ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رسالة
عاجلة ل"أصحاب" الفخامة
والجلالة والسيادة.. وإلى
أبنائهم وأصهارهم وعائلاتهم
و"مافياتهم" : ارحلوا
.. جلال/
عقاب يحيى - الجزائر
من كان يتوقّع، أو يصدّق حتى
قبل أيام، أن تُحدث تونس
المفاجأة، وأن ينتفض الشعب
بركاناً أقرب للزلزال.. وإذ
بالأرض تميد فتتشقق بسرعة، وإذ
بوحش الاستبداد هرِماَ،
مهترئاً، وإذ بالطاغية "
رقيقاً، ليّناً، يترجّى"،
فيهرب في ليل بهيم ؟؟؟ .. قيل
الكثير عن شعب تونس الذي دُجّن،
وكيّف، وأُرْعب، فأُخُضع على يد
قوى اختصاصية بالفتك، وقتل
الآدمية، وغسل الأدمغة، ومحو
الإرادات والحقوق، وما يشبه
الإبادة للمعارضة التي طوردت،
واغتيلت، وأُجبرت على الصمت،
والهجرة.. وأنها " كمشة"
معقّدين، أو بائسين، يائسين، أو
مرتبطين..ولا تملك سوى بعض
الخرمشات على المواقع
الألكترونية التي لا تكشّ
ذبابة، ولا تهشّ نملة .. وأنه،
شعب تونس، الموصوف بكثير
الأوصاف : العقلانية، والتعقّل،
والصبر، والمجاملة، وحب
الحياة، والتمجيد بالزعيم
الأوحد وفضائله .. لا حول ولا قوة
له سوى انتظار سنّة
الحياة(الموت)، علّها تريحهم من
هذا الدعيّ الذي أقسم يوم
انقلابه على بورقيبة المهترئ،
والميّت سريرياً، أنه إنما فعل
ذلك لأنه ضد التأبيد.. وإذ به
ألعن وأوحش، وإذ بالمستبد(غير
العادل، بالتأكيد) غولً يتغوّل
فيأكل الأخضر واليابس من
الوعود، والحقوق ليتربّع على
هامة، وأقدار وحقوق الشعب
التونسي ..وقد تخيّل أنه باق
للأبد، وأنه أشطر من بورقيبة،
كيف لا وهو خريج مدرسة الفتك،
العارف بوسائل خنق الشعب وعصره
وهصره، ثم إطلاق كلابه المدرّبة
عليه لنهش ما يتبقّى منه !! ... مستبدّ،
أو طاغية تونس لم يتعظ، ولم يقرأ
دروس التاريخ، ربما إلا في
اللحظات الأخيرة، حين (فاجأه)
الشعب بما لا يتوقّع، وإذ
بالجزار مجرد حمل وديع، ذليل،
يملأ دنيا الوعود وعوداً، ويتهم
الآخرين بتضليله، وإذ بأكوام
وعودّه تنهال سخيّة، وإذ به
يصغر فينكمش، ويتهرّمش خلافاً
لطاووسيته التي كان شديد الحرص
على الظهور بها، وإذ بدنيا
الشعب غير دنياه.. فلم يجد بدّاً
من الهروب كأي لصّ، أو مجرم.. في
رحلة البحث عن ملجأ .. وإذ
بالحلفاء(ليسوا حلفاء) وقد
قلبوا ظهر المجن، فرفض أيّهم
إيواءه، ولعله تذكّر لحظتها
حكاية شاه إيران وكيف باعوه
رخيصاً، وكيف لم يجد مأوى سوى
أحضان السادات .. الذي قيل يومها
أنه أشفق عليه، ووجعه قلبه..
مثلما سيقول آل سعود وهم
يستضيفون زائرهم الجديد في جدّة
.
****
ـ قبل سنوات كتبت رواية
بعنوان (( وميض أحلام حالمة))،
كان أحد أبطالها الرئيسين (علي
بن عمر المضري) يائساً، بائساً،
كأحوال معظم شعبنا ومعارضاته .. ولأنه
لم يرَ شعاع ضوء لتغيير الواقع
العربي الغارق في بياته، وفي
فراش الاستبداد المؤبّد، ولأنه
مدمن سياسة، أو مرتبط بفلسطين
حتى الشهادة.. راح يحلم بإمكانية
اللقاء مع سكان فضائيين، لا بدّ
أنهم موجودون، ولا بدّ أن يتفق
معهم لتخليص الأمة من عاهاتها،
والوطن من سرطانه المزمن.. وكان
لقاء، وكان اتفاق أهم ما فيه
تسليحه بقدرة الاختراق والنفاذ
دون أن يُكتشف، هو وقلّة من
رفاقه الأوفياء. ورغم
أنه سياسي محترف، ومناضل جاب
السجون العربية وخبرها، وقرأ
الكثير عن الاستبداد وأعمدته،
والحكّام واستنادهم، وما
يُظهرونه من قوة لتخويف الشعب..
إلا أنه اعتقد أنهم أقوياء
فعلاً، وأنهم يستندون إلى قلاع
أمنية وعسكرية، ومليشياوية
مدرّبة، وعائلية، وملّية،
وعشائرية، و"مافياوية"،
وكثير من دعائم البطش والفتك
التي أمّنت لهم ذلك(الاستقرار)
المغشوش، والتأبيد، وفجور
النهب والإفساد وقهر الشعب،
وقبر حقوقه . وعندما
نَفَذوا إلى دواخلهم، وقدّ
أعدّوا العدة المُحكمة للإطاحة
بهم، بهتوا، وذهلوا، ودُهشوا
لهشاشة تلك النظم وفرفطتها من
داخلها، والتي لا تستحق أكثر من
نفخة حازمة يصدرها شعب يملك
إرادة الحياة، وبصيرة التغيير
وموجباته .
كانت المفاجأة الأكبر، ورغم
ذلك التهويل والتحشيد المليوني
لتلك النظم، أنّ أكثرها قوة،
وتماسكاً لا يزيد عدد من يُمسك
زمام القرار فيها سوى بضعة،
بعضهم لا يتجاوز عددهم أصابع
اليد الواحدة، وبعضهم أقلّ، إلا
الفرد الواحد، حتى إذا ما
أحسّوا بفعل التغيير انفكوا
وهربوا، وكلّ يبدي استعداداً
مفتوحاً للتوبة، والتعاون،
ويرمي بالمسؤولية على الآخر،
لتجتمع عند الرأس .. الذي راح
يبكي كالأطفال من غَشّه، وزيّن
له الوقائع، ومن" أجبره"
على المكوث، والتفرّد، واقتراف
تلك الآثام والمعاصي، وهو يبوس
الأقدام أن يرحموه فيعفوا عنه
ويتركوه يتمتع بما جمع بقية
عمره ..
**** نعم،
شعب تونس فعلها، وفعلها وحده .
لم يحتَج إلى فضائيين لنجدته،
ولا إلى جهات خارجية للاىستناد
عليها وطلب رضائها، وهندساتها،
أو دعم من أي نوع سوى الإرادة
والتصميم والمثابرة، واكتساح
أسوار الخوف، لتهديم مملكة
الرعب" الأسطورية" بشيء من
التضحيات، وبعزيمة الذي لا يهاب
الرصاص... شعب
تونس اكتشف، كعلي المضري، أن
نظام الطاغية هشّ، مهترئ، وأن
عماده أقل من كمشة، وأنه حين
يجدّ الجد يهرب أقرب
المقرّبين(لأنهم لم يكونوا أكثر
من خدم ومنفّذين، وموظفين)،
وأنه من السهل اختراق تلك
الحصون وتهشيمها بعزيمة
المؤمنين بمصيرهم، وبقدر
التغيير والتطوير.. وفعلها شعب
تونس .. فعلها
وهو يوجّه رسالة بليغة للبقية .
رسالة تجعل لياليهم مختلفة عمّا
كان قبل أيام تونس الخالدة .
والأكيد، الأكيد أنهم يعيدون
النظر بأحوالهم ومستشاريهم
ومعاونيهم وجلاوزتهم وكلابهم
المدرّبة . والأكيد الأكيد
أنهم، في سرّهم، يلمّسون على
رأسهم، وإن كانوا سيُظهرون، في
العلن، المزيد من التشدد، وهيبة
التماسك والقوة، والمزيد من "
حنكة" القبض على الأوضاع
الداخلية، ومحاولاتّ "سدّ
الطاقات والنوافذ" التي
يتصوّرون أن الريح يمكن أن
تتسرّب منها .. الأكيد
الأكيد، وتونس تفلق ظلمة
الاستبداد العربي، وتهدّم
ركناً مهماً في سور ممالك الرعب
والموت ونظم المافيا النهبية..
تدعو الجميع للتأمل، والتفكير،
والعمل .. تونس
الشعب المنتفض توجّه رسالة
بليغة إلينا، وبلغة سهلة،
واضحة، بسيطة :
إذا الشعب يوماً أراد
الحياة
فلا بدّ أن يستجيب القدر
ولا بـدّ لليـل أن
ينجلـــــي
ولا بدّ للقيد أن ينكـــسر
الشعب
المحتقن، وهي حال جميع الشعوب
العربية، من المحيط إلى الخليج،
بتفاوت كمّي ضئيل، والممتلئ
حقداً على حكامه وظلامه، وسارقي
قوت أطفاله، وأحلامه،
وطموحاته.. ممكن أن ينفجر بشرارة
بوزيدية أخرى(أقل أو أكثر)،
وحينها سنكتشف، نحن قبل غيرنا،
أن تنظيراتنا كلها عن الظروف
والإشكاليات، عن الشعوب
الخانعة، المدّجّنة، القابلة
بفعس حقوقها، وسحق أمانيها.. لا
تعتمد على أسس عميقة، وأن الشعب
يمكن أن يُحدث المفاجأة
ويفعلها، ونحن(نيام)، أو ونحن
نجترّ مكرور مفاعيل الأزمة
فينا، ثم نلقيها على الآخر..وقد
بات، بعد تونس، كل شيء ممكناً .
***** الأكيد
أن ذاكرة معظمنا تحتفظ بلوحتين
يستحيل أن تمحيا، الأولى خاصة
ب(المسكين) شاه إيران الهائم على
وجهه فلا يجد مكاناً يلجأ إليه،
إلى درجة أن وضعه صار يقطّع
القلب حتى لمن كان ضده . والثانية
تخصّ مصرع شاويسكو وزوجته، بتلك
الطريقة والهيئة، والتي جعلتنا
نتأثر عاطفياً..(رغم أن المَثلين
لطغاة أجانب) !!! .. فكيف سيكون
حالنا، نحن العاطفيون،
الاندفاعيون، البداوة
الشرقيون.. عندما يتعلق الأمر
بواحد منّا، حتى لو كان هذا
الواحد رمز الطغيان والإبادة
الجماعية والفساد والإفساد،
والفجور، والاستبداد ؟؟؟!!!.. لهذا،
لا أكتم أحداً إن قلت أنني"
تألمت" على منظر السيد الرئيس
زين العابدين بن علي وهو يلقي
خطابه الثاني لخنوعه، وخضوعه،
وصِغاره، وقد تكرّمش، وتهرّبش،
وتهرّمش وكأنه مغلوب على أمره
كل تلك العقود، والقط يأكل
عشاءه، (هو الذي ضحّى بكل شيء من
أجل تونس التي عشق ويعشق) !!!
..وكأنهم خدعوه(مثل الزوج
المخدوع)، ولا تدري من خدع من،
وهل هم الأصهار وآل الطرابلسي،
أم المستشارون، أم قوّاد الأمن
والقتل، أم كتبة التقارير
الجميلة المنشاة ب"حقائق"
خضوع الشعب، وتسبيحه وحمده
بالرئيس الفذ الذي لم ينجبه بطن
لا من قبل ولا من بعد !!! .. وكان
ألمي أكثر وأنا أتابع طائرته
وهي تجوب الأجواء، وتحوم هنا
وهناك فلا تجد غير الصد، ومواقف
السد والضد، خاصة ممن كان ينام
على حرير طوعهم وتنفيذ مصالحهم
وإملاءاتهم، حتى أنه (المسكين،
ومعه أسرته) قبع طويلاً بين
السماء والأرض مهموماً،
حسيراً، ولولا " الكرم"
السعودي" الشهير، والمعروف
لا ندري أيّ مصير كان ينتظره
وأسرته المسكينة . ومن
واقع ألمي هذا، وخوفي من مصير
مشابه "لزعمائنا" كلهم، من
أصحاب الفخامة، والسيادة،
والجلالة، والأمراء والسلاطين،
وأنجالهم الورثة القادمين،
وأصهارهم، وعائلاتهم،
وحاشياتهم، والقليل الذي سيبقى
وفيّاً إليهم، ومن لن يجد له
مكان بين شعبه .. سارعت إلى كتابة
رسالتي هذه، وكلي أمل أن
يستجيبوا إليها فيرحلوا . ارحلوا
. خذوا ما شئتم من أموالكم
المكدّسة، وذكرياتكم العطرة،
ومقتنياتكم، وارحلوا . ارحلوا
رحمة بكم فقد وصل الاحتقان حدّ
الانفجار، وتونس الشرارة،
وتونس الإنذار غير المبكّر،
وتونس الدرس والعظة . ارحلوا،
واعلموا أننا لسنا حقّاداً مثل
أغلبكم. سنترككم " تتمتعون"
بما" كسبتم" لكن بعيداً
عنّا، فقد طفح كيلنا، وما عدنا
قادرين على تنفسكم . ارحلوا،
واتركوا الشعب يختار ويقرر
مصيره، وسيعرف كيف يدير أموره،
وكيف يبني دولة المواطنة . دولة
الحقوق العامة، والعدل
والمساواة . دولة الحريّات
الديمقراطية للجميع . ارحلوا
بأسرع ما تستطيعون، ولا تخافوا
ردود فعلنا، فقد جُيلنا على
الصفح والتسامح، وسنطوي
صفحاتكم القاتمة، ونعرف كيف
نستنشق هواء صحيّاً، وكيف نختار
حياتنا التي نريد، فقد كبرنا
كفاية، ولم نعد نحتاجكم أبداً . أبداً
لم نعد نحتاجكم، بل لم نعد نطيق
وجودكم بيننا ..فارحموا ما تبقّى
لكم.. وارحلوا .. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |