ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لبنان
إلى النفق مرة أخرى عريب
الرنتاوي المسعى
السوري – السعودي لإنقاذ لبنان
من تداعيات المحكمة الدولية
وقرارها الاتهامي، اصطدم بـ"الفيتو"
الأمريكي، بعد أن استغرق عدة
أشهر في العمل على بناء توافقات
إقليمية ومحلية، تخرج لبنان من
نفق انقساماته وتنجيه من
استحقاق المحكمة الخاصة
بالحريري...واشنطن لم تقبل بأية
تسوية على حساب المحكمة، فهذا
السيف الثقيل يجب أن يظل مسلطاً
فوق رأس بشّار الأسد وحسن نصر
الله، وهي لن تقبل بأية تسوية
تنتهي إلى "تعويم" حزب الله
و"شرعنته"، وهو المصنف في
وثائقها كواحدة من أخطر
المنظمات "الإرهابية". والحقيقة
أن الموقف الأمريكي لم يكن
جديداً، ولا يجدر أن يكون مدعاة
للدهشة أو مبعثاً للاستغراب،
فواشنطن منذ جريمة اغتيال
الحريري، قبلها وبعدها، وهي
تحشد الأوراق الواحدة تلو
الأخرى، لمحاصرة دمشق واستئصال
حزب الله، ولم يكن إنشاء
المحكمة الدولية إلى حلقة في
هذا المسلسل، وإلا لماذا لم
تكترث واشنطن بعمليات اغتيال
طالت قيادات أثقل وزنا من
الحريري: بينازير بوتو وياسر
عرفات ؟!. المفاجئة
الكبرى لنا، نحن معشر المتابعين
والمراقبين، جاءت من الرياض،
التي اعتذرت عن مواصلة هذا
الدور عند أول اصطدام له بجدار
التعنت والإنحياز الأمريكيين،
بل وأخذت دوائرها وسفارتها،
تنفي علمها بوجود "مبادرة"
من هذا النوع، مفضلة الحديث عن
"أفكار" سعودية – سورية،
وهما تراجع وإعادة قراءة فضحهما
سعد الحريري نفسه، عندما قال في
تصريح لافت له، بأن المبادرة
السعودية – السورية كانت
اسكتملت مختلف عناصرها، قبل مرض
الملك عبد الله بن عبد العزيز
وسفره للعلاج بشهر على الأقل. في
تفسير "التراجع" السعودي
عن مواصلة الجهد المشترك مع
دمشق، ثمة من يعزو الأسباب لمرض
خادم الحرمين، وهو الذي قاد
شخصياً سياسة التقارب
والمصالحة مع دمشق، وهو الذي
زارها بعد قطيعة، واصطحب رئيسها
إلى قمة ثلاثية جمعتهما في قصر
بعبدا مع الرئيس اللبناني
العماد ميشيل سليمان...مرض
العاهل السعودي، أيقظ من جديد
التكهنات حول وجود مدارس
وتيارات في السياسات الخارجية
السعودية، واحدة يقودها الملك
عبر نجله الأمير عبد العزيز بن
عبد الله، الذي تكلّف وتكفّل
بملف العلاقة مع سوريا ولبنان،
والثانية يمثلها الأميران،
بندر بن سلطان وسعود الفيصل،
وهي سياسة لا تحتفظ بأي ودٍ ظاهر
مع دمشق، وقد لوحظ غياب هذين
الرجلين كلياً عن ملف الاتصالات
السعودية مع لبنان وسوريا منذ
قمة الكويت التصالحية. على أية
حال، فقد ترك تراجع السعودية عن
متابعة مبادرتها، أحد أبرز
رجالاتها في لبنان، رئيس حكومة
تصريف الأعمال، سعد الحريري،
مكشوف الظهر أمام الضغوط
الأمريكية، وهذا ما دفعه
للتساوق مع مطالب الإدارة
وشروطها، وانتهاج خط تصعيدي في
الداخل مطمئنا لدعم واشنطن
مستنداً إلى عودة "تيار
التشدد" داخل السياسة
السعودية الخارجية إلى المسرح
من جديد، مستفيداً من غياب
الملك في رحلة العلاج الطويلة. على
الضفة الأخرى، عملت دمشق على
ملء الفراغ الناجم عن "انسحاب
السعودية من مبادرتها"،
باستدعاء الدورين التركي
والقطري، وعلى ذات الأسس
والأرضية التي انطلقت منها
المبادرة السورية السعودية، بل
وبهدف إحيائها، وهي في ذلك ضربت
أكثر من عصفور بحجر واحد: قطعت
الطريق على عملية الاستقطاب
والفرز التي أطلقها الفيتو
الأمريكي...وضعت السعودية في
خانة المطلوب منه أن يتحرك
الآن، وليس غداً...أحبطت مشروع
ساركوزي القاضي بـ"تدويل"
الأزمة اللبنانية من بوابة "مجموعة
الاتصال الوزارية الخاصة
بلبنان"...واخيراً، منحت
الاتصالات السياسية
والدبلوماسية فرصة أسبوع إضافي
للتوصل إلى حل قبل بدء
الاستشارات الملزمة لتشكيل
الحكومة اللبنانية الجديدة. أما
المعارضة اللبنانية، فقد قررت
بدورها، ومدعومة بحلفائها
الإقليميين، أن تبعث برسالة إلى
الحريري وهم يَهِمُّ بدخول
المكتب البيضاوي للقاء أوباما،
مفادها: أنك ستدخل إلى أوباما
رئيسا لحكومة كل لبنان، ولكنك
ستخرج من عنده، رئيس وزراء
سابق، أو رئيس حكومة تصريف
الأعمال، أو رئيس حكومة نصف
لبنان على أبعد تقدير. لكن
حسابات حقل المعارضة لم تأت
مطابقة لحسابات بيدرها، فهي
نجحت في إسقاط حكومة الحريري
الأولى بالضربة القاضية
الفنية، بيد أنها أخفقت – في ظل
تردد جنبلاط وانقسام كتلته
النيابية – عن توفير الأغلبية
اللازمة لاختيار مرشح آخر
لرئاسة الحكومة، ما عنى أن
الحريري عائد إلى رئاسة حكومة
لبنان، وإن كره المعارضون. المعارضون
الذين انتشوا بإسقاط الحكومة،
قضوا ليلتهم التالية، وكأن على
رؤوسهم الطير، لا يخفف من وطأة
خيبتهم سوى الرهان على منع
الحريري من تشكيل حكومة توافقية/"ميثاقية"،
تشترك فيها جميع الطوائف
والمكونات والكيانات اللبنانية...لقد
سقطت المعارضة في معركة
التكليف، بيد أنها لم ترفع
الراية البيضاء في معركة
التأليف، وهي في هذه المعركة
بالذات، قد تجد أصدقاء وحلفاء
لم يقفوا إلى جانبها في معركة
التكليف: الرئيس ميشيل سليمان
ووليد جنبلاط. أياً
يكن من أمر، فإن لبنان دخل في
نفق سياسي طويل، فإذا كان تشكيل
حكومة الحريري المستقيلة قد
استغرق 135 يوما بلياليها، فإن
تشكيل الحكومة الجديدة، على يد
الحريري (على الأرجح) أو غيره،
سيحتاج إلى وقت أطول من هذا،
بكثير، وربما سيكون رئيس
الحكومة المكلف بحاجة لصبر
وأناة نوري المالكي الذي قضى
تسعة أشهر في تشكيل حكومة ناقصة
وزاراتها الأمنية والدفاعية،
وسيطول هذا الوقت أو يقصر تبعاً
لما سيأتي القرار الظني الذي
أبلغه المدعي العام بيلمار إلى
قاضي الإجراءات التمهيدية
فرانسين في محكمة لاهاي الدولية
الخاصة بالحريري، وهذا ما
سنعرفه في غضون الأسابيع
القادمة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |