ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 05/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

قصور المشروع الوطني

تكريس للعنف ضد المرأة

هناء إبراهيم ـ هيئة إرادة المرأة

في خضم الفوضى الخلاقة أو المدمرة التي تعبث بالعراق منذ غزوه و احتلاله ، أي تعريف للعنف يتحكم في الخطاب الإعلامي ، ووعي بعض النخب الفكرية والسياسية ثم وعي المجتمع وأفراده المتناثرين بين مؤسسة الأسرة إلى مؤسسة العشيرة إلى المؤسسة الطائفية ومنظومة المجتمع المدني وبين " مؤسسة " المشروع الوطني هذا إذا ما ادعينا وجود بنية له تشغل حصتها في عراق  اللحظة الراهنة ونأسف لاضطرارنا الأخذ بهذا التوصيف .

               وفي خضم الفوضى الخلاقة أو المدمرة التي تعصف بعراقنا ما هو تعريفنا للعنف ضد المرأة ، وهل يتجزأ العنف بشكل جنسي أو تختلف ماهيته إذا ما كان موجهاً ضد الطفل والطفولة أو ضد المعتقلين عسفاً وزوراً ( بتهمة المادة 4 إرهاب ) على سبيل المثال ، وهل يختلف تعريفه إذا ما كان موجهاً ضد الشارع والأسرة والمجتمع ، تتحكم في ممارسته آلة عنف  تتخذ الفلسفة نفسها ، والآليات نفسها ، بين الأجهزة الأمريكية التي تتحكم بمصير العراق وبين الأجهزة الحكومية التابعة التي تتحكم بمصير العراق ، كرامة وسيادة وهوية وشعباً وأرضاً وثروات وأنهاراً تئن على وقع جفافها وثقل الدم اللزج الذي يختلط بمائها ؟

                لا نختلف في تعريف العنف كونه فعلاً قهرياً يمارس بدوافع الهيمنة سواء كان ضد أفراد أو مجتمع ، ضد امرأة أو رجل ، ضد طفل أو طفلة ، ضد شعب أو وطن أو ضد طبقة هي صاحبة المصلحة بحرية الأوطان !!!

لكن اللعب بالمفهوم يكمن في لسان من فقدوا البوصلة من بين أيديهم ، في ظل فوضى الوعي وتزويره : إذا ترتبت معادلة في العراق لا قاعدة لها إلا الإعلام المشكوك بدوافعه أو المفضوحة دوافعه ذلك الذي يحاول التأكيد على أن الإرهاب سمة من قاوموا مشروع الاحتلال ، وهم أصحاب مشاريع العنف المضادة للسلام ، و أن الديمقراطية تقتضي الانفتاح على المحتل وتقديم الولاء له كما فعل نوري المالكي عندما وضع إكليل الورد على أضرحة قتلى الجيش الأمريكي شاكراً نعمهم بينما يرسل 20 آلية و50 جندياً من عسكره في اللواء 22 ، ليسحل امرأة في منتصف ليل 7 / 8 من الشهر الجاري كانون الأول بعد أن يداهم منزلها في قرية السلميات التابعة لأبي غريب ، ويعبث به ويهين الأم العجوز بألفاظ ذكرتها أمام عدسة الشرقية ، نعتذر عن ذكرها ، تأدباً ، واحتراماً للسيدة العجوز ، كما يبعث بشيب الشيخ أبيها الذي بكى كالنساء وهو يتساءل أين أخذوها سحلاً .... لقد اختفت من بين أيدينا ! علماً أن جنود دولة القانون اقتحموا البيت المعتقل رجاله دون إذن قضائي ! أو مذكرة تفتيش صادرة عن جهة قضائية .

هي واحدة من قصص العراق الجديد الديمقراطي ، حديثة العهد ، ضربناها لقوة المثل وواقعيته .

إن صورة العنف ومظاهره في المجتمع الذي يتمتع بحماية دولته ذات السيادة على قاعدة الاستقرار السياسي والاقتصادي تختلف عن صوره وأشكاله في المجتمعات الفاقدة لحريتها وأمنها وأمانها الخاضعة للاحتلال أو الاستعمار بمعية أتباع يمثلون الطبقة السياسية التابعة لمصالح الغازي والمرتبطة مصيرياً بهيمنته وهي ما يطلق عليها الكومبرادور أو الطبقة السمسارة ( إن صح التعبير )

             أما صور العنف في العراق ومظاهره لا تحتاج إلى مزيد من الفضائح والوثائق لإثباتها والكشف عمن وراءها ، أن العراق بكليته يخضع لعنف الدولة المحتلة ، والأجهزة الأمنية التي زرعتها في العراق ومظاهر العنف الطائفي الذي تمارسه قوى بعينها ترتبط لوجستياً أو تنسق مع أجهزة الموساد والمخابرات الأمريكية وأجهزة الدول الإقليمية ذات المصلحة بتفتيت العراق وتقاسم كعكته مع دولة الاحتلال الأم .

              أين يكمن العنف ضد المرأة إذن والعراق كله يقع تحت عنف الاحتلال والقوى الإقليمية الطامعة فيه ؟

              السؤال يذكرنا برغبة منظمات نسائية جاءت بمعية الدبابات الأمريكية أو خلفها عندما أخذت تحرضنا على الاحتجاج ضد عنف الرجل والأسرة ضد المرأة ، بينما المدن العراقية ونواحيها تعيش تحت القصف والموت ونسبة النساء والأطفال المدفونات والمدفونين تحت الأنقاض أعلى من نسب الضحايا من الرجال ، وفي الوقت الذي يتم فيه انتهاك الرجل في المعتقلات بأرقام مضاعفة عشرات المرات عن أرقام انتهاك النساء .

              أورد هذه الإشارة من باب فهمنا للعبة تزوير الوعي .

                    إن معادلة الاستقرار السياسي والاقتصادي التي عاشها المجتمع العراقي في ظل دولة ذات سيادة ، جعلت المرأة تخوض مرحلة نهوضها لاسيما مع تهشم سلطة الإقطاع والثورة على مفاهيمه وانحسار مفهوم " الحرم والديواخانة " بالتواكب مع دخول المرأة غمار العلم والعمل في مرحلة أعمام مفاهيم الثورة الاجتماعية بأفقها الوطني أي منذ عام 1958 مروراً بعام 1968 حتى 2003 وهي مرحلة الاستقلال الوطني الموثقة والمؤرخة في ذاكرة العراق الحديث ، عراق تأميم النفط ، والتعليم المجاني والإلزامي ومحو الأمية ، والعلاج المجاني ، وحق عمل المرأة كحق يرعاه الدستور وترعاه القوانين السارية . أن المرحلة الذهبية للمرأة في العراق هي المرحلة التي شهدت الاستقرار السياسي والاقتصادي وسيادة برامج التنمية في منظور اشتراكي لأداء الدولة . أي أن الظرف الموضوعي لنهوض المرأة جسد تناغم إرادة مشروع وطني تقدمي مع ظرف ذاتي للمرأة تمكنت من خلاله بممارسة دورها في النهوض بواقعها ومجتمعها ، رحم الله الشهيدة ليلى حسين معروف المحامية المقتدرة التي ساهمت بوعيها القانوني ووعيها لقضية المرأة في صياغة قانون الأحوال الشخصية في العراق ، وحيث تم الاعتراف ، عالمياً وعربياً بكونه من أكثر القوانين المدنية في المنطقة لصالح تكريس حقوق المرأة

       في هذه المرحلة حدث التغير النوعي في صورة المرأة ، وتعززت مكانتها على قاعدة الكفاءة (العلمية والمهنية ) إضافة إلى مكانتها في الموروث الأخلاقي . وعبَر هذا التغيير عن نفسه بتغيير نظرة الرجل إلى العادات والتقاليد والقيم العشائرية والنظرة إلى زواج القربى . وتبلورت عنده ( أي عند المجتمع بمعنى آخر) حاجته للشريكة الكفء ، وارتبطت حاجته للزواج بشريكته في العلم والعمل ليصبح للزواج مفهوماً آخر يرتبط بالمشاركة تتحقق فيه الحاجات  الثقافية والاقتصادية والعاطفية للشريكين بتكافؤ عالٍ .

               إن التركيز على هذا المنحى في وضع المرأة الإيجابي في العراق قبل احتلاله يهمنا لغرض الإشارة إلى أن الإدارة السياسية للمشروع الوطني في منحاه الناهض نحو التقدم وفي مرحلة الاستقرار والاستقلال تناغمت مع سعي المرأة للارتقاء بذاتها وواقعها ومجتمعها . وانعكس ذلك على دور الإرادة الوطنية بتطوير القوانين لصالحها على قاعدة المساواة وتحت شعار أن المجتمع لا يتقدم ونصفه مصاب بالشلل

               لا تعني هذه الصورة " الوردية " الواجب الإلمام بها أن النظرة السلبية حول المرأة قد انتهت . بل أن الحراك الاجتماعي كان يتخذ شكل الصراع بين القديم والجديد وبين إرث التخلف وحاجات التقدم ، وكان العنف ضد المرأة يستمد أدواته وثقافته من الموروث ، ومواجهة هذا العنف يستمد أدواته من إرادة التغيير التي تسلحت بها المرأة العراقية على كافة الأصعدة ورغم أن الحرب العراقية ـ الإيرانية ألقت بظلها وثقلها على المرأة والأسرة ، وأحدثت تراجعات لغير صالح المرأة لأسباب تتعلق بمعالجات نتائج الحرب ، إلا أن المرأة هي التي تصلبت في مواجهة المحن ، محنة الحصار وتداعياته إلى أن احتل بلدها ووطنها .

         لسنا بصدد قراءة واقعها تحت الاحتلال ، لقد جرى هذا التناول بشكل مستمر خلال السنوات الثمانية العجاف وقد لا نختلف متفقين كنا أو مختلفي المرجعيات حول صورة غير متجزئة عن صور العراق تحت الاحتلال . إنما الذي نحن بصدده الآن هو موقع المرأة في تمخضات المشروع الوطني وفي ظل تداخل المرجعيات الطائفية والدينية والعلمانية . إن خديعة بريمر التي أسس فيها للكوتا النسائية أي فرض نسبة 25% في تشكيل الأحزاب ومن ثم ما يسمى بالمجلس النيابي ، رداً على قرار الحكيم الأب بإلغاء القوانين الوضعية التي تعالج قضايا المرأة وحصرها بالمذاهب ( القرار الشهير 137) .

إن خديعة الكوتا عملت على اتجاهين : استغلال الصوت النسائي في الانتخابات من قبل الأحزاب ولكن لصالح تركيبتها ، والاتجاه الثاني لتكريس صراع أسلامي ـ علماني في مجتمع المرأة إن صح التعبير وهو الصراع الذي سمي بصراع العباءة والجينز ، وهو المنحى الذي يتم فيه تحويل الصراع في العراق عن منحاه الأفقي الطبيعي لتحويله  إلى صراع عامودي ديني إسلامي ـ علماني ( احتجاجات تحت شعار بغداد ليست قندهار )وهو صراع مصنوع في آليات المشروع الشرق أوسطي.

إن المشروع الوطني العراقي المنتظر ، أو الموعود والذي رسخت له المقاومة الفذة أسساً بحرارة دمائها ، وغزارتها من أجل أن يتصدى لمشروع الاحتلال ، مازال يتعثر في استيعاب عمقه الاجتماعي وحاجته إلى إطلاق مقاومة اجتماعية انطلاقاً من ترابط مصالح الفئات الاجتماعية العراقية في مواجهة أطماع الهيمنة الامبريالية بثروات العراق . والانكى من ذلك إن برامج المشروع الوطني لم تجدد نظرتها إلى دور المرأة رغم اعترافها بعظمة هذا الدور ، ودخلت المنحى الاجتماعي إلى مشروعها في خانات صغيرة تسمى " المرأة "  ، والشباب ، دون طرح رؤية متجذرة حول هذا المنحى ، بل إنها تماهت مع واقعها المتشظي في التنافس على كسب المرأة ككم مطلوب الاستفادة منه في المستقبل والمساهمة بشظية الحراك النسائي بدوافع الانوية الحزبية أو الطائفية . كما تماهت مع مفاهيم متخلفة حول المرأة أعادت إنتاجها المؤسسات الحاضنة كالمؤسسة الطائفية أو المؤسسة العشائرية .

               ولعل العنف الأكثر قساوة ضد المرأة والطفل والطفلة ذلك الذي يتأتى من أزمة المشروع الوطني في إنتاج بنية له ( رؤى وآليات ) تجسد الدور التاريخي الملقى على عاتقه لاستعادة العراق الحر المستقل الواحد الموحد القابض على سيادته إن الأزمة التي يعيشها المشروع الوطني تطيل زمن انتهاك أحراره وحرائره ، وتعيق سبل مواجهة المرأة لتحديات النهوض بواقعها .

              إننا ..... كإرادة وطنية تعمل في صفوف المرأة بوعي لعمق ترابط مشروع حريتها بتحرير العراق واستعادته ، نؤكد تبنينا للاقتراح الذي قدمناه قبل عدة أشهر .من أجل مؤتمر إنقاذ وطني يعضد دور المقاومة بكافة أشكالها ويعمل على إنضاج أسباب مقاومة مدنية واجتماعية تسهم في إعادة رسم المشهد العراقي على قاعدة الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال والعدالة والتقدم واستعادة العراق عمقاً استراتيجياً لحركة التحرير التحرر القومي ونهوضها وإلا ..........

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ