ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
من
أساليب التربية
في القرآن الكريم استعمال
المثل والحكمة د.
عثمان قدري مكانسي يمتاز
المثل بالإيجاز وسرعة دورانه
على الألسنة ، فهو يلخص موقفاً
أو قصّة ، فإذا مرَّ الإنسان
بموقف مشابه أو قصة أو حادثة
متشابهتين ، ضرب المثل نفسه
للعظة والعبرة . أما
الحكمة فهي عصارة الذهن في حكم
صائب ، أو نصيحة صادقة ، دون أن
تكون تلخيصاً لموقف أو حادثة . . وبهذا
يختلط مفهوما المثل والحكمة عند
العرب ، في استثمارهما
واستعمالهما ليؤدّيا هدفاً
واحداً ، يتجلى في الحكم
والنصيحة والعبرة . والقرآن
الكريم حفل بهما جميعاً ، فكانا
أسلوباً راقياً من الأساليب
التربوية ، التي استعملها
القرآن في الدعوة إلى التقليد
وتهذيب النفس ، والاتعاظ وتوضيح
المقصد ، وأنواع شتى من الأغراض
الإنسانية . فمن
الأمثلة على ذلك ، قوله تعالى : 1- (( وَلِكُلٍّ
وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ))(1)
يُضرب لمن عرف ما يريد فخطط له ،
واتجه لتحقيقه لا يحيد عنه . 2- (( وَلَكُمْ
فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا
أُولِي الْأَلْبَابِ
))(2)
يضرب لمن كانت عقوبته سبباً في
تحقيق المصلحة العامة . 3- (( كَمْ
مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ
غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً
بِإِذْنِ اللَّهِ ))(3)
يضرب للدلالة على أن النفع قد
يكون من القلّة ، لا من الكثرة . 4- (( مَثَلُ
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ
أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ
أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ
فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ
حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ
لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) ))(4)
يضرب للحضّ على الخير . 5- (( فَمَثَلُهُ . . كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ
تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ
أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ))(5)
يضرب للخسيس لا فائدة منه . 6- (( . . وَيَمْكُرُونَ
وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ
خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
))(6)
يضرب للتهوين من مكر الخبثاء ،
وأن مكرهم مردود عليهم . 7- (( قُلْ
لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا
كَتَبَ اللَّهُ لَنَا
))(7)
يضرب للتسليم بقضاء الله . 8- (( إِنَّمَا
بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ))(8)
يضرب لمن يقع في شر أعماله . 9- (( وَمَا
أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ
النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ
بِالسُّوءِ ))(9)
يضرب للمقرِّ بذنبه المعترف
بخطئه . 10- (( قُلْ
هَذِهِ سَبِيلِي . . . ))(10)
يَضرب للدلالة على الوضوح
والجلاء . 11- (( . . . إِنَّ
اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا
بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا
مَا بِأَنْفُسِهِمْ ))(11)
يضرب لحضّ المتراخين على
المبادرة ، وعدم الاعتماد على
الآخرين في إنجاز أمورهم . 12- (( . . . وَمَا
ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ
كَانُوا أَنْفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ ))(12)
يُضرب لمن أوقع نفسه في شرِّ
أعماله . 13- ((قُلْ
كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى
شَاكِلَتِهِ . . . ))(13)
يضرب لمن يشي عملُه بحاله . 14- (( وَمَا
أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ
إِلَّا قَلِيلًا
))(14)
يضرب للدلالة على تفاهة علم
الإنسان ، وضآلته كلما رأى
جديداً من العلوم الدالة على
علم الله الواسع . 15- (( وَخُلِقَ
الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا . . . ))(15)
يضرب للاعتذار عن خطأ ارتُكِبَ
، أو رغبة لم يستطع صاحبها
تنفيذها لضعفه . 16- (( وَقُلْ
رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ))(16)
يضرب لذي الفهم والإدراك يتفقت
ذهنه دائماً عن فوائد فيعزو ذلك
إلى الله تعالى . 17- (( إِنَّكَ
لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ . . . ))(17)
يضرب للسيء تحاول تقويمه فلا
تفلح . 18- (( . . . وَإِنَّ
أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ
الْعَنْكَبُوتِ
. . . ))(18)
يضرب لبيان الضعف الشديد . 19- (( . . . وَكَفَى
اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ
الْقِتَالَ . . .
))(19)
يضرب لمن وصل إلى هدفه دون عناء . 20- (( . . . وَلَا
يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ))(20)
يضرب للدلالة على صدق الخبر
وصحته ، ودقته . 21- ((
وَلَا
تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ
أُخْرَى . . . ))(21)
يضرب لحصر المسؤولية بمن فعل . 22- (( . . . وَمَنْ
تَزَكَّى فَإِنَّمَا
يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ .
. ))(22)
بضرب لمن يهتم بصلاح نفسه فينال
الخير. 23- ((
وَمَا
يَسْتَوِي الْأَعْمَى
وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا
الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ
(20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا
الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي
الْأَحْيَاءُ وَلَا
الْأَمْوَاتُ ))(23)
يضرب هذا المثل لانتفاء تساوي 24- (( . . . وَمَا
أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي
الْقُبُورِ
))(24)
يضرب لليأس ممن لا يعي ولا يعقل . 25- ((
لِمِثْلِ
هَذَا فَلْيَعْمَلِ
الْعَامِلُونَ (61)
))(25)
يضرب للحث على الوصول إلى
المرتبة العالية ، والسعي لها
بهمة وجلد . 26- (( فَإِذَا
نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ
صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) ))(26)
يضرب للتهديد والوعيد . 27- ((
قُلْ
هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا
يَعْلَمُونَ ))(27)
يضرب لبيان الفرق بين الشيئين
المتناقضين . 28- (( فَمَا
بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ
وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا
مُنْظَرِينَ (29) ))(28)
يضرب لمن يفقد ، فلا يتأثر لفقده
أحد . 29- (( . . .
.
وَلَا
يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى
يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ
الْخِيَاطِ ))(29)
يضرب للتيئيس ، والاستحالة . وهكذا
فالمثل والحكمة يؤديان دوراً
مهماً في التعليق على الحدث
وإصدار الحكم ، وإلقاء الضوء
عليه ، مما يوضح الفكرة ، ولا
يترك مجالاً للإبهام أو الوهم ،
ويتركان القارئ على المحجة
البيضاء فيرى ما يناسبه للوصول
به إلى جنة المأوى ورضوان الله
تعالى ، والسعيد من كتب الله
تعالى له السعادة فبصّرَه وهداه
إلى سبيله . . اللهم اجعلنا من
هؤلاء . (1)
سورة البقرة ، الآية : 148 . (2)
سورة البقرة ، الآية : 179 . (3)
سورة البقرة ، الآية : 249 . (4)
سورة البقرة ، الآية : 261 . (5)
سورة الأعراف ، الآية : 176 . (6)
سورة الأنفال ، الآية : 30 . (7)
سورة التوبة ، الآية : 51 . (8)
سورة يونس ، الآية : 23 . (9)
سورة يوسف ، الآية : 53 . (10)
سورة يوسف ، الآية : 108 . (11)
سورة الرعد ، الآية : 11 . (12)
سورة النحل ، الآية : 118 . (13)
سورة الإسراء ، الآية : 84 . (14)
سورة الإسراء ، الآية : 85 . (15)
سورة النساء ، الآية : 28 . (16)
سورة طه ، الآية : 114 . (17)
سورة القصص ، الآية : 56 . (18)
سورة العنكبوت ، الآية : 41 . (19)
سورة الأحزاب ، الآية : 25 . (20)
سورة فاطر ، الآية : 14 . (21)
سورة فاطر ، الآية : 18 . (22)
سورة فاطر ، الآية : 18 . (23)
سورة فاطر ، الآيات : 19 ـ 22 . (24)
سورة فاطر ، الآية : 22 . (25)
سورة الصافات ، الآية : 61 . (26)
سورة الصافات ، الآية : 177 . (27)
سورة الزمر ، الآية : 9 . (28)
سورة الدخان ، الآية : 29 . (29)
سورة الأعراف ، الآية : 40 . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |