ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المعادلة
الصفرية من منظور آخر سوسن
البرغوتي يعكف
العديد من المحللين
الاقتصاديين على دراسة إمكانية
التحرر من احتكار الرأسمالية،
ومصادرة القرار الاقتصادي
بالعالم، نتيجة الجشع والطمع،
الذي طغى على العالم، وسيطرت
عليه أمريكا، وبالتالي فسح
المجال أمام تلك العقلية إلى
سلوكية استباحة البلاد
والشعوب، بحيث ترجح الوسيلة –
أي كانت- لغاية التحكم
والهيمنة، إلى العودة للتفكير
بالمعادلة الصفرية، بحيث
تتوازن القيمية والقيمة
المادية بالبيع والشراء على حد
سواء، ضرورة حتمية لإنقاذ
العالم من المادية المفرطة
والموغلة في استعباد البشر. إلا
أن المعضلة تجلت، في تراجع
الطموح الفردي والجماعي،
للتطوير والتقدم، وبالتالي
يفقد الجميع الحوافز، ويصبح من
يتعلم ويجاهد في سبيل تحقيق
درجة عالية من العلم، كالأميّ،
وكذلك من يعمل كمن لا يعمل،
فالجميع سواء، مقابل إلغاء
القيمة لاستعادة التوازن
والاتزان القيمي. نظريات
اقتصادية بين الرأسمالية، التي
باتت تشكل خطراً على العالم،
وبين الاشتراكية وغياب
الحوافز، والنظام الاقتصادي في
الإسلام، الذي لا يلغي الملكية
الخاصة ولا يقننها، يجد
المحللون الاقتصاديون، عوائق
تحيل دون تجميع ايجابيات كل
النظم الاقتصادية، للخروج
بتحقيق التوازن المنوط، وصولاً
إلى حلول عادلة يستقر معها سوق
العرض والطلب، ويوقف حالة
التدهور الاقتصادي العالمي إلى
مزيد من الحروب والدمار،
وبالتالي تعيد الشركات
التجارية المسيطرة البناء،
ويدور العالم حول ذات الدائرة،
مرات ومرات لا تنتهي. وبما أن
الاقتصاد والسياسة صنوان، فإن
ما ينبغي أن يسترعي اهتمام
الساسة والباحثين والإعلاميين،
إعادة النظر في احتكار فئة ما
للقرار السياسي، والذي ترفضه
المنظومة الديمقراطية،
وللمفارقة الفظيعة تمارسه دول
تدّعي تلك الديمقراطية، مما
يعني أنها شعارات لا تخرج إلى
حيز مشاركة الجميع في بناء صرح
لا تتقاذفه أمواج عاتية، ولا
تفت من عزيمته، عواصف موسمية. تعارف
الكثيرون على أن المعادلة
الصفرية، تعني لا شيء، والعودة
إلى نقطة الصفر (وهي قيمة) وليست
عدمية كـ(الفاي). وعندما نفتح
المجال لاجتهاد آخر على الصعيد
السياسي، وتصحيح عوج استقام
بالبداية، ما لبث أن تحول إلى
مناخات تعصف بها أهواء ومصالح
سلطة أوسلو فرضها الاحتلال، لا
تنتمي قطعاً للجوهر، وأصبح
الباطن، في عوالم النوايا حمال
أوجه، فهنا يعود التركيز على
العودة إلى الثابت غير المتحول،
معادلة تعيد التوازن والاتزان
في العمل مع القول، والممارسة
والسلوكيات مع حقوق لا تُلغى
ولا تسقط مهما مضى الدهر. لست
بصدد الحديث عما آلت عليه
القضية المركزية العربية،
بعدما كثرت قضايا التحرر من
المحيط إلى الخليج العربي،
وتُوجت القطرية البحتة، على
حساب تغييب الأصل الجامع للكل
العربي، وبعد ما طالها من تشويه
قيمي أخلاقي ووطني وثقافي،
لغاية إلغاء الجوهر، وانتزاع
صفة قضية احتلال كوعاء لكل
الملفات المتعلقة، فبدا
التركيز على ملف يرجح على
الآخر، أدى إلى غياب الأصل مع
مرور الأيام، وهو التخلص من
المشروع الاستعماري العالمي،
بتكليف الصهيونية العالمية،
ومركزه فلسطين، وبتخطيط منظمات
يهودية ومسيحية متصهينة،
وتنفيذ عرب وغير عرب، انخرطوا
لخدمته، لا فرق بين عرق وآخر، أو
أتباع شريعة سماوية أو ديانة
وضعية. أمام
هذا المشهد المعقد والمرتبك
بآن، والأوضاع العربية
الضبابية ومنها المبهمة، علينا
التفكير جدياً، بالرجوع
للأصول، والحصول على المزيد من
الانجازات بالقوة، لأجل الجوهر
وليس المبتدع كالحلول التسووية
قاطبة، والتعايش مع الأمر
الواقع، ومواجهته بأريحية
المعارضة "السلمية"
السياسية، كطريق أسهل من
المتعارف عليه لاسترداد الحقوق
والأرض، وطرد الاستعمار من
بلادنا. لذا فإن
أهم خطوة حتى لا نعود إلى
التجريب، الذي قاد إلى التخريب،
نبذ احتكار القرار الوطني
ومصادرته، ورفض الاستئثار
بالقيادة ومن ثم القرار، وما
قدمه الشعب من شهداء وأسرى،
إنما هو لأجل التحرير أولاً
وأخيراً، وليس من أجل دويلة أو
سلطة محلية، تعمل لإبقاء
الاحتلال وضمان أمنه!، أي
المعادلة الصفرية السياسية ذات
قيمة، والحافز هو الخلاص من
الاحتلال، بحيث تشكل المسؤولية
الملقاة على الكل بالتساوي، ضمن
مؤسسات واعية، مفهوم العمل
الجماعي، لا يتفوق أحد على
الآخر، وتسود العقلية
التطوعية، فالقيادة التعددية،
تثبت أن الطيف الفكري والسياسي،
يتناغم ويلتف حول الهدف، ويفرز
الخطايا تلقائياً. أما أن يعاد
تشكيل "دولة" أي كانت صفتها
داخل لا دولة، وتلبس القضية
زياً واحداً، دون مراقبة حقيقية
تنفيذية نحو ما يصبو له الكل
الوطني، فهذا يعني تراكم
انهزامات الماضي على أخطاء
الحاضر، دون أي توازن بين توظيف
المتغيرات الإقليمية والدولية،
والقيمية للقضية، لينتج عنه
معادلة تصفية القضية.. أي العدم. يُستثنى
من تنشيط وتفعيل المشروع
التحرري سياسياً وثقافياً، من
ارتضى التعامل ومشاركة
الاحتلال لقمع وقتل شعبه، ومن
تهّود وراح يجوب البلاد، بضيافة
اللوبيات اليهودية، لإثبات
أساطيرهم، وأحقيتهم بـ(أرض
الميعاد)، لأنه بات خطراً ليس
على فلسطين وحسب، بل على الوطن
العربي كله، وتماهى مع أطماع
استعمارية بحتة، وهذا لعمري،
منتهى النذالة والعبودية
المفضوحة. فالحال
العائم على صفيح مليء
بالمتناقضات بالساحة
الفلسطينية الداخلية، وتقزيم
الحقوق إلى تجميد بناء
المستعمرات في الضفة، والعمل
على تثبيت الكيان الصهيوني في
فلسطين المحتلة عام 1948، والدولة
المشوهة بنيوياً وسكانياً،
رعاية جنين مشوه، لن يلد لنا إلا
العدمية. فتحقيق
العدل، أن ينتهي الاستعمار
والجشع بالعالم، وتعزيز
الاستقرار واحترام تقرير مصير
الشعوب، بأن لا يُجزأ حقه، ولا
يوجد منطقة وسطى، بين العدل
والظلم، ولا بين الحق والباطل.
فالتصادم بين معادلة الاستعمار
والتحرير، هي المعادلة
الصفرية، لتحقيق انتصار
الثانية جوهر الصراع، مع عدم
إغفال أبعاده الدينية
والثقافية وفي مقدمته العسكرية. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |