ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 07/12/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

حرائق الكرمل واختلاط المشاعر

عريب الرنتاوي

بدت الشابة شديدة الاقتناع بما تقول: قرار السلطة الفلسطينية إرسال فرق إطفاء للمساهمة في إخماد الحرائق المندلعة في "غابات الكرمل"، قرار صائب، ويجب دعمه، ولا يجوز إدراجه في سياق "التنسيق الأمني" ولا ينبغي "تسييسه" بحال من الأحوال.

قلت: هل تقصدين أن هذه "البادرة الإنسانية" سيكون لها إنعكاس إيجابي على "صورة الفلسطيني"، وأن القرار صائب سواء صدر عن "باعث إنساني مجرد وعميق" أو اندرج في سياق لعبة العلاقات العامة التي يبدو أنها صارت الساحة الأبرز من ساحات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 

قالت: لا هذا ولا ذاك، فالأشجار التي تحترق هي أشجارنا، زرعها أجدادنا، أو اعتنوا بها على أقل تقدير، والقرى التي تحاصرها النيران، هي قرانا، حتى وإن سكن فيها أو على مقربة منها "مستوطنون غرباء"، وليس هناك من هو أحق منا بالعمل لمنع تحوّلها إلى وقود للنيران المشتعلة.

 

هي صورة استوقفتني بعض الشيء، الفصل بين المكان وما فيه من شجر وحجر، وبين الإنسان الذي هو "العدو المدجج بالحقد والكراهية"، وهي مقاربة مختلفة عمّا قرأت وسمعت من مقاربات منافحة عن التطبيع أو مناهضة له، وهي صورة تعكس التعقيدات الهائلة التي يعيشها الإنسان الفلسطيني في علاقاته مع "الآخر" والشتات، والوطن المحتل على دفعات في 48 و67، إلى غير ما هنالك.

 

والحقيقة أن ملاحظة السيدة الشابة ذكّرتني بانطباعاتي عن أول زيارة عبرت فيها الخط الأخضر، إلى المناطق الفلسطينية المحتلة عام 48، إذ بخلاف زياراتي لعشرات الدول في العالم، فإن المشاهد الجميلة في فلسطين أزعجتني كما المشاهد القبيحة...فعندما كنت آرى الخراب المقيم في بعض القرى وأطراف المدن والبلدات الفلسطينية، كنت أحزن أشد الحزن، فهذه المناطق كانت تعج بالحياة ذات يوم، وبمقدورك إن أنت أصغيت جيداً أن تسمع أصوات المآذن وأجراس الكنائس وأصوات الحيوانات المنزلية، ناهيك عن ضجيج البشر والشجر والحجر.

 

وإن أنت مررت بمنظر جميل، كما هو الحال في الكرمل الذي يحترق هذه الأيام، تشعر بالغصة تمتد من الحلق إلى القولون الملتهب، فكل هذا الجمال الطبيعي، كان لك ولأجدادك ذات يوم، قبل أن تستيقظ على صور النكبة والنكسة والهزيمة، وتحمل لقب لاجئ، وتحظى برقم طويل نسبيا في كشوف الأونروا.

 

إنها تجربة فريدة حقاً،  تجعلك تقف حائراً ومتردداً، فالمنطق الطبيعي للحروب والصراعات يملي عليك أن لا تهرع لمد يد العون للغابات المحترقة خلف خطوط العدو، بل ويبيح لك إشعال هذه الحرائق والتسبب بها، ولكن إحساسك بأنها أرضك وزرعك وشجرك، وأن أجدادك تفيّؤوا ظلالها ذات يوم، يجعلك تغمض الأعين عن "شبهة التطبيع"، أو هكذا ترى الشابة / اللاجئة.

 

وأياً يكن من أمر، فإن ثمة دلالة لحرائق الكرمل، تتخطى الإحساس المركبة والمشاعر المختلطة، إلى القناعة بأنها تكشفت عن "تواضع" دولة الشعب المختار والجيش الذي لا يقهر، لقد هزمتهم النيران، وظهروا كدولة "عالمثالثية"، لا أكثر ولا أقل، لقد أزالت النيران قناع القوة والتفوق، وأعادت المارد الإسرائيلي إلى حجمه الطبيعي، بل وأكاد أجزم بأنه لم يكون يوماً مارداً، وأننا نحن من صنع أسطورته وطاف بها الآفاق. ألم يجهدوا في تربيتنا، جيلا بعد جيل، على نظرية أن إسرائيل دولة لا تقهر، وأن الصدام معها سينتهي إلى الهزيمة لا محالة ؟!.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ