على غيرها
أقدر. فسيصبح رئيس الحكومة
اللبنانية، -سواءً أكان سعد
الحريري أو غيرَه- رئيسا شرفيا،
مهمته تنفيذ رغبات "نصر
الله". ويكون منصب رئيس
الحكومة منصب تشريفات، يستقبل
ويودع، هكذا يقول منطق الأمور.
عندها لن يستطيع أحد أن يقف في
وجه نصر الله. و لن يستطيع سماحة
مفتي الجمهورية اللبنانية
"محمد رشيد قباني" أن يقف
كما وقف يوم حاصرت ميليشيات حزب
الله رئيس الحكومة "فؤاد
السنيورة" داخل السراي
الحكومي بعد صلاة الجمعة أمام
مسجد الإمام "علي كرم الله
وجهه" في بيروت في خريف عام 2007
ليقول: "إن إسقاط الحكومة
ورئيسها في الشارع خط أحمر ولن
نسمح به أبدا". نحن
نعتقد أن حزب الله لن يستطيع
–على أرض الواقع- أن ينفذ
تهديداته بشطب "المحكمة"
الدولية في لبنان. فإلغاء
المحكمة الدولية لا يعني أن
"نصر الله" لوى ذراع "سعد
الحريري" فحسب، بل يعني أن
حزب الله كسر شوكة أهل السنة
بلبنان، وهذا مالا يستطيعه حزب
الله ولا يسمح به أهل السنة لأن
ذلك دونه "خرط القتاد". كما
نعتقد ويعتقد معنا كثيرون أن
نصر الله يمارس نوعا من
"التهويش" والتخويف
والترهيب، لكنه لن يتجرأ أن
يعيد سيناريو 7 أيار 2008 ثانية،
لأنه يعرف أن أهل السنة
وزعماءها في لبنان، لا يخافون
هذه الخزعبلات. يبقى أن نقول: إن
تداعيات إلغاء المحكمة الدولية
لن تنحصر في لبنان وحده، لأن
ارتداداتها الإقليمية ستمتد
إلى ما وراء حدود لبنان، وهو
الأمر الذي قد لا يدرك أبعاده من
يلعب بالنار من دول
المنطقة، وربما تظن تلك
الدول أنها بمنجى عن ارتدادات
إلغاء المحكمة الدولية، "ولا
يحيق المكر السيئ إلا بأهله". ــــــ *كاتب
سوري ______ **المخوشقون:
كلمة تقال لمن يتزلف للقوي
وصاحب السلطان.
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |