ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
أكون منهم؟! بقلم
الدكتور عثمان قدري مكانسي قرأت
أمس في السلسلة الصحيحة
للألباني رحمه الله تعالى
حديثاً للحبيب المصطفى صلى الله
عليه وسلم ، حلـّق بقلبي العليل
في سماء العفو والغفران ، وطار
بي على جناح الحب والرضوان ، ثم
حط بي
على بساط الأمل ، وأنزلني على
أرض الأمن والسلام . يروي
الإمام أحمد في مسنده ( 1/6) وصححه
الألباني في السلسلة الصحيحة (
3/473) عن أبي بكر الصديق رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : "
أعطيت سبعين ألفاً يدخلون الجنة
بغير حساب ، وجوههم كالقمر ليلة
البدر ، ، وقلوبهم على قلب رجل
واحد . فاستزدت ربي عز وجل ،
فزادني مع كل واحد سبعين ألفاً
" . قرأت
الحديث بعينَيْ قلبي وروحي ،
وتأملته بنظر الفكر والفهم ،
فتبدت لي أمور أراحت فؤادي
وسرّت خاطري . وهل أجملُ من حديث
الحبيب ، وأطيبُ من وحي الله
المنزّل على قلب رسوله الكريم ؟
، فالحديث وحيٌّ من الله تعالى
لنبيه الكريم ، إنه لا ينطق عن
الهوى ، سدده الله تعالى في
القرآن الذي نزل عليه والحديث
النبوي الذي طُبع في قلبه ونطق
به لسانه . فقال " أوتيت
القرآن ومثله معه . " فما ينطق
إلا صواباً ،ولا يقول إلا الحق
صلى الله عليه وسلم . - فقد
يكون العطاء عن سؤال سأله النبي
الكريم ربه سبحانه وتعالى سؤال
النبيهِ الفطن الرحيم بأمته،
فمنحه إياه . وقد يكون المولى
سبحانه ألهم نبيه أن يسأل هذا
العطاء رحمة بعباده ، فأجراه
على لسانه صلى الله عليه وسلم
ليجعله قدوة لنا ، فنسيرَ على
هديه ونقتديَ به في حبه
للمسلمين والاهتمام بهم ، ورجاء
الخير لهم في الدارين . وقد يكون
سبحانه أعطى النبي صلى الله
عليه وسلم هذ العطاء دون سؤال ،
فالكريم الحقُّ يعطي دون سؤال
لأن الكرمَ خاصية من خصائصه .
- ومن
كرم الله سبحانه وتعالى أن أصلَ
الخير منه ، والفضلُ منه يبدأ ،
وتفكروا في قوله تعالى " ثم
تاب عليهم ليتوبوا " فقد بدأت
التوبة من رحابه ، فحث الناسَ أن
يتوبوا كي يتوب عليهم ألا ترى
معي أنه – سبحانه - أرحم بعباده
منهم بأنفسهم ؟! إنه الإله
الرحيمُ الودود التي يتقرب إلى
عباده ويفرح بتوبتهم . ونسمعه –
سبحانه- في
سورة الصف يقول
" فلما زاغوا أزاغ الله
قلوبهم " فلم يضلهم ابتداءً
كما فعل بالتوبة حين بدأهم بها
لأنه لا يريدهم أن يزيغوا ، فلما
زاغوا ابتداءً عاقبهم بسوء
فعالهم . - أعطاه
سبحانه عطاء المحب ، فكانت
الهدية مجزية . إنهم سبعون ألفاً
يدخلون الجنة بغير حساب ولا
عقاب . وما أسعدهم حين يُحملون
على أجنحة الرحمة تحفهم
الملائكة يتخطون الناس إلى عالم
الهناء والسعادة ، والناس ما
يزالون في البداية خائفين وجلين
لا يدرون ما يُفعل بهم . - كما
أنهم حين يدخلون الجنة يدخلونها
على هيئة يستحقونها ، وهل يدخل
أحدنا على الملك إلا بأحسن حالة
وأكمل زينة وأجمل صورة ؟ هذا في
الدنيا ، فكيف بدخول هؤلاء على
ملك الملوك ورب البرية سبحانه ؟
إن وجوههم لحِسان كالبدر التمام
في الليلة الظلماء، يشع كمالاً
ويستفيض بهاءً ، ليس في قلوبهم
غل ولا حسد ولا حقد ولا دخينة ،
فجنة الله تعالى لا تقبل سوى
الطيبين ذوي الأفئدة الخالية من
الغش ، المليئة بالحب والإيثار
، الموسومة بالطهارة والشفافية
، هكذا قلوب القوم ، وهذاما
يتحلون به ، وهذا ما عاشوا عليه
في دنياهم فاستحقوا تكريم
المولى وإعزازه إياهم . -
والنبي الحبيب الذي وصفه مولاه
بأحسن الصفات فقال فيه " لقد
جاءم رسول من أنفسكم ، عزيز عليه
ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين
رؤوف رحيم " يرتاح لهذه
العطية ويسعد بهذه الهدية ،
فيستزيد ربه – وهو عليه الصلاة
والسلام ما يزالُ في سياق الطلب
والقبول – فتكبرُ الهدية وتعظم
بعِظم مقدّمها المليك العظيم
سبحانه وعِظم المقدّم إليه
حبيبه محمد . وكلما كان الهادي
كبيراً كانت الهدية كبيرة ،
وكلما كان المهدِيّ مكرَّماً
كان العطاءُ وكانت الزيادة
مناسبة . إن أحدنا قد يزيد على
العشرة خمسة ، وعلى العشرة عشرة
مثلها، وعلى المئة خمسين أو
مئتين أو ثلاثة أضعافها . أما أن
تكون الزيادة بهذا الحجم الذي
غمر نفس النبي صلى الله عليه
وسلم ونفس اصحابه معه حبوراً
وهناء فما تصدر إلا عن سيد الكون
المحب لعباده المتقرّب إليهم –
سبحانه من إله رحيم – فإذا مع
الواحد من إولئك السعداء سبعون
ألفاً مثله . ولا تسل عن العدد
الذي يصل إليه العتقاء في ذلك
الموقف الرائع الذي يتمناه كل
مسلم مؤمن . إنه موقف واحد من
مواقف الكرم الإلهي الذي لا
ينقطع ، فهل نتشوّف أن نكون من
هؤلاء؟ - إن
الصحابي الجليل عكّاشة بنَ
مِحصَن من السبعين ألفاً
الأوائل، فقد بشره النبي صلى
الله عليه وسلم بذلك . وهو أهلٌ
لهذه البشارة ، فهو مجاهد حضر
أكثر الغزوات وقتل شهيداً في
غزوة اليمامة . فمن سار على دربه
وحاكى فعله وفعل الأبرار كان
معهم . ومن لم يكن مثلهم إلا أنه
أحبهم ورجا أن يكون رفيقهم وعمل
ما استطاع ليلحق بهم فهو منهم ،
إنّ من أحب قوماً حُشر معهم ،
فكان في زمرتهم . - إني
لأودّ أن أكون من هؤلاء الكرام ،
الذين يدخلون الجنة بغير حساب ،
لا لعملي الحسن الذي يضاهيهم ،
فأين أنا منهم ؟! وهل لقبصة
التراب أن تعاليَ عمالقة الجبال
؟ ولنجمة الأرض أن تطاول النخيل
الذاهب في السماء ؟ وأنّى
لعثمان الضعيف المليء ِ بالذنوب
والأخطاء أن يسابق عكاشة بله َ
أبا بكر وعمر وعثمان ذي النورين
وعلياً ؟ ولكنني أحبهم وأرجو أن
أكون معهم وفي
زمرتهم يوم تبيَض وجوه وتسودّ
وجوه ، وقد قال النبي صلى الله
عليه وسلم " هم القوم لا يشقى
بهم جليسُهم " . - أقول
في قادتي وأحبابي وسادتي "
الخلفاء الراشدين " رضي الله
عنهم وأرضاهم " رضي الله عنهم
ورَضُوا عنه " الذين أقف في
أعتابهم راجياً صحبتهم في زمرة
سيد الخلق صلوات الله وسلامه
عليه في كتابي " قصص رواها
الصحابة رضي الله عنهم " : إلى
الصدّيق والفاروق أُهدي ****
كتاباً صغتـُه دُرّاً بعـِقـدي وذي
النورين فاسمي من نَداهُ ****
ورابع هؤلاء الصيد جدي(1) إليهـم
أنتمـي قولاً وفِعـلاً **** فـإن
ألحَـق بهم فالوُدّ وُدّي ولستُ
بمُدرك منهُم يسـيراً **** ولكـنْ
حبُّهم في الله سـعدي في
أصحاب خير الخلق عذراً **** فأنتم
قدوتي، واللهُ قصـدي عساني
أبلغ الفِردوسَ
فيكـم **** إلى الرحمن في
جنات خُلدٍ ــــــــ (1) يذكر
المرحوم محمد راغب لطباخ في
كتابه : أعلام النبلاء بتاريخ
حلب الشهباء
أن جدنا عمر مكانسي ينتمي
إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما
، فأرجو أن يجمع الله تعالى لنا
العمل الطيب والنسب الشريف
اللهم آمين . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |