ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مشهد
مهيب في الخرطوم ونموذج
للتواصل الشعبي بين العرب
والافارقة معن
بشور
كان المشهد مهيباً في قاعة
طرابلس في فندق برج الفاتح في
الخرطوم، فقد احتشد على مدى
يومين كاملين أكثر من 500 مشارك
من 50 دولة عربية وافريقية،
اغلبهم من الشباب، في مؤتمر
التضامن الأفروعربي الاول الذي
دعت إليه اللجنة العليا لتضامن
الشعوب العربية الأفريقية في
السودان بالتعاون مع المركز
العربي الدولي للتواصل
والتضامن – مركزه بيروت – في
إطار سلسلة مبادرات يطلقها
المركز لتفعيل التضامن
والتواصل على مستوى الشعوب بين
الأمة والعربية وامم العالم
كافة.
جلسات المؤتمر توالت
بانتظام وانضباط حرص عليهما
دائماً رئيس اللجنة التحضيرية
الدكتور قطبي المهدي، واوارق
العمل التي تناولت مختلف جوانب
العلاقة بين الأفارقة والعرب
اتسمت بقدر عالٍ من الروح
العلمية والكفاءة الأكاديمية
والالتزام الشديد بمصالح
الشعوبـ، والمناقشات (التي حرص
على توسيع المشاركة فيها
الأستاذ خالد السفياني أبان
ترؤسه لإحدى
الجلسات) أثرت الأوراق
وأغنتها خصوصاً مع مشاركة
الشباب والنساء بقوة فيها، فلقد
أتسم المؤتمر أيضاً بالحرص على
إعطاء دور خاص للنساء من خلال
ترؤس رئيسة الاتحاد النسائي
العربي الدكتورة رمزية
الارياني جلسة المؤتمر الاولى،
ومن خلال اوراق وابحاث تاريخية
وقانونية قدمتها مشاركات
مختصات شاركن في المؤتمر.
عدد كبير من المؤتمرات
والاتحادات العربية الجامعة
حضرت بشخص امنائها العامين، مما
وفر الاساس الشعبي الفعلي
لمؤتمر التضامن الافروعربي
وحوله من مؤتمر نخبوي إلى اطار
فاعل على المستوى الجماهيري.
برلمانيون عرب وافارقة،
ومعهم اكاديميون بارزون ورجال
دين مسلمون ومسيحيون، من عدة
بلدان أضفوا على المؤتمر بعداً
علمياً وتشريعياً وروحياً يمكن
الاستناد اليه مستقبلاً في
ترجمة التوصيات التي تم
اعتمادها في إعلان الخرطوم
للتضامن العربي الافريقي
الصادر عن المؤتمر.
لم تغب قضايا الأمة
الرئيسية عن مناقشات المؤتمر
سواء في فلسطين أو العراق أو
السودان، وكان واضحاً مدى اتساع
الوعي بمندرجات هذه القضايا لدى
المشاركين، خصوصاً لدى الشباب
الافريقي، الذين عبروا بحرارة
بالغة عن مواقفهم كما عن فهمهم
العميق لطبيعتها.
ففلسطين ببعدها الوطني
والقومي والعالمي كانت الحاضر
الاكبر في كل المناقشات، وكانت
مقاومة المشروع الصهيوني
العنصري المرجع الذي يحتكم اليه
المتحاورون في تقييمهم لكل
جوانب العلاقة، ماضياًَ
وحاضراً ومستقبلاً، بل كانت
فلسطين حاضرة بشخوص مميزة عبر
مطران القدس في المنفى ايلاريون
كبوجي الذي أثرت كلمته كثيرا
لدى المشاركين وفتحت امامهم
آفاقاً رحبة، وعبر نواب غزة
وعلى رأسهم نائب رئيس المجلس
التشريعي د. احمد محمد بحر الذين
حملوا اوجاع الحصار ومعاناة
شعبهم، وعبر ممثلي فتح وحماس
والجبهة الشعبية والقيادة
العامة والانتفاضة الذين
استمعوا إلى دعوات حارة من
الجميع لانهاء الانقسام السائد
على الساحة الفلسطينية وللتمسك
بنهج المقاومة واسقاط الرهان
على مفاوضات اثبتت عقمها،
وتسوية لم تكن أكثر من ملهاة
يستكمل اعداء الأمة في ظلها
مخططاتهم لتهويد فلسطين وتمزيق
الأمة.
العراق أيضاً لم يغب بقضيته
الملتهبة، كما برموز مقاومته،
عن المؤتمر الذي رأى المشاركون
أن احتلاله
كان اخطر مؤامرات هذا القرن،
وكما رأوا في مقاومته ابرز
مداميك التحولات الكبرى في
المنطقة والعالم. ولعل حضور
العراق عبر ممثلي مقاومته هو ما
يميّز المؤتمرات الشعبية عن
الرسمية التي تتناسى ان في
العراق احتلالاً ومقاومة ، وان
فيه ومشاريع تقسيم
ومحاصصة وتفتيت وقوى تناهض
هذه المشاريع.
وحدة السودان أيضاً كانت
شاغل الحاضرين ومصدر قلقهم وقد
اعتبروا ان احد اهداف مؤتمرهم
هو تعطيل احد الاهداف الرئيسية
لتقسيم السودان أي تعطيل دوره
كمعبر للتواصل العربي –
الافريقي، وكان لافتاً ان خطاب
المؤتمرين كان موجهاً "للأهل
في جنوب السودان شركاء الهم
والمصير" لكي يتنبهوا إلى
المنزلقات التي سيقودهم اليها
الانفصال اذا وقع، كما كان
موجهاً إلى
المتحمسين للانفصال في واشنطن
وعواصم الغرب يسألهم كيف
تعاملوا سابقاً،
ويتعاملون الآن، مع أي
مجموعات أثنية أو قومية أو
دينية تسعى للانفصال عن دولهم. الأمن
الغذائي والبيئي العربي –
الافريقي، وكذلك الامن المائي،
كانا محورين هامين في المؤتمر
عرض لهما بشكل علمي بالغ خبيران
مختصان فاستحقا اهتمام الحضور
حيث عبر العديد من المشاركين عن
استماعهم لمعلومات هامة وجديدة
تضيء جوانب مجهولة من تلك
القضايا.
منظمو الندوة السودانيون
وعدوا ان تصدر الاوراق
والمناقشات القيمة في كتاب
باللغات العربية والانكليزية
والفرنسية يوزع على المشاركين
وفي دولهم الخمسين، بل في كل
انحاء العالم.
السؤال الملّح الذي حمله
المشاركون هو ماذا بعد؟ هنا اكد
د. قطبي المهدي في افتتاح
المؤتمر انه "للمؤتمر ما
بعده"، فيما عرض المركز
العربي الدولي للتواصل
والتضامن جملة مقترحات
مستقبلية منها دورية انعقاد
المؤتمر، وإنعقاد ملتقى
للتواصل الشبابي العربي
الافريقي، ومتابعة فكرة ترجمة
نصوص عربية وافريقية متبادلة،
وعقد اجتماعات متخصصة لقطاعات
محددة أو لموضوعات خاصة، بحيث
يمتلأ الفضاء العربي –
الافريقي بكم من التحركات
والمبادرات تعيد الحرارة إلى
علاقة حميمة
فيها من آفاق المستقبل ما لا
يقل عن روابط
الماضي وتحديات الحاضر.
شعار هذا المؤتمر، كما كل
مبادرة مماثلة: بدلاً من ان
تلعنوا الظلام ، اشعلوا شمعة.
وكما أشعلنا في الخرطوم
يومي 27 و 28 من نوفمبر/تشرين
الثاني شمعة على طريق التضامن
الافرو عربي، سنشعل في الجزائر
بعد ايام وفي 5 و 6 ديسمبر/كانون
الاول شمعة
من اجل اسرانا والمعتقلين في
سجون الاحتلال. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |