ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سلام
مدفوع الأجر أ.
محمد بن سعيد الفطيسي*
لم نعتد ان تفوت حكومات
المستعمرة الإسرائيلية الكبرى
الفرص على نفسها في العديد من
المحافل والمناسبات , فهي كما
عهدناها دائمة الاستغلال لكل
واردة وشاردة في مفاوضاتها مع
أطراف السلام في الشرق الأوسط ,
فما بين قروض وإعفاءات ومساعدات
وضمانات أميركية ودولية , كانت
ولا زالت وستظل تلك المستعمرة
تنهل من ذلك المورد الخصب
والسهل , والذي طالما كانت تنال
منه نصيب الأسد مقابل دفعها
للمساهمة في سلام واهم لا قيمة
له .
وللأسف الشديد – كانت الدول
الغربية وعلى رأسها الولايات
المتحدة الاميركية اكبر
المروجين والملتزمين بهذا
النوع من السلام المأجور
والمدفوع ثمنه مسبقا , وحتى في
هذه الحالة كما يعلم الجميع ,
فان تلك المحفزات المادية
الكبيرة والهادفة لتحفيز
حكومات الكيان الإسرائيلي
للدخول في مفاوضات بقصد تحقيق
بعض السلام والتهدئة مع الأطراف
الفلسطينية والعربية لم تدم
طويلا , فهي – أي – تلك الأموال
ليست أكثر من مجرد " رشاوي "
تدفع بطريقة غير مباشرة ومن
أموال دافعي الضرائب , وتحت
مسميات محرفة وساخرة لإرضاء
الطرف الصهيوني .
- وبمعنى آخر – انه لا سلام
مع العرب والفلسطينيين سوى
مقابل تلك المحفزات المادية
الباهظة , والتي " تتكرم
وتتلطف " الولايات المتحدة
الاميركية ودول أوربا في دفعها
للصهاينة مقابل بعض التنازلات
لإرضاء الطرف العربي ,
وللمساهمة في توسيع رقعة السلام
مع العرب كما يدعون , والسلام
منهم براء , بل وربما تسمى في بعض
المناسبات " بالمساعدات
الإنسانية لتحقيق السلام "
بينما هي وفي حقيقة الأمر "
جريمة في حق الإنسانية "
تساعد فيها تلك الدول المستعمرة
الإسرائيلية الكبرى على توسيع
رقعة ترسانتها من الأسلحة التي
ستقتل بها الفلسطينيين والعرب
لاحقا , بل ويتم بناء المستوطنات
الإسرائيلية بها .
والغريب في أمر تلك
المساعدات والضمانات الاميركية
والأوربية , أنها طالما اعتبرت
التزام أخلاقي تاريخي لمستعمرة
الخوف والإجرام الصهيوني , وهي
كما يقولون لن تكلف تلك الدول
الكثير , مع أنها وبحسب العديد
من الدراسات الاميركية الرسمية
كانت واحدة من أسباب تدهور
الاقتصاد الأميركي منذ العام 1949م
وحتى اليوم , وليس ذلك فقط , بل
وكما يؤكد ذلك العديد من
الباحثين والمراقبين والمحللين
السياسيين والاقتصاديين, كانت
السبب في تعنت وغطرسة الكيان
الصهيوني في مفاوضاته مع العرب
طيلة أكثر من ستة عقود .
فاستنزاف إسرائيل لأموال
دافع الضرائب الأميركي بشكل غير
عادي , شل قدرة الولايات المتحدة
الاميركية على أعادة بناء
بنيتها التحتية المتدهورة ,
ومدنها المليئة بالأحياء
الفقيرة , ودعم صناعاتها
المتعثرة , كما يؤكد ذلك عضو
الكونغرس الأميركي بول فندلي
صاحب كتاب " من يجرو على
الكلام " وكتاب " الخداع
" , حيث يؤكد ان قيمة
المدفوعات الاميركية لمستعمرة
الكيان الصهيوني منذ العام 1967م
وحتى العام 1991م , بلغت ما يقارب
الـ 77 مليار دولار اميريكي , - أي
– بمعدل 3.2 مليار دولار سنويا .
وفي واحد من أهم التقارير
الاميركية الصادرة عن الكونجرس
الأميركي خلال العقد الأول من
القرن الحادي والعشرين , ما كان
يؤكد بان حجم تلك المساعدات فاق
الـ 90 مليار دولار سنويا منذ 1976م
وحتى العام 2003م , - أي – بمعدل 3.3
مليار دولار سنويا , وبالطبع فان
تلك المساعدات وبحسب نفس المصدر
لا تدخل فيها ضمانات القروض
والتبرعات الخاصة والإعفاءات
الجمركية والتسهيلات المصرفية
وعائدات السندات ، وكلها بنودٌ
لا تحسب مساعدات رسمية ، ولكنها
تصل إلى عشرات إضافية من
مليارات الدولارات.
هذا بالإضافة الى أن هذه
المساعدات الأمريكية لـ"إسرائيل"
تتم بشروط غير متيسرة لأية دولة
أخرى في العالم , فالمساعدة مثلا
تُعطى نقدا للحكومة "الإسرائيلية"
دون أن تحتاج لتقديم أي تفسيرات
حول كيفية إنفاقها ، حتى إن
بعضها - حسب تقرير الكونجرس نفسه-
يذهب لشراء سندات وزارة المالية
الأمريكية مما يعود على "إسرائيل"
بالفوائد المجزية , وقد سمح
باستخدام جزء من المساعدة
العسكرية بنفس الطريقة ابتداءً
من عام 1990 م , كما أن المستعمرة
الإسرائيلية وحدها تحصل على
كامل قيمة المنح المخصصة لها في
الشهر الأول من السنة المالية ،
مما يكلف الحكومة الأمريكية
ملايين الدولارات من الفوائد ،
بينما تأخذ الدول الأخرى منحها
على 3 أو 4 دفعات على مدى العام.
هذا بخلاف المساعدات والمنح
العسكرية , وهي ما نود الإشارة
إليه من خلال هذا الطرح , حيث
تلاحظ لنا قيام الولايات
المتحدة الاميركية على زيادة
مخزون إسرائيل من الأسلحة
الثقيلة والمتطورة خلال
الأعوام الثلاثة الأخيرة بشكل
لافت للنظر " 2008 – 2009 – 2010م
" , وبالطبع فان تلك الأسلحة
المدفوعة الأجر مسبقا , والتي
اشترتها الولايات المتحدة
الاميركية من نفسها لتسلمها الى
حليفها الاستراتيجي في الشرق
الأوسط بكل حب وكرامة , ولأهداف
لن تتجاوز الدماء الإسلامية
والعربية في فلسطين ولبنان
وسوريا وربما الجمهورية
الإسلامية الإيرانية لاحقا ,
هذا بخلاف ما أشارت إليه صحيفة
"هآرتس" من أن الجيش
الأمريكي سيزيد بشكل كبير
مخزونة من الأسلحة المودعة في
إسرائيل بحلول نهاية 2012 م .
هذا بخلاف الهدية المجانية
الضخمة التي أهدتها الولايات
المتحدة الاميركية لإسرائيل
هذا العام مقابل بعض التنازلات ,
كالانسحاب من القسم الشمالي من
قرية الغجر إلى جنوب ما يطلق
عليه الخط الأزرق الحدودي مع
لبنان , وإيقاف الاستيطان ولو
بشكل مؤقت , والدخول في مفاوضات
واهمة مع العرب , والله اعلم
ماذا تخبئ الولايات المتحدة
الاميركية وإسرائيل في
المستقبل القريب لخارطة الشرق
الأوسط !!
حيث انه وفي هذا السياق الغريب
والمريب , قال مراسل صحيفة هآرتس
الإسرائيلية معلقا على الصفقة
أن ( الأرجح أبعد بكثير من مجرد
وقف بعض منصات الاستيطان , الأمر
ربما يتعلق بصفقة ما بين واشنطن
وتل أبيب حول المسألة الإيرانية
)
أما الهدية فهي 20 طائرة من
طراز “إف 35” , وهذه الأخيرة هي (
قاذفة مقاتلة بعيدة المدى تبلغ
فعاليتها أربعة أضعاف فعالية أي
مقاتلة حديثة راهنة تابعة إلى
الجيل الرابع للطائرات على غرار
“إف 15” و”إف 16” و”إف 18” و”يويورفايتر”
, والميزات
الرئيسة لـ”إف 35”، ناهيك عن
أنها خفية ولا يلتقطها الرادار،
هي قوة مُحرّكها الذي يولّد
طاقة أكثر من مجموع محركين في
طائرة “إف 18”، والأجهزة
الإلكترونية فائقة التطور
والتعقيد التي تمكّنها ليس فقط
من الاختفاء بل أيضاً من تشويش
وشلّ أي طائرات أو دفاعات جوية .
كما أنها مزوّدة بمدفع من
عيار 25 ملليمتراً ، وصواريخ جو
جو , وجو أرض ، و”قنابل ذكية”
عدة، وهي قادرة على حمل 6،8 طن من
الأسلحة والذخيرة , وستكون
الجيل الجديد الأكثر تطوراً من
طائرات سلاح الجو الأمريكي الذي
سيُحيل إلى التقاعد الجيل
الحالي من طائرات “إف 15” و”إف
16” ) , فهل تلك التنازلات بحجم
الهدية ؟ وهل فعلا يستحق ذلك
السلام المدفوع ثمنه مسبقا , تلك
القيمة مقابل ذلك الحجم من
التنازلات الرخيصة والتي نعرف
نتائجها مسبقا !!!!؟ بالطبع هي
أسئلة وتساؤلات ربما لن نعرف
إجابتها حتى إشعار آخر . ـــــــ *باحث
في الشؤون السياسية والعلاقات
الدولية – رئيس تحرير صحيفة
السياسي التابعة للمعهد العربي
للبحوث والدراسات الإستراتيجية ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |