ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 09/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

تفتيت السودان.. حدث عربي بامتياز

الطريق إلى قيام دويلة جنوبية والطريق إلى منع تكرار الحدث

نبيل شبيب

من قبل يوم الاستفتاء في جنوب السودان ساد الاعتقاد بأنه سيسفر عن تأييد الانفصال لا الوحدة، ذلك أن قضية تفتيت السودان ليست قضية ما تقول به فئة من السكان تحت عنوان حق تقرير المصير ضمن دولة قائمة، بل أصبح حق تقرير المصير هو الوسيلة الختامية التي يراد أن تعطي الصبغة الشرعية لِما صنعته سلسلة من وسائل غير مشروعة، لا علاقة لها بقانون دولي وحقوق وحريات، لتحقيق هدف قائم منذ عشرات السنين، وهو ما تشهد عليه الوثائق والتصريحات، مثلما يشهد عليه مجرى الأحداث، وما بذل في صناعتها من جهود دولية بمشاركة إقليمية.

وليس هدف تفتيت السودان أمرا قائما بذاته، بل هو جزء من كلّ، يشمل تحقيق أهداف مشابهة في عدد من البلدان العربية والإسلامية، كما أنّه –مثلها- ليس غاية بحد ذاته، إذا تحققتْ انتهتْ مسيرة الجهود المبذولة من خلاله، بل هو بدوره وسيلة لتحقيق غايات أبعد مدى، في السودان وبما يتجاوز حدوده إلى المنطقة العربية والإسلامية بمجموعها.

 

الانفصال.. وذريعة "حكم الشريعة"

إذا كان الحديث عن المستقبل بعد استفتاء جنوب السودان وفصله عن الدولة الأم، أهمّ من الحديث عن الماضي بطبيعة الحال، فإنّ فيما يُطرح حاليا حول الحدث ما يستدعي الحديث عن الماضي أيضا، دون استفاضة، وليس من الزاوية التاريخية فحسب، بل من زاوية ما يتصل بذلك من توقعات مستقبلية.

لم تنقطع في الآونة الأخيرة مقولات تحميل حكومة عمر البشير منذ الانقلاب العسكري عام 1989م وعلى وجه التحديد تحميل توجهات إسلامية أعلنت عنها تحت عنوان حكم الشريعة، مسؤولية مسلسل أحداث الانفصال في الجنوب ثم في دارفور. وكلُّ ربط بين هذا وذاك لا يفسّر مجرى الأحداث ويعللها منهجيا، بل يعبر عما يراد صنعه بالبلد الأم بعد الانفصال، وفق مخططات تتجاوز الجنوب، وتتجاوز نظام الحكم القائم في الخرطوم، بغض النظر عمّا ارتكب من أخطاء كبيرة وصغيرة.

لقد كان أول تمرّد مسلّح في الجنوب بدعم بريطاني في آب/ أغسطس 1955م قبل استقلال السودان عام 1956م، وكان التمرّد بدعم مباشر من جانب الاحتلال البريطاني الذي سبق ومارس سياسات تعليمية وسكانية وإدارية وعرقية بهدف اختلاق الشروط الأولية للانفصال منذ ذلك الحين.. وكان ذلك التمرد المسلّح الأول قبل وصول الحكم الحالي للسلطة بزهاء 34 عاما.

كما صدرت أول مطالبة سياسية بانفصال الجنوب عن حزب سانو في عام 1958م في عهد إبراهيم عبود، قبل بداية عهد عمر البشير بزهاء 31 عاما.

وكانت العمليات العسكرية الكبيرة الأولى من جانب حركة أنانيا الانفصالية العسكرية الأولى عام 1963م قبل الانقلاب العسكري عام 1989م بزهاء 26 عاما.

وفي عام 1983م في عهد جعفر النميري كان تشكيل "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، الخصم والشريك لحكومة البشير التي كان أوّل عهدها في السلطة بعد تأسيس تلك الحركة بزهاء 6 أعوام.

وكما يؤرَّخ لحرب الانفصال الأولى باسم حرب أهلية بالفترة ما بين 1955 و1972م يؤرَّخ لحرب الانفصال الثانية باسم الحرب الأهلية الثانية بالفترة من 1983 إلى 2005م، فلا علاقة للأولى بعهد البشير كما أنّ الثانية اندلعت قبل ما يقال عن "حكم الشريعة" مع حكم البشير بزهاء 6 سنوات، وانتهت بأوّل اتفاق سلام شامل في عهده.

وسبق عقد اتفاقات على حكم ذاتي، وعلى إلغاء مظالم، وعلى إنهاء القتال، وفي كل مرة كان يتكرر انتهاك تلك الاتفاقات، وتُحَمّل حكومات الخرطوم السابقة المسؤولية، منذ الاستقلال، والمفروض تبعا لتلك الاتهامات أنّ أوّل حكومة عقدت اتفاقية تعطي أكثر من الحكم الذاتي للجنوبيين هي حكومة البشير، كما كانت أوّل حكومة تلتزم بتنفيذ ما وعدت به في الاتفاقية (ولا ريب في تأثرها أيضا بالحصار العربي والغربي، وبصناعة تمرد دارفور، فجميع ذلك كان من وسائل الدفع في اتجاه الانفصال، أي من وسائل صناعته في الجنوب والإعداد لما بعده) حتى وصلت عبر تنفيذ الاتفاقية إلى يوم الاستفتاء مع إدراكها المسبق بأنه سيؤدّي إلى الانفصال، ورغم معرفتها بما ثبت بالوثائق والشواهد والأحداث، أنّ الأمر لم يقتصر في يوم من الأيام على "نزاع بين فئات سكانية في بلد واحد" بل كان من البداية "هدفا عدوانيا دوليا وإقليميا" ولهذا امتدّ دعم عملية الانفصال من الفاتيكان وأموال بعثاته "التبشيرية" إلى أوغندا والحبشة وإريتيريا والمساعدات العسكرية لحركات التمرد الجنوبية، كما امتدّ من الدولة الاستعمارية البريطانية القديمة عبر السبل الإدارية بقوة الاحتلال كحظر عمل الشماليين في سلطات الجنوب والجنوبيين في سلطات الشمال، إلى الدولة الاستعمارية الأمريكية الحديثة، ذات الوسائل الأوسع نطاقا مثل وسيلة الابتزاز السياسي عبر بوابة "المحكمة الجنائية الدولية" وتسييس ملاحقتها للرئيس السوداني.

بغض النظر عن المرحلة المتميزة لمدة عام في عهد الفريق عبد الرحمن سوار الذهب (1985-1986م) حيث جعلها انتقالية دون توجّه سياسي، عرف حكم السودان توجهات اشتراكية ورأسمالية، يسارية ويمينية، مدنية وعسكرية، ولم يشهد محاولة جادة لترسيخ حكم الشريعة، عنوانا وشعارا ولا مخططا تنفيذيا، منذ اندلاع أوّل تمرد انفصالي عسكري في الجنوب قبل 55 عاما إلى تجديد العمل المسلح الانفصالي عام 1983م، فكيف يمكن تعليل التوجّهات الانفصالية بدعوى أنّ المسيحيين أو غير المسلمين من الغالبية السكانية في الجنوب، إنّما يريدون الانفصال عن الدولة الأمّ بسبب تبنّي حكوماتها المركزية في عهد البشير لحكم الشريعة؟..

ولئن ثارت نسبة كبيرة أو صغيرة من أهل السودان في الجنوب ردّا على ما وقع بحقهم من مظالم من جانب تلك الحكومات المتعاقبة، اليمينية واليسارية، العسكرية والمدنية، من قبل عهدٍ "إسلامي" –كما يقال- أتى به انقلاب عسكري، وأُعلن فيه عن حكم الشريعة على الغالبية السكانية من المسلمين من دون الأقليات من غير المسلمين، فهل يمكن القبول بجعل ذلك تعليلا "ثقويما" لتصعيد العمل الانفصالي المسلّح محليا، ودعمه إقليميا ودوليا، بما في ذلك احتضان زعماء الانفصاليين وزعماء المعارضة الشماليين في الدول المجاورة، كما لو أمكن الجزم مسبقا بأنّ تلك المظالم ستزيد بدلا من أن تزول، أو أنّه أمكن التوصل إلى اتفاقية سلام مع المخاطرة باستفتاء يؤدي إلى الانفصال في عهد آخر غير عهد "حكم الشريعة" كما يوصف خارج السودان، بينما يقرّ الرئيس السوداني البشير نفسه بعدم تطبيق حكم الشريعة في بلده، عندما يقول في نطاق "محاولاته المستميتة" في اللحظات الأخيرة قبيل الانفصال، إنّه سيعمل على "العودة إلى حكم الشريعة" إذا انفصل جنوب السودان عن شماله!..

لم يكن انقلاب البشير وإعلان "حكم الشريعة" دافعا للانفصال إذ لم يكن أصلا في بداية وضع المخطط الانفصالي وتنفيذه، ولا كان عنصرا مؤثرا على مراحله التاريخية التالية.. وليس الربط الآن بين "حكم الشريعة" و"تفتيت السودان" إلا من قبيل مقولات غوغائية دعائية تصدر عمّن يعادي الشريعة والسودان معا على السواء، والعرب والمسلمين دون تمييز.

 

الانفصال.. والانهيار الرسمي العربي

لم تعد توجد حاجة إلى تحليل وتعليل لبيان مدى ارتباط أحداث السودان بالوضع العربي (والإسلامي أيضا) على وجه التعميم والتخصيص، فما كان محور الشكوى بين حين وحين، وفي بلد دون بلد، أصبح من قبيل "الأمراض المزمنة" المشتركة.. وكأنّما يراد في الوقت الحاضر عبر مقولات التيئيس وممارسات تنشر التيئيس أن نعتبرها "أمراضا مزمنة لا شفاء لها!"، أي لا داعي إذن للعمل للخروج من الواقع المتفسّخ الفاسد الحالي وصناعة مستقبل كريم!!..

التجزئة الكبرى بعد الحرب العالمية الأولى وصلت إلى مرحلة تفتيت الأقطار المجزّأة الآن.. والأميّة التي اعتبرت أمّ التخلّف لعقود عديدة وصلت إلى مرحلة اغتيال اللغة العربية علميا وثقافيا وإعلاميا وفي رياض الأطفال الآن.. وسياسات المحاور مع الحروب بالنيابة ما بين اشتراكية "مزيفة" شرقية ورأسمالية "مزيفة" غربية وصلت إلى مرحلة انطلاق الحروب العدوانية الأجنبية من داخل المنطقة العربية في المنطقة العربية الآن.. والانقلابات العسكرية والحزبية قديما وصلت إلى مرحلة الاستبداد وتوريث الاستبداد الآن.. وشعارات الحدّ من الحريات باسم التعبئة لقضية فلسطين في الماضي وصلت إلى انتهاك الحريات لتصفية قضية فلسطين الآن.. وعناوين الثورات المزعومة باسم الشعوب تحوّلت إلى طوارئ مزمنة لقهر الشعوب الآن.. وأحداث الفتن في صيغة تمرد محلي أو حرب أهلية محلية أصبحت أحداث فتن طائفية وعرقية شاملة وأخرى يجري الآن وضع بذورها للمزيد والأخطر في المستقبل المنظور.

لهذا كلّه لا بدّ من التأكيد:

إن ما يجري في السودان لا تحمل المسؤولية عنه حكومة السودان ولا حركات الانفصال في السودان فقط، بل تحمل المسؤولية عنه الحكومات العربية المتعاقبة سابقا والقائمة حاليا، جملة وتفصيلا، فهي مسؤولية جماعية عن ماضي السودان وحاضره ومستقبله، مثلما هي مسؤولية جماعية عمّا يجري في العراق، وفي اليمن، وفي فلسطين، وفي الصومال، على الأصعدة السياسية والأمنية وكذلك على الأصعدة الاقتصادية كما تشهد موجة جديدة من أحداث ثورات المقهورين من الشبيبة في الشمال المغربي في الوقت الحاضر.

 

بين ردود الفعل وصناعة الحدث

لم يعد وصف "الأزمة السياسية" أو وصف "انهيار منظومة الأمن العربي" أو ما شابه ذلك كافيا لتعليل مجرى الأحداث في اتجاه مزيد من الانهيار والتفتيت والتخلّف، فالأزمة أزمة وجود، بعد أن أصبح الواقع القائم فاسدا من جذوره، ولا يمكن للرؤى الجزئية أن تعطي إلا مزيدا من العواقب الوخيمة، ما لم يحلّ التفكير بحلول جذرية مكان التفكير بحلول وقتية ومحلية هنا وهناك، وما لم يحلّ المنظور العربي الشامل محلّ المنظور القطري والفئوي والحزبي الضيّق، وما لم توضع المصلحة العليا المشتركة فوق المصالح المشروعة والمطامع غير المشروعة على كلّ مستوى أدنى، وما لم توضع إرادة الشعوب فوق إرادة الأنظمة، اختيارا ومحاسبة وتنصيبا وإقالة.

كل تحليل يعطيه صاحب قلم، أو تصريح يدلي به مسؤول سياسي، يحصر مشكلة السودان داخل حدود السودان، يساهم عمدا أو خطأ في عملية التفتيت الجارية، ليس على صعيد السودان، بل على صعيد المنطقة العربية -وشبيه ذلك على صعيد المنطقة الإسلامية- جميعا دون استثناء، وكل حل جزئي لمشكلات السودان لا يضع في اعتباره الأرضية العربية المشتركة، وضرورات التلاقي والتكامل والتعاون وتوحيد الأهداف والجهود والسياسات والمواقف والمخططات والتنفيذ، يصب في نهاية المطاف في ترسيخ الواقع الفاسد وزيادته فسادا.

أصبح السؤال المطروح الآن: كيف سيكون التعامل مع دويلة جديدة وليدة في جنوب السودان؟..

ولا يُطرح هذا السؤال –على أهميته- سوى صيغة أخرى للسؤال:

كيف نحدد ردود فعلنا المتأخرة على حدث صنعه سوانا وساهمنا فيه طائعين وكارهين، ولم نبذل جهدا حقيقيا في الوقت المناسب للحيلولة دون وقوعه؟..

كيف سيكون ردّ فعلنا إذا ساهمت الدويلة الجديدة في خنق شرايين السودان ومصر المائية.. أو إذا أصبحت ركيزة إضافية للصهيونية والهيمنة الأمريكية في "الوطن" العربي.. أو إذا دعمت انفصال دارفور أو جنوب دارفور لتقوية "جبهتها" تجاه ما كان "الدولة الأم".. أو إذا تحوّلت من هدف لحركة التنصير باسم التبشير إلى مركز لهذه الحركة يستهدف مناطق قريبة كاليمن والصومال وجيبوتي والسودان ومناطق أخرى بعيدة..

السؤال الواجب الغائب:

كيف ستتصرّف تلك الدويلة فيما لو التقت السياسات الرسمية العربية على نهج مشترك في التعامل معها على أساس الردّ على كل خطوة عدوانية والانفتاح على كل ما يحقق مصالح متبادلة قويمة؟..

هو الأسلوب ذاته المتكرّر في التعامل "غير السياسي" –وإن سمّي سياسيا- نظريا وعمليا، مع كل حدث جديد، أثناء التخطيط له وتنفيذه، ثم بعد وصول المخططات لغايتها.. كالتعامل مع دويلات صومالية عقب انهيار الصومال، والدولة الإريتيرية عند الاستقلال عن الحبشة، والإعلان عن "دويلة صحراوية" في أقصى المغرب العربي، بل حتى –في اتجاه معاكس- مع دولة الوحدة اليمنية، ولم يعد مستبعدا قيام دويلات جديدة، على أسس طائفية أو عرقية، يجري التخطيط والعمل لها الآن، وتجري المشاركة العربية الرسمية فيه، بصورة آثمة مباشرة أو عبر "أسلوب الانتظار الانتحاري سياسيا" على الأقل، حتى إذا تمّ تنفيذ المخططات بجهود دولية ومشاركات إقليمية.. تكرّر طرح السؤال "التقليدي" عن كيفية التعامل القائم على رؤى وسياسات متفرقة مجزّأة، مع وضع جزئي جديد!..

أين المخرج من هذا الدوامة لمسلسل الانهيار؟..

 

الوعي الشعبي

لقد أظهر التعامل الشعبي في مصر مع جريمة التفجير التي استهدفت مصر عبر كنيسة القديسين، أن الوعي الشعبي تجاوز السياسات الرسمية إلى حدّ بعيد، وأن ما يراد تفجيره من فتنة طائفية في مصر، إن وجد على الصعيد الرسمي أحيانا "علاجا" ما على سبيل "التهدئة الأمنية" فإن العلاج الفعال على المدى القريب والبعيد هو ما يتحقق عن طريق الشعوب.

ليس بين العراق والكويت مشكلة، إنّما كانت ويمكن أن تتجدد بين نظامين للحكم هنا وهناك، ويمكن أن يكون لسياساتهما وممارساتهما أثر كبير أو صغير عبر ما ينتشر من تصوّرات مضلّلة على المستوى الشعبي.. وبقدر ما تتحرّر الشعوب من قبضة تلك التصوّرات تستطيع أن تتجاوز بوعيها مفعول قبضة السياسات في عصر الانهيار العام القائم.

وليس بين جنوب اليمن وشماله مشكلة "شعبية".. ولا بين شعبي مصر والسودان مشكلة حلايب.. ولا بين شعبي الجزائر والمغرب قضية صحراوية.. إنّما تمتدّ آثار السياسات الرسمية المسيطرة على صناعة الأزمات بدلا من حلها إلى الرؤى الشعبية ردحا من الزمن، فإن ظهرت مساوئها بدأ الوعي الشعبي بالظهور، وبدأ مفعوله على أرض الواقع بالظهور أيضا.

ولكن تكاد سياسات التجزئة والاستبداد والفساد على مدى عقود متوالية، بمختلف المسميات، وبمختلف التوجّهات، أن تتحوّل بمفعولها إلى الشعوب، وهذا في مقدمة ما ينبغي العمل من أجل الحيلولة دونه، فمستقبل المنطقة العربية مرتبط بوعي شعوبها، وبما تصنع شعوبها انطلاقا من ذلك الوعي، وهذا ما لا يقتصر المثال عليه فيما تشهده مصر ردّا على جريمة الاسكندرية، بل توجد أمثلة عديدة عليه، لعل أبرزها للعيان احتضان الشعوب للمقاومة المتصاعدة رغم سياسات الأنظمة الرسمية، ضد الهيمنة الصهيوأمريكية والسياسات والممارسات الصهيوغربية.

لا بد من الاعتماد على الشعوب عبر مختلف الوسائل التي تساهم في رفع مستوى الوعي، ومستوى القدرة على الإنجاز، رغم العوائق التي تصنعها سياسات التجزئة بعد الاستقلال، والتبعية تحت عناوين "الأولوية" لهذا القطر أو ذاك، كما بدأت تنتشر في بلد بعد بلد، على حساب المصلحة المشتركة بين البلدان العربية والإسلامية جميعا دون استثناء.

إنّ كل تحرك شعبي يواجه بمختلف الوسائل المتوافرة سياسات الفتن الطائفية وغير الطائفية يحقق جزءا من واجب التغيير، وكل تحرّك شعبي يواجه بمختلف الوسائل المتوافرة سياسات الاغتيال التغريبي للغة العربية الجامعة للشعوب العربية ودولها، يحقق جزءا من واجب التغيير، وهذا ما يسري على كل ميدان آخر، بدءا بنشر الانحلال باسم الفنون، مرورا بتوطين الأدمغة المهجّرة، انتهاء بسياسات تدمير الإنتاج الاقتصادي المحلي بدعوى الانفتاح على الاستثمارات الغربية وترسيخ نهج المجتمعات الاستهلاكية.

ولئن لم تكن الوسائل بين أيدي الشعوب وبين أيدي النخب المسؤولة أكثر من سواها على صعيد الشعوب، كافية إبان حقبة استقلال الدول العربية وبدء تنفيذ مخططات التفتيت بعد التجزئة، فإن في الوقت الحاضر من الوسائل ما يساعد على استدراك ما فات تحقيقه في حقبة ماضية، ومن دون ذلك: كما أن انفصال بنجلادش عن باكستان قبل جيل واحد لم يكن آخر مسلسلات التفكيك والتفتيت على مستوى المنطقة الإسلامية، فإن تفتيت السودان لن يكون آخر ما يتحقق على قائمة المخططات الجاري تنفيذها في المنطقة العربية.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ