ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
شجرة
قصر الإمارات إساءة
إلى المسيح عليه السلام وإلى
المسيحيين نبيل
شبيب 11 مليون
دولار.. 13 مترا.. 131 قطعة من الذهب
والياقوت والماس والمجوهرات
الثمينة الأخرى.. تلك هي بعض
مواصفات "شجرة عيد
الميلاد"، ليس في الفاتيكان،
فقد عمدت الكنيسة الكاثوليكية
الرومية إلى جلب شجرة كبيرة من
منطقة إيطالية قريبة، وزيّنتها
بالأنوار وليس بالمجوهرات،
وليس في ألمانيا، البلد الذي
وُلدت فيه فكرة إضافة الشجرة
إلى تقاليد أعياد الميلاد، وليس
في الولايات المتحدة
الأمريكية، الدولة الأثرى من
بين الدول ذات الغالبية
المسيحية، والتي يقال إنّها
تتميز عن سواها بالإقبال على
الدين فيها، وليس في اليابان
الدولة التي كانت منذ عام 2002م
تحتفظ بالرقم القياسي في
"تكاليف" نصب شجرة لأعياد
الميلاد بقيمة 10،8 مليون دولار
و83 قطعة من المجوهرات.. الرقم
القياسي الآن من نصيب الإمارات،
الدولة العربية الخليجية
المسلمة سكانا، ذات الأبراج
التي تذكر بإرم ذات العماد
وثمود الذين جابوا الصخر
بالواد، ولا تذكّر مع حقول
النفط فيها بأنها دولة شقيقة
لبنجلادش والصومال، ولا بعلاقة
إسلامية أو إنسانية مع أهل
الأحياء السكنية العشوائية في
مقابر القاهرة والمساكن
المهدّمة المحاصرة في قطاع غزة. إلى
الأعلى محطات
تاريخية لا شكّ
في الحاجة إلى سبل منهجية قويمة
لعلاقات عادلة نزيهة بين
المسلمين والمسيحيين، ولكن هل
يمكن أن يتحقق ذلك عن طريق
"إضفاء متعة جديدة لضيوف
الفندق هذا العام" على حدّ
تعبير هانز أولبرتس، مدير فندق
"قصر الإمارات" في أبوظبي،
الذي نصب تلك الشجرة، عندما
تكون قيمة تلك المتعة (11) مليون
دولار؟.. في يوم
21/12/2010م نشر موقع مجلة
"شتيرن" من ألمانيا، البلد
الذي ينتمي إليه مدير الفندق،
خبرا ساخرا مرفقا بشريط فيديو
حول ما صُنع في فندق قصر
الإمارت، يقول: "لا
يحتفل الشيوخ –أي الأمراء في
الإمارات- بالميلاد عيدا
مسيحيا، ولكن كمناسبة، ولكنهم
يحتفلون بطريقة صحيحة: لقد أنفق
مالكو فندق قصر الإمارات في
أبوظبي 11 مليون دولار، حقا
وصدقا، لنصب شجرة الميلاد في
بهو الفندق". ما يراه
القائمون على الفندق وسيلة
للمتعة.. يأخذه الغربيون
المقصودون بتلك المتعة وسيلة
للاستهزاء والسخرية، ولا يسري
هذا قطعا على الموظفين من
الغربيين في الفندق، وهم
المميّزون ماديا ومعاملة،
بالدورات التأهيلية مثلا، وقد
طرد المدير المذكور عام 2009م (أو
أقدم على ذلك وتراجع لاحقا) عددا
من الموظفين ممّن يحملون جنسية
الإمارات، علما بأن في الفندق 40
موظفا فقط من هؤلاء من أصل 1400
موظف.. جميعهم من خارج الإمارات،
وأثارت فعلته هذه ضجة إعلامية..
أو "فضيحة" ولكن بقي الفندق
ومديره وطريقة إدارته على حساب
الإمارات وأهلها. وشجرة
الميلاد التي يُنفق 11 مليونا
عليها ليست "النخلة" التي
هزّت مريم البتول جذعها ليتساقط
الرطب عليها، فتقرّ عينها وهي
حامل بالمسيح عليه السلام، ولا
علاقة لها بميلاده ورسالته وإن
قال البابا الكاثوليكي بينيدكت
السادس عشر هذا العام عنها
إنّها تعني "القيمة الرمزية
للمغارة ورسالة الأخوّة
والصداقة والدعوة إلى الاتحاد
والسلام"، فما عرف المسيح
عليه السلام "شجرة
الميلاد" ولا الحواريون، ولا
المسيحيون الأوائل، ومن يحاول
أن يصنع لشجرة الميلاد تاريخا
تراثيا، لا يعود بذلك إلى
ميلاده "تحت الشجرة" بل إلى
العصر الروماني قبل العصر
الوسيط، واستخدام الشجرة فيه
"رمزا للحياة" بين عام
وعام، وحتى القرن الثامن عشر
الميلادي كان يُطلق عليها اسم
"شجرة الحياة" وليس شجرة
الميلاد، وكانت تُزيّن بما يرمز
إلى حواء وآدم وليس للمسيح عليه
السلام، وتردّد فترة من الزمن
أنّ أول شجرة لعيد الميلاد
نُصبت عام 1419م ولكن يؤكّد
المؤرخون عدم وجود دليل توثيقي
على ذلك، ويرجّحون سنة 1521م
لتأريخ نصب الشجرة في بعض مساكن
المرفّهين من الأثرياء شمال
ألمانيا، ثم عام 1539 لظهورها
لأول مرة في كنيسة محلية بمدينة
شتراسبورج، أما الكنيسة
المركزية الكاثوليكية فكانت
حتى القرن الميلادي التاسع عشر
تعتبر نصب الشجرة عادة
"يمارسها الكفار"، وتحارب
تحويل بعض الحقول لزرع الأشجار
التي تُستخدم لهذا الغرض، وفي
عام 1840م انتقلت عادة الشجرة إلى
بريطانيا، وفي عام 1870م إلى
فرنسا.. ثم إلى الولايات المتحدة
الأمريكية، وفي هذه الأثناء إلى
دولة "الإمارات العربية
المتحدة" أيضا!.. إلى
الأعلى المسيحيون
وتكريمهم من أراد
تكريم المسيحيين في بلدان
إسلامية فيجب أن يصنع ذلك وفق ما
يمليه عليه الإسلام نفسه، فهم
الأقرب مودّة للمسلمين، وهم أهل
الكتاب من قبل، ومن يحمل منهم
جنسية بلد مسلم هو شريك في البلد
الذي يعيش فيه، ومن يعمل
لازدهار بلده بغالبيته المسلمة
هو شريك فيما يتحقق فيه من تقدم
ورفاه، ومن يدافع منه عن بلده
تجاه هيمنة أجنبية، وأمركة
تغريبية، وترف فاحش، وفقر مدقع،
إنّما يدافع عن بلده وأهله،
والحضارة التي احتضنته كغيره،
وله من الحقوق والحريات ما لا
يجوز انتهاكه ولا خرقه. بل
ينبغي أن يكون التكريم عبر
التواصل الطبيعي المفروض
إسلاميا من منطلق الأخوة
الإنسانية، والأخوة في الأرض
المشتركة، والحضارة المشتركة،
والثقافة المشتركة، والعادات
والتقاليد المشتركة.. ويجب أن
يشمل التكريم صادق التمنيات في
الأعياد والمناسبات، وإفساح
المجال دون أيّ تضييق للاحتفال
بالأعياد والمناسبات. بل فرض
الإسلام أن يكون في رسول الله
صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في
كل ما صدر عنه تشريعا من قول
وفعل وإقرار، ومن ذلك التعامل
مع أهل الكتاب بالتكريم
والإحسان، بل والتعهد بالأمن
والحماية، لأنفسهم وممتلكاتهم
وكنائسهم وحتى لصلبانهم
ورهبانهم وطقوسهم، وإن تناقضت
مع تعاليم الإسلام، أما الدفاع
عنها فهو تناقض موهوم في نظر
أولئك الذين لا يستوعبون أن ما
ثبته الرسول صلى الله عليه وسلم
من عقود وعهود مع أهل الكتاب في
المدينة المنورة، ومع نصارى
نجران في الدولة الإسلامية
الوليدة، هو أيضا من تعاليم
الإسلام، وهو ممّا قرنه بتأكيد
سريان مفعوله إلى يوم القيامة. وليس من
التكريم لأهل البلد الواحد، من
مسلمين ومسيحيين، في عصرنا هذا،
وعالمنا هذا، أن تصبح الدولة
سلطة تعمل من أجل تغريبهم، ومن
وراء المبالغة الفاحشة في نشر
عادات وتقاليد تظهر عند الإمعان
في تاريخها أنّها لا تتوافق مع
تعاليم الدين الإسلامي ولا
الدين المسيحي على السواء. إن
البلدان العربية والإسلامية في
حاجة إلى إثبات وجودها من خلال
الحقوق والحريات، والعدالة
والنزاهة، والتعاون والبناء،
والتقدم والعطاء، والرؤى
الدينية الإنسانية السمحاء،
ولا يمكن أن تثبت وجودها
بناطحات سحاب عملاقة، وفنادق
مترفة، وأرقام قياسية في البذخ
بلا حساب، مقابل أرقام قياسية
في عدد الفقراء والبؤساء
والمحرومين في كل مكان، ولا من
خلال الوهم بأن مثل تلك الصور
الصارخة بمغزاها الديني
والسياسي والثقافي والحضاري
والإنساني على السواء، يمكن أن
يقرّب بلداننا العربية
والإسلامية من أولئك الذين
يمتهنون المثل والمبادئ
الإنسانية من صانعي القرار في
الدول المهيمنة عالميا، عبر ما
يصنعونه في فلسطين وأفغانستان،
والعراق والسودان، بل داخل
العالم الغربي نفسه، وحيثما
وصلت هيمنته من الأرض في كل
مكان. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |