ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تَفْجِيْرُ
كَنِيْسَةِ القِدِّيسَيْن…وَالجَرِيمَةُ
المُزْدَوِجَة بقلم
فضيلة الشيخ بلال سعيد شعبان* لا بد
أن أبدأ بالتعبير عن بالغ غضبي
واستنكاري لعملية التفجير
الإجرامية الآثمة التي تعرضت
لها كنيسة القديسَين في
الاسكندرية التي استهدفت مسلمي
مصر قبل مسيحييهم! والواقع أن
منطقتنا بكل جغرافيتها الدينية
والعرقية تتعرض لمنخفض جوي
استعماري عنوانه "الحرب على
ما يسمى بالإرهاب" أو "الحرب
الاستباقية" على بلادنا. والواقع
أن مجزرة كنيسة القِدِّيسَين لم
تأت في سياق مختلف أو مغاير عن
سائر الاستهدافات في المنطقة
حتى تستدعي شجب واستنكار البابا
بنيدكتوس، وحدها ودون سواها.
إنما هي جريمة في سياق المذبحة
الكبرى التي تجري من العراق إلى
باكستان وأفغانستان وفلسطين.
ففي باكستان وأفغانستان وبحجة
الحرب على الإرهاب يقتل
الأبرياء، رجالاً ونساءً، في
التجمعات والأعراس، على
الشبهة، بالطائرات الأمريكية
بدون طيار. والذين يموتون، وإن
كانوا مسلمين، فهم بشر يستحقون
ولو كلمة شجب أو إدانة من البابا
الذي يعتبر الأب الروحي للغرب. وما حدث
ويحدث من مجزرة كبرى في العراق
على مدى ثماني سنوات من عمر
الاحتلال حيث قتل المحتلون
الغربيون مئات الآلاف عبر القتل
المباشر أو من خلال الفتن التي
اصطنعوها بين مكونات الشعب
العراقي. كل ذلك لم يستدع
استنكاراً وشجباً بابوياً، إلا
عندما بدأ الاستهداف الفتنوي
الغربي للمسيحيين في آخر حلقة
من حلقات المجزرة الكبرى هناك. وما
يعانيه الشعب الفلسطيني،
بمسلميه ومسيحييه، وانتهاك
مقدسات الفريقين وتدنيسها من
قبل الاحتلال الصهيوني، ثم صمت
المرجعية الدينية المسيحية
العالمية يضعها أمام إشكاليتين: 1 –
أنها فرقت بين نوعين من
المسيحيين فهي تستنكر الاعتداء
على المسيحيين في الاسكندرية
وتطالب بحمايتهم، ويلفها صمت
القبور أمام القتل والتهجير
الحاصل في القدس الشريف، مهد
عيسى عليه الصلاة والسلام، ضد
مسيحيين أيضا. 2 –
أنها تعاطت بعنصرية مفرطة حين
استفزها مقتل أكثر من عشرين
مسيحياً ولم يحرك مشاعرها مقتل
نصف مليون مسلم في أفغانستان
وضعفهم أو يزيد في العراق
وكأنهم في نظر المرجعية الدينية
العالمية خارج الإطار الإنساني
أو كَمٌّ زائد يجب التخلص منه
كما كتب بعض المفكرين الغربيين
.!؟ أما رد
الفعل بإحراق مسجد مقابل
الكنيسة المستهدفة ثم قتل الشاب
الاسكندراني سيد بلال تحت
التعذيب رغم استنكار المرجعيات
الإسلامية الرسمية والشعبية،
فذلك يزيد الاحتقان بين
المصريين ويفض الإجماع على
استنكار الجريمة. كما وأن طريقة
استنكار البابا للجريمة، أرى
أنها ربما تخدم سياق الجريمة
ومرتكبيها ! ومن
جانب آخر سلطت بعض الفضائيات
الضوء على اضطهاد يتعرض له
الأقباط "المسيحيون"،
وصوروا الاضطهاد وكأنه صادر من
نظام الخلافة المصري "المسلم"
الذي يتربع على عرشه "الخليفة
الراشد الإمام" محمد حسني
مبارك، وهذا نوع من النفاق
والتزوير، فالكل يعلم أن معظم
أنظمتنا صُنِّعت في الخارج
فظلمها عائد عليها وعلى من
صَنَّعَهَا وليس للدين
الإسلامي علاقة بما تمارسه من
ظلم لا من قريب ولا من بعيد . وقد قصد
الإعلام من طرح الموضوع بهذه
الطريقة تدويل موضوع الأقباط في
مصر ليكون الحلقة
التقسيمية التالية بعد
تقسيم السودان. كما أن
ما يعانيه المسلمون، وتحديداً
الحركات الإسلامية يساوي أضعاف
أضعاف ما يعانيه المسيحيون. بل
إن سبب شقاء الشرق العربي
المسلم هو تسلط الغرب "المسيحي"
على مجريات الأمور في بلادنا.
فهم من نصبوا الرؤوساء "والأئمة
والولاة" - واسألوا ويكيليكس
إن أردتم. بل أكثر من ذلك نحن على
ثقة أن الدائرة التي تدور على
المسيحيين اليوم هي بإرادة
غربية لإشعال فتن تدفع الغرب
إلى الإيغال في التدخل بعدما
استنفد تأجيج الصراع السني
الشيعي أهدافه وحقق ما حقق.
فالمطلوب فتن متنقلة تقسم
المنطقة. فلتكن الفتنة التالية
فارسية عربية وكردية تركمانية.
وبعد ذلك كله ما المشكلة عند
الغرب اللاديني أن يضحي
بالمسيحيين المشرقيين باغتيال
من هنا ومجزرة من هناك؟.. من أجل
تحقيق أهدافه في الفرز والتهجير
وإقامة دويلات مقسمة عرقياً
ومذهبياً تلعب فيها إسرائيل دور
السيد كما ورد في وثيقة "Clean
BreaK"وتؤسس
الأرضية لحروب الصليبية جديدة
باستفزاز شعوب الغرب ومجتمعاته
المسيحية. لذلك
فإن كانت الجريمة الأولى هي
عملية التفجير الآثمة أمام
كنيسة القِدِّيسَيْن فإن
الجريمة الأكثر إيلاماً هي
الحديث عن ضرورة حماية مسيحيي
الشرق دون أدنى إشارة إلى حماية
شركائهم من المسلمين في المنطقة
وكأن الدم غير الدم. الجريمة
جريمة سواء استهدفت أهلنا
الآمنين من مسلمين في أفغانستان
ولبنان أو مسيحيين في العراق أو
فلسطين. فنحن وبسبب الحملات
الاستعمارية الجديدة لم نعد
شركاء بالعروبة والحياة على هذه
الأرض فحسب بل شركاء في الدم
النازف على يد المحتل الغاصب. وجميعنا
يحفظ المثل اللبناني القائل
:"زيوان بلادي ولا قمح الغريب"
لذلك أرى أن مصلحة مسيحيي الشرق
في تعزيز الشراكة الدفاعية مع
شركائهم في المواطنة شراكة
تقاوم كل احتلال وتحمي الجميع
ولا ينتظرن أحد خيراً من
المحتلين. فأمريكا وإسرائيل لا
تتخذ أصدقاء وحلفاء بل عملاء
وأُجَرَاء. ورأس المتعاملين مع
العدو الصهيوني الغاصب في لبنان
في مرحلة من المراحل كان أنطوان
لحد، ها هو اليوم بعد كل ما قدمه
للعدو صار "بيّاع فلافل في تل
أبيب". ونصيحتي
للمرجعية البابوية الأولى في
العالم أن يعتمد معيارا جديدا
لقياس أمن المسيحيين في المشرق
فإن أَمِنَ أهلنا مسلمين
ومسيحيين في مسرى رسول الله
محمد ومهد عيسى عليهما الصلاة
والسلام فكلنا بخير وإن كانوا
غير ذلك فيجب أن نبني على الشيء
مقتضاه. ولتكن المرجعية
البابوية الأولى في العالم
داعية خير ومحبة وسلام ولا تكن
بطرس الناسك أو البابا أوربان
الثاني الذي حمل وزر ملايين
المسيحيين والمسلمين الذي قضوا
نتيجة فِرْيَةٍ كاذبة وطمع في
ثروات الشرق، فأخشى ما أخشاه أن
يعيد التاريخ نفسه. أخيرا
كل العزاء للذين قضوا تحت
جنازير وحبائل الديمقراطية
الأمريكية من أفغانستان إلى
العراق إلى فلسطين إلى مصر
ولبنان ... وكل مكان ... إلى أي دين
أو مذهب أو عرق انتموا ... "فالخلق
كلهم عيال الله أحبهم إليه
أنفعهم لعياله " وصدق رسول
الله صلى الله عليه وسلم ـــــــــ *الأمين
العام لحركة التوحيد الإسلامي -
لبنان ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |