ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الهجرة
النبوية درس في حب الوطن أ.د.
عبد الرحمن البر* كان
النبي صلى الله عليه وسلم شديد
الحرص على أن تكون أم القرى مكة
المباركة هي منطلق الدعوة ،
وقاعدة الرسالة ، وأن يكون
أهلها -وهم أهله الأقربون -
حُماة الدين وحُراس العقيدة ،
على النحو الذي سبق بيانه .
ولذا
فقد آلم نفسه أشد الإيلام
اضطرارهم إياه للبحث عن قاعدة
أخرى ، ثم الخروج إلى بلد آخر ،
وهيَّج ذلك في نفسه الكريمة
معاني ومشاعر كبيرة وكثيرة ، إذ
لم يكن من السهل على صاحب هذه
النفس العظيمة أن يصير حاله مع
بلد الله الحرام التي نشأ في
ربوعها ، واختلط بأهلها
وأشيائها ، وتجاوبت عواطفه مع
مقدساتها ، وطبعت ذكريات أيامه
في مختلف نواحيها إلى الاضطرار
للخروج منها . وقد
صورّ النبي الكريمُ صلى الله
عليه وسلم هذه المشاعر في
كلماتٍ مؤثرة
خاطب بها بلد الله الحرام . 1- فعن
عبدالله بن عباس رضي الله عنهما
قال : لما خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم من
مكة قال : (أمَا والله لأخرج منك
، وأني لأعلم أنك أحب بلاد الله
إلىَّ ، وأكرمه على الله ، ولولا
أن أهلك أخرجونى منكِ مَا خرجت)
(1) . 2 - وفي
رواية : أن النبي صلى الله عليه
وسلم لما خرج من الغار التفت إلي
مكة ، وقال : "أنت أحب بلادِ
الله إلى الله ، وأنت أحبُّ بلاد
الله إلىُّ ، ولو أن المشركين لم
يخرجونى لم أخرج منك ، فأعدى
الأعداء مَنْ عَدَا على الله في
حرمه ، أو قتل غير قاتله ، أو قتل
بذحُول (2) الجاهلية). فانزل الله
على نبيه صلى الله عليه وسلم ((وَكَأِيِّن
مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ
قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ
الَّتِي أَخْرَجَتْكَ
أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ
لَهُمْ))(3) (محمد : 13) . 3 - وفي
رواية قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم
لمكة : (( ما أطيبك من بلد ،
وأحبّك إلىّ! ولولا أن قومك
أخرجونى منكِ ما سكنتُ غيرك
)) (4) . إن حب
الوطن فطرة إنسانية ، ولم تزل
الشعوب على اختلاف عقائدها
وميولها أجناسها متفقة على هذه
الفضيلة ، متجاوبة المشاعر مع
هذه الفطرة . قال عمر
رضي الله عنه : عَمَّر اللهُ
البلدانَ بحب الأوطان . وقال
ابن الزبير : ليس الناس بشيء من
أقسامهم (أي ما قسمه الله لهم من
الأرزاق والحظوظ)
أقنع منهم بأوطانهم . وقيل :
من علامة الرشد أن تكون النفس
لبلدها تواقة وإلى مسقط رأسها
مشتاقة . وقال
بعضهم : وكُنا
ألِفْنـاها ولم تَكُ
مَـأْلَفاً
وقد يؤلف الشيء الذي ليس
بالحسن كما
تُؤْلَفُ الأرضُ التي لم يَطِبْ
بها هواءٌ ولا ماءٌ ولكنـها
وطن وقالت
الهند : حرمة بلدك عليك كحرمة
أبويك . وقالت
الفرس : تربة الصبي تغرس في
القلب حرمة كما تغرس الولادة في
الكبد رقة(5). ولئن
كان هذا الشعور بحب الوطن أمراً
فطريا مركوزاً في النفوس ، فإن
الدعوة المباركة التي جاء بها
النبي الكريم صلى الله عليه
وسلم قد دَعت إليه ، وحببت فيه ،
هذا في عموم الأوطان وعموم
الناس ، فكيف إذا كان الوطن هو
مكة بلدَ الله الحرام ، وأحبَّ
البلاد إلى الله ، وكان المواطن
هو محمَد بن عبد الله أرق الناس
قلبا ، وأصفاهم نفسا ، وأقربهم
مودة؟! لقد ظل الشعور بالحنين
إلى مكة ملازما للنبي صلى الله
عليه وسلم ، لا يقدم عليه من مكة
قادم إلا سأله عنها ، واهتز قلبه
شوقا إليها . 4 - روى
ابن شهاب الزهرى قال : قدم
أصَيْلٌ الغفارىُّ
قبل أن يُضرب الحجابُ على أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل
على عائشة رضي الله عنها ، فقالت
له : يا أصَيْل ، كيف عهدت مكة؟
قال : عهدتها قد أخصب جنابها ،
وابيضت بطحاؤها . قالت : أقمْ حتي
يأتيك رسول الله صلى الله عليه
وسلم. فلم يلبث أن دخل عليه
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
(يا أُصَيْل، كيَف عهدت مكة؟ )
قال: عهدتُها والله قد أخصب
جنابها، وابيضتْ بطحاؤها(6)،
وأعذق إذخرها، وأسلب ثُمامُها،
وأمْشَر سَلْمُها(7).فقال: حسبك
يا أصَيْل! لا تُحْزِنَّا"(8) . وفي
رواية أنه قال له :( يا أصَيْل ،
دع القلوبَ تقر) (9) . 5 -
ورواه الحسن ، عن أبَان بن سعيد
بن العاص رضي الله عنه ، أنه قدم
على النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال له : ( يا أبَانُ ، كيف تركتَ
أهلَ مكة؟ ) قال : تركتُهم وقد
جَيَّدُوا . وذكر نحو حديث أصيل
(10) . وكان
صلى الله عليه وسلم يسمع كلام
أصحابه رضوان الله عليهم في
الحنين إلى مكة ، فيرق لحالهم ،
ويقدّر عواطفهم ، ويدعو لهم بأن
يحبِّب الله إليهم المدينة كما
حبّب إليهم مكة . 6 - فعن
عائشة رضي الله عنها قالت : ( لما
قدم رسول الله صلى الله عليه
وسلم المدينة وُعك (11) أبو بكرٍ
وبلالٌ ) . قالت : فدخلتُ عليهما ،
فقلتُ : يا أبت ، كيف تجدك ؟ يا
بلاَلُ ، كيف تجدك ؟ قالت : فكان
أبو بكر إذا أخذته الحُمَّى
يقول : كلُ
امرئ مُصَبَّحٌ
في أهله
والموتُ أدنى من شِرَاك
نعله (12) وكان
بلالٌ إذا أقلع عنه الحُمَّى
يرفع عقيرته(13) ، ويقول : ألا
ليتَ شِعرى هل اْبيتنَّ ليلةً
بوادٍ وحولى إِذْخَرٌ
وجَليل(14) وهل
أرِدَنْ يوما مياه مَجَنَّة
وهل يَبْدُوَنْ لىَ شامةٌ
وطَفِيل (15) قالت
عائشة : فجئت رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فأخبرتُه ، فقال :
"اللهمَّ حببْ إلينا المدينة
كحبّنا مكةَ أو أشد ، وصحّحْها ،
وبارك لنا في صاعها ومُدِّها ،
وانقل حمَّاها فاجعلها ،
بالجُحفة) (16) . زادت في
رواية أنه صلى الله عليه وسلم
قال : "اللهم العن شيبة بن
ربيعة ، وعتبة ابن ربيعة ، وأمية
بن خلف ، كما أخرجونا من أرضنا
إلى أرضر الوباء"(17) . ولم يزل
هذا الحنين إلى البلد الحرام
يزداد ، حتى فتحها الله عليه ،
فدخلها قائدأَ فاتحا مُظفَّرا ،
ولم يفتأ يخاطبها بنفس الشوق
الذي خاطبها به يوم اضطر إلى
الخروج منها . 7 - فعن
عبد الله بن عدىّ بن سمراء
الزهرى رضي الله عنه (صحابى جليل
أسلم عام الفتح) قال : ( رأيتُ
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
واقفا على الحَزوَرَة(18) ، فقال :
( والله إنك لخيرُ أرض الله ،
وأحبّ أرض الله إلى الله ، ولولا
أني أخرِجت منكِ ما خرجت) (19) . 8 - وعن
أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقف على
الحُجُون(20) عام الفتح ، فقال : (
والله إنك لخير أرض الله ، ولولم
أخرجَ منك ما خرجت ، وإنها لم
تحلَّ لأحدٍ كان قبلى ، وإنَما
أحِلَّت لى ساعة من نهار... )
الحديث(21) . ويرحم الله
البوصيرى حيث قال : ويح قوم
جَفَوْا نبيّا بأرضٍ
ألِفَتْه ضبابها والظباءُ وسَلَوْه
وحَنّ جذغ إليه وقَلَوْه
وودَّه الغرباء دعاؤه
صلى الله عليه وسلم عندخروجه من
مكة : مضى
النبي صلى الله عليه وسلم خارجا
من مكة مهاجراً إلى ربه ، ونفسه
على حالها الدائم من الاتصال
بمولاه ، واللجوء إليه بالدعاء
وطلب المعونة . 9 - فقد
روى أبو نعيم من طريق إبراهيم بن
سعد ، عن محمد ابن إسحاق قال : بلغنى
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما خرج من مكة مهاجراً إلى الله
يريد المدينة قال : "الحمد
للّه الذي خلقنى ولم أكُ شيئا .
اللهم أعني على هول الدنيا ،
وبوائق الدهر ، ومصائب الليالى
والأيام . اللهم اصحبنى في سفرى
، واخلُفنى في أهلى ، وبارك لى
فيما رزقْتنى ، ولك فَذللنى ،
وعلى صالح خُلُقى فقوِّمْنِى ،
وإليك ربِّ فحبِّبْنى ، وإلى
الناس فلا تكلنى ، أنت ربُّ
المستضعفين ، وأنت ربى ، أعوذ
بوجهك الكريم الذي أشرقت له
السمَواتُ والأرض ، وكُشفت به
الظلمات ، وصلح عليه أمرُ
الأولين والآخرين ، أن تُحِلَّ
علىّ غضبَك ، وتنزلَ بى سخطك
أعوذ بك من زوالى نعمتك ، وفجأة
نقمتك ، وتحَوُّل عافيتك ،
وجميع سخطك . لك العتبى خير ما
استطعت ، لا حول ولا قوة إلا بك)
(22) . صلى
الله عليك يا رسول الله ! ما أشبه
دعاءه عند الخروج من مكة
مهاجراً بدعائه يوم عاد من
الطائف كسيراً حزينا! . وما
أشبه حاله في هذا اليوم بحاله في
اليوم الآخر! وها هو ذا قلبُه
يتصل بالملأ الأعلى ، فيترجم
لسانه هذا الاتصالَ دعاءً عذبًا
يفيض إخلاصًا وايمانا . ـــــــــ (1)
أخرجه أبو يعلى الموصلى في
مسنده 5/69(2662) ، وقال الهيثمي في
المجمع 3/283 :"رجاله ثقات " ،
وأخرجه ابن سيد الناس في "عيون
الاثر"6/219 بسنده . (2)
الذُّحول : جمع ذَحل ، وهو
العداوة ، وهو أيضا : الوتر وطلب
المكافاة بجناية جنيت عليه من
قتلِ أو جرح أو نحو ذلك . (النهاية
2/155) . (3) نقله
ابن كثير في تفسير الآية عن ابن
أبي حاتم باسناده ، وعزاه
السيوطى في الدر المنثور 6/48 إلى
ابن أبي حاتم وعبد بن حميد وابن
جرير وابن مردويه . (4)
أخرجه الترمذى -وقال : "حسن
غريب من هذا الوجه "-في كتاب :
المناقب ، باب : في فضل مكة 5/679-680
، والطبراني في الكبير 10/325 ، 329
(10624 ، 10633) ، وصححه ابن حبان 9/23
(2709) ، والحاكم 1/486 ووافقه الذهبي
. (5) انظر
: ربيع الأبرار
للزمخشري 1/197: 198 . (6) أخصب
جنابها : أي أخصبت ناحيتها ،
والجنَاب ، بالفتح : الفناء ،
وما قرب من محلة القوم ، والجمع :
أجنبة ، يقال : أخصب جَناب القوم
، وفلان خصيب الجناب ، وجديب
الجناب ، وتقول : مروا يسيرون
جناَبيه ، أي ناحيتيه (الصحاح
للجوهرى 1/102) . والبطحاء
، والأبطح : مسيل واسع وفيه دقاق
الحصى ، وبطحاء مكة : مسيل
واديها (انظر : الصحاح للجوهري
1/356 ، والنهاية 1/134) . (7) قال
ابنِ الأثير في "أسد الغابة"
1/121-122 : "قوله (أعذق إذخرها) :
أي صارت له أفنان كالعذوق ،
والإِذخر : نبت معروف بالحجاز . و"أسلب
ثُمامها" : أي أخوص ، وصار له
خوص ، والثُمام : نبت معروف
بالحجاز ، ليس بالطويل . وقوله
"أمشرَ سَلْمُها" : أي أورق
واخضرّ . (8) مرسل
، ذكره ابن الأثير في "أسد
الغابة" 1/121 نقلاً عن ابن عبد
البرِ وأبي موسى . وأخرجه
الخطأبي في غريب الحديث ا/278
بسنده إلى ابن شهاب الزهرى ،
وعنه "وأمش سَلَمُها" وقال
: (هكذا قال الخزاعى ، وقال : يريد
أنه قد أخرج مُشَاشه وهو ما يخرج
في أطرافه ناعما رخصا كالمشاش .
وهو غلط ، وانما هو "أمشر
سَلَمُها "أي أورق واخضر" . (9) عزاه
ابن حجر في الإصابة 1/53(213) في
ترجمة "أصيل " لأبي موسى في
الذيل . (10) ذكره
ابن الأثير في "أسد الغابة ،
1/121 وقال : "قوله : جَيَّدوا"
: أي أصابهم الجَود ، وهو المطر
الواسع ، فهو مجوِد" . (11)
وُعِك ، بضم أوله وكسر ثانيه : أي
أصابه الوعك ، وهي الحمى (فتح
الباري 7/262 ، وسبل الهدى
والرَشاد 3/432) . (12)
مصَبَّح ، بوزن محمد : أي مصاب
بالموت صباحا . وقيل : المراد أنه
يقال له وهو مقيم بأهله : صبحك
الله بالخير ، وقد يفجؤه الميت
في بقية النهار ، وهو مقيم بأهله
. والشِّراك
، بكسر المعجمة وتخفيف الراء :
السير الذي يكون في وجه النعل ،
والمعنى : أن الموت أقرب إلى
الشخص من شراك نعله لرجله ، (فتح
الباري 7/262-263 ، وسبل الهدى
والرشاد 3/432) . (13) أي
يرفع صوته ببكاء أو غناء..قال
الأصمعى : أصله أن رجلاً انعقرت
رجله ، فرفعها على الأخرى ، وجعل
يصيح ، فصار كل من رفع صوته يقال
: رفع عقيرته ، وإن لم يرفع رجله .
(فتح الباري 7/263 ، وسبل الهدى
والرشاد 3/433) . (14) بواد
: أي بوادى مكة . وجليل : نبت ضعيف
يحشى به خصاص البيوت وغيرها (فتح
الباري 7/263) . وقالً ابن الأثير :
"الجليل : الثمام ، واحده
جليلة ، وقيل : هو الثٌّمام إذا
عظم وجل " (النهاية 1/288) . (15) مجنة
-بفح الميم وتشديد النون
المفتوحة وآخره تاء مربوطة -:
موضع على أميال من مكة ، كانت
إحدى أسواق العرب في الجاهلية ،
تقوم في العشر الأواخر من ذى
القعدة (انظر فتح الباري 7/263) ،
ومعجم المعالم الجغرافية في
السيرة ص 282) . وشامة -بالشين
المعجمة وألف وميم مخففا : جبل
بالساحل جنوب غربى مكة ، مر
بقربه طريق اليمن المزَفت ،
تجاوره حَرَّة تسمى "طفيل"-بفتح
الطاء المهملة وكسر الفاء ، ثم
مثناة تحت ولام -وتقرن معه ،
فيقال : شامة وطفيل ، وهما من
ديار الجحادلة من كنانة (معجم
المعالم الجغرافية في السيرة ص
167 ، 187) . (16)
الجُحفَة ، بجيم مضمومة ، وحاء
ساكنة ، وفاء ، ثم هاء : مدينة
كانت عامرة على طريق الحاج بين
الحرمين ، .
توجد اليوم آثارها شرق مدينة
رابغ بحوالى (22) كيلاً ، إذا خرجت
من رابغ تؤم مكة كانت إلى يسارك
حوز السهل من الجبل (انظر : معجم
المعالم الجغرافية في السيرة ص
79-80 ، وعلى طريق الهجرة ص ه ه وما
بعدها) . والحديث
أخرجه البخاري في كتاب : مناقب
الأنصار ، باب :مقدم النبي صلى
الله عليه وسلم وأصحابه المدينة
7/262 (3926) وانظر أرقام (1889 ، 5654 ،
5677) ومختصراً (6372) ، ومسلم مختصرا
في كتاب : الحج ، باب : الترغيب في-سكنى
المدينة والصبر على لأوائها 2/1..3
(1376/480) ، ومالك في الموطا : باب :
ما جاء في وباء المدينة 2/679 (14)
وابن إسحاق (السيرة النبوية 1/588
-589) وابن حبان 9/40-41 (3724) ،
والبيهقي في الدلائل 2/565 ، 566 ، 567
، 568 ، 569 ، والبلاذرى في فتوح
البلدان ص ه 2 ، وأحمد 6/65 ، 222 ، 240
2 ، 260 ، ومختصراً 6/56 . (17)
أخرجه البخاري في كتاب : فضائل
المدينة ، باب : 0 0 0 4/99 (1889) . (18)
حزورة -بوزن قسورة -: معناها :
الرابية الصغيرة ، أو التل
الصغير ، وهي موضع بمكة عند باب
الحناطين (النهاية 1/380) وهي ما
يعرف اليوم باسم "القُشَاشيّة":
مرتفع يقابل المسعى من مطلع
الشمس ، وكان - ولا يزال- سوقا من
أسواق مكة . (معجم المعالم
الجغرافية في السيرة ص 98) . (19)
أخرجه الترمذى -وقال :حسن غريب
صحيح - في كتاب: المناقب ، باب :
في فضل مكة 5/679(3925) وابن ماجه في
كتاب : المناسك ، باب : فضل مكة
2/1037 (3108) ، وأحمد 4/305 ، وصححه ابن
حبان 2/29(3708) ، والحاكم على شرط
الشيخين 3/7 ، 280 ، 431 ، ووافقه
الذهبي ، وأخرجه البيهقي في
الدلائل 2/517-518 . وللحديث طرق
أخرى عن أبي هريرة ، والاصح أن
الحديث عن عبد الله بن عدى . (انظر
: البداية والنهاية 3/203 -204) . (20) في
معجم البلدان لياقوت 2/225 أن
الحجون -بفتح الحاء -جبل بأعلى
مكة عند مدافن أهلها . وقال
الأصمعى : هو الجبل المشرف الذي
بحذاء مسجد البيعة على شعب
الجزارين ، ويقول عاتق بن غيث
البلادى : الحُجون -بضم الحاء
والجيم -: الثنية التي تفضى على
مقبرة المعلاة ، والمقبرة عن
يمينها وشمالها مما يلى الأبطح
، تسمى الثنية اليوم "ريع
الحجون " والبادية تسميه "ريع
الحجول " (معجم المعالم
الجغرافية في السيرة ص 93-94) . قلت :
وتد يكون الجبل يسمى الحجون ،
والثنية تسمى ثنية الحجون ، فلا
اختلاف ، والله أعلم . (21) (2)
أخرجه أبو يعلى بسند حسن في
المسند 10/362 (5954) ، والبزار (1157)
وهو في الصحاح غير الجملة
الأولى التي هي موطن الشاهد . أقول :
والأحاديث المتكاثرة في كون مكة
خيرَ بلاد الله وأحبّها إليه
ترد الحديث الذي أخرجه الحاكم 3/3
-ومن طريقه البيهقي في الدلائل
2/519- عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال :-(اللهم
إنك أخرجتنى من أحبِّ البلاد
إلىَّ ، فاسكنِّى أحب البلاد
إليك) ، فأسكنه الله المدينة .
قال الحاكم : "رواته مدنيون من
بيت أبي سعيد المقبرى" . قال
الذهبي : "لكنه موضوع ، فقد
ثبت أن أحب البلاد إلى الله مكة
، وسعد (ابن سعيد المقرى) ليس
بثقة" . وقال ابن كثبر : "هذا
حديث غريب جدأَ ، والمشهور عن
الجمهور أن مكة أفضل إلا المكان
الذي ضم جسد رسول الله صلى الله
عليه وسلم " (البداية
والنهاية 3/203) . (22)
البداية والنهاية 3/176-177 ، وسبل
الهدى والرشاد 3/345 ، وهذا حديث
معضل ، غير أنه لا يتعلق بأحكام
شرعية ، بل هو بباب فضائل
الأعمال ألصق ، فلذا أوردته هنا
. والله أعلم . ـــــــــ *أستاذ
الحديث وعلومه بجامعة الأزهر
وعضو مكتب الإرشاد لجماعة
الإخوان المسلمين وعضو الاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |