ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
من
وحي انتفاضات تونس والجزائر
وغيرها/2 هل بدأت الشعوب العربية تعي دورها وتستعدّ لدفع
مهر الكرامة والحرية؟ محمد
أحمد الكردي*
لم يعهد في أي عصر من العصور
أن شهدت المجتمعات والشعوب
العربية ما تشهده في هذا العصر
العقيم المجدب الضبابي، حيث
التقهقر والاضطهاد
والدكتاتورية والانتهاكات
المتزايدة يوماً بعد آخر للحقوق
والحريات، ونهب خيرات البلاد
وتحويلها إلى البنوك الأجنبية
بأسماء فئة قليلة من الحكام
مصاصي الدماء، والتزييف الوقح
لإرادة الجماهير، التي باتت
تركض منذ انبلاج الفجر إلى وقت
متأخر من الليل وراء لقمة
العيش، وسدّ الحاجات الأساسية
لأفراد الأسرة، ولا تكاد تجدها
أو تحظى بها، هذه الجماهير التي
ينتشر بينها الفقر والجهل
والمرض والتشرد والبطالة
وانعدام فرص العمل ناهيك عن
العيش الكريم، بمعدّلات
متسارعة ومتزايدة، دون أن ترى
في الأفق بصيص نور أو أمل. على
حين تزيد طبقة الطفيليين، أو
الحيتان التي لم تعد تسمح
بمنافسين، أو يردعها رادع من
خلق أو ضمير، أو يشبع نهمها
شيء!!!
إن هذه الجماهير، وقد باتت
حبيسة واقعها المؤلم المرّ
القاتم، وتساورها الوساوس
القهرية، بل الكوابيس المصحوبة
بالأحزان والآلام التي لا تطاق
على مستقبلها ومستقبل أجيالها،
رأت أخيراً أن لا شيء تخسره
عندما تخرج للشارع وتعبّر عن
غضبها وواقعها المزري
والاحتقانات والضغوطات
المكبوتة، التي صارت تغلي في
صدرها كالمرجل، في وقفات
احتجاجية ومسيرات غضب
واستنكار، وصيحات تتعالى في وجه
حكام غير شرعيين، لا يحكم
تصرفاتهم دستور أو قانون، وليس
ثمة هيئات تحاسبهم أو توقفهم
عند حدّ معين!!!
وإذا كانت منظمات المجتمع
المدني، من نقابات وجمعيات أو
لجان حقوق الإنسان وأحزاب...
أداة تحريك الجماهير المسحوقة
ودفعها إلى المطالبة بحقوقها
وحريتها ولقمة عيشها،
والمعبّرة عن آلامها وطموحاتها
وآمالها في معظم دول العالم،
كأوكرانيا وتشيلي وجورجيا
وقيرغيزيا...، التي عانت من فساد
الطبقة الحاكمة وطغيانها،
فإنها في الحالة التونسية
والجزائرية والموريتانية...
كذلك لم تغفل عن دورها
ووظيفتها، وأثبتت أنها نبض هذه
الجماهير، ولذا فهي تستحق منا
كل احترام وتأييد وثناء وتحية.
غير أن أنظمة القمع
والاضطهاد، لا سيما في تونس
الخضراء، ما زالت تتجاهل مطالب
الناس الذين خرجوا للشوارع منذ
أسابيع، يدفعهم الجوع والبطالة
وسياسة الحكم المبنية على القمع
وتكميم الأفواه والبطش
والتنكيل، ولا تحسن سوى أسلوب
القمع العنيف وفتح النار
والقتل، وإيقاع المزيد من
الضحايا بين شهيد وجريح، في
محاولة خائبة يائسة للالتفاف
على مطالبهم الحقة، واتهام
الجماهير الحاشدة المحتجة بتهم
رخيصة قذرة، كتهمة الاتصال
بالخارج وتلقي الأوامر
والتوجيهات من جهات معادية
للوطن، هذه الاتهامات البعيدة
عن الموضوعية والصدق، وتدل على
عدم جدية النظام التونسي في
البحث عن مخرج من الأزمة،
وتفتقرلأبسط معاني الحكمة
وبُعد النظر والشعور
بالمسؤولية، وتنطوي على تجاهل
حقيقي لمطالب الجماهير المحقة!!!
إن العلاقة بين النظام
الحاكم والشعب في تونس قد وصلت
إلى طريق مسدود، لا سيما بعد
سقوط هذا العدد الكبير من
الضحايا، وتجاهل مطاليب الناس،
بل إن هذه العلاقة قد وصلت إلى
مرحلة كسر العظم بين الطرفين،
فإما النظام وإما الشعب، والغبي
أو الجاهل هو من يظن أن البقاء
للنظام لا للشعب.
وإن تطورات الأحداث
وامتدادها إلى أكثر من قطر عربي
وبأساليب مشابهة للحالة
التونسية تبشّر أن الجماهير
المسحوقة والمنظمات الجماهيرية
المعبّرة عن طموحاتها قد بدأت
تدرك دورها وأهميتها، وأنها هدف
التغيير ووسيلته، فهبّت تزمجر
وتهزّ العروش تحت أقدام
الطواغيت حثالة البشر، بل
المفتقرين إلى صفات الآدمية. ــــــــ *نائب
المشرف على موقع وحدة العمل
الوطني لكرد سورية ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |